هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
منذ اغتيال الأجهزة الأمنية الفلسطينية للمعارض نزار بنات الذي كان مرشحا للانتخابات التشريعية قبل إلغائها؛ يتواصل الحراك الشعبي للمطالبة بالكشف عن المشاركين في قتله، وذلك عبر مسيرات أسبوعية تنظم في مدينتي الخليل ورام الله.
ولكن بعد مرور أكثر من شهر على اغتيال بنات لم يتغير شيء حتى الآن في قضية الكشف عن القتلة؛ ووفقا لعائلته فإن المشاركين في القتل ما زالوا طلقاء دون تقديم أي منهم للمحاكمة، بينما أخذت العائلة على عاتقها الكشف عن هويات من أسمتهم المتورطين في عملية القتل، الأمر الذي فتح بابا جديدا للتساؤل حول دور القوة القضائية الفلسطينية التي تبدو مغيبة عن القضية حتى الآن.
ويرى مراقبون ونشطاء أن الحراك الشعبي ما زال مستمرا بوتيرة عادية قادرة على المطالبة بمحاسبة القتلة؛ وأن مثل هذه الفعاليات تقوم بدور كبير في ظل الحالة الأمنية التي تفرضها السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، ولكنهم طالبوا بتوسيع رقعة هذه المسيرات لتشمل كل المدن كي يكون الحراك أكثر نجاحا.
دور الفصائل
النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي سابقا حسن خريشة يقول لـ "عربي21" إن الحراك منذ البدايات الأولى عبر عن حالة الغضب الشعبي والوقوف مع مطالب عائلة نزار بنات باعتباره ظاهرة فلسطينية رائعة؛ حيث يعتبره الفلسطينيون صوتا للحق والحقيقة التي أزعجت البعض وأدت لقتله.
وأوضح أن هناك حالة تعاطف كبيرة ما زالت تعبر عن نفسها بحراك شبابي رائع وأكثره من المستقلين والمدافعين عن حقوق الإنسان وممثلي وأعضاء القوائم الانتخابية؛ باعتبار أن نزار زميل لهم وكان مرشحا عن إحدى القوائم.
وأشار إلى أن الحراك أخذ حجما كبيرا بزخم قوي لفترات؛ ولكن تعاملت معه الأجهزة الأمنية بطرق عنيفة قمعية ما عزز أن الحراك يجب أن يستمر لإيصال رسائل واضحة.
وأضاف:" مستمرون بهذه التظاهرات حتى نحقق العدالة لنزار؛ حتى لا تنتهك الحريات العامة؛ والحراك مستمر وسيستمر تحت أي ظرف حتى نحافظ على حقوق الشعب الفلسطيني".
ولكن خريشة رأى أن مشكلة الحراك تكمن في غياب المشاركة الفصائلية؛ حيث إن فصائل لها دورها في الشارع الفلسطيني لم تشارك قياداتها ولا جماهيرها بشكل فعلي في الحراك الشعبي، بحسب قوله.
وأوضح أن دور الفصائل يجب أن يكون أكبر من مجرد الإدانة والتصريحات؛ وأن التواجد على الأرض في الفعاليات أمر في غاية الأهمية، مؤكدا على ضرورة التحام الفصائل مع المطالب الشعبية لإحقاق العدالة لنزار والدفاع عن حرية الكلمة والقانون.
وتابع:" هناك قوة دفع حقيقية يقوم بها الشارع مع عائلة نزار وزملائه ومستمر إلى حين محاسبة القتلة".
واعتبر أن الحراك الشعبي الحالي لا يمكن أن يغير صورة الوضع الفلسطيني بأكمله؛ حيث إن هناك مطالب بإصلاح منظمة التحرير منذ 40 عاما ودعوة للوحدة الوطنية والحوار الداخلي منذ 20 عاما؛ فلا يمكن مطالبة هذا الحراك بأن يحقق كل ذلك والمراهنة عليه وحده، مبينا أن إحداث التغيير يحتاج إلى جهد متكامل من الكل الفلسطيني.
ودعا خريشة إلى رفع صوت الحراك عاليا لو مرة كل أسبوع؛ وإلى نقل تجربته لكل المدن وليس فقط رام الله والخليل.
وأضاف:" الأصل في فصائل العمل الوطني أن تأخذ دورها في الحراك وأن تقوم بإنجاحه؛ وعلى الأقل أن تقوم الفصائل المنددة بالجريمة بالاستقالة من الحكومة أو سحب وزرائها لأن ذلك يحدث فرقا ويضغط لتحقيق العدالة؛ أما اللقاءات مع الحكومة فهي لغرض تجميل السلطة وإجهاض الحراك الشبابي الرائع".
وأكد أن الحراك مستمر حتى تقديم كل المتهمين بقتل نزار بنات للمحاكمة وعقابهم، وأنه لا يعقل أن تمر هذه الجريمة دون عقاب لأنها مسؤولية يحملها الجميع وكل الأحرار ومن ينادي بحرية الرأي والتعبير وضد الفساد، وإجراء الانتخابات لأجل التغيير سواء النهج أو الأشخاص.
حراك عفوي
المحامي مهند كراجة مدير تجمع "محامون لأجل العدالة" الذي يعتبر جزءا من هذا الحراك؛ قال لـ "عربي21"، إن الحراك الشعبي مقارنة مع الأوقات السابقة جيد؛ ولكن ما زال ليس ضمن المستوى المطلوب وليس بحجم الحدث وجريمة الاغتيال.
وأوضح أن السلطة حتى الآن لم تحقق المطالب المرجوة من هذا الحراك سواء بإقالة أشخاص على خلفية الاغتيال أو المحاسبة الفعلية للمشاركين فيها، وهذا كله بسبب الحجم الضئيل للمظاهرات أو الحراك الشعبي الضعيف نسبيا مقارنة بالحدث.
ورأى أن إنجاح الحراك لا يمكن أن يكون بمعزل عن التنظيمات الفلسطينية والنقابات؛ لأن الحراك الموجود عفوي حتى وإن شاركت فيه بعض الحراكات الشبابية المطلبية وهي ذات حجم صغير، مبينا أن إنجاحه يكون بمشاركة الأحزاب السياسية الفلسطينية التي يجب أن تعلن بكل جرأة عن المشاركة لأفرادها في المسيرات؛ ومن جانب آخر أن تشارك النقابات والاتحادات ومؤسسات المجتمع المدني التي يجب أن تكون كذلك أكثر جرأة.
وأشار إلى أن الحراك يجب أن يشهد تحركات من الجامعات والمدارس والعائلات؛ حيث لم يلاحظ حتى الآن أي تحرك من القرى أو المخيمات؛ فلو كانت هناك مشاركة لكان الوضع مختلفا، بحسب قوله.
وأكد أن المسار القانوني يجب أن يتوازى مع حركة مطالبة حقيقية في الشارع؛ إضافة إلى أن الحراك القانوني يجب أن يكون بداية على المستوى المحلي وإن لم يحقق أهدافه ونتائجه فيجب أن يكون هناك حراك قانوني دولي.
وكانت عائلة الناشط نزار بنات أكدت أنها ستبقى تقود الحراك في الشارع حتى تحقيق مطلبها بمحاسبة القتلة حتى وإن استمرت التظاهرات لمئات السنين، وهو الأمر الذي تعول عليه لتحقيق العدالة لابنها كي لا يتم إغلاق الملف دون اعتقال المنفذين وتقديمهم للمحاكمة العادلة كما حدث في مرات عديدة سابقة بالضفة الغربية، على حد قولها.