هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
حذر معهد إسرائيلي، من التداعيات الخطيرة للأوضاع المتبلورة التي تحيط بـ"إسرائيل"؛ والتي جعلتها تقف أمام تحديات آخذة في الاتساع، ما قد يدفعها للمبادرة لـ"حرب شاملة" بحثا عن الأمن على المدى البعيد.
وأوضح "معهد السياسات والاستراتيجية" الإسرائيلي، في تقرير له أعده فريق المعهد برئاسة الجنرال احتياط عاموس جلعاد، أن "إسرائيل تشهد واقعا أمنيا مريحا ولكن تحديات الأمن القومي تتعاظم، وخصومنا يركزون على بناء القوة وبقدر أقل استخدامها، ويمتنعون عن التصعيد في ضوء الأثمان الباهظة والمشاكل الداخلية التي تستوجب الرد".
ونبه إلى أن "التهديد الاستراتيجي على أمن إسرائيل، يأتي في ضوء سياقات تعاظم بناء القوة"، زاعما أن "إحباط بنية حماس التحتية في الضفة الغربية، أبرز خطورة التهديد ونجاحنا في الحفاظ على الاستقرار الأمني، إضافة إلى إغلاق دائرة حدث خروج أسرى الجهاد الإسلامي من سجن جلبوع بسرعة، ومنع تحول الحدث التكتيكي لحدث ذي معان استراتيجية".
ورأى أن هذه الأحداث "تبرز هشاشة الهدوء الأمني واحتمال التدهور السريع لتصعيد شامل"، منوها إلى أن "إسرائيل تعمل في الضفة على تحسين الواقع المدني كأساس للهدوء الأمني، وحماس بالمقابل، تحاول تحدي هذه المعادلة وتثبيت مكانتها في المجتمع الفلسطيني".
وأكد المعهد، أن "شبكة حماس التي انكشفت في النشاط الأخير للجيش، هي الأكبر والأهم التي انكشفت منذ 2014، وتعكس جهدا متواصلا من حماس لترميم قوتها في الضفة"، منوها إلى أن "مساعي التسوية مع غزة تتقد بوساطة مصرية، وفي هذه المرحلة مصلحة الطرفين، هي الاحتواء وليس السير نحو جولة قتالية أخرى، ومع ذلك، جهود حماس المتواصلة للإبقاء على الاحتكاكات في مستوى دون المعركة لأجل انتزاع إنجازات مدنية أكبر، من شأنها أن تؤدي لمعركة أخرى في وقت قريب".
وبشأن الساحة الداخلية، قال المعهد، إنه "يتطور في المجتمع العربي تحد استراتيجي أول في مستواه؛ انتشار السلاح، فقدان الردع من جانب محافل إنفاذ القانون، وفقدان قدرة الحكم في قسم واسع من المجتمع العربي يستوجب جوابا متعدد الأبعاد؛ أمني ومدني، فالإمكانية الكامنة، أن تتنقل الأحداث الجنائية إلى أمنية-وطنية، وهو ما تجسد خلال العدوان الأخير على غزة، مع تعاظم الإلحاح لتطوير رد على المستوى الوطني".
اقرأ أيضا: تقدير إسرائيلي: هجوم عسكري على إيران سيقابل برد مدمر
في إيران، "لم تتحرك المفاوضات لاستئناف الاتفاق النووي، وطهران توسع المشروع النووي وتسعى لتثبيت مكانة دولة حافة، بحيث عندما تستأنف الاتصالات تبقى في يدها التكنولوجيات والعلوم لمواصلة المشروع بمجرد إصدار القرار لعمل ذلك، وفي هذا الوضع، وحتى مع اتفاق يلزم بنزع احتياطات اليورانيوم المخصب، ستتمكن طهران من استكمال ما ينقص من خلال منظومات التخصيب المتطورة التي طورتها في غضون وقت قصير نسبيا".
وأكد المعهد أن "إيران بالتوازي، تواصل العمل بهدف تعميق نفوذها الإقليمي، وتثبيت قدرات متطورة تشكل تهديدا شاملا على إسرائيل، ومن الملموس، أن العراق واليمن تصبحان ساحتين تتحديان إسرائيل بسيناريوهات التصعيد، وفي هذا السياق، توسع إيران مساعدتها لبناء قوة الفرع الذي يعمل في خدمتها، ومؤخرا كشف وزير الأمن بيني غانتس، أن إيران تؤهل نشطاء لتفعيل طائرات مسيرة متطورة في قاعدة كاشان".
وفيما يخص سوريا، "سمحت واشنطن لمصر والأردن، بأن تمد أنبوب غاز إلى لبنان عبر سوريا، ولكنها غير مستعدة لأن تقلص العقوبات ضد الأسد، في حين، الحوار الاستراتيجي بين روسيا والولايات المتحدة لا يتقدم، وواشنطن لا تعرض استراتيجية متبلورة بالنسبة لسوريا، في هذه المرحلة من غير المتوقع انسحاب القوات الأمريكية من شرق سوريا".
ورجح المعهد أن "الانسحاب من أفغانستان، الذي وصفه رئيس هيئة الأركان الأمريكية بـ"الفشل الاستراتيجي"، يشكل مانعا لانسحاب آخر من سوريا أو العراق"، معتبرا أن "حديث الملك عبد الله مع الأسد، يشكل خطوة هامة في التقارب بين الدولتين وبالاعتراف بشرعية نظام الأسد، والولايات المتحدة بعدم ردها، تسمح باستمرار الاتصالات بينهما".
وعن لبنان، ذكر أن "الجهود الدولية تتعاظم مؤخرا بقيادة فرنسا والولايات المتحدة لاستقرار الساحة السياسية، ولكنها تتجاهل استمرار بناء إيران وحزب الله للقوة وتواجد الحزب في الحكومة اللبنانية الجديدة، وحزب الله يواصل ترسيخ قوته السياسية والعسكرية في لبنان دون عراقيل، علما بأن مشكلة تعاظم حزب الله تتفاقم مع تواصل تزود المنظمة بصواريخ دقيقة وقدرات متطورة".
وخلص المعهد، إلى أن "حكومة إسرائيل، مطالبة بأن تستغل فترة الهدوء الأمني في صالح التقديرات وبناء القوة لغرض التصدي المستقبلي للتحديات المتشكلة، وأولا وقبل كل شيء التحدي النووي الإيراني، الذي يستوجب تنسيقا كاملا مع واشنطن إلى جانب تطوير جواب عسكري مصداق لغرض تعزيز الردع والتأثير على صيغة الاتفاق المستقبلي، بحيث يعطي جوابا لمطالب إسرائيل الأمنية".
وبين المعهد أن "الأعمال الإسرائيلية بين الحروب، تركز على جوانب استخدام القوة، ولكنها تمتنع عن عملية ضد بناء القوة التي تتواصل تقريبا دون عراقيل في كل الساحات، خوفا من التدهور لحرب شاملة، وهذا الوضع يشدد المعضلة التي تعيشها إسرائيل ويؤكد الحاجة للاستعداد لبناء قوة ومفهوم استخدام مناسب، إلى جانب بلورة استراتيجية شاملة تحدد هدف المعركة والشكل الذي يمكن فيه توفير الأمن للمدى البعيد".
ورأى أن "الوضع الأمني اليوم، يسمح بالتركيز على تهديدات تعاظم وبناء القوة حتى في ضوء تكتل مصالح مشتركة في المحيط الإقليمي، والتي تشجع التعاون الاستراتيجي"، منوها أن "تحدي "الدولة الإسلامية"، توسع النفوذ الإيراني والأزمات الاقتصادية وتفشي كورونا إضافة لتعزز الذخائر الإسرائيلية، كل ذلك يشكل إمكانية كامنة لتثبيت التطبيع (اتفاقات إبراهيم) بل وتوسيعها، وبلورة استراتيجية إقليمية لصد إيران".