هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي حصار مدينة نابلس المحتلة للأسبوع الثاني على التوالي، بهدف القضاء على المقاومة الفلسطينية التي زاد دعمها الشعبي واحتضان الجماهير لها.
ورغم دخول حصار وإغلاق المدينة يومه الـ14 على التوالي، فإن معنويات السكان عالية، وزاد التحدي الشعبي لإجراءات الاحتلال التي تستهدف المقاومة وحصارها ومحاولة إحباطها من خلال التضييق على سكان المدينة التي تقع شمال الضفة الغربية المحتلة.
احتضان شعبي للمقاومة
وعن الأوضاع الاجتماعية والمعيشية داخل نابلس، أوضحت الناشطة ميس الشافعي، وهي من سكان المدينة المحاصرة، أن معنويات سكان نابلس مرتفعة رغم حصار وتضييق الاحتلال وإغلاقه لجميع المداخل ووضع الحواجز العسكرية، مشيرة إلى أن "هم سكان المدينة الأول والأخير، هو الحفاظ على حياة شبابنا، وشعارهم "في المال ولا في الرجال"".
وأضافت في حديثها لـ"عربي21": "الترقب والحذر والخوف موجود في كل الأوقات؛ خوفا على حياة الشبان (من غدر الاحتلال)"، منوهة إلى أن "حركة المواطنين صعبة على جميع الحواجز الموجودة على مداخل المدينة، وجيش الاحتلال لا يفرق بين سيارة مدنية أو سيارة إسعاف وغيرها، حتى إنه اعتقل قبل أيام ضابط الإسعاف فواز البيطار وهو على رأس عمله".
وذكرت الشافعي، أن "إغلاق المدن والمناطق؛ هو أسلوب قديم جديد يعمل به الاحتلال خاصة في المناطق التي يوجد بها تحركات للشبان (مقاومة الاحتلال)، وهو ما حصل مع نابلس أيضا في الانتفاضة الثانية؛ التي أطلق عليها آرئيل شارون "عاصمة الإرهاب (المقاومة) الفلسطيني".
اقرأ أيضا: تحذير إسرائيلي من "عرين الأسود".. الخطر القادم من نابلس
ونبهت إلى أن "الاحتلال يغلق بشكل كامل أيضا الريف النابلسي إضافة للمدينة، ونحن في موسم حصاد الزيتون، ولدى السكان مخاوف من اعتداءات المستوطنين حال خروجهم لقطف الزيتون".
وأفادت بأن "هدف الاحتلال من حصار نابلس؛ محاولته إحباط قدرة الشبان المقاوم وخاصة مجموعة عرين الأسود على التصدي لاعتداءات جيش الاحتلال"، مؤكدة أن "حصار الاحتلال ومحاولات التضييق على السكان، ساهم في زيادة الالتفاف الشعبي والاحتضان الجماهيري لهؤلاء الشبان، حتى إن هناك استجابة شعبية كبيرة للدعوات التي تصدرها مجموعة عرين الأسود".
ولفتت إلى أن "كل شهيد يرتقي برصاص الاحتلال في نابلس، يصبح رمزا من رموز النضال الفلسطيني، وهو ما عززته أيضا مؤخرا وسائل التواصل الاجتماعي، وكل جنازة شهيد لا تمر مرور الكرام، وكل اعتداء من قبل الاحتلال يصب في صالح هؤلاء الشبان، وشعبيتهم في تصاعد".
وأكدت الناشطة الفلسطينية المتخصصة في علم النفس، أن "ثقة الناس في المقاومة وفي "عرين الأسود" حاليا تفوق أي فترة ماضية، والإيمان بتلك المجموعة أصبح يتفوق على الإيمان بالفصائل، وهذا ما نلاحظه في الشارع، ويؤكد فشل الاحتلال في تحقيق هدفه من حصار نابلس، المتمثل بالتضييق على المقاومة وإثارة الناس ضد الشبان (المقاوم)، علما بأن هتاف الجماهير خلال تشييع تامر الكيلاني، الذي استشهد في عملية اغتيال بتفجير عبوة ناسفة في البلدة القديمة في نابلس، أمس فجرا، كان: بالروح بالدم نجود لعيون عرين الأسود".
وعن توفر المواد الغذائية وغيرها من الاحتياجات الأساسية، أوضحت أن جميعها متوفرة، و"نابلس بلدة خير، ولا ينقطع فيها الخير؛ هناك من يتبرع لتغطية كاملة لبعض الحالات الطبية، كما أنه يتم توفير وجبات غذائية للعائلات المستورة بشكل يومي".
توسع المقاومة المسلحة
وعن هدف الاحتلال من حصار نابلس ومدى تأثيره على "عرين الأسود"، أوضح الخبير في الأمن القومي إبراهيم حبيب، أن "الاحتلال يحاول جاهدا تطويق كل بؤرة جديدة للمقاومة كي لا تتفشى في باقي مدن الضفة الغربية، وحاول هذا مرارا وتكرارا مع مخيم جنين، إلا أن هذه الحالة انتقلت إلى نابلس، وهو الآن يضغط بكل ما أوتي من قوة وعبر التنسيق مع أجهزة السلطة الفلسطينية الأمنية، لوقف تفشي ظاهرة المقاومة المسلحة، بالتشكيلات الجديدة بعيدا عن الأطر التنظيمية والخلفيات الأيديولوجية".
ولفت في حديثه لـ"عربي21" إلى أن "تشكيلات المقاومة الجديدة (مثل عرين الأسود) أربكت كل حسابات أجهزة مخابرات الاحتلال، وبات من ينتمي لهذه التشكيلات ربما لا يكون له أي ارتباط تنظيمي، وبالتالي فإنه يصعب التكهن بمن يعمل مع هذه التشكيلات".
وأكد حبيب، أن "أجهزة الاحتلال الأمنية تخشى بشكل أساسي من انتشار هذه الظاهرة في باقي مدن الضفة، سيما أنها وضعت 4 كتائب كبرى من جيش الاحتلال في محاولة لفرض الحالة الأمنية في الضفة الغربية"، منوها إلى أن التقديرات الأمنية لدى الاحتلال تشي بأن انتشار هذه التشكيلات "سيكون له انعكاس أمني خطير على الحالة الأمنية، وبالتالي فلا بد من مواجهتها بشكل كامل وبكل السبل والوسائل".
اقرأ أيضا: "عرين الأسود".. مقاومة خارج إطار الفصائل تربك الاحتلال
وأضاف: "من هنا كان الحصار المشدد على نابلس للضغط على السكان من أجل أن ينفروا من هذه الظاهرة، إضافة إلى استخدام أساليب متنوعة في عمليات الاغتيال والتصفية والتهديد، واستخدام العصا والجزرة كما حدث قبل أيام قليلة مع "عرين الأسود" بإرسال قيادات من أجهزة أمن السلطة لتحذير قيادات تلك المجموعة بضرورة التوقف، وكان الرفض من قبل الشبان".
وذكر الخبير، أن "الحالة تزداد، والدماء تولد دماء أكثر والعنف كذلك، وفي حال نجحت "عرين الأسود" في تكرار نفسها مدن أخرى، ربما في الخليل أو بيت لحم، فسيشكل هذا ضغطا كبيرا على الاحتلال، يشي بوضوح أننا أمام بوادر انتفاضة ثالثة ذات طابع ومميزات خاصة تختلف عن الأولى والثانية".
ونبه إلى أن "الواقع في نابلس يحتاج إلى تكاتف مدني من قبل السكان، وهذا موجود ويتسع، وليس أدل على ذلك مما حصل في مخيم شعفاط والضفة الغربية بشكل عام مع الشهيد عدي التميمي، عندما أقدم الشبان الفلسطينيون على حلق رؤوسهم، في محاولة للتمويه عن هذا البطل الذي كان مختفيا قبل استشهاده عن عيون الاحتلال، وهذا استحضار للحالة الثورية الفلسطينية منذ عام 1936، عندما كان يلاحق الاحتلال البريطاني عناصر المقاومة الفلسطينية التي كانت ترتدي الكوفية، والتي أصبحت فيما بعد رمزا لكل الشعب الفلسطيني".
وخلص حبيب، إلى أن "روح المقاومة باتت حالة شعبية فلسطينية قد تنفجر في أي لحظة".
و"عرين الأسود"؛ هي مجموعة فلسطينية مسلحة تقاوم الاحتلال بأسلحة خفيفة، تنشط أساسا في مدينة نابلس، استشهد عدد من عناصرها أثناء اشتباكات مع جيش الاحتلال من أبرزهم الشهيد إبراهيم النابلسي، وفي مطلع أيلول/ سبتمبر 2022، وظهرت تلك المجموعة لأول مرة بشكل علني، تحمل بنادق أتوماتيكية تحمل في فوهتها راية حمراء صغيرة.