هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أثار توقيع الحكومة الأردنية والاحتلال الإسرائيلي اتفاقا زراعيا جديدا، تساؤلات حول الدلالات السياسية لهذا الاتفاق، الذي يأتي بعد فترة طويلة من تأزم العلاقات بين الطرفين، ومدى القبول الشعبي لتطبيع العلاقات مع الاحتلال، وخصوصا أن الجانب الأردني رفض التقاط الصور مع الإسرائيليين في أثناء توقيع الاتفاق.
ووفق صحيفة "يسرائيل هوم" العبرية؛ فإن الاتفاق الذي وقعه وزير الزراعة الأردني خالد خليفات، ونظيره الإسرائيلي عوديد فورير، يقضي بتوريد منتجات زراعية أردنية إلى الكيان الإسرائيلي خلال عام الراحة اليهودية السبتية (شميتا)، الذي يحجم فيه اليهود المتدينون عن الحرث والزراعة.
وقال الناطق الإعلامي لوزارة الزراعة لورانس المجالي، في تصريحات إعلامية؛ إن تنفيذ الاتفاق يبدأ اعتبارا من أيلول/سبتمبر 2021 حتى أيلول/سبتمبر 2022، لافتا إلى أنه "سيرفع الصادرات الأردنية للجانب الإسرائيلي إلى ما يزيد على 50 ألف طن من الخضار والفواكه خلال هذه الفترة، مما سينعكس إيجابيا على القطاع الزراعي".
رفض نقابي وحزبي
من جهتها؛ استهجنت نقابة المهندسين الزراعيين "الأصوات التي تدعو للسماح بتصدير خيرات الأردن إلى العدو الصهيوني".
ووجهت النقابة في بيان، الجمعة، نداء "إلى أبناء الوطن، وإلى المزارعين والتجار، بأن يكونوا درعا حاميا للأردن من محاولات الاختراق الزراعي التطبيعية، التي لن تجلب للمواطن والوطن إلا كل سوء".
وأضافت أن "المآسي الاقتصادية التي يعاني منها الأردن والدول العربية؛ هي نتاج لممارسات كيان العدو، الذي يعمل جاهدا لوقف تقدم هذه الدول على مختلف الصعد، وأهمها الزراعة".
وأكدت النقابة أن موقفها تجاه الاتفاق "ينبع من المصلحة الوطنية الأردنية، خاصة في ضوء تصاعد التهديدات الصهيونية للأرض والمقدسات، وهو ما يشكل خطرا مباشرا على الأردن، لا على فلسطين وحدها".
وقال مسؤول ملف مقاومة التطبيع في حزب جبهة العمل الإسلامي، المهندس الزراعي محمد مروان؛ إن "إنقاذ الزراعة الأردنية لا يمكن أن يكون من خلال البوابة الصهيونية"، متسائلا: "منذ متى يتجرأ السياسي الأردني على التبجح بالعلاقة التطبيعية، والتعاون المشترك مع الكيان الغاصب؟!".
وأضاف لـ"عربي21" أن "إسرائيل هي المشكلة، وهي سرطان المنطقة ووباؤها"، مؤكدا أن ثمة حلولا كثيرة لمشكلة الزراعة في الأردن، مثل "دعم المزارع وتسهيل مهمته، وتحصيل حقوقنا المائية، وإقامة مطار زراعي مستقل متخصص بتصدير المنتجات الزراعية الأردنية إلى العالم، وحماية المنتج الوطني، وإيقاف الاستيراد المشبوه".
وأعاد مروان التساؤل: "أليس حلم المطار الزراعي الأردني الذي كان من الممكن أن يحل مشكلة الزراعة؛ تم نسفه بناء على ضغوطات صهيونية على الأردن؟ أليس الصهاينة من يجفف مياه نهر الأردن خدمة لمزارعيهم؟ أليست خنازيرهم وحرائقهم تدمر مزارع الشمال في بلادنا؟".
وعلى هامش الاتفاق الأردني الإسرائيلي، تمت مناقشة مرور الصادرات الزراعية الحيوانية والنباتية الأردنية للأسواق الفلسطينية، إضافة إلى موضوع امتداد الحرائق للجانب الأردني وتعويض المزارعين المتضررين من الحرائق الأخيرة الممتدة، وفق الناطق باسم وزارة الزراعة لورانس المجالي، الذي أكد أن "الجانب الإسرائيلي وعد بدراسة ومتابعة هذه المواضيع كافة، والعمل عليها بالسرعة الممكنة".
"محاولة تضليلية"
ورأى المحلل السياسي هشام البستاني، أن الاتفاق يشكل محاولة لإظهار القيادة السياسية الإسرائيلية الجديدة، وكأنها أكثر تعاونا وتفاهما مع الأردن من حكومة نتنياهو السابقة.
وقال لـ"عربي21"؛ إن هذه المحاولة تحوي كثيرا من التضليل، فرئيس وزراء الاحتلال الحالي نفتالي بينيت هو أحد صقور الاستيطان في الكيان الصهيوني، مضيفا: "إذا كانت السلطات الأردنية ما زالت ترى في الاستيطان تهديدا استراتيجيا لها؛ فالأولى أن تتعامل مع بينيت على أنه استمرار لهذا التهديد الذي يقوده اليمين الصهيوني".
وانتقد البستاني ربط مصير المزارع الأردني بيد الاستثمار الصهيوني، واصفا ذلك بأنه "حلقة كارثية من تربيط البلاد عضويا بالكيان الصهيوني، وهذا يتم عبر مشاريع المياه والغاز، والآن يبدو أن هناك سعيا لإدخال القطاع الزراعي على هذا الخط".
وقال إنه "لا شيء إيجابيا يتأتى للأردن من العلاقة مع الكيان الصهيوني"، مذكِّرا بأن "الزيتون الأردني الخام كان يصدر للكيان الصهيوني، ويُعصر هناك، ليتم تصديره مجددا إلى دول أخرى على أنه صناعة إسرائيل، التي تسعى للاستحواذ على كل المنطقة".
اتفاق بلا صور
ووفق صحيفة "يسرائيل هوم" العبرية؛ فقد "رفض ممثلو الأردن التقاط صورة مشتركة مع الإسرائيليين"، الأمر الذي عزاه مراقبون إلى تجنب رد الفعل الشعبي المزدري للمطبعين مع الاحتلال.
وقال المهندس الزراعي محمد مروان؛ إن رفض ممثلي الأردن لالتقاط صور مع المسؤولين الإسرائيليين، يُعد تهربا من مواجهة الشعب الأردني الذي يرفض التطبيع مع العدو الصهيوني، مؤكدا أن المزارعين لا يقبلون التعامل مع الإسرائيليين بشكل مباشر، وأن غالب الصفقات تتم من خلال وسطاء.
وبيّن أن "الأردنيين ينظرون إلى ملتقطي الصور مع الإسرائيليين على أنهم إما عملاء، وإما مطبعون"، لافتا إلى أن "هذه الصور لو التقطت؛ فإنها ستخدم الكيان الصهيوني الذي يريد أن يثبت وجوده في الشرق الأوسط، ويدلل على أن ثمة تعاملا تجاريا طبيعيا معه في المحيط".
من جهته؛ قال المحلل السياسي هشام البستاني؛ إن رفض التقاط الصور "يشير إلى خجل وخشية هؤلاء المسؤولين من انتشار صورهم؛ لأنهم يعلمون في قرارة أنفسهم أن تطبيعهم مع الاحتلال مرفوض ومدان شعبيا".
وأضاف أن "المواطن الأردني في غير موقع رافض للتطبيع، فقد سبق ورفض اتفاقية الغاز، وأفشل اختراق العدو الإسرائيلي للمجتمع الأردني من خلال اتفاقية وادي عربة"، مؤكدا أن قبول بعض المزارعين التصدير للكيان الصهيوني لا يعكس الرأي العام الشعبي، والدليل على ذلك رفض المسؤولين التقاط الصور".
ويجدر الذكر أن مراسل "عربي21" حاول الاتصال مرارا مع الناطق باسم وزارة الزراعة الأردنية، ولكن دون رد.