هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
فور نشر التقارير الأخيرة عن هجوم إسرائيلي على منشآت كيماوية سورية في الشهور الأخيرة، انشغلت المحافل السياسية والأمنية والعسكرية في تل أبيب بفرضية بدا نادرا الحديث فيها، وتتعلق بإمكانية تعرض إسرائيل لهجوم بالأسلحة الكيماوية والجرثومية من الخارج، بغض النظر عن الجهة المهاجمة.
ارتبط الحديث الإسرائيلي بهذا التخوف بالاستعدادات التي قد تبدأ من قبل جهات الاختصاص بتزويد الإسرائيليين بالكمامات الواقية التي ارتدوها قبل ثلاثة عقود، حين شن العراق هجومه على تل أبيب خلال حرب الخليج الثانية في عام 1991.
عوفر شيلح الرئيس السابق للجنة الخارجية والأمن في الكنيست، والباحث اليوم في معهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب، ذكر في حوار نشرته صحيفة معاريف، ترجمته "عربي21" أن "الحديث عن مهاجمة إسرائيل لمصانع أسلحة كيماوية في سوريا، يطرح سؤالا عما إذا كان ضروريا التحضر لهجوم مماثل، وتوزيع أدوات الحماية على الإسرائيليين، في ضوء حيازة الأسد لهذا السلاح الكيماوي، باعتباره من أسلحة الدمار الشامل، وهذا أمر مرعب لنا".
وأضاف أن "إسرائيل تعلم أن الأسلحة الكيماوية التي كانت في سوريا عام 2013 تم تفكيكها في الغالب، وليس في أيديهم الآن شيء منها، لكن ليس من المستغرب أن يبذلوا جهودا لتجديد هذه الصناعة، مما يدفع لتوجيه السؤال للجهات الرسمية في المؤسسة العسكرية هل بات من اللازم تجهيز الجبهة الداخلية بالأقنعة الواقية والكمامات اللازمة، رغم أن هذا سؤال يتجنبه المسؤولون الإسرائيليون، لأنه غير مريح لهم".
اقرأ أيضا: الكشف عن هجمات إسرائيلية على معامل أسلحة كيماوية بسوريا
تطرح هذه المخاوف الإسرائيلية فرضية ليست دائمة التداول بينهم، وتتعلق بالمعلومات الاستخباراتية المتوفرة عن طبيعة الجهة التي قد تتخذ ذلك القرار "الانتحاري"، وتنفذ هجوما كيماويا على إسرائيل، وفي هذه الحالة يبدأ التقييم حول مدى جدوى تفعيل كل حركات الأقنعة، وإلا فإن الاتهام سيوجه للدوائر الأمنية الإسرائيلية بأنها تدفن رأسها في الرمال، صحيح أنه تمت إزالة الغالبية العظمى من التهديد الكيماوي السوري، وبات التهديد اليوم على إسرائيل أصغر بكثير، لكنه ما زال قائما! في مثل هذه الحالة، يمكن الحديث بكثير من الثقة أن توقيت أخبار الهجمات الإسرائيلية على المنشآت الكيماوية السورية، ونشرها الآن بالذات، ليس عرضيًا، مما قد يفسح المجال للتفكير في طبيعة الأغراض الإسرائيلية الكامنة خلف هذا النشر، وتوقيته.
الجنرال تسفيكا فوغل القائد الأسبق للمنطقة الجنوبية ومرتفعات الجولان بالجيش الإسرائيلي، حذر في حوار مع صحيفة معاريف، ترجمته "عربي21"، أن "سوريا لن تتردد في استخدام الأسلحة الكيماوية ضدنا، رغم أنه ليس سلاح يوم القيامة، لكنه ضمان أكيد لبقاء الأسد في الحكم، ولذلك يجب أن يكون افتراضنا أن الأسد، وربما حزب الله، وبالتأكيد إيران، لديهم مثل هذه القدرات، وفي حال عاودت إسرائيل الهجوم مجددا على المواقع الكيماوية السورية، فيمكن للأسد حينها احتواء الهجوم، لأنه أفضل له من خوض حرب واسعة النطاق".
الضابط الإسرائيلي السابق تال-ليف رام أكد في مقابلة نشرتها صحيفة معاريف، وترجمتها "عربي21" أن "تسريب نبأ الهجوم على منشآت كيماوية سورية جاء من طرف إسرائيلي بالتأكيد، وهو نهج استراتيجي غرضه نقل رسالة أولاً وقبل كل شيء لإيران، مما يجعلنا بحاجة للاستعداد لأي سيناريو، حتى في الدائرة الأوسع".
وأضاف أن "التعامل مع تهديد كيميائي يتطلب إعادة نشر وتوزيع المعدات الدفاعية بين الإسرائيليين، ويحتاج الأمر للتحقق مرة أخرى ما إذا كنا مستعدين، من خلال إجراء تقييم للوضع، وفحص ما إذا كان هناك تهديد كبير، خاصة في ضوء المشاورات التي يجريها الثلاثي الكبار رئيس الحكومة نفتالي بينيت ووزير الحرب بيني غانتس، ورئيس أركان الجيش أفيف كوخافي".