هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
خالف البنك المركزي المصري توقعات السوق التي كانت تشير إلى رفع أسعار الفائدة، لكنه أبقاها للمرة الثالثة دون تغيير، خلال اجتماعه السادس منذ بداية العام الجاري، ولم يحذ حذو مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي).
في أول اجتماع للجنة السياسة النقدية برئاسة المحافظ الجديد حسن عبد الله، أبقى الفائدة على الودائع لليلة واحدة، وعلى الإقراض لليلة واحدة، وسعر العملية الرئيسية، عند 11.25 بالمئة، و12.25 بالمئة، و11.75 بالمئة على التوالي.
كما قرر البنك المركزي المصري وفق البيان الصادر، الخميس، زيادة نسبة الاحتياطي النقدي التي تلتزم البنوك بالاحتفاظ بها لديه، لتصبح 18 بالمئة بدلا من 14 بالمئة، بما يساعد في تقييد السياسة النقدية التي يتبعها "المركزي".
على الرغم من أن معظم التوقعات كانت تشير إلى اتجاه البنك المركزي نحو رفع الفائدة، إلا أن بعض التوقعات كانت تُشير إلى احتمال الإبقاء على أسعار الفائدة عند مستوياتها الحالية، وهو ما ذهب إليه خبير أسواق المال، الدكتور مصطفى النحاس، لعدة أسباب أبرزها توجه الدولة نحو خفض الجنيه.
اقرأ أيضا: خلافا لقرار الفيدرالي.. تركيا تخفض سعر الفائدة ومصر تثبتها
في هذا السياق، أوضح النحاس في تصريحات لـ"عربي21"، أن "البنك المركزي المصري يسير في إجراءات التعويم، ومن ثم لا يمكنه رفع الفائدة في هذه الفترة؛ لاحتمال ضعف تأثير تلك الخطوة على التضخم، الذي سوف يزيد مع استمرار خفض قيمة الجنيه".
وتوقع النحاس أن "يبدأ في رفع أسعار الفائدة بعد استقرار سعر صرف الجنيه، ثم يقوم بطرح وعاء استثماري لجذب السيولة الناتجة من تحويل الدولار إلى الجنيه. علاوة على ذلك، فإن البنك المركزي يريد الحفاظ على مستوى عجز الموازنة؛ لأن التعويم يعمل على تضخيم هذا العجز".
من بين الأسباب الأخرى، بحسب النحاس، سعي البنك المركزي إلى الحفاظ على حجم الناتج المحلي الذي سوف يتراجع في حال التعويم، وعند رفع سعر الفائدة سوف يزيد العجز ويتراجع الناتج المحلي، وقد يصل وقتها العجز إلى 100 بالمئة من الناتج المحلي".
وأكد تأييده لقرار تثبيت سعر الفائدة؛ "لأن فلسفة رفع أسعار الفائدة لا تناسب السوق المصري في الوقت الراهن، وأعتقد أنه سينتظر حتى وضع نقطة ثابتة لتعويم الجنيه، ثم يعيد تقييم السوق وطرح ودائع بعائد مغر؛ لحث الناس على تحويل الدولار إلى جنيه، ثم دراسة إمكانية رفع الفائدة".
رحلة خفض الجنيه
وخلال الاجتماعات الستة الماضية، رفع المركزي المصري أسعار الفائدة منذ بداية العام بمقدار 300 نقطة أساس، في محاولة لكبح جماح التضخم الذي عاود الارتفاع إلى 15.3 بالمئة في نهاية آب/ أغسطس الماضي.
رفع مجلس الاحتياطي الاتحادي "الفيدرالي الأمريكي"، الأربعاء، أسعار الفائدة على الأموال الاتحادية بنسبة 0.75 بالمئة، في خامس زيادة على التوالي خلال عام 2022، كما أنه أعلى معدل فائدة في الولايات المتحدة منذ الأزمة المالية العالمية في عام 2008.
منذ آذار/ مارس الماضي، انخفض سعر الجنيه المصري بأكثر من 25% ليصل إلى حوالي 19.55 جنيها للدولار، استجابة لمطالب صندوق النقد الدولي باتخاذ سياسة أكثر مرونة في سعر صرف الجنيه.
ورغم تقييد الاستيراد لتوفير العملة الصعبة وعدم الضغط على الجنيه، قفزت فاتورة الواردات، وفقا لتصريحات سابقة لوزير المالية محمد معيط، في تموز/ يوليو الماضي، إلى 9.5 مليار دولار شهريا من 5 مليارات دولار قبل الحرب الروسية الأوكرانية في شباط/ فبراير الماضي، وذلك لزيادة أسعار سلع أساسية؛ بينها الطاقة والقمح وكلفة الشحن والاستيراد.
اقرأ أيضا: بنوك مركزية خليجية ترفع الفائدة بعد قرار الفيدرالي الأمريكي
— Ihap Shihe (@ihapshihe) September 22, 2022
أسباب خاصة بالمركزي المصري
الخبير المالي بمؤسسة واشنطن أناليتيكا بالعاصمة الأمريكية واشنطن، شريف عثمان، رأى أن "هذا القرار له ما يبرره من وجهة نظر البنك المركزي المصري، وهو ارتفاع ما يستحوذ عليه بند مدفوعات الفائدة من الميزانية، وهو سبب لا يصح أن يدخل في الاعتبار في الظرف الحالي".
وأضاف لـ"عربي21": "من ناحية تانية، رفع نسبة الاحتياطي النقدي من العملة الصعبة لدى البنك المركزي، يعني كأنه ضَغطَ على التضخم من ناحية ثانية، وهذا جيد وإن كان ليس بدرجة الفعالية نفسها، لكن البنوك المحلية سوف تتحمل التكلفة هنا، ومن ثم هناك احتمال أن تقلل أسعار الفائدة على الودائع".
أما فيما يتعلق بتضارب رفع الفائدة مع خفض الجنيه واستمرار التضخم في كل الأحوال، أكد عثمان: "لا يمكنني الإجابة على سؤال خفض الجنيه؛ لأن العملة تتحرك بقرار البنك المركزي، وربما جهات أخرى، وهو ما لا يمكن توقع توجهاته في الوقت الحالي".
خفض وشيك للعملة
وقالت وكالة "بلومبيرغ" الأمريكية، في تقرير ترجمته "عربي21"؛ إن المستثمرين الأجانب طالبوا مصر بتخفيض عملتها المحلية مجددا قبل عودتهم إلى السوق المصرية، وذلك بعد خمسة أشهر من آخر تخفيض في قيمة الجنيه.
وأضاف التقرير: "مصر أصبحت وجهة رئيسية للأموال الساخنة، من خلال ربط عملتها بالدولار وامتلاك أحد أعلى معدلات الفائدة في العالم بعد احتساب التضخم. ويقول المستثمرون، بحسب الوكالة؛ إن البنك المركزي بحاجة إلى إضعاف العملة مجددا قبل عودتهم إلى السوق المصرية، وذلك بعد سحب نحو 20 مليار دولار من سوق الدين المحلي منذ بداية العام. لكن البنك المركزي نفى احتمال حدوث جولة ثانية من تخفيض قيمة العملة".