هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
عبرت تيارات
تونسية عدة عن رفضها القاطع لعرقلة المسار الديمقراطي في البلاد، مع اعتزام الرئيس
قيس سعيد، تعليق العمل بالدستور والاستفتاء على تغيير نظام الحكم في البلاد.
وعبرت حركة
النهضة عن رفضها الدفع نحو خيارات تنتهك قواعد الدستور الذي مثل أساس التعاقد
السياسي والاجتماعي للبلاد منذ 2014.
وقالت الحركة
في بيان لها السبت، إنها تحذر من انتهاك الدستور لأنه حتما سيؤدي بالنظام إلى
فقدان الشرعية والعودة للحكم الفردي والتراجع عن كل المكتسبات الديمقراطية وضمانات
الحريات وحقوق الإنسان، وعهود خلت من الدساتير المسقطة وغير الديمقراطية.
ويأتي بيان
النهضة كرد على ما صرح به مستشار الرئيس والذي رجح تعليق الدستور وتغيير شكل
النظام السياسي في الجمهورية.
وقال النائب المؤسس والأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي في تصريح خاص لـ"عربي21": "أتحدث عن الحزب والقوى الديمقراطية فهدفنا هو إعادة الدولة والمسار التونسي إلى مربع الأنظمة الديمقراطية وإنهاء حالة الاستثناء وتجميع السلطات بيد رئيس الجمهورية، واحترام الدستور والتمسك به".
ونبه الشابي:
"إن كانت هناك نية لتعديل النظام لابد أن يكون ذلك وفق الآليات القانونية
والدستورية، فالتصريح الأخير لمستشار الرئيس ينسف الشرعية فالحديث عن تعليق
الدستور والتنظيم المؤقت للسلطات ليس من حق الرئيس وهو منحى خطير للأزمة التونسية
وحينها يصبح الجميع خارج الشرعية وبالتالي دخول البلاد في نفق ومغامرة غير محسوبة
النتائج".
وطالب الأحزاب
والمنظمات والشخصيات الوطنية "أن تضغط حتى لا يغادر المسار مربع دستور 2014،والضغط
يكون بالوسائل المتاحة فهناك نقاشات بين الأحزاب الديمقراطية لتكوين جبهة للدفاع
عن الديمقراطية، نحن نتحرك مع وصلب الأحزاب الديمقراطية نأمل الوصول لأهدافنا حتى
وإن لم نتوصل للتنسيق فإنه يفترض النضال حتى بصفة فردية ولكن يجب أن ننجح حتى تكون
هناك قوة تعديلية كي لا نترك البلاد في يد شخص واحد مهما كانت شرعيته".
وصدرت بيانات
عديدة ومتتالية من مختلف الأحزاب حتى الداعمة للرئيس أكدت رفضها القاطع المس من
الدستور وحذرت الرئيس قيس سعيد من الإقدام على خطوة تعليقه.
من جانبه أصدر
"حزب العمال" بيانا السبت، اعتبر فيه أنّ الاتجاه نحو تغيير النظام
السياسي بقرار فردي، اعتباطي دون احترام الآليات القانونية يعد خطوة متقدمة في
مسار الانقلاب وطعنا إضافيا لتطلعات الشعب في نظام سياسي أكثر ديمقراطية وشفافية.
وقال حزب
العمال إنّ التلويح بتعليق الدستور واعتماد قانون مؤقت للسلط العمومية وتشكيل لجنة
لصياغة دستور جديد بقرار فردي بائس وتعيس، هو عملية خطيرة تفتح الباب للانفراد
التام بالسلطة والالتفاف على تطلعات الشعب التي حملها دستور 2014.
ودعا
"حزب العمال" كل القوى التقدمية من أحزاب ومنظمات وشخصيات إلى الوعي
بخطورة ما يرتب في المكاتب المغلقة لأجل تمرير نظام استبدادي ودكتاتوري، داعيا إلى
توحيد الجهود من أجل التصدي لأي ترتيبات محلية وإقليمية ودولية تهدف سواء إلى
العودة إلى ما قبل 25 يوليو 2021 أو إلى ما قبل 14 يناير 2011.
بدوره قال الكاتب والسياسي والوزير السابق خالد شوكات في حديث خاص لـ"عربي21" إن "تشكيل جبهة تضم القوى السياسية والمدنية والشخصيات الوطنية المجمعة على إدانة انقلاب 25 يوليو، والمتشبثة بنظام جمهوري ديمقراطي تعددي وبدستور 26 جانفي/يناير 2014، ليس مجرد خيار في رأيي بل هو ضرورة تقتضيها المصالح العليا للثورة والدولة والشعب".
وشدد السياسي
شوكات: "ومن هنا فالجبهة ترقى الى مستوى الواجب الوطني الذي يجب أن يسعى إلى
تحقيقه في أقرب الآجال الممكنة، وبصرف النظر عن التباينات الفكرية والسياسية".
وطالب الوزير
السابق شوكات "على النخب الديمقراطية أن تتجاوز أنانيتها ونظرتها الضيقة
للأمور وحساباتها المحدودة التي كانت أحد أسباب هذا الانحراف الكبير بمسار
الانتقالي الديمقراطي والذي تسرّب من بين ثغرات الجدار التي لم يهبّ أحد لسدّها".
بدوره طالب
الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي الرئيس سعيد، بضرورة
طرح خارطة طريق واضحة للمرحلة القادمة.
وشدد الطبوبي
في تصريح له السبت، على ضرورة الخروج من الوضع الحالي ولكن في إطار الشرعية والحوار.
ودعا الطبوبي
إلى الذهاب إلى انتخابات تشريعية مبكرة وبعدها مناقشة النظام الانتخابي وفي صورة
الاختلاف الذهاب للاستفتاء.
وأشار الطبوبي إلى أن الاتحاد "ساند ما وقع يوم 25 يوليو/تموز الماضي، والمطلوب اليوم، توضيح الطريق والرؤية لمعرفة كيفية الخروج من هذه المرحلة".
واعتبر الطبوبي أن "من يحكم البلاد يجب أن يكون قدوة يقدم الأمل للشعب التونسي" مشددا على ضرورة إيجاد "آليات لتنفيذ الوعود، لا رفع الشعارات فقط".
بدوره يقول الباحث والسياسي عبد الحميد الجلاصي في حديث خاص لـ"عربي21" إنه و"بعد أكثر من خمسة وأربعين يوما من الترقب والانتظار والتمويه والتضليل والتبين أزفت الآزفة وحانت ساعة الحقيقة، الساعات القادمة ستتبين الخيارات والمسؤولية الكبرى تقع على عاتق الرئيس".
ويضع الباحث
خيارين اثنين "فإما أن يقود الرئيس مسارا لإنقاذ البلاد يكون نتيجة تشاور
واسع للأحزاب والمنظمات والشباب و الكفاءات وتغيير ما يجب تغييره انطلاقا من
الدستور ومن المؤسسات التي لها قانونيا نفس شرعية الرئيس، وإما إن يرتكب سعيد
المحظور فيعلق الدستور ويحل البرلمان حينها ستتمايز الصفوف".
أهداف
وقدم الكاتب
والسياسي والوزير السابق خالد شوكات جملة من الأهداف التي دعا الجبهة إلى رسمها ويعتبرها أساسية لعملها، " أولا تقييم موضوعي لمرحلة العشر سنوات ما بعد
الثورة والوقوف عن الهنات التي تسربت منها الشعبوية والفاشية،ثانيا التوافق على
برنامج عمل موحّد لإفشال الانقلاب بشكل نهائي ".
وأضاف شوكات
متحدثا عن الأهداف "ثالثا الاتفاق على خارطة طريق تشكل المخرج الدستوري
والسياسي للأزمة ولاستعادة مسار الانتقال الديمقراطي، ورابعا التوقيع على ميثاق
أخلاقي وفكري للارتقاء بمستوى العمل السياسي والحزبي".
وأخيرا وعن
الأهداف دعا شوكات إلى "إفراز قيادة سياسية وطنية تكلف بقيادة الحراك
المواطني المطلوب لتحقيق الأهداف المشار إليها".
من جهته يرى
الباحث عبد الحميد الجلاصي أن المقاومة المدنية يجب أن "تشتغل على السياسي و
الحقوقي والإعلامي والقانوني والميداني،كما عليهم بلورة خطة للانقاذ تنطلق من
قراءة عميقة لمسار ما بعد الثورة وتحميل المسؤوليات فيه وضبط عناوين المشروع
الوطني المطلوب والسياسات المطلوبة لتحقيقه والمخارج القانونية لتجاوز آثار
الانقلاب".
ويقترح الجلاصي "يجب الاستفادة من التجارب السابقة أقترح أن تكون صيغ الالتقاء مرنة،متدرجة
ومفتوحة ".
وينتهي الباحث
قائلا: "بالطبع في ساعة الحقيقة هذه يفضل القلب أن يجنب الرئيس البلاد
المجهول والمخاطر ولكن العقل يدعو الديمقراطيين لانتظار الخيارات الأقل عقلانية من
طرفه".