هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أثار احتشاد عشرات الآلاف من القوات الروسية على الحدود الأوكرانية مخاوف قيام موسكو بغزو جارتها السوفيتية السابقة، وفي الوقت نفسه يحاول قادة العالم يائسين إيجاد حل دبلوماسي لما يعتبرونه هجومًا وشيكًا من جانب روسيا على أوكرانيا.
وفي تقرير نشرته صحيفة "التليغراف" البريطانية وترجمته "عربي21"، قال محرر الشؤون الخارجية بالصحيفة، فيريتي بومان، إن بريطانيا تعتقد أن فلاديمير بوتين يخطط لغزو واسع النطاق لأوكرانيا في وقت قريب، كما حذرت وكالة المخابرات المركزية حلفاء الناتو من أنه بناءً على معلومات استخبارية تم اعتراضها، قد يحدث الغزو الأربعاء، على الرغم من أن بوريس جونسون وجو بايدن اتفقا في مكالمة، الاثنين، على أنه لا تزال هناك فرصة لتجنب الحرب، بينما ألقى بوتين باللوم على الولايات المتحدة في تسليح أعدائه في أوكرانيا، أثناء سلسلة من المكالمات التي أجراها مع بايدن وإيمانويل ماكرون.
ماذا يحدث؟
وتبين الصحيفة في هذا التقرير كيف وصلت الأزمة إلى هذه النقطة وماذا يمكن أن يحدث بعد ذلك، حيث تبدأ بتوضيح حقيقة الوضع على الأرض بعد تجمع حوالي 130 ألف جندي روسي إلى جانب 1200 دبابة وطائرة مقاتلة وبطاريات صواريخ بعيدة المدى، على الحدود الشرقية لأوكرانيا، وهو التجمع الذي أثار أكبر أزمة في العلاقات بين الشرق والغرب منذ انتهاء الحرب الباردة.
وتوضح الصحيفة في تقريرها أن وزارة الخارجية الأوكرانية اتهمت روسيا باستخدام التدريبات البحرية كذريعة لعزل البلاد عن حلفائها الغربيين؛ كما قال المتحدث باسم الوزارة، أوليج نيكولينكو، في تغريدة له: "نحن نحتج بشدة على قرار روسيا بإغلاق أجزاء من البحر الأسود وبحر آزوف ومضيق كيرتش بحجة التدريبات البحرية"، كما قال وزير الخارجية الأوكراني، دميترو كوليبا، إن أوكرانيا تستعد للرد.
وأضافت الصحيفة أنه في 11 شباط/ فبراير، بدأت القوات البيلاروسية والروسية مناورات مشتركة كبيرة تهدف إلى التدريب على صد العدوان الخارجي، فيما وُصف بأنه خطوة خطيرة وعنيفة تستهدف الأمن الأوروبي.
وفي الوقت الذي لم تكشف فيه موسكو ومينسك عن عدد القوات المشاركة في المناورات الحربية التي استمرت 10 أيام، فإن الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي قدّرا أن روسيا أرسلت حوالي 30 ألف جندي مقاتل بالإضافة إلى أسلحة ومعدات عسكرية أخرى إلى جارتها السوفيتية السابقة.
ولفتت الصحيفة في تقريرها إلى أن الحكومة الروسية قدمت قائمة مطالب أمنية بما فيها ضمان عدم السماح لأوكرانيا بالانضمام إلى الناتو، وانسحاب قوات التحالف في دول أوروبا الشرقية التي انضمت بعد عام 1997، وهذا الطلب الأخير أعلن الغرب عن رفضه البات له، فيما أعرب عن استعداده للحديث عن تدابير الحد من التسلح وبناء الثقة.
ونقلت الصحيفة عن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تحذيره من أن انضمام أوكرانيا إلى الناتو قد يؤدي إلى بدء أوكرانيا عملًا عسكريًّا لاستعادة السيطرة على شبه جزيرة القرم أو المناطق الانفصالية التي يدعمها الروس في شرق أوكرانيا.
وفي 10 شباط/ فبراير، بحسب ما جاء بالتقرير؛ دعا رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، في مؤتمر صحفي مشترك مع الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ، أوروبا إلى التمسك بحق أوكرانيا في الانضمام إلى الناتو، محذرًا من أن أي غزو روسي سيكون كارثة مطلقة وسيؤدي إلى إراقة الدماء.
ماذا خلف الأزمة؟
وتحدث التقرير عن الأسباب الحقيقية الكامنة وراء الأزمة الروسية الأوكرانية؛ حيث أشار إلى وجود توتر بين موسكو وكييف منذ أن أعلنت أوكرانيا استقلالها عن الاتحاد السوفيتي عام 1991؛ ثم تصاعد الموقف عام 2014 عندما ضمت روسيا شبه جزيرة القرم في جنوب أوكرانيا وأرسلت قوات لدعم انتفاضة انفصالية في منطقة دونباس في شرق أوكرانيا؛ كما أدت الاشتباكات المستمرة في منطقتي دونيتسك ولوهانسك إلى مقتل وتشريد أكثر من مليوني شخص، قبل أن تتوقف المعارك سنة 2015 إثر توقيع اتفاق سلام في مينسك عام 2015، لكنه فشل في تحقيق تسوية للصراع بسبب الخلافات حول كيفية تنفيذه.
ماذا يريد بوتين من أوكرانيا؟
وتطرقت الصحيفة في تقريرها إلى اعتبار بوتين أوكرانيا جزءًا أساسيّا من الحضارة الروسية، ثقافيّا وتاريخيا، إضافة إلى اعتقاده الراسخ بأن الهيمنة الروسية على أوكرانيا أمر أساسي لأمن روسيا، مضيفة بأن السياق الأوسع للأزمة هو أنها تمثل تحديا لما يعتبره بوتين اتفاقية غير عادلة فُرضت على روسيا في نهاية الحرب الباردة. كما أنه ينظر إلى توسع الناتو باعتباره تهديدا وجوديا، معتبرا الحركات العسكرية لبلاده مجرد رد فعل على علاقات أوكرانيا المتنامية مع الحلف، آملًا أن يتمكن من جعل هذه العلاقات تتراجع من خلال هذه الأزمة.
وتؤكد الصحيفة أن تأكيد سلطة بوتين على أوكرانيا هو جزء من مساعيه لتأكيد مكانة روسيا بين القوى العالمية.
ما هو حجم الخطر الناتج عن الغزو؟
وتسلط الصحيفة في تقريرها الضوء على حجم الخطر الذي قد ينتج عن غزو روسيا لأوكرانيا، حيث نقلت عن شركة "ماكسار تكنولوجيز"، التي تتابع حشد القوات الروسية، قولها إن الصور التي التقطت يومي 9 و10 فبراير/ شباط، أظهرت عمليات انتشار جديدة في شبه جزيرة القرم وغرب روسيا وبيلاروسيا.
اقرأ أيضا: ارتفاع حدة التهديدات.. متى ستبدأ معركة أوكرانيا؟
وتشدد الصحيفة على أنه رغم إنكار روسيا لأي خطط لغزو أوكرانيا، فإن التوترات شديدة للغاية، كما هدد بوتين باتخاذ الإجراءات العسكرية المناسبة إذا استمر العدوان الغربي، وفي الوقت نفسه أعرب عن أمله في حل الأزمة المتصاعدة في أوكرانيا سلميًّا، لكنه لم يشر إلى إمكانية سحب القوات الموجودة بالقرب من الحدود الأوكرانية، وذلك بعد محادثات مطولة مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون؛ فيما شكك المسؤولون الأوكرانيون في مخاطر الغزو قائلين إنهم لا يرون بادرة هجوم في الأسابيع القليلة القادمة.
وتشير الصحيفة في تقريرها إلى العقوبات المالية غير المسبوقة؛ التي توعد بها الحلفاء الأمريكيون والأوروبيون، ضد موسكو في حال قام بوتين بغزو أوكرانيا؛ حيث يواجه الأوليغارش الروس المقربون من بوتين احتمال تجميد أصولهم وحظر سفرهم في إطار تشديد قوانين العقوبات في المملكة المتحدة، كما نشرت بريطانيا قانونًا جديدًا في 10 فبراير/ شباط يوسع دائرة الأشخاص المقربين من الكرملين والذين يمكن معاقبتهم في حال قررت موسكو غزو أوكرانيا.