هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
شكل قرار المجلس العسكري الحاكم في مالي الانسحاب من مجموعة دول الساحل الأفريقي الخمس، قبل أيام، صدمة لقادة دول المجموعة التي تأسست في نواكشوط سنة 2014.
وتهدف المجموعة إلى التصدي للإرهاب في المنطقة، وحشد التمويل الدولي لتنمية بلدان المجموعة، التي تضم بالإضافة إلى مالي كلا من موريتانيا وبوركينافاسو وتشاد والنيجر.
مبررات الانسحاب
برر المجلس العسكري الحاكم في مالي قرار الانسحاب من المجموعة، بمعارضة بعض دول الساحل الخمس (لم تسمها) لرئاسة باماكو للمجموعة، معتبرة أن ذلك يعود إلى مناورات دولة خارج الإقليم ترمي بشدة إلى عزل مالي"، في إشارة إلى فرنسا.
لكن المبررات التي قدمها المجلس العسكري الحاكم في مالي لم تقنع عددا من دول المجموعة، إذ اعتبرت موريتانيا أن انسحاب باماكو المفاجئ غير مبرر، وسيؤثر على الوضعية الأمنية في المنطقة.
بدوره، دعا الرئيس تشادي محمد إدريس ديبي إتنو، الذي يرأس دوريا مجموعة الخمس في الساحل، مالي إلى العودة للمنظمة الإقليمية وقوتها العسكرية.
اقرأ أيضا: المجلس العسكري الحاكم بمالي يعلن إحباط محاولة انقلاب
مصير غامض
وتسود حالة من الغموض مستقبل "مجموعة دول الخمس بالساحل" الأفريقي عقب انسحاب مالي من هذا التجمع، في وقت تعاني فيه المنطقة سيلا من الاضطرابات.
ويرى مختصون في الشأن الأفريقي أنه من الصعب تماسك هذا التجمع الذي هو فكرة من إيحاء فرنسي من أجل البحث عن حلول للأزمة السياسية والأمنية في مالي، في ظل انسحاب الدولة التي تأسس أصلا من أجل إيجاد حلول لأزمتها الأمنية.
ويقول الخبير الموريتاني المختص في الشأن الأفريقي أحمد ولد محمد المصطفى، إن المعارضة التي واجهتها المجموعة من الولايات المتحدة الأمريكية، والتي تجلت في رفض واشنطن المتكرر لاعتماد القوة المشتركة التابعة للمجموعة من قبل مجلس الأمن تحت البند السابع أدت إلى وضع العصي في دواليب هذه التجمع.
ولفت ولد محمد المصطفى، في تصريح لـ"عربي21"، إلى أن انسحاب مالي سيكون بمثابة الضربة القاضية لهذه المجموعة التي تعاني أصلا.
وأضاف: "لقد كانت المجموعة فرصة لتجاوز بعض التناقضات بين الدول الأعضاء فيها، والعمل في مواجهة التحدي الأمني الذي يهدد الجميع، لكن مع التغييرات التي عرفتها المنطقة، سواء على المستوى المحلي (انقلابات مالي وتشاد وغينيا وبوركينا فاسو)، وإقليميا (تغير الأنظمة في موريتانيا والنيجر والجزائر)، أو الدولة (دخول روسيا بقوة على خط التنافس في الغرب الأفريقي)، تهاوت هذه المشتركات، وبرزت الخصوصيات، فعادت الخلافات لتجهض هذا المشروع.
وتابع: "أمر آخر لا يمكن تجاهله، وهو مستوى الإحباط الشعبي من تجربة هذه المجموعة، وكذا من القوات الفرنسية التي لم يزد وجودها الوضع الأمني إلا تدهورا على تدهوره".
جهود دبلوماسية
رجع مراقبون أن يكون هناك جهود دبلوماسية في ظل الخلاف المستحكم بين مالي والنيجر بخصوص المجموعة، وكذا نظرة مالي للمجموعة وللعديد من دولها الأعضاء كأدوات بيد فرنسا تنفذ من خلالهم أجنداتها".
ولفت ولد محمد المصطفى في حديثه لـ"عربي21"، إلى اجتماع استضافته نواكشوط قبل أيام، والذي جمع قادة أركان دول موريتانيا، ومالي، والجزائر، والنيجر، ضمن الإطار المعروف بـ"دول الميدان"، مضيفا أن هذا الاجتماع يشي بوصول المجموعة الخماسية لطريق مسدود.
وخلص إلى التأكيد على أن مجموعة دول الساحل "حتى لو عادت بطريقة ما، فإنها ستكون مختلفة عن التجربة السابقة على مستوى الرؤية، والأهداف، وربما الدول المشكلة لها".
صراع روسي فرنسي
ويأتي انسحاب مالي من مجموعة دول الساحل الأفريقي على وقع صراع روسي فرنسي محتدم، فجره قرار مالي التعاقد من المئات من عناصر مرتزقة شركة فاغنر الروسية في خطوة أثارت غضب باريس اللاعب التقليدي في المنطقة.
وعلى مدى الأسابيع الأخيرة، تصاعدت حدة السجال بين موسكو وباريس، بهذا الشأن، إذ ندد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أمس الجمعة، بما وصفها بـ"الذهنية الاستعمارية" لفرنسا وأوروبا في مالي، وذلك خلال استقباله في موسكو نظيره المالي عبدالله ديوب.
وحذر الوزير الروسي من خطر فعلي في مالي "لظهور جيوب فوضوية يتحرك فيها بحرية مقاتلون ينتمون إلى مجموعات مسلحة غير قانونية"، حسب قوله.
فيما نشر الجيش الفرنسي صورا التقطتها طائرة مسيرة، قال إنها لمرتزقة روس يدفنون جثثا قرب قاعدة عسكرية في بلدة غوسي شمال مالي، بهدف اتهام الفرنسيين بترك مقبرة جماعية وراءهم.
بينما يزعم الجيش المالي أنه أول من اكتشف المقبرة الجماعية في غوسي، في 21 أبريل الماضي، بعد سيطرته على القاعدة العسكرية إثر انسحاب الجنود الفرنسيين منها في 19 من الشهر ذاته.