هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
بلغت الأزمة السياسية العراقية ذروتها، لتسجل أطول فترة فراغ سياسي منذ سقوط نظام صدام حسين قبل نحو 30 عاما، في حين تستمر البلاد في صراعها المتكرر ضد أزمات عدة.
ويمر العراق بأطول فترة جمود سياسي بعد انتخابات، حيث حال الصراع الداخلي، داخل التكتلات الشيعية والكردية بالأساس، دون تشكيل حكومة مما يعطل إصلاحات مطلوبة.
وفشل نواب البرلمان العراقي في اختيار رئيس ورئيس وزراء جديدين للبلاد، ليسجل العراق مدة قياسية تبلغ 290 يوما منذ إجراء انتخابات في تشرين الأول/ أكتوبر العام الماضي.
وفي العام 2010، مر العراق بأطول مدة فراغ سياسي بلغت آنذاك 289 يوما دون حكومة، حتى تولى رئيس الوزراء نوري المالكي فترة ثانية في المنصب.
وحتى الآن، تواصل حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي المنتهية ولايتها تصريف الأعمال.
وفي حال لم تتفق الأحزاب على حكومة جديدة، فقد تستمر حكومة الكاظمي كحكومة انتقالية لحين إجراء انتخابات جديدة.
والأربعاء، اقتحم آلاف من أنصار رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر مبنى البرلمان العراقي وهم يرددون هتافات مناهضة لمنافسيه السياسيين الشيعة، عقب تلميحهم إلى اتفاق بشأن رئيس وزراء محتمل.
وترك هذا الشلل السياسي البلاد دون موازنة عامة لعام 2022، حيث توقف الإنفاق على مشروعات للبنية الأساسية مطلوبة بشدة وتعطلت الإصلاحات الاقتصادية.
ويقول العراقيون إن هذا الوضع يزيد نقص الخدمات والوظائف حتى مع تحقيق بغداد عائدات نفطية قياسية بسبب ارتفاع أسعار الخام ورغم أنها لم تشهد صراعات كبرى منذ هزيمة تنظيم الدولة قبل خمس سنوات، وفقا لما ذكرته وكالة رويترز.
والعام 2019، أثارت ظروف مشابهة، احتجاجات حاشدة في بغداد وجنوب العراق، حيث طالب المتظاهرون، حينها، برحيل الأحزاب التي كانت في السلطة منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003، وأطاح بحكم صدام حسين واتهموها بالفساد الذي حال دون تقدم العراق.
وتصدت قوات الأمن ورجال فصائل مسلحة للتظاهرات، كما أنها قتلت مئات المتظاهرين إلى أن توقفت الاحتجاجات تدريجيا في 2020.
وكمرشح توافقي، تولى الكاظمي المسؤولية إثر الاحتجاجات ووعد بمعاقبة قتلة المتظاهرين وبانتخابات مبكرة أجراها في العاشر من تشرين الأول/ أكتوبر.
والآن، فإن أغلب من خرجوا في مظاهرات في السابق فقدوا الأمل في التغيير، بحسب وكالة رويترز.
أحزاب "متناحرة"
واكتسب المشهد السياسي العراقي عادة أن يستغرق تشكيل الحكومة شهورا، كما يستلزم كسب تأييد جميع الأحزاب السياسية الرئيسية.
ومنذ الإطاحة بنظام صدام حسين، تحتفظ الأحزاب الشيعية التي تمثل الأغلبية السكانية في العراق بمنصب رئيس الوزراء، ويتولى الأكراد رئاسة البلاد والسنة رئاسة البرلمان.
وتبقى الانقسامات بين هذه الكتل السياسية أبرز أسباب الفشل في تشكيل الحكومة الجديدة، حيث إن الصراع داخل المعسكر الشيعي حال دون التوافق.
والشهر الماضي، سحب الصدر، الفائز بأكبر عدد من الأصوات في انتخابات تشرين الأول/ أكتوبر، نوابه البالغ عددهم 74 نائبا من البرلمان بعدما فشل في تشكيل حكومة تستبعد منافسيه الشيعة وأغلبهم مدعومون من إيران ولديهم أجنحة مسلحة تسليحا كثيفا.
وبهذا الانسحاب ترك الصدر عشرات من هذه المقاعد لمنافسيه، لكنه أشار إلى أنه لن يقف صامتا هو وفصيله وقاعدته الشعبية التي تضم الملايين إن هم حاولوا تشكيل حكومة لا يوافق عليها.
وحال الصدر فعليا هذا الشهر دون ترشيح منافسه اللدود المالكي متهما رئيس الوزراء الأسبق بالفساد في تغريدة على "تويتر".
ومن جانبهم، طرح منافسو الصدر مرشحا آخر هو محمد شياع السوداني، لرئاسة الوزراء لكن الصدر قد يعارض ترشحه كذلك لأنه من حلفاء المالكي.
وقال عضو في حزب الصدر السياسي إن "السوداني مجرد ظل للمالكي"، وفقا لـ"رويترز".
من جانبه، قال الشيخ صفاء البغدادي، وهو معلم ديني، قبل قليل من اقتحام المتظاهرين البرلمان: "سنتظاهر إلى أن يرحل الساسة والجماعات الفاسدة المدعومة من إيران"، بحسب وكالة رويترز.
وعلى جانب آخر، تستمر الخلافات بين الأحزاب الكردية الرئيسية التي تدير منطقة كردستان في شمال العراق، في تعزيز فشل متواصل في اختيار رئيس للبلاد.
ويحتكر حزب الاتحاد الوطني الكردستاني الرئاسة منذ 2003، بينما يتمسك منافسه الحزب الديمقراطي الكردستاني، الذي حصل على العدد الأكبر من أصوات الأكراد بفارق كبير، فيتمسك بمرشحه للرئاسة.