هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قالت صحيفة "ذي أوبزيرفر" إن النظام السعودي، الذي وصفته بالوحشي، يسعى إلى تبييض سمعته عبر استخدام الرياضة، من خلال الدوري الجديد في "الغولف" الذي أطلقته الرياض مؤخرا، فيما لا يدخر وسعا في مساعدته في ذلك.
وقالت الصحيفة في افتتاحيتها إن الرياض تدفع المال للاعبين "المتمردين" حتى يمارسوا ذلك في هذه المسابقة المنشقة، رغم كراهيتها للمنشقين من كل لون، فيما لا يهتم النظام المعادي للديمقراطية، والذي يترأسه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، مزاج الجمهور واهتماماته، حيث لا يرغب كل الناس في مشاهدة هذه الرياضة.
وأشارت "ذي أوبزيرفر" إلى أن المال السعودي حفّز "المتمردين"، والذين اقترب بعضهم من نهايات مسيرتهم الاحترافية، رغم زعمهم بأنهم إنما فعلوا ذلك انطلاقا من تمسكهم بحريتهم في اختيار مع من يتعاقدون وأين يلعبون، رغم حظر سبعة عشر متنافساً لتجرؤهم على المشاركة في المسابقة الممولة سعودياً.
وعن أهداف دوري "الغولف"، قالت الصحيفة إن ذلك مسعى آخر من قبل صندوق الثروة السيادية الذي يترأسه محمد بن سلمان لاستخدام الرياضة بشكل سافر في تبييض سمعة السعودية.
وتابعت: "يعتبر تبييض السمعة عبر الرياضة عنصرا أساسيا من حيث أنه يهدف إلى توجيه الأنظار بعيداً عن ما لا يزال يمارسه النظام من انتهاكات لحقوق الإنسان، وإساءة معاملة النساء، وعدم التسامح مع المعارضين السياسيين، وتطبيق نظام وحشي من العقوبات".
في ما يأتي المقال كاملا كما ترجمته "عربي21":
ليس كل الناس يرغبون في مشاهدة زمرة من النجوم الخافتة في سراويل مزركشة مبتذلة وهم يضربون جسماً ضئيلاً أبيض اللون يمنة ويسرة داخل ملعب الغولف. والغريب في الأمر أيضاً أن المملكة العربية السعودية تدفع المال للاعبين "المتمردين" حتى يمارسوا ذلك في هذه المسابقة المنشقة، رغم كراهيتها للمنشقين من كل لون. إلا أن مزاج الجمهور واهتماماته ليست محط الاهتمام لا في هذه الساحة، ولا في غيرها من الساحات العديدة الأخرى، من قبل النظام المعادي للديمقراطية والذي يترأسه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
تفيد التقارير الأولية من الجولة الافتتاحية التي أجريت في الأسبوع الماضي من مسابقة الغولف الممولة من قبل السعودية في هارتفوردشاير أنه لا يزال أمامها طريق طويل حتى تتمكن من أن تولد الإثارة وتجذب اهتمام الجماهير كما هو الحال في مسابقة يو إس ماسترز وفي مسابقة أوبين. إلا أن البدايات المتواضعة لم تمنع منظمي المسابقات الرئيسية لغولف الرجال في شمال أمريكا من الإقدام على حظر سبعة عشر متنافساً لتجرؤهم على المشاركة في المسابقة الممولة سعودياً.
لربما كان مبهجاً الظن بأن مثل هذه العقوبة السريعة إنما حفز عليها سخط عفيف تجاه مسعى آخر من قبل صندوق الثروة السيادية الذي يترأسه محمد بن سلمان لاستخدام الرياضة بشكل سافر في تبييض سمعة المملكة. لكن يا للأسف، لم يكن ذلك هو الحافز الحقيقي، وإنما دفع منظمي مسابقات الغولف في شمال أمريكا نحو هذا الإجراء رغبتهم في الحفاظ على موقعهم المحتكر للصفقات التي تبرم مع نجوم اللعبة وما يدره ذلك عليهم من أرباح جمة ناجمة عن حقوق رعاية البث التلفزيوني. أما "المتمردون"، والذين اقترب بعضهم من نهايات مسيرتهم الاحترافية، فيبدو أن الذي حفزهم هو المال، ولئن كانوا يزعمون بأنهم إنما فعلوا ذلك انطلاقاً من تمسكهم بحريتهم في اختيار مع من يتعاقدون وأين يلعبون.
لم تنطفئ جذوة العاصفة في حقل الغولف، وذلك أن منظمي المسابقات الأوروبية العالمية في هذه الرياضة قد يلجأون هم أيضاً إلى فرض حظر من طرفهم. وقد يتبع ذلك اتخاذ إجراءات قضائية. إلا أن ذلك لا يقلق السعوديين، الذين عرضوا مبلغاً قد لا يسهل مقاومة إغرائه يصل إلى أربعة ملايين دولار (ما يعادل 3.2 مليون جنيه إسترليني) كجائزة للفائز الأول في الدورة التي ينظمونها من مجموع الجوائز التي تبلغ قيمتها 20 مليون دولار. إنه إغراء الجوائز النقدية الكبيرة، أكثر منه إتاحة القرصة للتنافس الرياضي أو أي اعتبارات سياسية أو أخلاقية، هو ما يقف من وراء استراتيجية محمد بن سلمان لاستخدام القوة الناعمة عالمياً – وهي استراتيجية سرعان ما دخلت على الخط لتبدل وتشوه الرياضة الدولية وتحولها إلى نوع من السلاح.
ولا أدل على ذلك من أن صناديق كنوز الدولارات النفطية السعودية باتت تستثمر الآن في مسابقات سيارات الفورميولا وان، وفي سباقات الخيل، وفي الملاكمة والمصارعة. وفي وقت مبكر من هذا العام، استثمر صندوق الثروة السيادي السعودي ما يزيد على الـ1.5 مليار دولار في قطاع الألعاب والرياضة المزدهر، ومن أشهر ما حصل في هذا الشأن هو شراء نادي نيوكاسيل يونايتد، أحد أندية كرة القدم في الدوري الإنجليزي الممتاز، الأمر الذي منح النظام موطئ قدم في عالم كرة القدم، في تنافس مع جارتيه الخليجيتين، الإمارات العربية المتحدة وقطر.
تهدف القوة الناعمة السعودية إلى تحسين الوضع الدولي للمملكة من خلال الاستثمار وما يعود به عليها ذلك من نفوذ على خلفية خطة التحديث الوطني التي وضعها محمد بن سلمان تحت شعار "رؤية 2030". ويعتبر تبييض السمعة عبر الرياضة عنصراً أساسياً من حيث أنه يهدف إلى توجيه الأنظار بعيداً عن ما لا يزال يمارسه النظام من انتهاكات لحقوق الإنسان، وإساءة معاملة النساء، وعدم التسامح مع المعارضين السياسيين، وتطبيق نظام وحشي من العقوبات. من الجدير بالذكر أن شهر مارس/ آذار من هذا العام شهد قتل 81 شخصاً، معظمهم من الأقلية الشيعية التي تتعرض لقدر هائل من التنكيل، في حملة إعدامات جماعية.
وفي أسبوع شهد ارتفاع سعر الوقود إلى أرقام قياسية في المملكة المتحدة، بحيث وصلت تكلفة ملء خزان الوقود إلى ما يزيد على الـ100 جنيه إسترليني، إنه لمما يغيظ أن تساعد الديمقراطيات الغربية في تمويل عملية تبييض السمعة السعودية عبر الرياضة – وهي العملية التي ينجم عنها أيضاً الاستيلاء التدريجي على إرثهم الرياضي. لقد ارتفع دخل المملكة من النفط إلى مليار دولار في اليوم في شهر مارس/ آذار. ومما يغيظ أيضاً أن تلك التجارة الرائجة تسهل على النظام المضي قدماً في سياسات مرفوضة، مثل التدخل في اليمن، بينما يساهم في تقويض الجهود المبذولة لتقليص نسب التلوث الناجم عن الانبعاث الكربوني عالمياً.
اقرأ أيضا: FT: السعودية تستثمر ملياري دولار بعالم الغولف وتغير القواعد
بعد جريمة قتل جمال خاشقجي، الصحفي السعودي، الذي كان منتقداً للنظام، في عام 2018، أعلن جو بايدن أن المملكة العربية السعودية دولة منبوذة ورفض الاجتماع بمحمد بن سلمان. أما الآن، فينوي الرئيس الأمريكي زيارة الرياض في الشهر القادم، جزئياً للمطالبة بخفض أسعار النفط – فيما يعتبر بادرة مهينة. إن علاقة الغرب بالمملكة العربية السعودية علاقة غير صحية على الإطلاق وهي كذلك منذ سنين، وكلما نما نفوذ الرياض زادت المشاكل.