هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يقع ضمن منطقة ساخنة، ويعد الآن من الأحياء المهمة في القدس الشرقية، ويشكل مع عدة أحياء أخرى الجانب الشرقي لمدينة القدس التي تتكون من جهة الشرق من حي وادي الجوز الذي يقع في المسار الشمالي لوادي النار (وادي كدرون)، ومن الشمال الغربي حي الحسيني (الحي الأمريكي)، ومن الجنوب الغربي حي المسعودية (المصرارة الشرقية)، وفي الوسط حي باب الساهرة.
ويجاور حي وادي الجوز، من الشرق الصوانة وجبل الزيتون، ومن الشمال والشمال الغربي حي الشيخ جراح، ومن الغرب خط وقف إطلاق النار الذي قسم القدس في الأعوام ما بين 1949 و1967 بين الاحتلال والأردن.
سمي الوادي بهذا الاسم نسبة إلى شجر الجوز المنتشر في أراضيها وبيوتها. وذكر المؤرخ عارف العارف أن التسمية تعود إلى وجود قبر الشيخ محمد بن أبي الجوز، وسمي الحي على اسمه. ويسكن في حي وادي الجوز 15 ألف نسمة بحسب تحديثات بلدية القدس لعام 2017.
شارع في وادي الجوز
ويبلغ طول وادي الجوز كيلومترا واحدا، وهو واد عميق شديد الانحدار. يطلق عليه أحيانا الوادي الشرقي، لأنه يبدأ شرقي مدينة القدس ثم يتجه جنوبا حتى ينتهي بوادي قدرون الذي يصب في البحر الميت، وهو يفصل بين مدينة القدس وجبل المشارف.
وكان حي وادي الجوز حتى نهاية القرن التاسع عشر أراضي أميرية تابعة للحكومة العثمانية يقوم أفراد بزراعتها، وكان الحق في الزراعة في تلك الأراضي يتوارث من جيل لآخر داخل العائلات. ومن ثم لاحقا في بدايات القرن العشرين بدأت بعض العائلات بالانتقال للعيش في وادي الجوز بشكل دائم.
ونظرا لقربه من البلدة القديمة ولامتلاكها مساحات مفتوحة واسعة، فقد التجأ إلى وادي الجوز العديد من اللاجئين والمهاجرين الريفيين منذ نكبة عام 1948.
وتعرض حي وادي الجوز إلى اعتداءات عدة من الصهاينة عام 1948 والذين فشلوا في احتلال الحي، وقد تعاون شبان الحي الذين صمموا على الدفاع عنه مع حوالي 20 مناضلا عربيا بقيادة محمد عادل النجار على تحصينه بشكل جيد للتعويض عن النقص في المقاتلين.
وتراءى للقوات الصهيونية أن الحي أصبح سهل المنال بعد أن نزح عنه بعض سكانه فقاموا في ساعة مبكرة من يوم 26 شباط/ فبراير عام 1948 بشن هجوم كبير عليه انطلاقا من "مستشفى هاداساه" و"الجامعة العبرية". وتمكنت القوات المهاجمة البالغ عددها 150 مسلحا من احتلال المنطقة المعروفة بـ"تل العفيفي"، ونسفت منزلين عربيين، الأمر الذي أدى إلى استشهاد ثلاثة أطفال عرب تحت الأنقاض، ثم حاولت متابعة التقدم داخل الحي فتصدى لهذا المجاهدون العرب وشبان الحي وكانوا حوالي 70 رجلا وكبدوا المهاجمين خسائر أجبرتهم على التوقف وطاردهم العرب حتى أجلوهم عن كامل الحي بعد أن سقط منهم 12 قتيلا و18 جريحا، ولم يخسر العرب سوى الأطفال الثلاثة.
سارع المجاهدون العرب إلى إصلاح ما تهدم من تحصينات الحي وزادوا من متانتها فساعدهم ذلك على التصدي للهجوم الكبير الذي شنه الصهاينة في منتصف شهر آذار/ مارس. وبقي الحي عربيا بعد أن أيقن الصهاينة استحالة احتلاله، وهدأت الحال فيه بعد هذا الهجوم الثاني. وبقي الحي عربيا.
واحتل وادي الجوز مع الجزء الشرقي لمدينة القدس في حرب حزيران/ يونيو عام 1967 ومن ثم ضم لاحقا لنفوذ بلدية الاحتلال في القدس التي قامت بتصنيف المنطقة "مناطق خضراء"، وقد أعاق هذا التصنيف إلى درجة كبيرة إمكانية التطوير العمراني والتجاري في المنطقة وساهم في انخفاض قيمة العقارات فيها.
وقامت بلدية القدس بنقل المنطقة الصناعية من شارع نابلس إلى وادي الجوز وذلك بهدف توسيع محطة الحافلات المركزية التي كانت موجودة هناك. وشهد وادي الجوز انتعاشا اقتصاديا في بداية الثمانينيات عندما بدأ عدد من أصحاب الكراجات ومحلات تصليح السيارات بفتح محلاتهم فيها إذ جذبتهم معدلات الإيجار المنخفضة نسبيا.
وشارك أهالي وادي الجوز في الانتفاضة الأولى وأغلق الكثيرون محلاتهم التجارية ضمن خطوات الإضراب وإظهار العصيان المدني. وفي الفترة ما بين عامي 2000 و 2004 تأثر الوضع الاقتصادي للمنطقة الصناعية في وادي الجوز بعد اندلاع الانتفاضة الثانية وصعوبة وصول الزبائن والمشترين من القرى المحيطة بالقدس.
وكثيرا ما تهاجم مجموعات من المستوطنين، حي وادي الجوز وتقتحم المنازل والمحال التجارية فيتصدى لها شبان الحي بكل بسالة وشجاعة.
وتتركز في منطقة وادي الجوز الحياة التجارية والصناعية في القدس الشرقية في ما يسمى مركز المصالح التجارية الرئيسي الشرقي.
وأخيرا وزعت بلدية القدس عشرات أوامر الإخلاء التي حملت عنوان "وقف الاستخدام الاستثنائي"، معتبرة أن أصحاب الكراجات يستخدمون المحال بشكل استثنائي ومخالف منذ عقود. وأنذرتهم بهدم محلاتهم، بحجة بنائها دون ترخيص، بعد يأسها من إمكانية أن يخلي المقدسيون محلاتهم طوعا.
وتعتزم بلدية الاحتلال في القدس تنفيذ مشروعين ضخمين على أنقاض نحو 180 منشأة للمقدسيين في المنطقة الصناعية في وادي الجوز، الأول سيكون امتدادا لمشروع "مركز مدينة القدس الشرقية" والآخر "وادي السيليكون".
الاحتلال يخطر بهدم عشرات المنشآت التجارية في حي وادي الجوز
ويروج رئيس البلدية موشيه ليؤون لمشروع "وادي السيليكون" الذي سيبنى على مساحة 200 ألف متر مربع، لإنشاء أماكن تشغيل في مجال التقنية العالية لنحو 10 آلاف خريج وأكاديمي مختص من المقدسيين.
وتبلغ مساحة الأراضي التي من المفترض أن يقام عليها مشروع "وادي السيليكون" نحو 30 دونما.
ويتشكك البعض من الأهداف من وراء المشروع، ويرون أنه جزء من الهيمنة الإسرائيلية، بربطه مع مجموعة من المخططات الهيكلية التي تستهدف القدس، وأخطرها مخطط "مركز المدينة شرق".. وتكثيف الوجود الإسرائيلي في شرق القدس، ومع الزمن تتحول المنطقة في التسمية من وادي الجوز ذي المعالم الفلسطينية إلى "وادي السيليكون" ذي المعالم الإسرائيلية المصطنعة.
المصادر
ـ أسيل الجندي، قضية "وادي الجوز" مجددا.. 180 منشأة صناعية مهددة بالهدم في القدس، الجزيرة نت، 9/2/2022.
ـ أحمد عز الدين أسعد، من وادي الجوز الفلسطيني إلى وادي السيليكون الإسرائيلي: الاستعمار والتطبيع والبروباغندا، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 28/12/2020.
ـ معركة وادي الجوز، الموسوعة الفلسطينية، 1/11/2016.
ـ عارف العارف: النكبة، بيروت، 1956.
ـ مستوطنون يهاجمون منازل مواطنين في حي وادي الجوز بالقدس المحتلة، مركز المعلومات الفلسطيني، 20/9/2022.