هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون في خطاب ألقاه الخميس، في موقع "سيزويل" للطاقة النووية؛ إن "الحرب في أوكرانيا، التي أدت إلى ارتفاع أسعار الغاز، أظهرت الحاجة إلى محطات توليد طاقة نووية جديدة في المملكة المتحدة.
وقال جونسون أيضا في خطابه الرسمي الأخير حول السياسة العامة قبل أن يترك منصبه؛ إن "إحجام الحكومات السابقة عن دعم الطاقة النووية، قد ساعد في رفع الفواتير".
ووصف المشكلة بأنها "قصر نظر"، مضيفا؛ "إنها حالة مزمنة من السياسيين الذين لا يستطيعون رؤية ما وراء الدورة السياسية".
وأكد جونسون أنه واثق بأن مصنع الطاقة النووية في المشروع سيمضي قدما.
ومن جهتها، عبرت دول أوروبية على بحر البلطيق وفي شمال أوروبا عن رغبتها بزيادة الطاقة المنتجة عبر طاقة الرياح، وزيادة تعزيز الاعتماد عليها كثر عوضا عن الغاز.
واتفقت الدنمارك وإستونيا وفنلندا وألمانيا ولاتفيا وليتوانيا وبولندا والسويد خلال اجتماع لها في مارينبورغ بالدنمارك يوم الثلاثاء 30 آب/أغسطس، على زيادة الطاقة المتولدة من الرياح إلى 20 جيجا وات بحلول عام 2030، وذلك سعيا للتخلص من الاعتماد على الغاز الروسي.
وقالت رئيسة الوزراء الدنماركية، ميتي فريدريكسن، في مؤتمر صحفي عقب الاجتماع: "لقد اتفقنا على زيادة طاقة الرياح في منطقة بحر البلطيق سبعة أضعاف بحلول عام 2030".
وتابعت فريدريكسن: "نحن على خط المواجهة في أمن الطاقة الأوروبي، كذلك لا بد من التذكير من أن بوتين في حرب أوكرانيا، استخدم الطاقة كسلاح، وأدى هذا لأن تكون أوروبا على شفا أزمة طاقة مع الارتفاع الصاروخي في أسعارها".
وأكدت أن "20 جيجا وات ستكون كافية لتزويد 20 مليون أسرة بالكهرباء، وهي أكثر من طاقة الرياح البحرية الحالية في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي اليوم".
حلول مرحلية
وفي المقابل، اعتبر خبراء في الطاقة أن الاستغناء عن الغاز الروسي في الوقت الحالي صعب، مستبعدين نجاح الطاقة المتجددة في توفير البديل على المدى القصير.
لكن، في ظل تشكيك من الخبراء في جدوى بعض القرارات الأوروبية بشأن ما يخص توفير بديل للغاز الروسي على المدى الطويل، كيف يمكن أن تواجه القارة العجوز أزمة الطاقة لديها؟
وأكد الخبير في شؤون النفط والطاقة، نهاد إسماعيل، أن "الاتحاد الأوروبي أصدر عدة قرارات، وبدأ بتنفيذ بعد الخطط لحل أزمة الطاقة، أولها تقليل الاستهلاك بنسبة 15 في المائة، أي ما يعادل 45 مليار متر مكعب".
وتابع إسماعيل في تصريح خاص لـ"عربي21"، "كذلك قال وزير الاقتصاد الألماني؛ إنه سيسعى لرفع نسبة الترشيد في الاستهلاك إلى 20 في المائة، وأن الأولوية ستكون للأسر والصناعات الحيوية مثل الأدوية، وسيتم تخفيض الغاز للشركات الصناعية التي تصنع الزجاج والصلب والسيارات، أي الدخول في مرحلة تقنين استخدام الغاز".
ولفت إلى أن "من أهم الإجراءات التي ستتخذها الدول الأوروبية، إعادة تشغيل محطات الكهرباء التي تعمل بالفحم الحجري في ألمانيا والنمسا وهولندا وفرنسا، رغم وجود تحديات تقنية وبيئية، كذلك تأجيل إغلاق 3 محطات نووية في ألمانيا كانت مهيأة للإغلاق نهاية العام الحالي، لذلك سيتم التمديد لعدة شهور أو عام على الأقل".
وأضاف: "كذلك سيتم رفع وتيرة تخزين الغاز، وقد وصلت النسبة الآن إلى 80 في المائة، والرقم المستهدف هو 95 في المائة بحلول تشرين ثاني/نوفمبر، وأرى أن هذا قابل للتحقيق بسبب توقيع عقود شراء غاز طبيعي مسال من قطر والولايات المتحدة، وبدء التفاوض الآن مع أذربيجان والجزائر".
واستدرك بالقول: "لكن حتى لو وصلت نسبة تخزين الغاز إلى 100 في المائة، لن يحل ذلك أزمة الطاقة في أوروبا بشكل كلي، من ثم قد تكفي فقط لمدة ثلاثة شهور، وبالطبع الأمر يعتمد على قساوة البرد في الشتاء، والتزام السكان والشركات بتطبيق الاقتصاد في الاستهلاك".
وأكد أن "هذه الحلول قد تكون مجدية فقط على المدى القصير، ولكن لحل أزمة الطاقة أوروبيا على المدى الطويل، يجب الإسراع بتطوير واستخدام الطاقة الشمسية والرياح والهيدروجين، ولكنها أيضا لن تحل أزمة أوروبا إلا بعد سنوات، وبعد إنفاق تريليون يورو".
وحول ما إذا كانت الطاقة المتجددة تصلح لأن تكون بديل مجد للغاز، قال إسماعيل: "أولا لا بد من التأكيد أن الأزمة ستستمر عدة سنوات، ولكن مع هذه الإجراءات ستكون أوروبا أكثر استعداد للتعامل مع الأزمة، وبرأيي طاقة الشمس والرياح لا يمكن أن تكون البديل، بل فقط عاملا مساعدا، ولذلك سيتم البدء بمشاريع طاقة هيدروجينية وإعادة تأهيل الطاقة النووية، ثم تمديد عمر محطات الكهرباء التي تعمل بالفحم الأكثر تلويثا للجو".
ورجح أن "الحلول المجدية ستستغرق عدة سنوات لتحقيق الاكتفاء الذاتي، ولكن هناك نقطة مهمة، هي أن الاستغناء عن الطاقة الأحفورية لن يحدث إلا بعد 15- 20 عاما".
اقرأ أيضا: غلاء المعيشة يدفع البريطانيين إلى التخلي عن حيواناتهم الأليفة
طاقة متجددة متقطعة
من ناحيته، أشار خبير النفط العالمي، الدكتور ممدوح سلامة، إلى أن صادرات الغاز والنفط الروسية للاتحاد الأوروبي توفر في الظروف العادية 45 في المائة و30 في المائة على التوالي من احتياجات الاتحاد، وهذه الإمدادات لا يمكن الاستغناء عنها".
وأكد سلامة خلال حديثه لـ"عربي21"، أن "صادرات الغاز الطبيعي المسال القادمة من الولايات المتحدة وقطر وأستراليا والجزائر إلى الاتحاد الأوروبي، لا يمكن أن تحل محل إمدادات الغاز الروسية لا الآن ولا حتى بعد 20 عاما".
وأرجع السبب إلى أن "الجزء الأكبر من إمدادات الغاز الطبيعي المسال يتم التعاقد، عليها في عقود طويلة الأجل من قبل العملاء في منطقة آسيا والمحيط الهادئ. باختصار، لا يوجد بدائل لإمدادات الغاز والنفط الروسية".
وحول جدوى اللجوء للطاقة المتجددة، قال سلامة: "لا يمكن للطاقة المتجددة وحدها تلبية احتياجات الاتحاد الأوروبي في توليد الطاقة الكهربائية، سواء الآن أو في أي وقت، بدون مساهمات كبيرة من الغاز الطبيعي والفحم والطاقة النووية بسبب طبيعتها المتقطعة، سواء لانخفاض قوة الرياح أو لقلة سطوع الشمس".
حقل غاز جرونينجن!
عاد الحديث عن استخراج الغاز من حقل خرونينغن الهولندي ليطفو على السطح مجددا، في ظل أزمة الطاقة في أوروبا والمخاوف من نقصها في الشتاء القارس، ويعتبر هذا الحقل عاشر أكبر حقل في العالم.
ووفقا لتقرير لوكالة "بلومبيرغ" نشرته قبل شهرين، يُعد حقل جرونينجن الأكبر أوروبيا، باحتياطات تبلغ 450 مليار مكعب، أي ما يعادل احتياجات الاتحاد الأوروبي لمدة عام واحد.
وأشار التقرير الذي ترجمته عربي21، إلى أن مشكلة هذا الحقل تكمن بأن استخراج الغاز منه قد يؤدي لحدوث زلازل في المنطقة المحيطة به، ولذلك كان من المقرر انتهاء العمل به نهائيا العام القادم بعد خفض إنتاجها العام الماضي، خاصة مع اعتراض السكان والجمعيات البيئية.
ولكن في ظل الحاجة الملحة للغاز في أوروبا خاصة مع اقتراب فصل الشتاء، فهل ستعيد الحكومة الهولندية النظر في قرار إغلاقه، وهل يسد احتياجات أوروبا في هذا الشتاء؟
ورأى الصحفي البريطاني لويلين كينج، المتخصص في مجال الطاقة، أنه "من المستحيل أن تتخلى هولندا عن هذا الحقل تحديدا في هذه الفترة".
وحول استخدام الطاقة المتجددة، عبر كينج عن اعتقاده خلال حديثه لـ"عربي21"، بأن "الطاقة الشمسية لن تحل محل الغاز الطبيعي ربما لعقود، ولكن قد يؤدي زيادة نسبة الطاقة النووية والطاقة الشمسية في النهاية إلى تجنب الحاجة إلى الغاز، أو ستكون هناك طرق لإزالة الكربون من الغاز، كي يصبح استخدامه آمنا أكثر".
بدوره، أكد خبير النفط العالمي، الدكتور ممدوح سلامة، أن " حقل خرونينغن مستنفذ بالفعل، علاوة على ذلك، هناك خطر حدوث زلازل إذا تم استئناف الإنتاج، وحقيقة أنه قد لا يزال هناك 450 مليار متر مكعب من الاحتياطيات، لا يعني ذلك أنها قابلة للإنتاج".
وأضاف: "على الرغم من أن الحكومة الهولندية قد تستأنف الإنتاج ولو بنسبة صغيرة قبل الشتاء لتخفيف حدة النقص في الاتحاد الأوروبي، إلا أنه يتعين عليها في النهاية إيقاف الإنتاج، خاصة في ظل المعارضة الشعبية الشديدة لعمل هذا الحقل، فيظل مخاطر تسببه بحدوث زلازل".
والخبير في شؤون النفط والطاقة، نهاد إسماعيل، توقع "أنه في ظل أزمة الطاقة الحالية، أن تستغل الحكومة الهولندية هذا الحقل، وترفع الإنتاج إلى 5- 6 مليارات متر مكعب سنويا قبل إغلاقه نهائيا في السنوات القليلة المقبلة".
وزاد أن "الدول الأوروبية لن تزيد الاستثمار في الطاقة الأحفورية؛ لأن التوجه الآن هو تحقيق اكتفاء ذاتي من الطاقة المتجددة المستدامة، وهذا الأمر سيأخذ بضع سنوات".
واستدرك بالقول: "ولكن، أتوقع المزيد من استيراد الغاز الطبيعي المسال وتهيئة محطات استقبال غاز مسال عائمة؛ لأنها تستغرق شهورا ولا تستغرق سنين كبناء محطات ثابتة. باختصار، أعتقد أن أوروبا ستتجاوز مرحلة الشتاء ولن تغرق في الظلام، وسيكون هناك تدفئة في المنازل والمستشفيات ودور الرعاية، ولكن المستهلك الأوروبي سيدفع ثمنا باهظا، والحكومات تستعد لدعم المستهلك".