حماس في الأردن.. ماذا بعد؟

من المربع الأمني إلى الإنساني، ما تزال العلاقة بين الأردن وحركة حماس تراوح مكانها، فالزيارة الأخيرة لقيادة الحركة للأردن لتقديم واجب العزاء في القيادي المرحوم إبراهيم غوشة، بمشاركة القائدين إسماعيل هنية وخالد مشعل، أعادت السؤال المتكرر دوماً حول حقيقة الموقف الرسمي الأردني من حركة حماس.

أردنياً، بدأت تعلو الأصوات داخل الدوائر السياسية، والإعلامية، والبرلمانية، والحزبية التي تطالب بضرورة الانفتاح على حركة حماس، وهي الأطراف ذاتها التي انتقدت منذ البداية القطيعة التي ميزت علاقة الأردن مع "حماس"، ما حرم عمّان من لعب دورها المحوري، والاستراتيجي، والحقيقي في خدمة القضية الفلسطينية، ودعم صمود الفلسطينيين، وقبل هذا وذاك، في حماية دورها التاريخي بالوصاية على المقدسات في القدس المحتلة، من خلال دعوتهم لتنويع صانع القرار في الأردن من خياراته الدبلوماسية الفلسطينية، بدلاً من تهميش طرفٍ على حسابِ طرفٍ آخر.

بعد معركة "سيف القدس"، أثبتت حماس أنّها الرقم الصعب في المعادلة الفلسطينية، وبات تأثيرها ذا شأن، بقطع يد الاحتلال الصهيوني عن العبث بالمسجد الأقصى المبارك مرةً واحدةً وإلى الأبد، وفي ذات الوقت أفشلت جميع الرهانات على إسقاطها، الأمر الذي دفع أطرافاً إقليمية ودولية للحديث عن بدءِ حوارٍ جاد وعميق مع حركة حماس. يأتي هذا في ظل تنامي ضعف السلطة الفلسطينية، ورئيسها محمود عباس، لا سيما بعد عملية تعذيب وقتل الناشط الفلسطيني نزار بنات، وما لحق ذلك من هباتٍ شعبيةٍ رافضة لممارسات الأجهزة الأمنية الفلسطينية القمعية، زد على ذلك حالة التشظي داخل الجسم الفتحاوي.

حماس ما فتئت تؤكد المرة تلو الأخرى، على لسان قادتها، أهمية الدور الأردني في القضية الفلسطينية، كدورٍ لا يقبل القسمة على اثنين، لنكتشف لاحقاً وبعد معركة القدس الأخيرة أن أطرافاً عربية عدة تجاوزت الأردن، وباتت تجلس على المنصة الرئيسية، في حين تراجع دور الأردن الذي بات يجلس في مقاعد المتفرجين، بدلاً من أن يزاحم، ويكون طرفاً رئيساً وفاعلاً ومؤثراً في معادلة الصراع الفلسطيني.

وأنا هنا أستعير كلمة القائد خالد مشعل في بيت عزاء المرحوم إبراهيم غوشة، حين قال موجهاً حديثه للأردن الرسمي من قلب عمان: "حماس والمقاومة عونٌ لكم، ولن تكون عبئاً عليكم، فالأردن بحماس أقوى منها بلا حماس".