هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
علق وزير الزراعة الأردني الأسبق، فايز
الخصاونة، على اتفاق النوايا الذي وقعه كل من الأردن والإمارات مع الاحتلال
الإسرائيلي، لتبادل الماء والطاقة.
وقال الوزير في مقاله المنشور على عدد
من المواقع المحلية؛ إن النسخة المنشورة من الاتفاق عليها توقع وزراء الأردن
والإمارات، لكن توقيع الطرف الإسرائيلي غائب دون توضيح أسباب ذلك.
ولفت إلى أن هنالك تضاربا بين المكتوب
في إعلان النوايا وما صرح به الوزير الأردني محمد النجار، من شراكة الأردن
والإمارات (كدولة) في المشروع، في حين قال الوزير الأردني؛ إن شركة إماراتية هي من
ستقوم بمشروع توليد الطاقة دون الإفصاح عنها.
وأشار
إلى أن النص التمهيدي للاتفاق لا يذكر الجانب الفلسطيني نهائيا، وهو ما يقود في
النهاية إلى هيمنة الاقتصاد الإسرائيلي على اقتصاديات الجوار دون فائدة للطرف
الأردني أو الفلسطيني، سوى تزويد الأردن بالماء، في قفز واضح عن فلسطين، ما يدل
على نوايا غير حسنة، مستهجنا عبارة "إرواء ظمأ سكان الأردن" في
الاتفاقية بدلا من "ظمأ الأردنيين"، بحسب تعبيره.
اقرأ أيضا: هجوم نيابي أردني حول "إعلان نوايا" مع الاحتلال والحكومة تبرر
وتابع
بأن الإعلان يقول إن كل الطاقة المولدة في الأردن هي فقط لاستعمال إسرائيل، أي
تخصيص مساحة من الأراضي الأردنية لصالح دولة أخرى، وهو ما يستوجب الرفض.
وقال
إن الاحتلال يسيطر على مساحات واسعة من فلسطين المحتلة وكلها مناسبة لإقامة مشاريع
الطاقة الشمسية، فلماذا الأردن، وهل هو قضم تدريجي للأراضي الأردنية؟، كما يتساءل.
وتاليا
المقال كاملا:
اطلعت على نسخة الاتفاقية المنشورة على
موقع وزارة المياه والري، وهي نسخة موقعة من الوزير الأردني والإماراتي ولكن بدون
توقيع الإسرائيلي. ولا أعلم لماذا لم تنشر النسخة التي وقع عليها الوزير الثالث.
قرأتها بتمعن وأعدت قراءتها عدة مرات،
ولي عليها عدة مآخذ عامة وأخرى تفصيلية.
فرغم أنها إعلان نوايا وأنها غير ملزمة
لأي طرف ولا تنشأ استحقاقا لأي طرف عند الآخر، إلا أنها فصلت الأسس التي سوف تستند
عليها الاتفاقية النهائية. أي إن التفاوض المستقبلي سوف يكون على التفاصيل. ولأن
الأسس هي مكمن اعتراضي، فقد تولدت لدي قناعة أن علينا أن نرفض أهدافها بإفشال
الاتفاقية كما سأوضح أدناه.
وأدرج فيما يلي بعض مآخذي عليها:
أولا: في محاولة للتوفيق بين ما جاء في
هذا الإعلان عن النوايا وما قاله معالي الوزير النجار بعد التوقيع، نجد أن الإعلان
ينص على شراكة الإمارات العربية المتحدة (الدولة) قي المشروع بشقيه الأردني
والإسرائيلي، بينما صرح الوزير أن شركة إماراتية (وليست الدولة) هي التي ستقوم
بإنشاء مشروع توليد وتخزين #الطاقة_الشمسية في الأردن، دون الإفصاح عن اسم الشركة
أو عن مالكيها. واضح أن الدولة هي التي ستوفر التمويل، وأن الشركة هي التي ستنفذ،
ولكن لماذا لم يذكر اسم الشركة؟ وهذا يؤشر إلى وجود تفاهمات غير معلنة تقودني إلى
الإصرار على إفشال أهداف الاتفاقية.
ثانيا: من المعلوم أن الفكرة ليست
جديدة، بل هي فكرة طرحتها وتروج لها منظمات غير حكومية (NGO’s)،
بعضها لها وجود في عمان ورام الله وإسرائيل، حيث تركز أهدافها على أثر التغير
المناخي على الوضع البيئي في المنطقة وفي حوض نهر الأردن بشكل خاص. ولست هنا في
معرض نقد أو تمحيص أهداف تلك المنظمات، وأكتفي بالإشارة إلى أن الحل الأبسط لسلامة
حوض نهر الأردن، هو في إعادة مياه نهر الأردن إلى مجراها الطبيعي كما كانت قبل سنة
1965، بدلا من تحويلها إلى مناطق أخرى في فلسطين المحتلة، وخصوصا أن إسرائيل لم تعد
بحاجة لمياه النهر بعد أن أقامت العديد من محطات نحلية المياه على شواطئ البحر
الأبيض المتوسط، وبكلفة تنافس كلفة ضخ المياه من مستوى بحيرة طبريا إلى مستوى
المرتفعات وربطها بالشبكة في الأرض المحتلة. ولقد تمكنت إسرائيل من إنتاج كميات من
الماء المحلاة تفوق ما تم تحويله عدة مرات. فإن كان لدى إسرائيل أو أي من المنظمات
المعنية نوايا حسنة وصادقة، لكان أولى لهم التركيز على الأثر البيئي لتحويل مياه
نهر الأردن على أوضاع البحر الميت، وانحسار مستوياته وتكون حفر الانهدام على ضفتيه، والرجوع عن قرار إسرائيل بالاعتراض على مشروع قناة البحرين (الأحمر/ الميت).
ثالثا: جاء في النص التمهيدي (preamble) للاتفاقية، أن من
مسوغاتها تشبيك الخدمات العامة بين الأردن وإسرائيل؛ أي ماء وكهرباء ودون أي إشارة
إلى فلسطين. وهو تشبيك يفيد الجانب الإسرائيلي ويقود في النهاية إلى هيمنة
الاقتصاد الإسرائيلي على اقتصاديات الجوار. وبالمقابل فلا فائدة للجانب الأردني أو
الفلسطيني سوى إمكانية تزويد الأردن بمائتي مليون متر من الماء، بعد أن أقنعونا (أو
أوهمونا) أنه لا خيارا آخر لنا. ثم لماذا القفز عن فلسطين؟ هذا له دلالات عميقة
وكلها لا تضمر نوايا حسنة. ولتأكيد النوايا الخبيثة؛ فقد زرعوا في النص بعض
العبارات الشيطانية. ومنها ما جاء في النص أن من أهدافها (إرواء ظمأ سكان الأردن)
وليس ظمأ الأردنيين.
رابعا: من مرتكزات النوايا أن كل
الطاقة المولدة في الأردن هي فقط لاستعمال إسرائيل، وهذا مؤشر مقلق. فهو بمنزلة
تخصيص مساحة مشروع الطاقة من الأرض الأردنية لصالح دولة أخرى. وهذا أمر يستوجب
الرفض فورا لأنه لدولة أخرى، فكيف عندما تكون لدولة ما انفكت تمعن في تعذيب أهلنا
وتدنيس مقدساتنا وتفريغ فلسطين من أهلها و… و…
خامسا: ثم لماذا كل ذلك؟ دولة الاحتلال
تسيطر على مساحات شاسعة في جنوب فلسطين مناسبة لإقامة مشاريع الطاقة الشمسية في
مواقع لا تختلف عن الموقع في الأردن، فلا توجد أي ميزة نسبية علميا للموقع الأردني
على العديد من المواقع المتاحة في الأرض المحتلة. إذن فلماذا في الأردن؟ هل هو
بداية قضم تدريجي للأرض الأردنية؟ وإن كانت الإمارات العربية المتحدة، الدولة أو
الشركة، معنية بمساعدة الأردن في مشاريع تحلية المياه، فلماذا إشراك إسرائيل
بالأمر؟
سادسا: جاء في النص أن محطة التوليد
والتخزين ستكون في الأرض الأردنية وأطلق على الموقع اسم (الرخاء الأخضر prosperity green) وهذا يذكرنا بمشروع
جاريد كوشنر الذي عرضه في البحرين تحت عنوان ( Prosperity
Through Peace ) أو الرخاء في السلام. وجاء في الملحق أن
المحطة ستولد ٦٠٠ ميجا وات AC ابتداء (!!!؟؟؟ عبارات خبيثة مرة أخرى)، وأن محطة التخزين ستكون بقدرة ٢،٤ إلى ٣
جيجا وات ساعة. فما هي الغاية من ذكر ابتداء؟ وهل هذا يعني أن المساحة سوف تتوسع؟
أليس هذا تمهيدا لقضم تدريجي مرة أخرى تحت عنوان الرخاء في السلام؟
سابعا: جاء في النص أن الطرف المعني في
إسرائيل يشتمل على مؤسستين حكوميتين وشركتين خاصتين في مكان اسمه NOGA. بحثت عن نوجا على جوجل فوجدت أنها إحدى قرى
الموشاف (والموشاف نوع من التجمعات السكانية الزراعية التعاونية وفق العقيدة
الصهيونية، ونوجا واحدة منها، وتظهر على خرائط جوجل بهذا الاسم)، وتقع في الجنوب
الأوسط من فلسطين المحتلة شرق عسقلان، وهي قرية أقيمت في المساحة التي كانت تقع
فيها قرية الفالوجة بعد تشريد أهلها منها. أما الطرف الذي سوف ينتج الماء المحلاة، فهو طرف حكومي دون تحديد موقعه جغرافيا. لاحظوا تشعب التشبيك بإدخال أطراف غير
حكومية، ثم لاحظوا الموقع الجغرافي لموشاف نوجا حيث إنه يؤشر إلى نية مبيتة ليكون
المشروع كله نواة للمشروع الإسرائيلي لإقامة قناة البحر الأبيض المتوسط / البحر
الميت، مما يفسر اعتراض إسرائيل على مشروع قناة البحرين الأردني (البحر
الأحمر/البحر الميت).
ثامنا: من المستغرب جدا أن جون كيري،
عراب صفقة الغاز، هو نفسه عراب اتفاقية إعلان النوايا هذه. وهذا دليل آخر على أن
غاية هذه الاتفاقية هي تنفيذ أحد بنود صفقة القرن، مهما صنعوا لها من أقنعة وتمويهات.
وهذه غاية مرفوضة ابتداء.
وفي الختام، أدرك أن لدينا الآن مشكلة
مزدوجة تتمثل بشح المياه وشح الطاقة، ولكنها مشكلة غير مستعصية، بل قابلة للحل
السريع ولدينا الإمكانيات لتنفيذه. وطالما أن غيرنا بل عدونا أفصح عن أطماعه
بجغرافية أرضنا لتوليد الطاقة النظيفة، فنحن أولى منه بها لحل أزمة شح الطاقة
عندنا، ولسنا معنيين بمساعدة عدونا على تنظيف مصادر طاقته. هذا من جانب، ومن جانب
آخر، لأن مصادر الطاقة النظيفة متوفرة لنا بدون سقوف، فإن توافر مصادر الطاقة
النظيفة ذات الكلفة المنخفضة كفيلة بحل أزمة شح المياه حلا مستداما، عن طريق تحلية
مياه البحر الأحمر دون منة من أحد. وبعبارة أخرى نحن لسنا في وضع حرج يجعلنا نذعن
ونقبل بأي حل لثنائية شح المياه والطاقة، ولسنا مأزومين لدرجة رهن مصادر مائنا
وطاقتنا لعدو يتربص بنا. أما وقد بدأت حكومتنا بالإجراءات التمهيدية لمشروع الناقل
الوطني، فعلينا أن نمضي في ذلك بعزيمة قوية.
والآن، بعد انكشاف نوايا إسرائيل حول
بناء قناة البحرين الإسرائيلية بالتقسيط، فعلينا أيضا أن نحيي مشروع قناة البحرين
الأردنية (الأحمر/ الميت) في إطار تقاسم مزايا انخفاض مستوى البحر الميت.
أما اتفاقية إعلان النوايا، فلنتعلم
درسا من دروس المراوغة من عدونا، الذي أخذنا بل وأخذ الأمة العربية كاملة في طريق
التفاوض الذي لا ينتهي ولا يثمر. فلنفاوضهم ولا نتفق إلا على تمديد أمد التفاوض
إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا.