صحافة دولية

WP: مقتل أبو عاقلة يذكر الصحفيين بخطورة عملهم بفلسطين

19 صحفيا قتلوا على يد الاحتلال في العقود الثلاثة الماضية - جيتي
19 صحفيا قتلوا على يد الاحتلال في العقود الثلاثة الماضية - جيتي

نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا للصحفيين ستيف هندريكس، وشيرا روبين قالا فيه؛ إنه في خضم موكب الآلاف من الأشخاص الذين كانوا يرافقون جثة مراسلة الجزيرة المقتولة شيرين أبو عاقله في شوارع رام الله يوم الخميس، كان العديد منهم في حالة حداد ويعملون، وعشرات الصحفيين الفلسطينيين ينقلون خبرا مهما، في أثناء تفكيرهم في ماذا يقول موتها عن حياتهم.

قال أحمد مشعل، المنتج المقدسي لقناة ZDF الألمانية، الذي غطى مئات المداهمات وأعمال الشغب والتجمعات مع أبو عاقلة على مدى عقدين: "كنا جميعا نخبر بعضنا البعض، ما حدث لشيرين يمكن أن يحدث لنا.. نحن نعلم أننا قد نكون ضحية لرصاصة في أي مكان وفي أي وقت".

ومثل العديد من الصحفيين الفلسطينيين، أمضى مشعل الساعات التي انقضت منذ مقتل أبو عاقله وهو يتأرجح بين حزنه على زميلة المهنة منذ 30 عاما وإطلاق النار الحي، والاتصال بالمصادر وتوثيق الصدمة الأخيرة في مكان العمل، حيث على الأقل 19 صحفيا جميعهم فلسطينيون باستثناء ثلاثة، قتلوا في العقود الثلاثة الماضية، وفقا للجنة حماية الصحفيين.

أبو عاقله هي واحدة من مئات الصحفيين الذين يغطون أخبار إسرائيل والضفة الغربية وقطاع غزة. ولكن على عكس المراسلين الدوليين الذين يتم منحهم قدرا أكبر من الحياد، غالبا ما يتم ربط الصحفيين المحليين بوضوح إلى جانب واحد، مما يعرضهم لخطر منتظم ويمكن أن يجعلهم موضع شك لدى الجميع.

قال مشعل: "أنت عالق بين الجانبين وأنت تحاول أن تكون موضوعيا.. أحيانا عندما تذهب إلى الشاب وتسأله، لماذا تلقي ذلك الحجر؟، ينظر إليك ويقول: ألست من هنا؟ ألا تعرف الاحتلال؟".

قال مشعل، الذي تعرض للدفع واللكم وأخذ جنود إسرائيليون مفاتيح سيارته في الميدان: "عليك أن تكون حذرا للغاية بوجود الجيش. كلنا نعرف القواعد. كانت شيرين دائما حذرة جدا جدا".

 

اقرأ أيضا: دفن شيرين أبو عاقلة بالقدس.. والاحتلال يعتقل مشيعين (شاهد)

أبو عاقله والصحفيون الآخرون الذين وصلوا لتغطية نشاط الجيش الإسرائيلي في جنين يوم الأربعاء، كانوا يتبعون بروتوكولا تدربوا عليه جيدا. قال اثنان من المراسلين الذين كانا جزءا من المجموعة الصغيرة؛ إنهم ساروا ببطء وتعمدوا تجاوز مركبات الجيش الإسرائيلي، وتوقفوا مؤقتا ليكونوا بارزين قدر الإمكان. وكانوا جميعا يرتدون سترات واقية زرقاء مكتوبا عليها "صحافة".

قالت شذا حنايشة، مراسلة موقع ألترا فلسطين لقد انتظرنا ما يقرب من 10 دقائق للتأكد من أن الجيش الإسرائيلي يستطيع التعرف علينا كصحفيين".

وأفاد مسؤولون إسرائيليون بأن المراسلين وقعوا في مرمى النيران، وأشاروا إلى أن الصحفيين يضطرون في كثير من الأحيان إلى المجازفة بمثل هذه المخاطر.

بعد أن قال مسؤولون آخرون في البداية؛ إنه "من المرجح" أن يكون مسلح فلسطيني قد قام بإطلاق النار على أبو عاقلة، يقول الجيش الإسرائيلي الآن؛ إنه يحقق في احتمال إصابتها برصاصة إسرائيلية.

ووصف وزير الشؤون المدنية الفلسطيني حسين الشيخ، الخميس، عملية القتل بـ "الاغتيال". وقال؛ إن السلطة الفلسطينية رفضت طلب إسرائيل إجراء تحقيق مشترك.

بينما يمكن للسياسيين تبادل الانتقادات اللاذعة، فإن المراسلين الفلسطينيين مكلفون بالإبلاغ، بشكل نقدي في كثير من الأحيان، عن نفس الجنود والشرطة الذين يواجهونهم عند نقاط التفتيش المسلحة التي يتعين عليهم عبورها كل يوم تقريبا.

قالت رانيا زبانة، منتجة قناة الجزيرة منذ عام 2002: "مجرد الوصول إلى هناك أمر مزعج عدة مرات". وأضافت أنها اعتبرت أبو عاقله مرشدة وصديقة، كانت ستقدر كيف اضطررت إلى الانسحاب من الجنازة يوم الخميس للإشراف على تقرير آخر.

قال محمد ضراغمة، المراسل منذ فترة طويلة، الذي يشغل الآن منصب مدير مكتب "الشرق نيوز"؛ إنه عاد مؤخرا إلى منزله في رام الله، بعد أن أمضى يوما كاملا في تغطية عمليات الإجلاء المرتقبة للعائلات الفلسطينية جنوب الخليل.

في أثناء مروره في تقاطع حيث ينتظر المستوطنون الإسرائيليون في كثير من الأحيان الحافلات أو أن يحملهم أحد بسيارته، رأى جنديا يوجه سلاحه الأوتوماتيكي مباشرة إلى زجاج السيارة الأمامي.

وأشار إلى أنه شعر بالرعب لأنه كان على وشك الضغط على الزناد.. مقتل شيرين يذكرني مرة أخرى أنه لا يوجد مكان آمن في فلسطين. يمكن أن يكون لديك خوذة، ويمكن أن يكون لديك سترة، وما زلت معرضا للموت".

قال مشعل؛ إن العمل أصبح أكثر خطورة في السنوات الأخيرة فقط. قبل عقد أو نحو ذلك، عرف الصحفيون الفلسطينيون أنهم يقتربون من الجنود الإسرائيليين أو خلفهم وهم يقاتلون الفلسطينيين الذين يرشقون الحجارة، وفق المنطق القائل بأنه من الأفضل عدم الوقوف أمام المدافع.
قال: "يمكننا النجاة من التعرض للضرب بالحجارة.. استخدمنا الإسرائيليين كحماية".

الآن كلا الجانبين مسلحين بشكل جيد، مما يجعل من الصعب على المراسلين العثور على مكان آمن.

ومع ذلك، بينما يحضر جنازة زميلته ويوثق قصصا عن وفاتها، قال مشعل؛ إنه ليس لديه أي خطط للتخلي عن روتين مرعب ومجزٍ، على الرغم من أن أبناءه قد ناشدوه في الأيام الأخيرة للتقاعد.

قال: "بالطبع سأستمر..إنها حياتي".

التعليقات (0)