هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
ما زال اللقاء الذي عقده بيني غانتس، وزير الحرب الإسرائيلي، مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، يثير مزيدا من ردود الفعل الإسرائيلية، وسط تنامي الاتهامات اليمينية الموجهة إلى غانتس بشأن تقديمه حزمة مزايا اقتصادية ومعيشية للسلطة الفلسطينية، فضلا عن إضفاء شرعية على أبو مازن، ومعاداته للمستوطنين، وهو بذلك يعيد الإسرائيليين إلى حقبة اتفاق أوسلو، ويحضّر لقيام دولة فلسطينية، وكل هذه سلوكيات يتصرف بها غانتس سيكون لها ثمن واضح، وفق اليمين الإسرائيلي.
يتزامن جدل الإسرائيليين
حول لقاء عباس-غانتس مع حالة الفوضى السياسية والصحية التي يجدون أنفسهم فيها، ما
يخلق لهم الكثير من الضجيج، والقليل من الأداء، وسط شجارات يشهدها الكنيست،
والتعليمات المشوشة لمواجهة كورونا، وبين كل ذلك يجلس غانتس، ويقود خطا أيديولوجيا
عمليا بهدوء، ومن دون تصريحات، هكذا يهاجم اليمين الإسرائيلي وزير حربهم.
سارة هعتسني كوهين، الكاتبة
اليمينية المؤيدة للاستيطان، ذكرت في مقالها بصحيفة معاريف، ترجمته
"عربي21"، أن "غانتس من أكثر السياسيين الإسرائيليين الذين تعرضوا
"للضرب" السياسي الشديد في الأيام الأخيرة، لأنه واجه بصورة غير مسبوقة
انتقادات واتهامات من داخل الائتلاف الحكومي وأوساط المعارضة، بحيث تجرأ معظم
شركائه وجميع خصومه على مهاجمته، بزعم أنه يعيد الإسرائيليين إلى حقبة التسعينيات، حين تم التوقيع على اتفاق أوسلو".
وأضافت أن "ما يستفز
الإسرائيليين في لقاءات غانتس الأخيرة مع عباس لحظات المداعبة المتبادلة بينهما،
والحديث عن الخطوات الشجاعة، والابتسامات القسرية، رغم أن ما يراه غانتس خطوات
لبناء الثقة مع الفلسطينيين، يعتبرونها هم مؤشرات ضعف إسرائيلية، وسط تمسك المواطن
الفلسطيني بأرضه، وتمنحه الوقت لمواصلة القتال ضد الاحتلال، وكأننا أمام تطبيق
حقيقي لمقولة أن "التاريخ يعيد نفسه مرتين"، ولم نتعلم شيئًا مما
ارتكبته حكومة رابين-بيريس الأولى من خطأ تاريخي في اتفاق أوسلو".
من الانتقادات التي يركز
عليها اليمين الإسرائيلي من لقاءات عباس-غانتس، أنها ترتبط بجملة من الإجراءات
الإسرائيلية الميدانية، المأساة التي قد يتسبب بها غانتس بأضرار كبيرة على مجمل
المشاريع الاستيطانية في الضفة الغربية من جهة، ومن جهة أخرى أنها تمنح
الفلسطينيين ثلاث جوانب تمكينية نحو إقامة الدولة الفلسطينية، في المجالات
الاقتصادي والجغرافية والديموغرافية.
في الوقت ذاته، يأخذ اليمين
الإسرائيلي على غانتس أنه منح حرية الحركة في إسرائيل لرجال الأعمال الفلسطينيين
وقادة منظمة التحرير الفلسطينية، وتمكينهم من دخول إسرائيل وفق بطاقات VIP، دون أي التزام من جانبهم بعدم العمل ضد إسرائيل على
الساحتين المحلية والدولية.
مع العلم أن جزءا من الخطوات
التي أقرها غانتس، خلال لقائه الأخيرة بعباس، تتسبب بأضرار كبيرة للتجمعات
الاستيطانية اليهودية في الضفة الغربية، لأنه من الناحية الديموغرافية، يعتبر منح
الموافقة على آلاف عمليات لم الشمل للعائلات الفلسطينية خطوة خطيرة؛ لأنها تشمل
عشرات الآلاف من الفلسطينيين، وهذه خطوات لم يجرؤ عليها بنيامين نتنياهو رئيس
الحكومة السابق.
فضلا عن كل ما تقدم، يعتبر
اليمين أن غانتس بلقاءاته الأخيرة مع عباس إنما يعطيه شرعية متجددة، من خلال
إمداده بنفس من الهواء النقي، رغم أنه يقود توجهاً خطيراً في محكمة العدل الدولية
في لاهاي ضد إسرائيل، ورغم كل ذلك فإن وعود غانتس لعباس لن تعبد طريقهما نحو
حصولهما على جائزة نوبل، ولا عقد قمم سياسية تمهد الطريق لنسخة ثانية من اتفاق
أوسلو هذه المرة، لأن اليمين الإسرائيلي سبق له أن أصيب بـ"لدغة" أوسلو
الأول، وربما لن يسمح بتكراره، رغم مساعي غانتس لذلك.