يحمل يوم الأرض
الفلسطيني أثقاله المختلفة في كل آذار/ مارس، للدفاع عن أرض فلسطين التاريخية ضد حملات الأسرلة والصهينة غير المتوقفة منذ النكبة الأولى عام 48، لتشمل عموم الأراضي المحتلة عام 67. ويوم الأرض لهذا العام مختلف، ليس لاختلاف الهجمة والمخاطر، بل لانضمام محور عربي لخندق المؤسسة الصهيونية في تزييف الحقائق، وإضفاء شرعية على الصهينة والأسرلة للأرض العربية الفلسطينية.
المعركة التي يخوضها الشعب الفلسطيني، للحفاظ على أرضه وتاريخه ومقدساته وتراثه، باتت محكومة بالمناخ العربي الجديد المتسلح برواية التصهين المُزور والمشوه للحقوق العربية، وحركة الأحداث العربية في السنوات والأشهر الماضية تُثبت المخاطر التي نبه لها أصحاب الأرض منذ النكبة، حتى أصبح بمقدور
إسرائيل اليوم أن تجند "دبلوماسيتها" العربية إن صح القول لهذا الغرض، وأن تدمج بعض من دبلوماسية النظام العربي معها.
في الوقت الذي تحاصر فيه المؤسسة الصهيونية الوجود العربي في أحياء القدس ومناطق الجليل والمثلث، وتخوض حرب اجتثاث للفلسطينيين في النقب، تأتي الأخبار بنجاح حكومة إسرائيل بزعامة نفتالي بينت بعقد قمة سداسية تجمعه مع أربعة وزراء خارجية عرب، برعاية وزير خارجية أمريكا
ففي الوقت الذي تحاصر فيه المؤسسة الصهيونية الوجود العربي في أحياء القدس ومناطق الجليل والمثلث، وتخوض حرب اجتثاث للفلسطينيين في النقب، تأتي الأخبار بنجاح حكومة إسرائيل بزعامة نفتالي بينت بعقد قمة سداسية تجمعه مع أربعة وزراء خارجية عرب، برعاية وزير خارجية أمريكا أنتوني بلينكن.
وزراء خارجية الإمارات والمغرب والبحرين ومصر، يجتمعون في مستوطنة "سديه بوكير" المقامة على أراضي النقب الفلسطينية، ويزورون قبر دافيد بن غوريون، مؤسس الكيان الصهيوني الذي قام على إبادة وتهجير الشعب الفلسطيني، وتزوير أرضه وتاريخه. تنحني الرؤوس العربية بدبلوماسية فجة وقحة، عند قبر سفاح نجح بقتل وتهجير مئات الآلاف من الفلسطينيين، بينما تُعجب وتدهش قلوب الدبلوماسية العربية من صاحب العبارة الشهيرة: "إذا حصلنا على القدس يوماً، وكنت لا أزال حياً وقادراً على القيام بأي شيء، فسوف أزيل كل شيء ليس مقدساً لدى اليهود، وسوف أحرق الآثار التي مرت عليها قروناً".
بن غوريون مع عصاباته المؤسسة لدولة الأبارتهيد الصهيوني، من الهاغاناة والبلماخ وتسيحي والبلماخ، نفذوا حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني وأرضه، وفي مدى يعكس مآسي الشعب الفلسطيني والعربي. تمكنت المؤسسة الصهيونية من تجاوز وفاق السياسة العربية معها، والانسجام العربي مع إرهاب الدولة الذي تمارسه إسرائيل، إلى حالة الإعجاب بإدارة المستعمرات الصهيونية فوق أرض فلسطين لتصبح مزاراً عربياً، تنجح من خلاله إسرائيل في عقد قمة مع وزراء خارجية عرب عند مدفن بن غوريون ومستوطنته، لإعطاء أهمية كبرى ورمزية في الاعتراف بالرواية الصهيونية وأساطيرها التلمودية.
تمكنت المؤسسة الصهيونية من تجاوز وفاق السياسة العربية معها، والانسجام العربي مع إرهاب الدولة الذي تمارسه إسرائيل، إلى حالة الإعجاب بإدارة المستعمرات الصهيونية فوق أرض فلسطين لتصبح مزاراً عربياً، تنجح من خلاله إسرائيل في عقد قمة مع وزراء خارجية عرب عند مدفن بن غوريون ومستوطنته
محاصرة نضال الفلسطينيين لنظام الفصل العنصري، والخشية من هذا الصراع هدف كل اجتماع عربي- إسرائيلي هذه الأيام، وعربي- عربي. أما الحديث عن الدعم العربي الأجوف تاريخياً للفلسطينيين، أتى بمكاسب عكسية ذات قيمة كبرى لعدوهم على الأرض، والتي تظهر من خلال النقاش الذي يدور في الغرف المغلقة بين إسرائيل والنظام الرسمي العربي في السنوات الأخيرة وتطوره للتطبيع، وتحديدا مع اندلاع الربيع العربي. وسرعة الانقلاب والتحالف الذي أبداه
الاستبداد العربي في السر والعلن مع المؤسسة الصهيونية، يقطع الشك باليقين لتجسيد سياسة عربية رسمية منغمسة في التآمر والصهينة ضد الشعب الفلسطيني.
لا تختلف أحوال الأرض الفلسطينية عن عقود العدوان السابقة، في ظل سياسة فلسطينية وعربية، مكنت إسرائيل بسياسة نسفت كل الذرائع والتبريرات العربية، سواء المتعلقة بالسلام، أو بخلبية شعارات دعم الفلسطينيين لمواجهة سياسات العدوان الإسرائيلي المستمرة.
السياسة العربية المتصهينة، التي ترتب دمج الاستبداد والطغيان العربي مع بعضه البعض، وتمكينه من المجتمعات العربية برعاية أمنية صهيونية في الإمارات والبحرين والقاهرة والرباط ودمشق وعمان والخرطوم، تهدف أولاً محاصرة أي رد فعل من الشارع الفلسطيني يأتي ضد سياسة العدوان والاستيطان والتهويد، وثانيا خلق انشغال عربي بأحوال إسرائيل وتقديم تطمينات عربية وفلسطينية عن قدرة هذه الأطراف على ضبط وتأمين أمن إسرائيل، مع تهويل إسرائيل من عدوها الإيراني وخطره، ليس على الاحتلال فقط، بل ربطه بمصير أنظمة عربية ترى في الخطر الإيراني مؤشراً أعلى من مخاطر المؤسسة الصهيونية التي لم تعد عدواً لمشاريع العرب الكبرى من وجهة نظر الأنظمة، التي تُبرر صهينتها ومشاركتها إسرائيل حرب التزييف والأسرلة، والأهم مساعدة المؤسسة الصهيونية في حصار وخنق الفلسطينيين.
بعيداً عن المفهوم الطوباوي للأرض الفلسطينية والشعارات المرتبطة بها، يقفز السؤال الدائم عن أحوال السياسة الفلسطينية وبؤسها المقيم لمواجهة التحديات التي تحيط بأرض فلسطين وتعريفها الفلسطيني والعربي، وأي تعريف يتم تبنيه والعمل به
البنغوريون العرب، يجتمعون في مستوطنة بن غوريون في النقب الفلسطينية المحتلة، مع حلول يوم الأرض الفلسطيني الذي يؤكد فيه الشعب الفلسطيني انتماءه لأرضه وتاريخه وتراثه، والأهم تأكيده وإصراره على مواجهة سياسة الأسرلة والتهويد. وبعيداً عن المفهوم الطوباوي للأرض الفلسطينية والشعارات المرتبطة بها، يقفز السؤال الدائم عن أحوال السياسة الفلسطينية وبؤسها المقيم لمواجهة التحديات التي تحيط بأرض فلسطين وتعريفها الفلسطيني والعربي، وأي تعريف يتم تبنيه والعمل به.
في إجابة السياسة الفلسطينية العاجزة، تخفيض مستمر لمعنى الأرض والوطن وإعلاء لدور القائد وسلطته وأجهزته الأمنية، وفي السياسة العربية رفع مستمر من مقام الطاغية المستبد المحمي من مستوطنة صهيونية يحميها، ومستوطنات السياسية العربية التي تُدار منها مجتمعات عربية، تروي مأساة شعوب قضاياها ترزح بين القمع والسمسرة بقبضة قادة
مستوطنات عربية يتحدثون عن السلام والتنسيق والتحديات المشتركة مع المؤسسة الصهيونية.
في مستوطنة "سديه بوكير" ينقل دبلوماسيو المستوطنات العربية رسائلهم لنفتالي بينت، من قادة مستوطنات عربية تُسمى زوراً قصور الرئاسة وعرين الحاكم، بأن الصهينة والعبرنة والتزوير مهمة عربية رسمية، يمكن أن تكلل بزيارة قبر السفاح الإرهابي باروخ غولدشتاين يوما ما في مستوطنة "كريات أربع" بعد مراسم زيارة قبر الإرهابي الأول دافيد بن غوريون.
twitter.com/nizar_sahli