هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "إزفيستيا" الروسية تقريرا تحدثت فيه عن بعض الأطراف الأجنبية التي تحاول الاستفادة من العملية العسكرية التي تنفذها القوات الروسية داخل الأراضي الأوكرانية.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن بعض الأطراف الأجنبية استغلت حقيقة تواجدها في مسرح القتال وانطلقت في جمع التبرعات عبر مواقع التواصل الاجتماعي في الوقت الذي تكافح فيه المنظمات غير الربحية من أجل تأمين منح حكومية. ويصعب تحديد وجهة هذه التدفقات المالية لا سيما في ظل عجز المانحين عن التأكد مما إذا كانت تبرعاتهم موجهة لتلبية احتياجات المدنيين أو استُخدمت لأغراض مثل جلب المرتزقة أو حُولت إلى أرصدة المحتالين.
قناص سويسري
منذ انطلاق العملية العسكرية الروسية داخل الأراضي الأوكرانية، أرسلت العشرات من المنظمات غير الحكومية الأوروبية موظفيها إلى أوكرانيا. وقد بررت جميع هذه المنظمات وجودها في المنطقة برغبتها في تقديم المساعدة للسكان من خلال توزيع المواد الغذائية الأساسية. لكن التمعن في هيكل هذه المنظمات والبحث في سجل موظفيها يثير العديد من الأسئلة.
أثار وجود أعضاء المنظمة غير الحكومية السويسرية "22 وايلد لايف" التي يرأسها الألماني فيليب دير، وهو القائد السابق لفرقة القناصة الألمانية ومشارك في بعثات العراق وأفغانستان ضمن قوات المساعدة الدولية لإرساء الأمن في أفغانستان، الكثير من الشكوك. ووفقًا للمعلومات الواردة، كانت المنظمة متخصصّة في مكافحة الصيد غير المشروع وتدريب جنود جنوب أفريقيا، غير أن أعضاءها انتقلوا منذ الثاني من آذار/ مارس الماضي إلى أوكرانيا. كما يترأس دير مؤسسة متخصصة في مجال التحقيقات وتقديم الخدمات الأمنية.
وذكرت الصحيفة أن هذه المنظمة تضم أشخاصًا تلقوا تدريبات عسكرية جيدة رافقوا دير خلال زيارته إلى أوكرانيا من بينهم محارب قديم يدعى مارسيل عمل ضمن الجيش الألماني وحصل على وسام إثر مشاركته ضمن قوات المساعدة الدولية لإرساء الأمن في أفغانستان. وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، يستخدم موظفو المنظمات غير الحكومية أسماء مستعارة، غير أنه بعد إلقاء نظرة على صفحاتهم اتضح أن هؤلاء مدربو بنادق وجنود، يملك بعضهم خبرات قتالية في المناطق الساخنة.
تعليقا على سبب وجوده في الوقت الراهن في أوكرانيا قال فيليب دير: "العديد من موظفي المنظمة، بمن فيهم أنا، محاربون سابقون عملنا بشكل طوعي دون تلقي أي مقابل. أعلم أن الروس قلقون بشأن تواجد أفراد عسكريين مثلنا هنا، لكن نحن لا نخطط للمشاركة في الأعمال العسكرية".
وحسب فيليب، تشارك منظمته أثناء تواجدها في أوكرانيا في الأعمال الخيرية فقط. وتابع فيليب: "بدأنا بشراء أدوية ناهزت تكلفتها 300 ألف دولار، بينما لم يتعد المبلغ الإجمالي للتبرعات النقدية 20 ألف دولار". كما أطلق دير على صفحته حملة لجمع التبرعات لدعم مهمة منظمته في أوكرانيا ويجمع المساعدة المادية والمالية على منصة "بيوبل إن إينيفورم".
اقرأ أيضا: أردوغان يطالب بوتين بالحفاظ على زخم "محادثات إسطنبول"
من جانبه، يجد عالم السياسة كريستوف هيرستل صعوبة في تحديد مآل المساعدات التي وقع جمعها، مستبعدا إمكانية معرفة الجهات المانحة ما إذا كانت قد قدمت أموالا للمساعدات الإنسانية أو لتلبية الاحتياجات العسكرية بسبب غياب الشفافية. كما يرى هيرستل أن هذه المنظمات غالبا ما تتلقى الدعم من قبل السلطات الرسمية.
ينبه الأستاذ الجامعي في العلوم السياسية كيريل كوكيش من المنظمات غير الحكومية الغربية التي يعتبر أعضاؤها محاربين قدامى، قائلا: "في الوقت الراهن، تبحث هذه المنظمات عن الظروف التي تخول لها التواجد داخل أوكرانيا والمشاركة بشكل أو بآخر في التصدي للعملية الروسية".
متطوع أمريكي
ذكرت الصحيفة أن الجندي الأمريكي جيمز فاسكيز، البالغ من العمر 47 عاما وهو من قدامى المحاربين في الجيش الأمريكي، جهز نفسه للمشاركة في القتال إلى جانب القوات الأوكرانية بعد أن أمن متابعوه على تويتر تكاليف سفره. عند جمع التبرعات، غرّد فاسكيز على التويتر: "قررت الذهاب إلى أوكرانيا والقتال جنبا إلى جنب مع الجيش الأوكراني".
في الرابع من آذار/ مارس، طرح فاسكيز حسابه في خدمة الدفع فينمو من أجل جمع التبرعات، موضحا: "تكاليف الرحلة تشكل عبئا ماليا بالنسبة لي ولعائلتي". وفي 15 آذار/ مارس، نشر مقطع فيديو من منزله أوضح خلاله استعداده للمغادرة مساءً. عقب ذلك، نشر صورا توثق تواجده على الحدود البولندية وصورا بصحبة أشخاص يرتدون زيا عسكريا.
اشتكى المحارب منذ فترة طويلة من نشر صور للأسلحة ومن الصفحات المزيفة التي تحمل اسمه وتطلب المال وتنشر قصصًا وهمية عن حياته. وفي 25 آذار/ مارس، كشف فاسكيز عن حاجة إلى نقود لشراء الطعام ومستلزمات النظافة والذخائر. تفاعلا مع ذلك، أجريت بعض التحويلات إلى حسابه بينما نصحه الأوروبيون بفتح حساب باي بال.
صاحب مطعم من مينسك
في نهاية آذار/ مارس، أعلن صاحب مطعم في مينسك يدعى فاديم بروكوبييف عن انطلاق تشكيل الفوج البيلاروسي "باغونيا" كجزء من الفيلق الأجنبي في أوكرانيا. وخلال مقطع فيديو نشره على قناته على يوتيوب، أشار بروكوبييف إلى الحاجة إلى وجود متطوعين، معلنا عن حملة لجمع التبرعات على جميع حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي. وفي الثالث من نيسان/ أبريل سحب الأموال ليعلن بعد ذلك حل فوج "باغونيا" بسبب صراع مع كتيبة كاستوس كالينوفسكي البيلاروسية. عقب ذلك، اختفى بروكوبييف وكان قد نشر آخر مقطع فيديو على قناته قبل شهر.
فيلق بمساعدة التبرعات
في الخامس من نيسان/ أبريل من العام الجاري، أعلنت كييف عن إنشاء فيلق تابع للقوات المسلحة الأوكرانية زُعم أنه يتألف من أفراد عسكريين روس. خلال مؤتمر صحفي للسلطات الرسمية في كييف، عرضت لافتة تحتوي على أرقام بطاقات مصرفية ومحفظة بيتكوين.
ونقلت الصحيفة عن المدير العام السابق لمكتب الأمم المتحدة في جنيف سيرجي أوردزونيكيدزه، قوله إن رغبة بعض الأطراف في كسب المال تحت أي ظرف فاقمت الأزمة القائمة، معتقدا أن الشركات المنتجة للأسلحة تتقاسم الإيرادات المحققة في ظل هذه الظروف مع الدول وأن الولايات المتحدة عن طريق إدراكها هذه الحيلة تمكنت من كسب أموال طائلة منذ الحرب العالمية الأولى. ويرى أوردزونيكيدزه أن المنظمات غير الحكومية أو المرتزقة أو المحتالين يحاولون أيضا استغلال الظرف الراهن لصالحهم وجني أرباح.
وفي نهاية التقرير، أشار أوردزونيكيدزه إلى ضرورة توخي الحذر وعدم الوقوع في فخاخ المنظمات غير الحكومية، موضحًا أن التبرع فقط للهياكل الكبيرة المشهورة يضمن عدم استغلال التبرعات لتحقيق مصالح خاصة.