كتب

التحولات في دول الخليج العربي.. الهوية والقبيلة والتنمية

كيف أثرت الأزمة الخليج على واقع حياة شعوب دول الخليج العربية؟  آراء كتاب ومختصين
كيف أثرت الأزمة الخليج على واقع حياة شعوب دول الخليج العربية؟ آراء كتاب ومختصين

الكتاب: "التحولات الاجتماعية في دول الخليج العربية الهوية والقبيلة والتنمية"
تأليف: جماعي وتحرير: مروان قبلان
الناشر: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، الدوحة، يونيو 2021

باستثناء سلطنة عمان، والمملكة العربية السعودية، اللتين مرتا بتجارب تاريخية محتلفة، ظهرت دول الخليج العربية، بشكلها المعروف اليوم، في النصف الثاني من القرن العشرين، وقد تزامن ظهورها، بوصفها دولا مستقلة، مع تدفق كبير للثروات بسبب ثورة النفط. وبناء عليه، شهدت منطقة الخليج العربية، في الثلث الأخير من القرن العشرين، عمليات تحديث واسعة للبنى السياسية، والاجتماعية والاقتصادية.

في هذا الإطار، جاء هذا الكتاب، لبحث قضايا التحولات الاجتماعية، وإشكالية الهوية والقيم، في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.

يشتمل الكتاب على عشرة بحوث منتقاه، قُدمت في مسار القضايا الداخلية، في الدورة الخامسة لمنتدى دراسات الخليج والجزيرة العربية، الذي نظمه المركز العربي للأبحاث ودراسة الساياسات، في ديسمبر 2018، بعنوان "التحولات الاجتماعية في دول الخليج العربية: إشكالية الهوية والقيم". ويأتي الكتاب في 304 صفحة، من القطع المتوسط، ووزعت الفصول بداخله إلى ثلاثة أقسام. 

الهوية والقبيلة في دول الخليج العربية

بدأ الكتاب بفصل عن "التحولات الاجتماعية في الكويت "، كتبه ، يعقوب الكندري، أستاذ علم الاجتماع والأنثروبولوجيا في جامعة الكويت. وقد أشار، الكندري، في بداية الفصل، إلى التداخل الواضح بين مفهوم المواطنة، والهوية الوطنية، والانتماء، والوحدة الوطنية، لذا بدأ الفصل بتعريف هذه المصطلحات، وأوضح أن مفهوم المواطنة هو المفهوم الأوسع والأشمل، وإن هذه المفاهيم جميعها تدخل ضمن التعريف العام للمواطنة.

عالج الكندري، تراجع الهوية الوطنية في الكويت، في مقابل تنامي الهويات الفرعية، وأثر ذلك في استقرار المجتمع الكويتي، وتراجع مكانة قيم الانتماء والمواطَنة فيه، مستندًا إلى دراسة ميدانية شملت محافظات الكويت الست، واعتمدت على الاستبيان، بوصفه الأداة الرئيسة لجمع البيانات، وضمت مجموعة من المتغيرات الديموغرافية والاجتماعية، إضافةً إلى الاعتماد على مقاييس الهوية الوطنية والمواطَنة والانتماء. 

ناقش الفصل ثلاثة محاور: مفاهيم الهوية والمواطَنة؛ والعلاقة بين الهوية وقيم الانتماء والمواطَنة في الكويت؛ ثم عرض النتائج عن العلاقات والفروق بين متغيرات الدراسة باستخدام برنامج الحزمة الإحصائية للعلوم الاجتماعية.

أما الفصل الثاني "التحول اللغوي في دول الخليج العربية، وأثره في الهوية المحلية والإقليمية"، فقد كتبه قاسم علي شعبان، أستاذ اللغويات التطبيقية في الجامعة الأمريكية ببيروت.

 

يشتمل الكتاب على عشرة بحوث منتقاه، قُدمت في مسار القضايا الداخلية، في الدورة الخامسة لمنتدى دراسات الخليج والجزيرة العربية، الذي نظمه المركز العربي للأبحاث ودراسة الساياسات، في ديسمبر 2018، بعنوان "التحولات الاجتماعية في دول الخليج العربية: إشكالية الهوية والقيم". ويأتي الكتاب في 304 صفحة، من القطع المتوسط، ووزعت الفصول بداخله إلى ثلاثة أقسام.

 



تناول الفصل، التحولات التي شهدتها منطقة الخليج العربي، في مجال استخدام اللغة العربية وتعليمها، وأثر هذه التحولات في منزلة اللغة الأم واللغة الأجنبية، اللتين ينشط استخدامهما في بيئة الخليج متعددة اللغات. ولاحظ الكاتب، أن اللغة العربية تبقى رمزًا للهوية الاجتماعية والثقافية، حيث يدرك سكان الخليج قيمتها الرمزية في حياتهم. ولكنه أشار إلى أن هناك تحولًا رئيسيًا، في موقف سكان الخليج، نحو لهجتهم العامية، حيث يظهرون مزيدًا من القبول للتنوع اللغوي، وامتزاج القواعد بين العربية الفصحى واللهجات العامية، في ميادين ووظائف كثيرة. أضاف، شعبان، أن التحول المهم الأخر،هو ازدياد شعبية اللغة الانجليزية، بوصفها وسيلة للتواصل في مجالات مهنية وعلمية معينة، ولغة أجنبية في المدارس والجامعات.

أشار شعبان، إلى أن أحداث الأزمة الخليجية 2017، أسفرت عن طفرة في المشاعر الوطنية المحلية، بلغت درجة التعصب وإقصاء الآخر، وظهر ذلك في السلوك اللغوي الذي أصبح يركز على اللهجة المحلية.

رأى، شعبان، أن اللغة العربية قد أهملت عندما خُدمت بالكلام فحسب، من دون بذل جهد جدي ملموس لدعمها، وتعزيز وظائفها ومنزلتها. وأكد على أن احياء اللغة العربية، كلغة للعلوم، يتطلب تفعيل الترجمة من العربية وإليها على نطاق واسع، كما يتطلب تعزيز عمل أكاديميات اللغات وتنسيقه لمساعتها في إحياء اللغة وإثرائها.

كتبت الفصل الثالث "المحددات الدولية لتشّكُل الهوية في دول الخليج العربية"، نسيبة هيجرت أوغلو، طالبة الدكتوراه، بجامعة الشرق الأوسط التقنية بأنقره. وقد سعت أوغلو، لتحليل تشكُل الهوية في منطقة الخليج العربي. وعلى عكس نظريات العلاقات الدولية البنائية، التي تتعامل مع الهوية بصفتها جزء لا يتجزأ من العلاقات الدولية، طرحت أوغلو، في هذا الفصل، طرحًا مختلفًا، يرى بأن للعوامل الدولية تأثيرًا كبيرًا في توجيه مناحي تشكُل الهوية في منطقة الخليج.

ركزت أوغلو على المحددات الدولية لبناء الهويات الإقليمية والوطنية في بلدان مجلس التعاون الخليجي، باعتبارها أبرز الديناميات المشكلة للهوية في منطقة الخليج، نظرًا إلى موقعها الفريد في أسواق الطاقة العالمية وأهميتها الاستراتيجية.

قسمت، أوغلو، الفصل إلى خمسة محاور: تناول الأول تأثر نشوء الهوية بالعلاقات الدولية؛ وركز الثاني على خصائص تشكُّل الهوية الوطنية، في منطقة الخليج العربية، ومراحلها؛ وعالج الثالث نشوء الهوية الخليجية، ولا سيما بعد تأسيس مجلس التعاون لدول الخليج العربية في أيار/مايو 1981؛ وبحث الرابع أثر العولمة وديناميات أسواق العمل الدولية في الهوية في الخليج؛ وقدم الخامس قراءة تحليلية لأثر الخلافات داخل مجلس التعاون في تشكل الهوية في الخليج والنزعة الوطنية الجديدة في قطر.

جاء الفصل الأخير في هذا القسم بعنوان "القبيلة بين التفكيك السياسي وإعادة التموضع الاجتماعي"، وكتبه مبارك بن خميس الحمداني، الباحث في مجلس الشورى العماني.

يرى الحمداني، أنه على الرغم من انتقال عُمان إلى مرحلة تنموية جديدة، تختلف عن المراحل السابقة من حيث بُنى الحكم وأسس النظام السياسي، فإن القبيلة لا تزال تمثّل مكونًا اجتماعيًا وسياسيًا رئيسًا من مكوّنات بناء الدولة. ولتأكيد وجهة نظره، اعتمد الحمداني، على تأطير نظري يبحث في العلاقة بين القبيلة والدولة الحديثة، كما استعان بمقاربات نظرية عدة، من أهمها نظرية "رأس المال الاجتماعي"، التي حاول استثمارها من أجل تقييم نتائح البحث الميداني للقضية المطروحة قيد البحث.

استند الحمداني، إلى دراسة ميدانية تعتمد الاستبيان بوصفه الأداة الرئيسة لجمع البيانات، مع التركيز على عيّنة قصدية تضم طلبة الدراسات العليا في تخصصات العلوم السياسية، وعلم الاجتماع، والتاريخ في عُمان. 

ضم الفصل أربعة محاور: تناول الأول مبررات دراسة القبيلة في عُمان؛ وناقش الثاني المُنجزات البحثية النظرية عن القبيلة؛ وبحث الثالث في تحولات القبيلة وأدوارها السياسية والاقتصادية والاجتماعية في عُمان؛ وقدم الرابع نتائج الدراسة باستخدام برنامج الحزمة الإحصائية للعلوم الاجتماعية.

التنمية والتحديث في دول الخليج العربية

بدأ القسم الثاني بفصل بعنوان "من مساحات عمرانية إلى مدن عالمية، تقييم التوسع العمراني المفرط في الخليج"، لأستاذ القضايا الحكومية في جامعة جورجتاون بقطر، مهران كامرافا.

حاول كامرافا، من خلال هذا البحث، تقييم تأثير ثلاث من أسرع المدن نموًا في منطقة الخليج: الدوحة، وأبو ظبي ودبي، على كل من المستوى الوطني، والإقليمي، والعالمي. كما درس الآثار الاجتماعية التي تتركها المدن الناشئة حديثًا في الخليج على سكانها.

قسم الكاتب، التطور العمراني، في شبه الجزيرة العربية، تاريخيًا، إلى أربع فترات زمنية، بدأت بفترة ما بعد البداوة، وانتهت بالفترة الراهنة، وهي الفترة التي تعيشها، منطقة الخليج، بدءًا من تسعينيات القرن العشرين، إلى يومنا هذا. ولكنه ركز، في هذه الدراسة، على الفترة الراهنة، والتي رأى أنها تتميز بكون الحكام هم المحرك الأساسي والرئيس لأي تطور عمراني في صعود المدن وتوسعها، وذلك على الرغم من مشاركة القطاع الخاص في التخطيط العمراني.

 

على الرغم من انتقال عُمان إلى مرحلة تنموية جديدة، تختلف عن المراحل السابقة من حيث بُنى الحكم وأسس النظام السياسي، فإن القبيلة لا تزال تمثّل مكونًا اجتماعيًا وسياسيًا رئيسًا من مكوّنات بناء الدولة.

 



سعى، كامرافا، لرسم موجز للتاريخ والدوافع الرئيسية لتطور المشهد العمراني في المدن الثلاث، ثم حلل أسباب فرط التوسع العمراني وعواقبه، ولكن يؤخذ عليه أنه لم يوضح ما معنى التوسع العمراني المفرط؟ وكيف يمكن قياسه؟ وما هي المعايير التي على أساسها نستطيع الحكم على التوسع العمراني في أي مدينة بأنه مفرط أم لا؟

أما الفصل السادس "حقبة ما بعد الهوية، وقيم الفضاء الخاص والعام في المدينة الخليجية المعاصرة" فكتبه علي عبد الرؤوف، رئيس وحدة العمران في مجلس قطر للمباني الخضراء، وهديل علي، المحاضرة المساعدة بجامعة جورجتاون بقطر.

خصص، المؤلفان، الفصل لاستكشاف وتحليل التحولات الرئيسة التي حدثت، في المدن الخليجية المعاصرة، في العقد الأخير، وهو العقد الذي شهد نمطًا غير مسبوق من التنمية، ونتج عنه مجموعة متناقضة من التحولات الاجتماعية في هذه الدول. كما طرح الفصل تصورًا لحقبة ما بعد الهوية، التي تتشكل بسبب تداعي الأطر الكلاسيكية لفكرة الهوية الخليجية المشتركة.

بحث الكاتبان، في العلاقة المعقدة بين الإنسان والمكان في مجتمعات الدول الخليجية متعددة الأعراق والجنسيات والمذاهب، كما بحثا في محدودية التصورات المستقبلية لحالة المدن الخليجية في عصر ما بعد الكربون (النفط والغاز)، ولذا سعى المؤلفان لتقديم "مفهوم ما بعد الهوية" بديلًا توافقيًا يتجاوز الاستغراق في الاستهلاك التقليدي في طرح مفهوم الهوية، كما يقدم أطروحات بديلة من التجسد المعماري، والحضري العمراني، لهذه الحقبة الجديدة في مستقبل المدينة الخليجية.

جاء الفصل في أربعة محاور: يناقش الأول خصوصية الحالة الخليجية المعاصرة، والتي تبلغ فيها نسبة المواطنين الدائمين إلى الوافدين المؤقتين 10 في المئة فقط، ما جعل مسألة الهوية في هذه المدن أكثر الأسئلة تشابكًا وإلحاحًا وتعقيدًا؛ ولهذا يركز المحور الثاني على الهوية في دول الخليج العربية، وكيفية تجاوز الهوية الاستشراقية والهوية النفطية؛ ويدرس المحور الثالث إشكالية الحجم والنفوذ والهوية الهجينة في دول الخليج العربية؛ أما المحور الرابع فيحلل واقع بناء الهوية الخليجية المعاصرة، وتحدياتها في حقبة ما بعد النفط.

تشارك سيف بن ناصر، الأستاذ بكلية التربية بجامعة السلطان قابوس، وزينب الغريبية، الخبيرة التربوية لدى وزارة التربية والتعليم في سلطنة عًمان، في كتابة الفصل السابع، الذي جاء بعنوان "تعليم التربية الوطنية في دول الخليج العربية".

حاول، هذا الفصل، الانطلاق من مقاربة تحليلية، وتفسيرية للأسس النظرية لمفهوم الهوية الوطنية، وكيفية ترجمته في مضامين الكتب المدرسية. وسعى، الفصل، للكشف عن كيفية تمحور الهوية الوطنية في الكتب المدرسية الخليجية، من خلال السرديات التي تقدمها، هذه الكتب، عن ثلاثة أبعاد للهوية: الماضي المشترك، والحاضر المشترك، والثقافة المشتركة. كما سعى إلى تحديد مكانة الهوية الخليجية في هذه الكتب إذا ما قورنت بالهوية الوطنية أو العربية أو الإسلامية.

تبنت الدراسة منهج تحليل المحتوى، للموضوعات الرئيسية في كتب الدراسات الاجتماعية في سلطنة عُمان، دولة الكويت، والمملكة العربية السعودية، حيث بلغ عدد الكتب التي حُللت إلى 46 كتاب. واستخدمت النسب المئوية للخروج بمؤشرات إحصائية عن ظاهرة الدراسة. 

كشفت النتائج عن أن الهوية الوطنية في الكتب، كانت أكثر ارتباطًا بالحاضر المشترك، وجاءت بعده الثقافة المشتركة، بينما حظى الماضي المشترك بأقل نسبة من الاهتمام. ولم تحظى الهوية الخليجية بنسبة تضمين كبرى، إذا ما قورنت بالهوية الوطنية أو الهوية الإسلامية، أو الهوية العربية؛ ما يعكس الفجوة بين الخطاب السياسي الذي ينادي بالوحدة، والمواطنة الخليجية، والخطاب التعليمي الذي يكرس الاستقلالية الوطنية ويعززها. 

أزمة 2017 وانعكاساتها على القيم والهوية في منطقة الخليج العربي

في الفصل الثامن "الهوية الخليجية الموحدة: كيف كشفت أزمة حصار قطر هشاشة مجلس التعاون لدول الخليج العربية" ناقش، محمد هاشم الهاشمي، طالب الدكتوراه في جامعة برونيل، إشكالية الهوية الخليجية الموحدة، وحقق في أسباب فشل هذا المشروع، ونتائج مروره عبر طريق مأزومة ومسدودة إبان "الربيع العربي"، وصولًا إلى أزمة حصار قطر، 2017.

أكد الكاتب على أنه لا يمكن تحميل هذه الأزمة أو ما شابهها من الأزمات السابقة، مسؤولية إضعاف الهوية الخليجية الموحدة، بل اعتبر أن ما تشهده المنطقة من أزمات ما هو إلا نتاج حتمي للمشروع الذي عانى من بدايته من غياب الرؤية الاستراتيجية المتكاملة. حيث يرى، الكاتب، أن هذه الهوية فرضت فرضًا بطريقة فوقية، وكانت أهدافها ضبابية، وغير واضحة المعالم منذ البداية. ص (232).

علل الكاتب وجهة نظره، قائلًا "أن مجلس التعاون الخليجي لم يستطع القيام بأي دور فاعل في حل الخلافات بين الدول الأعضاء، حتى حين تطورت لأزمات سياسية، أو لامست حدود المواجهة العسكرية، مثل الذي حدث في الخلاف الحدودي بين قطر والسعودية عام 1992، أو بين قطر والبحرين، والذي تعود جذوره لقرنين من الزمان". ص (223) .

خلُص الكاتب أن المجلس لم ينجح في حمل الهوية الخليجية الموحدة، إلى مرحلة المشروع السياسي على أرض الواقع، ما ترك هذه الهوية مجرد فكرة نبيلة ذات بُعد إقليمي وعاطفي، لا أكثر ولا أقل. 

جاء الفصل التاسع بعنوان "الهوية الخليجية في ظل الأزمة الخليجية"، وكتبته، العنود آل خليفة، طالبة الدكتوراه في جامعة قطر. وقد بحث هذا الفصل في عدد من الأسئلة المتعلقة بالهوية الخليجية، وأهمها هو: هل الهوية الخليجية أولًا أم المواطنة.

 

محمد هاشم الهاشمي: لايمكن تحميل الأزمة الخليجية أو ما شابهها من الأزمات السابقة، مسؤولية إضعاف الهوية الخليجية الموحدة، بل اعتبر أن ما تشهده المنطقة من أزمات ما هو إلا نتاج حتمي للمشروع الذي عانى من بدايته من غياب الرؤية الاستراتيجية المتكاملة. حيث يرى، الكاتب، أن هذه الهوية فرضت فرضًا بطريقة فوقية، وكانت أهدافها ضبابية، وغير واضحة المعالم منذ البداية.

 

 

وقد حاولت، آل خليفة، الإجابة عن هذه الأسئلة من خلال معالجة عدد من الموضوعات المتعلقة بالهوية والمواطنة، قسمتها إلى عدد من المحاور. جاء أولها بعنوان الهوية في ظروف متغيرة والهوية الخليجية، بحثت فيه، الكاتبة، جوانب الهوية الخليجية الاقتصادية والسياسية، وأثر التحولات الدولية والإقليمية والوطنية فيها. في المحور الثاني: تعزيز الهوية الوطنية وأثرها في المجتمعات الخليجية، رصدت، آل خليفة، كثرة وقوة البرامج التي تعزز الهوية الوطنية في الأعوام الأخيرة في دول خليجية عدة، مقابل تلك التي تعزز الهوية الخليجية. اهتمت، آل خليفة، في المحور الثالث، بالخلافات السياسية بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، فيما خصصت الرابع لأزمة مجلس التعاون في 2017، والتي رأت العنود أنها كانت ضربة قوية إلى مفاهيم المجلس الأساسية.

على عكس الفصل السابق، رأت آل خليفة، أن مجلس التعاون الخليجي أثبت جدواه في الحفاظ على الهوية الخليجية وخاصة في الأزمات. إلى أن جاءت أزمة 2017، بين قطر وثلاث دول من المجلس، وأوجدت انقسامًا قد يتعذر تداركه، حيث أظهرت هذه الأزمة، بوضوح، دعم قادة دول الخليج للهوية الوطنية، على حساب الهوية الخليجية، إلى درجة تضع مستقبل المجلس على المحك. ص (264)

في الفصل العاشر"دور الشيلات والأغنية الشعبية في الأزمة الخليجية" رصدت مريم محمد الكواري، طالبة الدكتوراه في جامعة اكستر، أثر استعمال الشعر المحلي، والأغاني الشعبية، أو ما يسمى "الشيلات" وهي من التراث الشعري النبطي، خلال الأزمة الخليجية في عام 2017، في بناء الهوية الوطنية في منطقة الخليج العربية. وقد اعتمدت الكواري المنهج التحليلي الوصفي لدراسة هذه الظاهرة السياسية، ولتحليل الأغاني والنصوص الشعرية التي خرجت من دول الحصار من جهة، ومن دولة قطر من جهة أخرى.

ولفهم طبيعة هذه  الظاهرة، حاولت الكواري الإجابة عن السؤال التالي: كيف استخدمت الشيلة والشعر المغنى خلال الأزمة الخليجية؟ وما مدى تأثيرها في الهوية الوطنية والهوية الخليجية الجامعة؟ 

قسمت الكواري الفصل لثلاثة محاور، عرضت في أولها المفاهيم، والإطار النظري؛ فيما درست في الثاني تأثير العولمة وثورة الانترنت على الأغنية الوطنية والهوية؛ وخصصت الثالث دراسة حالة الشيلة والأغنية وبناء الهوية الوطنية في الأزمة الخليجية.

في نهاية الفصل، أكدت الكواري، أن استخدام دول الخليج الشيلة والأغاني خلال أزمة الخليج يرجع إلى قدرة هذه الأغاني على دعم الأفكار وتعزيزها، فضلًا عن تأثيرها الكبير على وجدان أبناء الوطن وتحريك مشاعرهم في اتجاه هوية وطنية أو قومية موحدة. 

وبعد، فإن هذا الكتاب يأتي كمساهمة، وإضافة بحثية للمكتبة العربية، فعلى الرغم من التحولات الاجتماعية والاقتصادية في منطقة الخليج العربية، فإنها ومجتمعاتها لا تزال تفتقر إلى رصيد بحثي وأكاديمي في هذا المجال، حيث يصعب العثور على أبحاث تتناول المجتمعات الخليجية وبُناها وتحولاتها، وربما كان هذا الكتاب خطوة على الطريق.


التعليقات (0)