هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "واشنطن بوست" افتتاحية تناولت فيها الأوضاع في تونس، قالت فيها إن البلد الذي أحرق فيه البائع المتجول محمد بوعزيزي نفسه ومعه أشعل الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية، كانت أهم قصة نجاح في الربيع العربي عام 2011 حيث أسقطت حكم الرجل الواحد وأقامت دستورا جديدا.
وبحسب الصحيفة، يتعرض هذا العمل للخطر في ظل الحكم الشمولي المتزايد لقيس سعيّد، أستاذ القانون الدستوري الذي يبدو أنه كان يقرأ كتيبات الديكتاتوريين خلال الفترة السابقة.
وأشعل حرق بوعزيزي لنفسه، في كانون الأول/ديسمبر 2011، حركة احتجاج ضد الفقر والبطالة والقمع السياسي وأطاحت في النهاية بحكم زين العابدين بن علي.
وتبعت تونس دول عربية أخرى، حيث اجتاحت ثورات العالم العربي، وأنهت حكم حسني مبارك، لكن الآمال بعهد جديد تصادمت مع العودة للطرق الديكتاتورية من جديد.
وكانت تونس استثناء، فمع الدستور الجديد جاء برلمان بغرفة واحدة، مجلس نواب الشعب الذي ظل ممزقا وعاجزا في معظم الأحيان، ولكن تم انتخابه عبر عملية اقتراع حرة ونزيهة مثلما تم انتخاب سعيد عام 2019، ولكنه قام في 25 تموز/يوليو بالاستيلاء على السلطة عبر تعليق عمل البرلمان وعزل الحكومة.
وفي 22 أيلول/سبتمبر قام بإلغاء معظم بنود الدستور ومنح نفسه الحق في إصدار قوانين عبر المراسيم. وزاد في 12 شباط/فبراير بإصدار مرسوم حل فيه مجلس القضاء الأعلى ومنح نفسه سلطة التدخل في عمل القضاء.
وأكثر من هذا، فهناك تقارير تتحدث عن تحضير سعيد عملية قمع جديدة ضد المجتمع المدني. فمنذ 2011، ظهر في تونس قطاع حي من المنظمات غير الحكومية، وآلاف من المنظمات والجمعيات التي تدعم التعليم والثقافة ومساعدة الفقراء وتدافع عن حقوق الإنسان وتوسع حكم القانون.
وجلب الربيع العربي معه القدرة على إنشاء منظمات مجتمع مدني بطريقة حرة، والضغط على السلطات فيما يتعلق بالقوانين والسياسات والتحدث بحرية وتلقي الدعم الأجنبي بدون موافقة من الحكومة.
وقبل فترة، عبرت 13 منظمة عن قلقها من مسودة مرسوم تخشى أنه ستُفرض بموجبها قيود مشددة وتعطَى للحكومة سلطات واسعة على عملياتها.
وأعلن سعيّد عن عزمه تعديل الدستور وإجراء استفتاء عليه، إلا أن عملية المشاورة عبر الإنترنت لم تشارك فيها إلا نسبة 7 بالمئة من الناخبين، في بلد يبلغ عدد الذين يحق لهم الإقتراع 7 ملايين نسمة.
وفي 30 آذار/مارس قرر نواب البرلمان المعلق في جلسة افتراضية إلغاء استيلاء سعيّد على السلطة. ورد رئيس البلاد بحل البرلمان كله وهدد بمحاكمة أعضائه بتهم "التآمر ضد الدولة".
اقرأ أيضا: سعيّد لوفد برلماني أوروبي: حريص على إنهاء الفترة الاستثنائية
وحذرت الولايات المتحدة سعيّد مرارا من المسار الذي اتخذه. وزارت أوزرا ضيا، مساعدة وزير الخارجية لحقوق الإنسان والديمقراطية والأمن المدني تونس في نهاية آذار/مارس الماضي، وحثت على ضرورة احترام الديمقراطية.
وفي الموازنة الأخيرة التي تقدمت بها إدارة بايدن، قطعت الدعم العسكري عن تونس كإشارة عن عدم رضاها بالتحولات الديكتاتورية. ولكنها بحاجة إلى عمل المزيد من أجل الديمقراطية التونسية وحمايتها، لأن سعيّد لا يستمع وهو مشغول بإطفاء آخر نار للربيع العربي.