هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أثارت دعوة نجل شقيق الرئيس اليمني الراحل، العميد طارق محمد عبدالله صالح، قائد ما تسمى "المقاومة الوطنية" المتمركزة في مديريات الساحل الغربي من محافظة تعز (جنوب غرب البلاد)، إلى وحدة الصف نحو مواجهة جماعة "أنصارالله" (الحوثي)، تساؤلات عدة حول دوافع هذه الدعوة.
وتباينت ردود الفعل اليمنية تجاه دعوة طارق صالح، بين مؤيد لها باعتبارها "خطوة متقدمة"، وبين منتقد لها، نظرا لحساسية المرحلة التي تستدعي الانتقال إلى الأفعال لا الغرق في بروباغندا سياسية.
وعلى الرغم من الترحيب الذي حظيت به الدعوة التي أطلقها طارق صالح أواخر أكتوبر/ تشرين أول الفائت، من رئاسة الحكومة المعترف بها، وفرعي حزب المؤتمر الشعبي العام في محافظتي تعز والبيضاء (وسط)، إلا أن مراقبين أعتبروها "جعجعة بلا طحين"، نظرا للمخاطر الجدية التي تهدد المعسكر المؤيد للشرعية اليمنية والمناهض لجماعة "أنصارالله"، التي يقترب مقاتلوها من المركز الإداري لمحافظة مأرب (شمال شرق اليمن).
وكان نجل شقيق صالح، قد دعا في كلمة له، نهاية أكتوبر المنصرم، القوى الفاعلة لتوحيد الجهود لاستعادة الدولة، مبديا تأييده الضمني للشرعية، وأنه لن يكون خارج إطارها، بل إنه يرغب في أن يكون فاعلا فيها.
وقال قائد "المقاومة الوطنية" التي تشكلت بتمويل إماراتي في الساحل الغربي، 2018، طارق صالح: "إن محافظة مأرب تخوض اليوم المعركة مع مليشيا الحوثيين وحيدة"، داعيا إلى تشكيل جبهة مقاومة موحدة من الأحزاب والقوى السياسية والمجلس الانتقالي لاستعادة الجمهورية والدولة تحت إطار الشرعية والتحالف العربي (تقوده السعودية).
وطالب طارق صالح المكتب السياسي التابع للمقاومة التي يقودها، والذي تأسس قبل أشهر، بـ"بناء شراكات حقيقية مع القوى السياسية الفاعلة الموجودة في الساحة اليمنية من أحزاب ومقاومات شعبية، وتشكيل مقاومة حقيقية تستطيع أن تواجه المشروع الإيراني المشروع الكهنوتي"، بحسب قوله.
وأشار إلى أن "جبهة مأرب الآن وحيدة وقد تنتقل المعركة غدا إلى الجنوب، أو إلى الساحل أو إلى مدينة تعز"، متسائلا: "هل نحن جاهزون لهذه المعركة؟ ماذا أعددنا؟ هل شبابنا وأبناؤنا ومشايخنا جاهزون لتعزيز الجبهات؟".
وأردف قائلا: "نحتاج أن نفجر كل الطاقات وكل الناس أن تتحرك".
اقرأ أيضا: أحزاب يمنية: التحالف أضعف المقاومة وفشل في حربه مع الحوثي
"استغلال إيجابي"
وفي هذا السياق، اعتبر أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء، عادل الشجاع، أن هذه الدعوة تأتي في إطارها الصحيح وعلى الآخرين التعامل معها إيجابا وترك الشكوك جانبا.
وقال الشجاع في حديث لـ"عربي21": "وبنفس الوقت على طارق أن يتبع القول الفعل، فهو قائد عسكري وليس ناشطا سياسيا، بمعنى أن أدواته هي الجند والسلاح".
أما بالنسبة للشرعية، وفقا للأكاديمي اليمني، "فهي لا تحتاج إلى من يعترف بها وإنما تحتاج إلى من يحققها".
وأضاف الشجاع وهو قيادي بحزب المؤتمر الشعبي العام (الجناح المؤيد للشرعية): "فعدم القيام بمهام الشرعية يجعل صاحبه غير شرعي، ولذلك عدم قيام قيادات الشرعية بمهامهم يسقط عندهم هذه الشرعية".
وأشار أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء: "على الطرف الآخر، أن يقبل من طارق صالح هذه الدعوة وإن تحرك طارق مشيا فليأته الطرف الآخر مهرولا"، وفق تعبيره.
وقال : "يجب الاستفادة منها، لأن التقارب سيزيل الحواجز الفاصلة وسيبني الثقة بين الأطراف".
اقرأ أيضا: الجيش اليمني يحذر من تحركات عسكرية لـ"الانتقالي" بأبين
"استهلاك إعلامي"
من جانبه، يرى الكاتب والمحلل السياسي اليمني، أحمد الزرقة، أنه لا جديد في دعوة وتصريحات طارق صالح التي لا تخرج عن كونها للاستهلاك الإعلامي.
وقال في حديث لـ"عربي21": "إن هذه التصريحات تعكس تغيرا في أداء وإدارة حكومة أبوظبي لأدوار أدواتها في اليمن وتقديمها كبديل للشرعية".
وأشار الكاتب اليمني: "لعل تبادل الترحيب بتلك التصريحات بين المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات يعكس مدى الانسجام في الموقف ظاهريا ويكشف أن خيوط تحريك الكيانين قادمة من أبوظبي التي كان المبعوث الأممي لليمن، هانس غونبردغ، يجري لقاء مع مسؤولين فيها، وخرج بتصريح يؤكد أهمية الدور الإماراتي في أي خطط للتسوية السياسية في اليمن".
وأوضح السياسي اليمني الزرقة أن القصة الأساسية وراء التصريحات تلك تتعلق بتحسين فرص مليشيا الإمارات في وراثة الشرعية التي يبدو أن خطوات تصفيتها باتت وشيكة.
وفي المقابل، بحسب الزرقة، فإن طارق صالح والانتقالي الجنوبي ومن خلفهم الإمارات، لن يخوضوا أي مواجهات مع الحوثيين، فالهدف القادم هو الشرعية وحزب الإصلاح.
وفي وقت سابق من أكتوبر/ تشرين أول الفائت، كان طارق محمد صالح، وعيدروس الزبيدي، زعيم الانفصاليين الجنوبيين، وكلاهما مدعومان من أبوظبي، ضيفين على صحيفة "عكاظ" السعودية، حيث أجرت معهما مقابلتين على التوالي، وسط احتفاء بذلك، في خطوة اعتبرت "حملة تسويق إعلامي" تسبق خطة سعودية لترسيم نهائي للأطراف في اليمن.