هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
عبرت منظمة العفو الدولية "أمنستي"، الخميس، عن قلقها تجاه تزايد عدد المحاكمات العسكرية للمدنيين في تونس، بما في ذلك معارضون للرئيس قيس سعيّد الذي أعلن استحواذه على سلطات جديدة واسعة النطاق في 25 تموز/ يوليو الماضي.
ورصدت المنظمة خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة ما يقل عن محاكمة عشرة مدنيين، حيث سلطت العفو الدولية الضوء على أربع حالات مثل فيها مدنيون أمام القضاء العسكري لمجرد انتقادهم الرئيس: وهي حالة المذيع التلفزيوني عامر عياد، وحالتا النائبين في البرلمان عبد اللطيف العلوي وياسين العياري، وحالة الناشط على فيسبوك، سليم الجبالي.
— منظمة العفو الدولية (@AmnestyAR) November 10, 2021
ومن بين المدنيين الذين يمثلون حاليا أمام محاكم عسكرية، ستة أعضاء في البرلمان من ائتلاف الكرامة، من بينهم عبد اللطيف العلوي، إلى جانب المحامي مهدي زقروبة حيث يجري التحقيق معهم بشأن مشاجرة وقعت مع الشرطة في مطار تونس الدولي في 15 آذار/ مارس من العام الحالي.
ويواجه هؤلاء تهما تتعلق بالاعتداء على النظام العام، والاعتداء ضد أمن الدولة، وإعاقة أو هضم جانب الموظفين العموميين أثناء تأديتهم لوظيفتهم. وفي حين أن بعض هذه التهم تتعلق بجرائم معترف بها بموجب القانون الدولي، فإن المدنيين الذين يواجهون مثل هذه التهم ينبغي أن يمثلوا أمام محكمة مدنية وليس عسكرية.
وقالت المنظمة: "لا ينبغي أبدا محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية. ومع ذلك، فإنه في تونس، يبدو أن عدد المدنيين الذين يمثلون أمام نظام القضاء العسكري يتزايد بمعدل مقلق للغاية – ففي الأشهر الثلاثة الماضية وحدها، فاق عدد المدنيين الذين مثلوا أمام المحاكم العسكرية عددهم في السنوات العشر السابقة مجتمعة".
ودعت السلطات التونسية إلى حماية حرية التعبير وعدم محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية.
تصاعد مقلق
وفي تصريح لـ"عربي21" أكدت آمنة القلالي، نائبة مديرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة، أن هذه المحاكمات العسكرية مرتبطة باجراءات 25 تموز/ يوليو، من خلال رفع الحصانة عن النواب، وباعتبار أن الانتقاد الموجه لسعيّد كان بعد إعلان قراراته في حالة المدون سليم الجبالي.
وأضافت: "لاحظنا تصاعد نسق المحاكمات العسكرية للمدنيين إذ سجلنا 6 حالات بين عامي 2011 و2019 مقابل 10 خلال الثلاثة الأشهر الماضية فقط".
وقالت القلالي إن هذا المؤشر يعد مقلقا وخطيرا لعدم توفر ضمانات الاستقلالية والحياد والشفافية باعتبار أن المحكمة العسكرية خاضعة لسيطرة مباشرة من سعيّد، ما يعني أن أي انتقاد للرئيس يمكن تصنيفه كمس من معنويات الجيش باعتبار قيس سعيّد قائدا للقوات المسلحة.
وشددت آمنة القلالي على أن المنظمة ماضية في التنبيه و رصد المحاكمات العسكرية للمدنيين، مؤكدة أن تراجع بعض المكتبسات التي حققتها ثورة 2011 لا يخدم صورة تونس لدى المنظمات الدولية.
قضايا المعارضين
ورصدت منظمة العفو الدولية في بيانها القضايا التي رفعت ضد معارضي قيس سعيّد بمجرد انتقادهم له من ضمنهم نواب بالبرلمان الذي قرر رئيس البلاد تعليق اختصاصاته إلى أجل غير مسمى.
وفي 3 تشرين الأول/ أكتوبر، اعتقلت الشرطة كلا من المذيع عياد، والبرلماني العلوي من منزليهما، بعد يومين من ظهورهما معا في البرنامج التلفزيوني “حصاد 24” الذي يقدمه عياد على قناة الزيتونة الخاصة.
وخلال البث، أبدى الرجلان ملاحظات انتقادية للرئيس قيس سعيد، وعبرا عن شكوكهما في ما يخص درجة السلطة الفعلية الممنوحة لنجلاء بودن، قبل أن يستشهد المذيع بقصيدة للشاعر أحمد مطر.
وفي 5 تشرين الأول/ أكتوبر، قضت محكمة بحبس عياد وأفرج عن العلوي مؤقتا على ذمة التحقيق بموجب الفصل 67 من المجلة الجزائية، الذي ينص على دفع خطية والسجن لكل من يرتكب أمرا موحشا ضد رئيس الدولة، وكذلك الفصلين 72 و128 من المجلة الجزائية والفصل 91 من مجلة المرافعات والعقوبات العسكرية.
وفي 22 تشرين الثاني/ نوفمبر، سيواجه عضو آخر في البرلمان، وهو ياسين العياري، المحاكمة بتهم المس بكرامة الجيش وارتكاب أمر موحش ضد رئيس الدولة.
اقرأ أيضا: مجلة: زواج المصلحة بين سعيّد والشرطة قد يزيد الأمر سوء بتونس
وتستند التهم إلى تعليقات على "فيسبوك" وصف العياري فيها قرار 25 تموز/ يوليو بتعطيل البرلمان بأنه "انقلاب عسكري بتخطيط وتنسيق أجنبي"، واستخدم كلمات مثل "فرعون" و"أبله" لوصف الرئيس.
وفي 13 تشرين الأول/ أكتوبر، حكمت محكمة عسكرية في مدينة الكاف شمال غرب البلاد على الناشط سليم الجبالي بالسجن لمدة عام، بتهم من بينها ارتكاب أمر موحش ضد رئيس الدولة والمس بكرامة الجيش، استنادا إلى تعليقات الجبالي على "فيسبوك" التي ندد فيها بتركز السلطات في أيدي سعيّد.
وتعاني تونس منذ 25 تموز/ يوليو الماضي، أزمة سياسية حادة، حيث بدأ سعيّد سلسلة قرارات منها تجميد اختصاصات البرلمان ورفع الحصانة عن نوابه، وإلغاء هيئة مراقبة دستورية القوانين، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وترؤسه للنيابة العامة، وإقالة رئيس الحكومة والحكومة وتعويضها بأخرى غير مصادق عليها من قبل البرلمان، على أن يتولى هو السلطة التنفيذية بمعاونة حكومة،.. إجراءات عدت انقلابا على الدستور وديمقراطية البلاد.