كتب

ما هي أسباب ودوافع الهجرات الأفريقية عابرة الحدود؟

تاريخ الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا يعود إلى الفترة من الثلاثينيات وحتى الستينيات من القرن الماضي
تاريخ الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا يعود إلى الفترة من الثلاثينيات وحتى الستينيات من القرن الماضي

الكتاب: الهجرة في المغرب العربي ومنطقة المتوسط الديناميكيات والأشكال و الفاعلون الجدد
الكاتب: مجموعة من المؤلفين، تنسيق و تقديم فاتن مبارك
الناشر: سوتيميديا للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى ، تونس، سبتمبر 2022،
(261 صفحة من القطع الكبير).


تُعَدُّ الهجرة غير الشرعية مشكلة عالمية معاصرة، حيث يلاحظ أنَّ قارات العالم المختلفة تُعَانيِ بشكل أو بآخر من هذه المعضلة، مثل أوروبا، وأستراليا، وأمريكا الشمالية. وبالرغم من حداثة مشكلة الهجرة غير الشرعية في إطار العلاقات الدولية، فإنّ الاهتمام بها من قبل السياسيين والأكاديميين والعامة قد زاد بشكلٍ ملحوظٍ منذ عقد التسعينيات من القرن العشرين، حيث أصبح عشرات الآلاف من الأفارقة والعرب يهاجرون على متن ما يعرف بقوارب الموت من الشواطئ الليبية والمغربية إلى السواحل الإيطالية والإسبانية. فقد دفع تأثير معضلة المهاجرين غير الشرعيين إيطاليا إلى عقد اتفاقيات ثنائية بهدف الحدّ من تدفّقهم. فمعاهدة 2008 للصداقة والشراكة نصّت بصراحة على تنسيق وتعاون بين الطرفين في هذا الشأن.

ويمكن تعريف الهجرة غير الشرعية على أنّها تلك الهجرة التي تتم بطرق غير قانونية، نظراً لصعوبة السفر وصعوبة مثيلتها الشرعية، حيث تعقدت إجراءات السفر، وأصبحت الهجرة الشرعية شبه مستحيلة. فقد لُوحِظَ اتساع ظاهرة الهجرة العربية غير الشرعية بشكلٍ كبيرٍ إلى عددٍ من دول العالم، لا سيما إلى جنوب القارة الأوروبية، وذلك على الرغم من شِدَّةِ القُيُودِ، التي تضعها هذه الدول على شكل هجرتهم، والتي تُشَكِّلُ مصدر خطورةٍ كبيرةٍ على حياةِ الأشخاصِ المهاجرين، إِذْ غالباً ما تَتِّمُ هذه الهجرة عبر قوارب صغيرة، الأمر الذي يُؤَدِّي في النهاية إلى غرقٍ ومَوْتٍ مُحَقَّقٍ لعددٍ منهم.

ومن جانب آخر، فإنّ تاريخ الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا يعود إلى الفترة من الثلاثينيات وحتى الستينيات من القرن الماضي، حيث كانت أوروبا بحاجة إلى الأيدي العاملة، فلم تكن قد أصدرت قوانين تُجَرِّمُ عملية الهجرة غير الشرعية إلى أراضيها. ولكنَّ مع أوائل السبعينيات، شعرت الدول الأوروبية نسبياً بالاكتفاء من الأيدي العاملة، مما جعلها تتبنى إجراءات قانونية تهدف إلى الحدّ من الهجرة غير الشرعية. 

وقد ازدادت هذه الإجراءات مع بداية تطبيق اتفاقية "شنجن" التي دخلت حيز التطبيق بدءًا من حزيران/يونيو 1985، والتي تسمح لحامل تأشيرة أي دولة من الدول الأوروبية الموقعة على هذه الاتفاقية بالمرور في أراضي بقية الدول، ثم عادت وازدادت إِجْرَاءَاتِ الحَدِّ من ظاهرة الهجرة غير الشرعية مرّة أخرى بعد عام 1990، وهو العام الذي شهد توسيع الاتحاد الأوروبي.

ومنذ قيام "ثورات الربيع العربي" شهد البحر الأبيض المتوسط، اندلاع موجات غير مسبوقة من التدفقات المختلفة للهجرة( تدفقات مهاجرين، وتدفقات لاجئين)، عدلت المشهد الهجري بشكلٍ عميقٍ في هذا الفضاء وسط انهيار منظومات الحدود في أكثر من بلدٍ وفي سياق تنامت فيه نزعات الخوف من الأجانب عمومًا. فقد تغيرت الوظائف الهجرية لعديد البلدان المغاربية والمتوسطية، وخلقت تلك التدفقات في هذا المناخ حقائق على الأرض، وتمثلات جديدة للهجرة والمهاجرين: فقد نمت شبكات التهجير ومنظماته، وحولت الهجرة ذاتها إلى "نشاط اقتصادي مربح حتى لو كانت تكلفته الإنسانية باهظة، وغدا من الصعب أحيانًا تمييز هذا المزيج المعقد من العابرين علاوة على صعود لا فت لمشاعر كراهية الأجانب. تبدو الهجرة إذًا على هذا النحو ظاهرة كلِّية ومركَّبة. وهي ظاهرة تدفع الباحثين على اختلاف اختصاصاتهم إلى تنويع زوايا النظر، وتوسل مقاربات و أدوات بحث مختلفة خاصة في ظل التحولات البنيوية .

في هذا الكتاب الجديد، الذي يحمل العنون التالي: "الهجرة في المغرب العربي ومنطقة المتوسط" الديناميكيات والأشكال و الفاعلون الجدد، والذي هو عبارة عن مجموعة من الأبحاث الأكاديمية أنجزها أساتذة جامعيون من البلدان المغاربية كل في اختصاصه، وقامت الباحثة فاتن مبارك بالإشراف عليه، يتكون هذا الكتاب من ثلاثة أقسام أساسية، الأول: الهجرة: المسارات، السياقات والتجارب، ويحتوي على ثلاثة أبحاث. القسم الثاني: الهجرة الغير شرعية و التجارب الدولية، ويتضمن ثلاثة أبحاث، والقسم الثالث: الهجرة: الإستراتيجيات الفردية والتعبيرات الجندرية، ويحتوي على ثلاثة أبحاث. وقد صدر هذا الكتاب حديثًا في تونس، سبتمبر 2022،ويحتوي على 261 صفحة من القطع الكبير.

الهجرة الدولية غير الشرعية إلى ليبيا

تنتمي ليبيا إلى دول جنوب غرب المتوسط، أي دول المغرب العربي، التي تضم: ليبيا تونس الجزائر المغرب موريتانيا، التي تقع في شمال أفريقيا ممتدة على ساحل البحر الأبيض المتوسط حتى المحيط الأطلسي، وتبلغ مساحة جميع هذه الدول الخمس 6.000.000.126 كم مربع، وتشكل ما نسبته 42% من مساحة الوطن العربي، ويبلغ شريط الساحل البحري في هذه المنطقة 6505 كيلومتر، ويبلغ سكان المغرب العربي أكثر من 100 مليون نسمة، غالبيتهم مسلمون سنة وعلى مذهب الإمام مالك، ويُعَدُّ هذا الأمر مُهِمًا، ومن أسباب تقوية العلاقات والروابط بين البلدان المغاربية، حيث لا تباين يذكر في المرجعية الدينية إلا أنَّ هناك تواجدًا بسيطًا لمسلمين يتبعون المذهب الأباضي وبعض المسيحيين وكذلك اليهود. ولهذا تُعَدُّ الغالبية العظمى من السكان مسلمين، فإنَّ هذا الأمر جعل الثقافة الغالبة في المغرب العربي أساساً هي الثقافة العربية الإسلامية، أي نسبة المسلمين 97%.

تشغل ليبيا مساحة تقدر بحوالي 1.759.540 كيلو متر مربع، وتمتد من البحر المتوسط في الشمال حتى جمهوريتي النيجر وتشاد في الجنوب، ومن حدود مصر والسودان في الشرق حتى حدود تونس والجزائر في الغرب، ويبلغ عدد سكانها حوالي 5.666.692 نسمة.

كانت ليبيا وما تزال منطقة مهمة لأوروبا بسبب القرب الجغرافي، والموقع الاستراتيجي كبوابة كبيرة لأفريقيا، وثرواتها النفطية الكبيرة، إضافة إلى أنَّها سُوقٌ استهلاكيةٌ كبيرةٌ قادرةٌ على استيعابِ المنتجاتِ الصناعيةِ الأوروبيةِ. وفضلا عن ذلك، فإنَّ أوروبا، ولا سيما بلدانها الجنوبية وتحديدًا إيطاليا، تعاني منذ سنوات من تدفق هائل من المهاجرين غير الشرعيين القادمين من السواحل الليبية.

شَهِدَتْ الْهِجْرَةُ في ليبيا انطلاقة سريعة مع بداية منتصف السبعينيات إثر ارتفاع أسعار المنتج النفطي (البترول)، الذي تزامن مع انتهاج سياسة تنموية نشيطة لتوفير الخدمات والتجهيزات الأساسية للمواطنين الليبيين بعد ظهور نظام معمر القذافي، ولذلك أصبحت ليبيا أهم مورد لليد العاملة الأجنبية خلال الأعوام بين 73 1983 من مختلف أنحاء العالم، وخصوصاً من مصر تونس المغرب السودان تشاد النيجر، إذ مثّلت ليبيا ملاذاً لسكان الساحل الأفريقي إلى بلدان جنوب الصحراء (السنغال مالي النيجر بوركينا فاسو)، وهو إقليم شهد أزمة غذائية ومناخية حادة خلال هذه الفترة، كما أن التوترات وعدم الاستقرار السياسي التي اجتاحت بعض البلدان الأفريقية خلال هذه الفترة قد ساهمت في انتقال أفواج مهمة من مواطني هذه البلدان للعمل والإقامة في ليبيا لدرجة أصبحت فيها ليبيا سوقاً شاسعة للعمالة الأفريقية بالخصوص بحكم الروابط والعلاقات الوثيقة التي ربطت ليبيا بالبلدان الأفريقية.

 

كانت ليبيا وما تزال منطقة مهمة لأوروبا بسبب القرب الجغرافي، والموقع الاستراتيجي كبوابة كبيرة لأفريقيا، وثرواتها النفطية الكبيرة، إضافة إلى أنَّها سُوقٌ استهلاكيةٌ كبيرةٌ قادرةٌ على استيعابِ المنتجاتِ الصناعيةِ الأوروبيةِ. وفضلا عن ذلك، فإنَّ أوروبا، ولا سيما بلدانها الجنوبية وتحديدًا إيطاليا، تعاني منذ سنوات من تدفق هائل من المهاجرين غير الشرعيين القادمين من السواحل الليبية.

 



غير أنَّ تدهورَ الأوضاع الاقتصادية في ليبيا إثر الحصار الأممي الذي فُرِضَ عليها من قبل الأمم المتحدة 1992 2003 جعل العملة الليبية تتدهور، حيث أدَّى إلى ضغطٍ كبيرٍ على المهاجرين في ليبيا نجمت عنه تعزيزات عنيفة ومصادمات دموية بين المهاجرين الأفارقة من ناحية، والمواطنين الليبيين من ناحية أخرى، مثل حادثة الزاوية تشرين الأول/أكتوبر 2000. ومنذ ذلك الحادث، شَهِدَتْ ليبيا بداية تَدَفُقِ المهاجرينَ الأفارقة واللاجئين من شمال أفريقيا إلى أراضيها، كمحطة ترانزيت مؤقته باتجاه أوروبا، لا سيما بعد أن شَدَّدَتْ كل من تونس والجزائر شروط دخول المهاجرين غير الشرعيين إلى أراضيهما، نتيجة الضغط الأوروبي عليهما.

لكنَّ حين فُتِحَتْ بوابة ليبيا للهجرة غير الشرعية، بدأت عمليات الإبحار خلسة من السواحل الليبية باتجاه مالطة والجزر الإيطالية الجنوبية حيث مثّلت سنة (2003) منعطفًا تاريخيًا مهمًا في تدفّق المهاجرين، لدرجة أنَّ مسؤولين إيطاليين اتهموا ليبيا كونها أصبحت قاعدة عمليات للهجرة غير الشرعية في المتوسط والاستحقاق في عدم مراقبة حدودها البرية الصحراوية متناسين أنَّ ليبيا كانت ترتبط بمعاهدات واتفاقيات للتنقل الحرِّ بين دول أفريقية جنوب الصحراء. ناهيك عن العلاقة المتميزة التي كانت تربط العقيد معمر القذافي بالرؤساء الأفارقة والزيارات التي قام بها الزعيم الليبي برًّا إلى الدول الأفريقية، وكذلك كسر الحصار على ليبيا من جانب رؤساء الدول الأفريقية في سنة 2003.

يقول الباحث الليبي نصر محمد علي قرينات في الدراسة التي قدَّمها ،"تزايدت موجات الهجرة الإفريقية بطريقة شرعية أو غير شرعية بشكل كبيرٍ بعد سنة 2000، حيث بلغت الهجرة غير الشرعية من إفريقيا إلى ليبيا عام 2001 حوالي 9.893 موزعة على عدد من الدول الأفريقية. واستمرت هذه الموجات في الزيادة حيث بلغت أعداد المهاجرين غير الشرعيين في العام 2004 حوالي 170.042 مهاجرًا غير شرعي، وصارت تشاد تحتل صدارة الدول المصدرة للمهاجرين إلى ليبيا بحوالي 47.428 مهاجرًا غير شرعي، تليها في المرتبة الثانية النيجر بحوالي 40.284 مهاجرًا غير شرعي، وهما تعتبران الدولتين الحدوديتين مع ليبيا، أما أقل عدد سُجِلَ في العام نفسه من المهاجرين غير الشرعيين فكان من أوغندا وقُدِّرً بحوالي 12 ألف مهاجرًا غير شرعي... وشهدت ليبيا بعد عام 2011 ارتفاعًا في موجات الهجرة غير الشرعية، وسجلت منظمة الهجرة الدولية للهجرة حوالي 778.981 مهاجرًا غير شرعي، منهم 96% فرُّوا من ليبيا نحو أوروبا"(ص 29).

ومن هنا بدأ الضغط على ليبيا من الدول الغربية، لمقاومة الهجرة غير الشرعية، ولكنَّ الليبيين اشترطوا لمقاومة الهجرة رفع الحصار عن ليبيا. ولأنَّ نِظَامَ معمر القذافي في زمنِ الحصارِ كان يقول للأفارقة في أَغْلَبِ الْخِطَابَاتِ: "عليكم بالتوجه إلى أوروبا لِتَسْتَعِيدُوا ثَرْوتُكُمْ التي نُهِبَتْ أثناء حقبة الاستعمار التقليدي لأفريقيا من قبل الدول الأوروبية". وخلال تلك المدة كانت الدولة الليبية تَتَغَاضَى عن مُهَرِّبِي المهاجرين عبر السواحل الليبية من زواره التي كانت مَعْقَلاً مُهِمًا في تهريب المهاجرين، لدرجة أنه تكونت جماعات مهمة في عملية تهريب المهاجرين غر الشرعيين، وكذلك من الحدود الجنوبية التي كانت تتحكم فيها عصابات أهلية لتهريب المهاجرين حتى إيصالهم إلى السواحل الليبية على المتوسط، ابتداءً بالموجودين في ليبيا، وانتهاءً بالقادمين الجدد عبر الصحراء، وكذلك ربط تعاقدات ثنائية خصوصًا بينهم وبين البحارة في زوارة والطوارق والتبو في الصحراء لإيصال المهاجرين إلى الشواطئ الليبية، مع دخول طرف ثالث هو من المدن الصحراوية مثل الكفرة وسبها والقطرون وتراغن وغات وابارى وغيرها من المدن الليبية المتاخمة للصحراء.

كان النظام في هذه المدة مستفيدًا من انزعاجِ أوروبا من المهاجرين واتخاذهم ورقة ضغط على أوروبا، لرفع الحصار عن ليبيا وعودتها إلى الحظيرة الدولية. خلال (2001- 2004)، اسْتَجَابَتْ ليبيا لِضُغُوطِ أُورُوبَا، حيث وقَّعَتْ بروتوكولات مع إيطاليا لمقاومة الهجرة غير الشرعية المتضررة منها إيطاليا أكثر من أوروبا، غير أنَّ الحكومة الليبية تَحَجَّجَتْ بِعدَمِ قدرتها على مراقبة الحدود في أكثر من (400 كم) من الحدود البرية التي تصل حوالي (6000 كم2).

 

هدف الاتحاد الأوروبي إلى الحَدِّ من الهجرة غير الشرعية القادمة من دول الجنوب والمتجهة شمال المتوسط لما تسببه من مشكلات اجتماعية واقتصادية لأوروبا دون تقديم أي مقوّمات لحل تنموي، واعتبرها جزءاً مهماً من مشكلة أمنية مستفحلة.

 



ويُعَدُّ اللِقَاءُ الْمُهِّمُ الذي حَصَلَ بين ليبيا والاتحاد الأوروبي (2004) أوَّلَ خُطْوَةٍ فعليةٍ من ليبيا في مكافحة الهجرة غير الشرعية، فبعد تطبيع العلاقات السياسية والاقتصادية أصبحت ليبيا شريكاً استراتيجياً بالنسبة إلى أوروبا فيما يخص مكافحة الهجرة غير الشرعية، بناءً عليه قامت ليبيا بإصدار قانون تجريم من يسهم في تهريب الأفارقة عبر البحر ومن يتعاون معهم ومن ينقلهم داخل الأراضي الليبية من الصحراء إلى الشواطئ المتوسطة في ليبيا، وعبّرت ليبيا عن نيتها في احتضان مكتب الاتصال للمنظمة الدولية للهجرة عام 2006 وتشديد المراقبة على حركة الهجرة غير المشروعة من الشواطئ الليبية تمّ اتفاق بين وزارة الداخلية الإيطالية وحرس الحدود الليبية على جلب معدات إلكترونية للمراقبة البحرية وتجهيزات لوجستية مهمة في المراقبة البحرية.

وأَصْبَحَتْ الْهِجْرَةُ غير الشرعية مُشْكِلَةً عَالَمِيَةً منذ بداية العقد الأخير من القرن العشرين، وتُعَدُّ ليبيا وإيطاليا من ضمن أبرز الدول التي تعاني هذه الإشكالية، الأمر الذي يقودنا للحديث عن التنسيق والتعاون الليبي الإيطالي تجاهها في الألفية الثالثة عمومًا.

 

وقد هدف الاتحاد الأوروبي إلى الحَدِّ من الهجرة غير الشرعية القادمة من دول الجنوب والمتجهة شمال المتوسط لما تسببه من مشكلات اجتماعية واقتصادية لأوروبا دون تقديم أي مقوّمات لحل تنموي، واعتبرها جزءاً مهماً من مشكلة أمنية مستفحلة.

وبالرغم من حداثة مشكلة الهجرة غير الشرعية في إطار العلاقات الدولية، فإنَّ الاهتمامَ بها من قبل السياسيين والأكاديميين والعامة قد زاد بشكلٍ ملحوظٍ منذ عقد التسعينيات من القرن الماضي، حيث أصبح عشرات الآلاف من الأفارقة والعرب يُهَاجِرُونَ على مَتْنِ ما يُعْرَفُ بِقَوَارِبِ الْمَوْتِ من الشواطئ الليبية إلى السواحل الإيطالية.

إنَّ تَأْثِيرَ معضلة المهاجرين غير الشرعيين دفع إيطاليا إلى عقد اتفاقيات ثنائية بهدف الحد من تدفق المهاجرين غير النظاميين، فمعاهدة 2008 للصداقة والشراكة نصّت بصراحة على تنسيق وتعاون الطرفين في هذا الشأن، كما سيتضح لنا فيما بعد.

وقبل الإطاحة بنظام العقيد القذافي في شهر آب / أغسطس 2011، اقْتَرَحَ الاتحاد الأوروبي شراكة استراتيجية جديدة مع ليبيا أسوة بدول المغرب العربي الأخرى، على نَحْوٍ يَأْخُذُ في الاعتبار المصالح المتبادلة، وبصورةٍ لا تُخِلُّ باختلافِ حَقَائِقِ الاجتماعِ والسياسة ِوالاقتصادِ بين طرابلس والعواصم الأوروبية. ودعا وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي أيضًا إلى ضم ليبيا في الشراكة مع الاتحاد الأوروبي الذي تربطه مع اثني عشر بلدا جنوب المتوسط، في أسرع وقت ممكن.


التعليقات (0)