هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أثارت محاولة الاغتيال التي تعرض لها
رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، فجر الأحد، تساؤلات كثيرة حول الجهات التي
تقف وراء هذا التصعيد، وتداعيات ذلك على المشهد السياسي والأمني في البلاد.
محاولة الاغتيال نُفذت بثلاث طائرات
مسيّرة، واحدة منها نجحت في الوصول إلى منزل الكاظمي داخل المنطقة الخضراء ببغداد،
وذلك بعدما أسقطت قوات الأمن طائرتين، حسبما كشف سعد معن رئيس خلية الإعلام الأمني
بوزارة الداخلية العراقية.
استهداف للدولة
وتعليقا على ذلك، قال أستاذ السياسة في
جامعة "جيهان" في أربيل، الدكتور مهند الجنابي، لـ"عربي21" إن
"تهديدات المليشيات الولائية (موالية لإيران) منذ أسبوع كانت تشير نحو
التصعيد، لكن لم يكن متوقعا أن يصلوا إلى هذه الجرأة في استهداف رمز الدولة".
وأضاف الجنابي: "إنهم يصرون على عدم
الاعتراف بالوضع الجديد والانسجام معه (الخسارة في الانتخابات)، فهذه المليشيات منذ
أسبوع تهدد الكاظمي وتكيل له الاتهامات، لكننا الآن لسنا أمام استهداف لشخص رئيس
الوزراء فحسب، بل لرمزية رئيس الوزراء".
ورأى الخبير العراقي أن "ما جرى
هو حالة عدوان على الدولة ومن واجبات القوات المسلحة حماية العراق، لأنه إذا مرّت
الأمور الحادثة دون رادع فأعتقد أنهم يخططون لفرض الأمر الواقع باحتلال المنطقة
الخضراء والسيطرة عليها، ولا سيما أن جمهورهم يحيط بها حاليا".
اقرأ أيضا: تفاصيل جديدة عن محاولة اغتيال الكاظمي (صور)
وأوضح الجنابي أن "محاولة اقتحام
المنطقة الخضراء التي حصلت قبل يومين وما أعقب ذلك من استهداف لرئيس الوزراء كله يشير
إلى نوايا هذه الجماعات بالإصرار على تهديد أمن الدولة أو تغيير النهج الحكومي
الذي أضر بمصالحها".
ولفت إلى أن "هذه الجماعات
المسلحة أصبحت مكشوفة، ليس أمام الداخل العراقي فقط، بل حتى أمام الراعي الإقليمي
لها وهي إيران، باعتبارها فشلت سياسيا وأصبحت عبئا على المصالح الإيرانية".
ووصف الجنابي ما يجري بأنها "حرب
وجود تخوضها هذه الفصائل المسلحة وغطاؤها السياسي المتمثل بتحالف الفتح وبعض
الأحزاب السياسية القريبة، فهم يعلمون جيدا أن أولى أولويات الحكومة المقبلة هي حصر
السلاح بيد الدولة، وإنهاء وجودهم لتتفرغ الحكومة للاستحقاقات الوطنية".
ونوه إلى أن "الموقف الحكومي حتى
الآن يدعو للتهدئة والحوار، لكن ما حصل يعزز أن مواجهة هذه الجماعات هي حرب ضرورة
وليست حرب اختيار، وننتظر المواقف الدولية، والتي يجب أن تنظر للحادثة على أنها تهديد
للسلم والأمن الدوليين".
وتوقع الجنابي أنه "إذا صدر قرار
سياسي من الحكومة العراقية لمواجهة هذه الجماعات، فإنها ستحصل على دعم دولي وشعبي،
لكن أرى أن المواجهة حتى مع هذا الاستهداف قد تبقى مؤجلة في الوقت الحالي لحين
قيام هؤلاء بخطوة تصعيدية قادمة".
أصابع خارجية
وفي المقابل، رأى المحلل السياسي
العراقي أثير الشرع، أن "صراع المحاور الخارجية داخل العراق بات واضحا، وأن
الاستغراب الوحيد -الذي يجري الآن التحقيق فيه من الجانب العراقي- هو سبب عدم
تفعيل السفارة الأمريكية لمنظومة (سيرام) عندما كانت طائرات مسيّرة تستهدف منزل
رئيس الوزراء، فهذا أمر يثير الريبة والشك".
وأضاف الشرع في حديث
لـ"عربي21" أن "الفصائل المسلحة بكل انتماءاتها وكذلك القوى
السياسية نددت بهذا الحادث، لذلك فإنه لا يمكن أن نشير بأصابع الاتهام لأي جهة داخلية
عراقية، لأنه ليس من مصلحة أحد أن يكون الوضع الداخلي بهذه الشاكلة".
وأوضح المحلل السياسي قائلا:
"الكل أيقن الآن أن هناك أصابع خارجية غايتها إثارة البلبلة والفتنة داخل
العراق، في ظل اعتراضات كبيرة على نتائج الانتخابات من قوى سياسية، إضافة إلى قيام
أطراف غير معروفة بحرق خيام المعتصمين قرب الخضراء واستهداف بعض المتظاهرين".
وتابع: "يبدو أن نبوءة زعيم عصائب
أهل الحق قيس الخزعلي قد تحققت، عندما قال قبل يومين إن هناك جهات تريد استهداف
المنطقة الخضراء وإلقاء التهم على الفصائل المسلحة والحشد الشعبي، وهذا السيناريو
الغاية منه بث الفرقة والفتنة داخل العراق".
اقرأ أيضا: إدانات عربية ودولية واسعة لمحاولة اغتيال الكاظمي
واستبعد الشرع أن "تذهب الأوضاع
في العراق نحو التصعيد، فالجميع ندد بهذه الحادثة والتحقيقات جارية بسلاسة
وشفافية، والاستفهام الأكبر هو عدم تفعيل منظومة سيرام الموجودة فوق السفارة
الأمريكية في المنطقة الخضراء".
وحول تداعيات الحادث، قال الشرع إنه
"من الممكن أن يؤدي ذلك إلى التعجيل في تشكيل حكومة جديدة والعودة إلى التوافقية
مجددا ونبذ الخلافات الداخلية، وكذلك قد يؤدي إلى الإسراع في اتخاذ قرارات نحو
استقرار الوضع الداخلي، لأنه لا يمكن لأي جهة أن تسمح بتكرار ما حصل".
وأردف: "من المحتمل أن تدفع هذه
الحادثة إلى أن تعقد القوى السياسية اجتماعات طارئة خلال الـ24 ساعة المقبلة لتدارك الأمر
وتحديد من هي الجهات التي تريد بث الفتنة والفرقة، وأعتقد أن هذا صراع محاور خارجي
واستعراض للقوة داخل وخارج العراق".
من جهته، شكك زعيم "عصائب أهل
الحق" قيس الخزعلي في حادثة محاولة الاغتيال كونها لم تخلف ضحايا، مطالبا
بتشكيل لجنة تحقيقية فنية موثوقة للتأكد من سبب الحادثة وحيثياتها.
وقال الخزعلي في بيانه، الأحد، إن
"العملية محاولة لخلط الأوراق لمجيئها بعد يوم واحد على جريمة قتل المتظاهرين
وحرق خيمهم"، مشيرا إلى أنه كان قد حذر قبل أيام من نيّة أطراف مرتبطة بجهات
مخابراتية قصف "الخضراء" وإلقاء التهمة على "فصائل
المقاومة".