مقابلات

مسؤول ليبي: أمريكا بصدد فرض عقوبات لإنقاذ الانتخابات

"هناك تحقيقات من قِبل جهاز التحقيقات الفيدرالي ووزارة العدل الأمريكية تشمل شخصيات مثل حفتر ومؤسس بلاك ووتر"- عربي21
"هناك تحقيقات من قِبل جهاز التحقيقات الفيدرالي ووزارة العدل الأمريكية تشمل شخصيات مثل حفتر ومؤسس بلاك ووتر"- عربي21

قال المبعوث الخاص لحكومة الوحدة الوطنية الليبية إلى الولايات المتحدة، محمد علي الضراط، إن السياسة الخارجية للإدارة الأمريكية شهدت تحولا جوهريا تجاه بلاده منذ تولي جو بايدن الرئاسة، معربا عن توقعه أن تفرض الإدارة الجديدة في واشنطن عقوبات لإنقاذ الانتخابات الليبية.

 

وفي في مقابلة خاصة مع "عربي21" أشار المسؤول الليبي إلى أن واشنطن تريد بالفعل تحقيق الاستقرار الدائم في ليبيا بما يخدم استراتيجيتها الخاصة، المتمثلة في التصدي لمشروع التمدد الروسي، ومكافحة "الإرهاب" في شمال أفريقيا ومنطقة الساحل والصحراء.
 
ونفى الضراط صحة التقارير التي تحدثت عن قيام الولايات المتحدة بتجميد قضايا جرائم الحرب المرفوعة ضد حفتر حتى الانتهاء من الانتخابات الرئاسية، قائلا: "هذه المعلومة غير دقيقة؛ فلم يتم تجميد أي قضايا ضد حفتر، بل إنها لا تزال متداولة في المحاكم الأمريكية، ولا علاقة للحكومة الأمريكية بسير هذه القضايا، ومن المتوقع عقد جلسة جديدة في سياق هذه القضايا يوم 3 كانون الأول/ ديسمبر المقبل".
 
وأضاف: "من المحتمل والوارد جدا أن نشهد خلال الفترة المقبلة عقوبات جديدة مماثلة للعقوبات الأمريكية السابقة، حيث إن هناك تحقيقات قائمة من قِبل جهاز التحقيقات الفيدرالي FBI ووزارة العدل الأمريكية تشمل شخصيات مثل خليفة حفتر، ومؤسس شركة بلاك ووتر، وغيرهما".


 
وتاليا نص المقابلة الخاصة:


كيف تقيّم موقف إدارة بايدن من الأزمة الليبية خلال الـ10 أشهر الماضية؟
 
السياسة الخارجية للإدارة الأمريكية شهدت تحولا جوهريا تجاه ليبيا منذ تولي الرئيس بايدن؛ فقد كانت إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب تغض النظر عن الكثير من التجاوزات والخروقات "الفادحة" التي تورطت فيها بعض الدول، مثل مصر والإمارات والأردن، في دعم مشروع عودة ليبيا للحكم العسكري، وخاصة قيامها بخرق حظر توريد الأسلحة والمرتزقة إلى ليبيا، بينما أصبحت إدارة بايدن تمارس ضغوطا ملموسة وواضحة على تلك الدول لإيقاف هذه الخروقات التي يرتكبونها والتصدي للأدوار المشبوهة التي كانوا يمارسونها.
 
كما أن سياسات إدارة ترامب ساهمت بشكل أو بآخر في إتاحة المجال للتدخل في ليبيا لدولة تعتبر خصما تقليديا للولايات المتحدة مثل روسيا، لكن هذا الأمر بدأت إدارة بايدن بالتصدي له عبر إجراءات مختلفة على أرض الواقع، وخاصة من خلال التعامل مع بعثة الأمم المتحدة كآلية متبعة لاستخدام نفوذها للتصدي لمشروع التمدد الروسي في المنطقة، بالإضافة إلى استراتيجية واشنطن الإقليمية في مكافحة الإرهاب في شمال أفريقيا ومنطقة الساحل والصحراء. ويبقى هدف الإدارة الأمريكية هو تحقيق الاستقرار الدائم في ليبيا بما يخدم هذه الاستراتيجية.


 
وكيف تقيّم التواصل وطبيعة العلاقات بين السلطات الليبية وإدارة بايدن؟
 
من الصعب تقييم مثل هذه العلاقات وفق معايير تقليدية، نتيجة لطبيعة المرحلة الانتقالية والمعطيات التي فرضت نفسها، والمتمثلة في غياب الدور المؤسساتي والانقسام السياسي الليبي، بالإضافة إلى طبيعة الأولويات في هذه المرحلة. ورغم هذه التحديات تبقى طبيعة العلاقة مع الإدارة الأمريكية من قِبل حكومة الوحدة الوطنية علاقة جيدة ومتواصلة وفعالة، وبالأخص في المجالات الاستراتيجية المرتبطة بأولويات الحكومة لتحقيق الاستقرار في ليبيا. 
 
وهناك قنوات تواصل عديدة بين السلطات الليبية وإدارة بايدن؛ والزيارات المتبادلة بين المسؤولين في القطاعات المختلفة والمشاركة الأمريكية رفيعة المستوى في كافة المحافل والملتقيات الدولية الخاصة بالملف الليبي خير دليل على هذه العلاقة الفعالة.


 
لكن لماذا لم نجد تحولا جذريا وكبيرا في الموقف الأمريكي من الأزمة الليبية؟
 
السياسة الخارجية الأمريكية لا تتغير جذريا بمجرد تغيير الإدارات في البيت الأبيض؛ فهناك أولويات وأهداف مرتبطة بمصالح الولايات المتحدة لا تتأثر ولا تتناقض مع رؤية الحزبين الجمهوري والديمقراطي، ولكن أدوات تنفيذ هذه الرؤية وطبيعة العلاقات مع بعض الدول قد تتغير في بعض الأبعاد، ولكنها لا تتغير جذريا، إلا من خلال الأولويات التي تفرضها السياسة الداخلية الأمريكية وبعض المستجدات الإقليمية التي قد تفرض نفسها، وهذا ما نشهده في ليبيا من حيث الخطر الذي يُشكّله الامتداد الروسي عبر القارة الأفريقية، والأمر الذي شهد تحولا جوهريا هو دور الولايات المتحدة في الضغط على حلفائها من أجل الكف عن التدخل السلبي في ليبيا.

 

اقرأ أيضا: كيف يبدو المشهد الانتخابي في ليبيا بعد ترشح حفتر والقذافي؟


 
ما موقف الولايات المتحدة من الانتخابات الليبية في ظل الخلافات المتواصلة بشأنها؟
 
منذ توقيع الاتفاق الذي نتج عنه المجلس الرئاسي الحالي وحكومة الوحدة الوطنية كان موقف الولايات المتحدة واضحا وبشكل قوي بأنهم يدعمون إجراء الانتخابات في موعدها وفق خارطة الطريق، وهذا الموقف لم يتغير، بل إنه تم تعزيزه من خلال التصريحات والبيانات المعلنة للولايات المتحدة وآخرها تصريحات البيت الأبيض ونائبة الرئيس كامالا هاريس التي أكدت أن عدم انعقاد الانتخابات في موعدها يُشكّل خطرا أكبر على الاستقرار في ليبيا.
 
وهذا الموقف الأمريكي يبقى متماشيا مع الموقف الدولي العام، ولكنه لم يأخذ في الاعتبار بعد ضرورة التوصل إلى توافق وطني شامل حول القاعدة الدستورية والتشريعات التي ستحدد مسار هذه الانتخابات، وهذا الأمر يظل مطلبا وطنيا ليبيا، ولن نجد أصواتا دولية مدوية تطالب بذلك نيابة عنا.


 
موقع "أفريكا إنتليجنس" الفرنسي، المُقرب من عدة دوائر مخابرات غربية، كشف أن أمريكا قررت حزمة من العقوبات لإنقاذ الانتخابات في ليبيا.. ما مدى دقة ذلك؟
 
هناك مشروع قانون متداول الآن بمجلس الشيوخ الأمريكي بعد أن تم اعتماده في مجلس النواب الأمريكي، وهو مشروع قانون "دعم الاستقرار في ليبيا"، ومن بين بنود هذا القانون مواد تُلزم البيت الأبيض بتقديم قائمة بأسماء المعرقلين لتحقيق الاستقرار في ليبيا من أجل فرض عقوبات. 
 
بالإضافة إلى ذلك، فإنه سبق أن فرضت وزارتا الخزانة والعدل الأمريكية عقوبات على العديد من الشخصيات الليبية وغير الليبية بسبب مشاركتهم في جرائم وممارستهم أعمالا مخالفة للقوانين الدولية والأمريكية، من بينهم صاحب شركة فاغنر الروسية وبعض الشخصيات المرتبطة به، بالإضافة إلى عدد من الشخصيات الليبية. 
 
ومن المحتمل والوارد جدا أن نشهد عقوبات مماثلة خلال الفترة المقبلة، حيث إن هناك تحقيقات قائمة من قِبل جهاز التحقيقات الفيدرالية FBI ووزارة العدل الأمريكية تشمل شخصيات مثل خليفة حفتر، ومؤسس شركة "بلاك ووتر" إريك برينس، بشأن مخالفات مالية وجرائم مرتبطة بجلب المرتزقة وبيع أسلحة لجهات غير مشروعة في ليبيا، وغيرها من المخالفات.


 
ما دلالة قيام أمريكا بتجميد قضايا "جرائم حرب" المرفوعة ضد حفتر حتى الانتهاء من الانتخابات الرئاسية التي يعتزم الجنرال المتقاعد خوضها؟
 
هذه المعلومة غير دقيقة؛ فلم يتم تجميد أي قضايا "جرائم حرب" مرفوعة ضد حفتر، وهناك ملابسات وتفاصيل مرتبطة بقضايا مدنية مرفوعة من قِبل أسر ضحايا ضد حفتر، وعدد تلك القضايا بلغ حتى الآن ثلاثة وربما أكثر، وهذه القضايا لا تزال متداولة في المحاكم الأمريكية ولا علاقة للحكومة الأمريكية بسير هذه القضايا، ومن المتوقع عقد جلسة أخرى في سياق هذه القضايا يوم 3 كانون الأول/ ديسمبر، بحسب المعلومات التي تم تعميمها من قبل المحاكم الفيدرالية في مواقعها الإلكترونية.


 
إلى أين تتجه القضية المرفوعة ضد حفتر في محكمة فرجينيا؟ وهل نسب خسارته لها كبيرة؟
 
سير هذه القضايا لا يزال مستمرا، ومن الصعب الآن التصريح حولها أو الإدلاء بأي معلومات أو تفاصيل حولها نتيجة لطبيعتها المدنية؛ فهذه قضايا مرفوعة من قِبل أسر ضحايا قاموا بالاستعانة بمكاتب محاماة مختصة في الولايات المتحدة ومنظمات حقوقية دولية. 
 
وكل ما يتم تداوله في الإعلام أو مواقع التواصل الاجتماعي حول هذه القضايا يجب أن يكون منبثقا عن الجهات المختصة والمعنية بهذه القضايا بشكل مباشر أو يتم الاستدلال بمعلومات عامة يتم نشرها من قِبل المحاكم الفيدرالية. 
 
وليس لديّ حاليا ما أقوله بشأن احتمالية الخسارة أو الفوز في هذه الدعاوى القضائية، ولا يستطيع أحد التكهن بنتائج الحكم وفق المعطيات الموجودة الآن. والشيء الوحيد المؤكد بشأن هذه القضايا، هو أنها تُشكّل مصدر قلق بالنسبة لحفتر ومَن معه في مشروع تمكينه من حكم ليبيا؛ فلن يكون من السهل جلب دعم لمجرم حرب متورط في العديد من الجرائم في حال تمت إدانته من قِبل القضاء الأمريكي، بالإضافة إلى هزائمه العسكرية المتتالية والجرائم البشعة التي تورط بها وجلبه للمرتزقة وتمكين الامتداد الروسي داخل ليبيا؛ ففي حال ثبتت إدانته في هذه القضايا المدنية فإنه سيُضاف ذلك إلى سيرته الذاتية المليئة بالنقاط السوداء وسيصعب عليه تسويق نفسه لمَن يحتاج لدعمهم.


 
لكن ماذا لو فاز حفتر في الانتخابات الرئاسية المقبلة؟
 
يفترض أن يكون مبدأ ترشح شخصية مطلوبة لدى المدعي العام العسكري الليبي، ومتورطة في جرائم عديدة، للرئاسة، هو في حد ذاته مصدر قلق للجميع وليس فقط للمجتمع الدولي أو الإدارة الأمريكية. 
 
وإنجاح العملية الانتخابية، وتطبيق خارطة الطريق السياسية التي تم الاتفاق عليها وضمان نجاح مخرجاتها بشكل دائم وبشكل يضمن تحقيق الاستقرار الحقيقي، يتطلب الالتزام بثوابت ومبادئ محددة. 
 
ومن أهم هذه الثوابت هو الالتزام بالقوانين والتشريعات النافذة، بالإضافة إلى التزام هذه التشريعات بالقاعدة الدستورية التوافقية التي ترعى العملية السياسية في ليبيا، وهي المبنية على الإعلان الدستوري والاتفاق السياسي والقرارات الدولية المبنية على هذا التوافق المحلي والدولي. فلا يجب أن نتنازل أو نحوّر هذه الأسس التوافقية من أجل إرضاء أطماع شخص مجرم يسعى للوصول إلى الحكم بأي طريقة، بعد أن فشل في تحقيق أطماعه بسبل العنف والقهر. 
 
والموقف الليبي هو الذي يجب أن يُراعى في هذا الموضوع وغيره، وسيبقى الموقف الأمريكي مبنيا على مدى قدرتنا كليبيين على خلق هذا التوافق وتطبيقه وفق القاعدة الدستورية المحلية، ووفق القرارات الدولية بشأن الوضع في ليبيا.


التعليقات (0)