هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أحد أكثر الساسة نفوذا في أستراليا، صحفي قديم وعضو بالبرلمان، ورئيس سابق لوزراء ولاية "نيو ساوث ويلز" الأكثر سكانا في أستراليا، حيث أمضى عشر سنوات محطما الرقم القياسي في البقاء على رأس الولاية.
وزير خارجية لفترة قصيرة لكنها كانت ثرية بالمواقف السياسية الواضحة من الملفات الساخنة في الوطن العربي، مثل ليبيا وسوريا والعراق وفلسطين واليمن ومصر.
يطرح مقاربة سياسية تغضب الإسرائيليين وتظهره كمساند لحقوق الفلسطينيين كسياسي يعرف حجم المعاناة الفلسطينية عن قرب.
بوب كار المولود عام 1947 في مدينة سيدني بأستراليا لأب كان سائقا للقطارات في أسرة متوسطة الحال، حصل على شهادة في تاريخ الفنون بأعلى تقدير أكاديمي من جامعة "نيو ساوث ويلز" بأستراليا.
الخطوة الأولى في حياته بعد تخرجه من الجامعة كانت العمل صحفيا في الإذاعة بين عامي 1969 و1971، لينضم بعدها إلى مجلة "البوليتين" حتى عام 1978. ويعترف كار بأن التجربة الإعلامية أثرت حياته السياسية وشجعته على دخول عالم السياسة، ولم ينس فضلها فبقي يعمل في الصحافة حتى عام 1983.
ولج كار إلى السياسة عبر بوابة حزب العمال، الذي تدرج فيه حتى أصبح أمينه العام على مستوى "نيو ساوث ويلز" عام 1970، ثم على المستوى الفيدرالي الأسترالي عام 1972. وبدأت رحلته مع السياسة حين انتخب عضوا في البرلمان الفيدرالي.
انطلق نحو أول منصب تنفيذي عبر وزارة تطوير السياحة والبيئة في حكومة "نيو ساوث ويلز" عام 1984. ثم تسلم حقيبة حماية المستهلك، قبل أن يصبح وزيرا للمغتربين، لكن في الانتخابات اللاحقة خسر حزب العمال غالبية.
ورغم الخسارة فقد تزعم كار جناحا رئيسيا في "العمال" يدعو لدخول الحكومة الفيدرالية، وقاد المعارضة وتبنى سياسة مناهضة لرئيس الوزراء الليبرالي نيكي غرينر، مركزا بصفة خاصة على نقد سياسته الضعيفة والمسرفة. وقبيل انتخابات عام 1991 توقعت استطلاعات الرأي أن يواجه "العمال" تحديات كبيرة، لكن المفاجأة أنهم استطاعوا استعادة معظم الحقائب التي خسروها في الانتخابات السابقة، وإن لم يحققوا الأغلبية.
لكنهم بقيادة كار نجحوا في انتخابات عام 1995، في الفوز بأغلبية مطلقة في البرلمان. وخلال ترؤسه حكومة ولاية "نيو ساوث ويلز" حقق نجاحات سهلت له الفوز في انتخابات 1999 ثم في انتخابات 2003. وخلال عقد من السنين على رأس الحكومة، انتهج سياسة حذرة وقريبة من الوسط، وتبنى إدارة مالية أكثر ميلا إلى التقشف وتقليل الإنفاق، كما أنه اهتم بمشكلات الوسط البيئي.
لكن واقعة تحويل مقر الحكومة إلى متحف تحت إدارته، فجرت جدلا إعلاميا، ما اضطر كار للاستقالة من منصبه عام 2005، وتخلى عن مقعده البرلماني، معلنا تقاعده السياسي.
وبدا وكأن تقاعده كان إعلاميا، فقد وافق في عام 2012 على تولي منصب وزير الخارجية في الحكومة الفيدرالية، برئاسة جوليا جيلارد.
وقال كار، الذي يعتبر مؤيدا لسياسات الولايات المتحدة وأكثر بعدا عن السياسة البريطانية، إنه لم يكن بإمكانه رفض ترشيح رئيسة الوزراء له لمنصب وزير الخارجية. وأضاف في تصريح صحافي: "أنت لا تختار اللحظة الحاسمة في حياتك، بل هي التي تختارك".
لم تدم عودته طويلا فقد أعلن تقاعده من المناصب الرسمية بعد هزيمة حزب العمال في الانتخابات الفيدرالية عام 2013.
وتقول الصحافة الأسترالية إن تعيين كار كان مكافأة على وقفته المهمة إلى جانب جيلار خلال المواجهة مع خصمها وزير الخارجية ورئيس الحكومة السابق كيفن رود، في الانتخابات الداخلية للحزب.
كار، المولع بقراءة التاريخ الأمريكي، يعد من أشد المؤيدين لتوجه أستراليا، الخاضعة للهيمنة البريطانية، نحو الولايات المتحدة، وأصبحت أستراليا الحليف الذي تتوطد شراكته مع واشنطن. وهو تحالف رأى النور في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما ونتجت عنه أكبر انتشار عسكري أمريكي في أستراليا منذ الحرب العالمية الثانية، حيث تقرر إنشاء قاعدة لقوات "المارينز" الأمريكي شمال أستراليا.
ينظر إلى كار كأبرز الشخصيات التي أدخلت تغييرات جذرية على طريقة تعاطي أستراليا مع ملف صراعات الشرق الأوسط وتحديدا الملف الفلسطيني.
وضمن نظرته المتوازنة للقضية الفلسطينية فقد انتقد كار في مذكراته السياسية "بوب كار: يوميات وزير خارجية" تغلغل اللوبي الإسرائيلي في الدولة الأسترالية، معبرا عن أسفه لأنه وصل إلى "مستويات استثنائية وغير صحية" في التأثير على السياسة الخارجية لبلاده بسبب "حملة مساهمات المانحين اليهود"، بحسب وصفه.
كار اعتبر أن السياسة الخارجية الأسترالية "تعاقدت بشكل مبطن مع متبرعين يهود".
ويعتبر اللوبي المؤيد لدولة الاحتلال قليل العدد في أستراليا إلا أنه يملك الكثير من النفوذ السياسي.
ورغم أنه خرج رسميا من الحكومة والبرلمان، لكن كار لم يختف عن المشهد السياسي بشكل كامل فقد عاد من جديد للواجهة الإعلامية محدثا ضجة إعلامية حين وصف دولة الاحتلال الإسرائيلي بممارسة الفصل العنصري ضد الفلسطينيين.
وكتب بوب كار في تغريدة عبر "تويتر": "أصدرت إسرائيل في 2018 قانون الجنسيات الذي أنشأ فئتين من المواطنة على أساس الدين، ولديها مجموعتان من القوانين التي تحكم فلسطين المحتلة".
وأوضح أنه "على سبيل المثال، يحق لليهود في الأراضي المحتلة التصويت، والعرب لا يحق لهم التصويت".
وأضاف: "الفصل العنصري: ما هي الكلمة الأخرى التي تنطبق؟ نسميها باسمها".
وهو ما اعتبرته منظمة هيومن رايتس ووتش، صوتا يضاف إلى "الإجماع المتزايد على أن معاملة الاحتلال للفلسطينيين ترقى إلى مستوى الفصل العنصري".
كار لا يتوقف عن إعلان مواقفه التي تضع المعاناة الفلسطينية على رأس اهتماماته، فهو مشارك فاعل في الندوات والمؤتمرات التي تقام حول العالم، معلنا فيها عن رفضه لتحيز بلاده لصالح الاحتلال وتنكرها للحقوق الفلسطينية، تحت تأثير ما يسميه "التبرعات اليهودية" للسياسيين والأحزاب.