هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشر موقع "ميدل إيست آي" البريطاني مقالا للكاتب أسامة أبو زيد تحدث فيه عن حالة الاضطراب السياسي العميق وعدم الاستقرار التي يعيشها السودان منذ انقلاب 25 تشرين الأول/ أكتوبر.
وقال الكاتب، في مقاله الذي ترجمته "عربي21"، إنه تم اعتقال قادة سودانيين مؤيدين للديمقراطية يطالبون بالعودة إلى الحكم المدني بينما عاد مسؤولون مختلفون من نظام عمر البشير إلى تقلد مناصب مؤثرة في الحكومة. وفي عودة الإسلاميين إلى السلطة تحد صريح لقرار السلطات الانتقالية بشأن تفكيك النظام الذي أسسه البشير في 30 حزيران/ يونيو 1989.
في أعقاب الانقلاب، واجه الاقتصاد السوداني غير المستقر انتكاسات بددت أي آمال في تسوية ديون البلاد البالغة 50 مليار دولار. وفي حزيران/ يونيو 2021، وافق صندوق النقد الدولي والبنك الدولي على اتفاقية لتخفيف العبء الضريبي للسودان والمساعدة على تحقيق الاستقرار، واشترط الدائنون مقابل الإعفاء من الديون تنفيذ الإصلاحات واستئناف المساعدات الاقتصادية وإعادة الحكومة التي يقودها المدنيون.
لكن رغم وعود التحول الديمقراطي، أدت انتهاكات قادة الانقلاب لحقوق الإنسان وإحياء العنف الهيكلي للنظام القديم إلى إدانة دولية واسعة النطاق وخفض المساعدات بشكل حاسم الموجهة إلى السودان.
حوار غير مؤكد
أشار الكاتب إلى أن الآمال في إحداث إصلاحات تجددت مع ما يسمى بالآلية الثلاثية التي تضمنت توسط بعثة الأمم المتحدة المتكاملة للمساعدة الانتقالية في السودان، والاتحاد الأفريقي، والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية، لبدء المحادثات. وقد سهل هذا الثلاثي إجراء حوار بين الأطراف السودانية في الخرطوم في 8 حزيران/ يونيو سعيًا إلى حل المأزق السياسي الذي طال أمده في السودان.
ولكن مشاركة الأحزاب الرئيسية في الحكم وحلفائها فقط في هذه المحادثات أثار انتقادات تشكك في شرعيتها، بعد أن قاطعتها المجموعات المدنية المؤيدة للديمقراطية، بما في ذلك تحالف قوى الحرية والتغيير، ولجان المقاومة، وتجمع المهنيين السودانيين، وحزب الأمة.
أما ردود الأفعال التي تناقلتها وسائل الإعلام المحلية ومواقع التواصل الاجتماعي حول هذه المحادثات وتراوحت بين السخرية والإحباط، فقد وصفتها صحيفة "السوداني" بأنها محادثات محبطة، فيما شبّه عمر الجراعي، أحد الشخصيات البارزة في الحزب الجمهوري، بـ "الوثبة"، وهو عنوان حوار نظمه الزعيم المخلوع عمر البشير في أعقاب احتجاجات أيلول/ سبتمبر 2013 التي أسفرت عن مقتل أكثر من 200 متظاهر، لترسيخ استمراريته في السلطة.
وتطرق الكاتب إلى الاجتماع الذي جمع أعضاء تحالف قوى الحرية والتغيير مع القادة العسكريين في 9 حزيران/ يونيو، والذي استمر خمس ساعات بوساطة مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية للشؤون الأفريقية مولي في. وقد أصدر تحالف قوى الحرية والتغيير في أعقاب ذلك بيانًا على صفحته الرسمية على فيسبوك، وعقد مؤتمرا صحفيا في اليوم التالي حول الاجتماع الذي يعد الأول من نوعه منذ الانقلاب.
وأكد التحالف عدم اهتمامه بالانخراط في عملية سياسية وهمية لإضفاء الشرعية على الانقلاب. كما شارك خطته لتزويد الآلية الثلاثية بخارطة طريق لإنهاء الحكم العسكري وتسليم السلطة للشعب، وتعهد باستمرار المقاومة السلمية من خلال الاحتجاجات والإضرابات حتى استعادة الحكم المدني.
شروط الحوار
رفع عبد الفتاح البرهان حالة الطوارئ المفروضة على السودان منذ الانقلاب لخلق بيئة مواتية لحوار مثمر. وقد تم اختبار مدى التزام قوات الأمن بهذا القرار بعد أيام فقط، وتحديدا في 3 حزيران/ يونيو، عندما أحيا المتظاهرون الذكرى الثالثة لمجزرة التفريق القسري لسنة 2019 التي خلّفت أكثر من 100 قتيل. وقد واجه المتظاهرون مرة أخرى القمع العنيف، إذ أعلنت لجنة أطباء السودان المركزية مقتل أحد المتظاهرين برصاص قوات الأمن وإصابة آخرين.
اقرأ أيضا: NYT: فاغنر أقامت علاقات مع عسكر السودان وهرّبت الذهب لروسيا
ووفقًا لتحالف قوى الحرية والتغيير، يجب على الجيش إنهاء استخدامه للقوة المفرطة ضد المتظاهرين السلميين كشرط مسبق لأي حوار بناء. وحتى ذلك الحين، فإن أي مفاوضات تستبعد الجماعات المعارضة التي تسعى إلى انتقال ديمقراطي حقيقي ستُعتبر أحادية الجانب وغير واقعية. ورغم تعليق المحادثات في الوقت الحالي، فإن الأيام المقبلة ستظهر ما إذا كانت تطلعات الشعب السوداني للديمقراطية ستسود على المكاسب والمصالح الشخصية.