هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يأتي عيد الأضحى المبارك هذا العام، في ظل ظروف استثنائية صعبة يعيشها قطاع غزة المحاصر للعام الـ15 على التوالي، وبعد عدوان إسرائيلي استمر 11 يوما، ومع ذلك، سجلت "عربي21" إصرارا فلسطينيا على إحياء العيد بذبح الأضاحي رغم صعوبة الأوضاع الاقتصادية.
تضحية وأضحية
وخلال زيارة لأحواش بيع الأضاحي في القطاع، سادت حالة من السرور والفرح العديد من المواطنين الذي حضروا لتوريد أضاحيهم التي تم الاتفاق عليها سابقا.
وبحسب متابعة "عربي21" لموسم الأضاحي، فإن هناك العديد من المواطنين متوسطي الحال ممن كانوا يضحون باستمرار، لم يتمكنوا من التضحية خلال الأعوام الماضية، قرروا أن يضحوا هذا العام، من بينهم "أبو حمدي" وهو موظف لدى وزارة التربية والتعليم، قرر الاشتراك بالأضحية مع جيرانه بعدما تمكنوا من الاتفاق مع التاجر على سداد ثمنها بالتقسيط.
أما "محمود" فهو شاب تزوج حديثا، ورغم تراكم الديون عليه، فإن رغبته الكبيرة في تطبيق هذه الشعيرة الدينية، دفعه للاشتراك مع أصدقاء له في الأضحية ولأول مرة هذا العام، على أن يتم سداد ثمنها متى تيسر له ذلك.
والحالة الثالثة؛ هي لـ"أحمد"، وهو موظف يعمل في القسم الفني في بلدية خانيونس جنوب القطاع، كان يضحي باستمرار، ومع عدم انتظام دفع الرواتب كاملة، امتنع لضيق الحال عن الأضحية خلال الخمسة أعوام الماضية، ولكنه عزم هذا العام على أن يضحي، وقام بالاقتراض لسداد ثمن الأضحية نقدا.
محمد عفانة، هو صاحب حوش لبيع العجول والأبقار بالجملة يقع في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، أعرب عن رضاه من هذا الموسم لبيع الأضاحي، وأكد أن "الإقبال على شراء الأضاحي جيد"، منوها إلى أنه يقوم بتوريد الأضاحي للعديد من المؤسسات والجمعيات الخيرية التي تعمل على تنفيذ مشاريع الأضاحي.
وأوضح في حديثه لـ"عربي21"، أنه يعمل على "التسهيل والتعاون" مع المؤسسات من أجل تنفيذ مشاريعهم الخيرية التي تستهدف المحاصرين في قطاع غزة، وبيعهم الأضاحي بأسعار مناسبة ومخفضة.
ونوه عفانة، إلى أن الأضاحي من العجول والأبقار التي استوردها لغزة بيعت كلها، موضحا أن هناك زيادة في الطلب على الأضاحي هذا العام.
مشاريع خيرية
أما تاجر الجملة حسن البرقي، فأكد أنه تمكن من توزيع كامل الكمية المتوفرة لديه من الأضاحي على تجار التجزئة، الذين تمكنوا من بيع ما يزيد على الـ93 في المئة منها للمواطنين، بحسب الأسعار المحددة من قبل وزارة الزراعة.
وأوضح في حديثه لـ"عربي21"، أن الأسعار تختلف باختلاف نوعيه العجول، مضيفا أنه "لا استغلال للمواطن، لأن هذه بضائع موسمية تحتاج إلى مصاريف مرتفعة ويجب تصريفها في موسم العيد".
وللوقوف على واقع الأضاحي ومدى توفرها لسد حاجة السوق في القطاع المحاصر، قال مدير عام الخدمات البيطرية بوزارة الزراعة الفلسطينية بغزة، حسن عزام: "رغم المعاناة وظروف القطاع السيئة، إلا أن الطلب على الأضاحي هذا العام أكبر من العام الماضي، ويرجع ذلك ضمن أمور أخرى، إلى قدرة المؤسسات الخيرية على تسويق مشاريع الأضاحي".
وأكد في حديثه لـ"عربي21"، أن "المشاريع الخاصة بالأضاحي التي تقوم على تنفيذها العديد من المؤسسات الخيرية، زادت هذا العام، وبالتالي فقد زاد الطلب بشكل غير متوقع على طلب الأضاحي".
ورجح عزام، أن يتم ذبح 20 ألف رأس من العجول و28 ألف رأس من الأغنام، مؤكدا أن هذه الكميات متوفرة في السوق بغزة، كما أن عملية الاستيراد مستمرة بحسب حاجة السوق لعيد الأضحى وللاستهلاك اليومي.
ونبه إلى أن الوزارة تعمل بالتعاون مع التجار على توفير ما يلزم للسوق، لتفادي شح البضائع والحفاظ على توازن الأسعار، منعا لاستغلال بعض التجار حاجة الناس، موضحا أن الأسعار معتدلة هذا العام وهي قريبة من العام الماضي رغم زيادة الطلب، وتتراوح ما بين 15 و18 شيكلا (الدولار=3.26 شيكل) لكل كيلوغرام من العجول، وأما الأغنام فبين 4.5 و6 دنانير أردنية للكيلوغرام.
عدوان وحصار
وحول تعامل الاحتلال، فقد أفاد بأن "الاحتلال أعاق دخول الأعلاف لتغذية هذه الحيوانات، خاصة بعد العدوان الأخير، ومن ثم أجبر الاحتلال على إدخال تلك البضائع، بعدما تمكنا من التوريد الفعلي للأعلاف من مصر عبر معبر رفح البري".
وعن محاولات بعض التجار استغلال ارتفاع الطلب بزيادة الأسعار، قال مدير عام الخدمات البيطرية: "لم نجد حالات استغلال بشكل واسع وغالبا لم يكن هناك استغلال من التجار إلا في حالات بسيطة جدا، وتم تنبيه التجار بعدم السماح لهم باستغلال المواطنين".
ونوه عزام، إلى أن هناك مراعاة ذاتية من قبل التجار، لأنهم يدركون أن ظروف الناس الاقتصادية صعبة خاصة بعد العدوان الإسرائيلي على القطاع، مؤكدا أن "طواقم الوزارة تقوم بجولات ميدانية بشكل مستمر لتفقد الكميات والأسعار".
وبدأ العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة يوم 10 أيار/ مايو 2021، وتسبب القصف الإسرائيلي العنيف على القطاع، في تدمير المئات من المنازل والأبراج والشقق السكنية والطرق الرئيسية والأماكن العامة وشبكات المياه والاتصالات والإنترنت، إضافة إلى تدمير العديد من المؤسسات الحكومية المختلفة، وتشريد الآلاف من بيوتهم، وترك المئات من الصواريخ والقذائف والقنابل التي لم تنفجر.
وأدى العدوان الذي استمر 11 يوما، إلى ارتكاب جيش الاحتلال 19 مجزرة بحق 19 عائلة فلسطينية، من أكثرها فظاعة ما جرى مع عائلة "الكولك" التي قتل جيش الاحتلال منها 21 شهيدا.
ويعاني القطاع المحاصر، من تردي الأوضاع الإنسانية والاقتصادية والمعيشية جراء حصار الاحتلال المتواصل والمشدد، والعقوبات التي فرضتها السلطة على القطاع، ما تسبب في تفاقم الفقر والبطالة، واستمرار مشكلة انقطاع التيار الكهربائي التي تزيد من معاناة مختلف الفئات.
ومما ساهم في زيادة معاناة سكان القطاع البالغ عددهم أكثر من مليوني نسمة، تفشي وباء كورونا، التي استوجبت إجراءات لمواجهة الوباء تسببت بتوقف العديد من القطاعات الاقتصادية، التي تعاني أصلا من الحصار.