هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تتحدث أوساط إسرائيلية عن ظاهرة الهجرة المعاكسة التي يقوم بها معارضون للنظام السياسي الحاكم في دولة الاحتلال، في الوقت التي تتزايد فيه الاستقطابات الحزبية الإسرائيلية.
ويتركز "المهاجرون الإسرائيليون الجدد" خارج دولة الاحتلال في من يوصفون بأنهم نشطاء بارزون في عدد من المنظمات اليسارية، أمثال "صندوق إسرائيل الجديد" و"كسر جدار الصمت" و"بيتسيلم" وائتلاف النساء من أجل السلام، دون توفر أرقام دقيقة حتى الآن، لكننا أمام ظاهرة تستحق التدبر، كونها تختص بفئة من النشطاء المثقفين والمتعلمين، وليسوا من عوام المستوطنين اليهود، ولعلهم أدركوا أن "المشروع الصهيوني" وصل نهاياته، وأنه لا أمل له بالبقاء في هذه الأراضي المحتلة.
كالمان ليبسكيند الكاتب اليميني قال في مقال بصحيفة معاريف، ترجمته "عربي21: "أمام ظاهرة متزايدة في المجتمع الإسرائيلي تتمثل في نشوء طبقة متنامية من اليسار الإسرائيلي، تبتعد عن الصهيونية وإسرائيل، ويتراجع اهتمامها أقل فأقل بالدولة اليهودية، بل إنها نفسها تدير خطابًا نشطًا يقظًا ضد المشروع الصهيوني بأكمله، يدعون لإعادة قراءة أحداث النكبة، والدولة الفلسطينية، وحقيقة حدود 48 و67".
وأضاف أن "هؤلاء النشطاء في معظمهم ينخرطون في منظمات مدنية إسرائيلية يحصلون على تبرعات من دول أجنبية، بهدف تشويه سمعة الجيش الإسرائيلي وجنوده، والآن بات يدرك هؤلاء أن الجماعة الإسرائيلية والصهيونية التي ينتمون إليها أمر خاطئ من الأساس، وباتوا يتبنون شعارات من قبيل أن الخط الأخضر الفاصل بين اليهود والفلسطينيين، يعتبر رمزا للفصل بين ما هو شرعي وغير شرعي، وباتوا يضعون فروقات بين مستوطنة كريات أربع في الخليل، ومدينة رمات أفيف في تل أبيب، ويعتقدون أن مساعي الدولة للحفاظ على أغلبية يهودية فيها سلوك غير ديمقراطي".
اقرأ أيضا: "هآرتس": الاحتلال يخطط لمنظومة هجرة تحت غطاء التهويد
يتوقف اليمينيون الإسرائيليون عند الدوافع الأساسية لرغبة اليساريين المتزايدة بمغادرة الكيان، مرة واحدة وإلى الأبد، أهمها أنه لم يعد لديهم اهتمام بالدولة اليهودية، ولم يعودوا مهتمين أساسا بـ"المشروع الصهيوني"، وصولا لعدم الاهتمام بدولة الاحتلال، والحديث لا يدور عن ناشط أو اثنين أو ثلاثة، بل عن صف طويل من النشطاء البارزين في المنظمات المدنية البارزة، الذين يتبنون خيار الانشقاق عن إسرائيل، والدعوة للتخلي عنها.
يبرر اليساريون المقصودون من ظاهرة الهجرة المعاكسة من إسرائيل سلوكهم هذا بأنه اعتراف منهم بفشل نضالهم من داخل إسرائيل بتغييرها، فضلا عن ردود الفعل القاسية التي تلقوها من المعسكر اليميني ردا على أنشطتهم السياسية، بجانب أن هناك من تلقوا عرضا مغريا للانتقال إلى بلدان أخرى تنتعش فيها دعوات مقاطعة الاحتلال.
يبدو فريدا الحديث عن نمط جديد من الهجرات اليهودية التي تركزت طيلة قرن كامل عن "مهاجرين إلى إسرائيل"، حتى أصبح لدينا اليوم "مهاجرون من إسرائيل"، وباتوا اليوم مقيمين في العواصم الأوروبية مثل لندن وباريس وبلجيكا وأمستردام وأستراليا ونيويورك وسواها، والقائمة تطول، ومنهم على سبيل المثال: إيتان برونشتاين مؤسس منظمة "ذاكرات" التي تهدف لتعميق وعي الجمهور اليهودي بـ"النكبة" الفلسطينية، ويعيش اليوم في بلجيكا.. والبروفيسور عادي أوفير، وهو رافض للخدمة العسكرية في الضفة الغربية، وأحد مؤسسي حركة الرفض، ويعيش اليوم في الخارج.. والبروفيسور عنات بيليكي رئيس منظمة بيتسيلم السابق.
تمتد قائمة "المهاجرين من إسرائيل" لتشمل دانا غولان المديرة التنفيذية السابقة لكسر الصمت، والبروفيسور نيف غوردون الرئيس التنفيذي السابق لأطباء من أجل حقوق الإنسان، وغيلا سفيرسكي المدير التنفيذي السابق لصندوق إسرائيل الجديد، ورئيس مجلس إدارة بيتسيلم، والبروفيسور حنان حيفير الناشط في منظمة "يوجد حدود"، وجوناثان شابيرا صاحب رسالة الطيارين الرافضين لقصف الفلسطينيين، ويائيل لارير الناشطة في التحالف من أجل المساواة، والبروفيسور حاييم بريشيت مدير الاتصال بكلية سابير، ود. مارسيلو سفيرسكي أحد مؤسسي منظمة "صوت آخر" في الجليل، والمخرج السينمائي آيال سيفان، والفنان أودي ألوني.
وتعيد هذه الظاهرة إلى الأذهان نتائج استطلاع للرأي بين الإسرائيليين، كشف أن 40% منهم يفكرون في الهجرة المعاكسة، وطرحوا لذلك تفسيرات عديدة، كالتدهور الحاصل في إسرائيل لأسباب كثيرة ومتنوعة، كالوضع الاقتصادي، وعدم المساواة، وخيبة الأمل بسبب تعثر التسوية مع الفلسطينيين.