كشف اغتيال جيش الاحتلال للقيادي في مجموعة "عرين الأسود"
تامر الكيلاني في مدينة نابلس عن طريقة جديدة في الاغتيالات والتصفيات الجسدية، ما
قد يشير إلى استجابة الجيش وجهاز الأمن العام -الشاباك- لمطالب رئيس الحكومة يائير لابيد
ووزير حربه بيني غانتس بتجنب عملية عسكرية واسعة عشية الانتخابات، وفي الوقت ذاته تستهدف
المطلوبين بشكل محدد، وتقوي أجهزة أمن السلطة الفلسطينية قبل أن تنهار في النهاية.
في الوقت ذاته، فإن الاغتيال الذي تم عبر عبوة ناسفة يعيد
إلى الأذهان الطرق
الإسرائيلية غير التقليدية في التصفيات، ما يجعل الاحتلال يتجنب
اندلاع انتفاضة شعبية فلسطينية، من خلال تقليص نشاط الجيش الميداني في المدن الفلسطينية،
والاكتفاء بالاغتيال دون ترك بصمات إسرائيلية مكشوفة.
رون بن يشاي الخبير العسكري في صحيفة "
يديعوت أحرونوت"،
زعم أن "اغتيال الكيلاني يوضح الطريقة الإسرائيلية المختلفة والمعقدة التي اختارت
من خلالها التعامل مع بؤر المقاومة الفلسطينية المسلحة في شمال الضفة الغربية، في ظل
خشيتها من تحول ظاهرة "عرين الأسود" إلى نموذج للمحاكاة في باقي أزقة مخيمات اللاجئين،
بحيث تصبح مع مرور الوقت بمثابة إلهام ومصدر تقليد في مناطق أخرى من الضفة الغربية
والقدس المحتلتين".
وأضاف في مقال ترجمته "
عربي21" أن "اغتيال
الكيلاني بطريقة العبوة الناسفة، يؤكد القناعة الإسرائيلية بأن التصعيد القائم في المقاومة
الشعبية المتمثلة بإلقاء الحجارة وزجاجات المولوتوف منذ ثمانية أشهر لن ينحسر، بل سيزيد
طالما أن بؤرتي المقاومة المسلحة ما زالتا ناشطتين، وهما جنين ونابلس، لهذا السبب فقد اتخذ
مجلس الوزراء قرارا للتعامل بشكل عاجل مع "عرين الأسود"، ما حدا بجهاز الشاباك
والجيش والشرطة إلى ترجمة توجيهات الحكومة إلى عمليات التخطيط بناءً على الخبرة المكتسبة
في موجات المقاومة السابقة".
وأوضح أن "اغتيال الكيلاني بهذه الطريقة القديمة الجديدة
قد يكون جزءًا من التكتيكات العملياتية المستخدمة عقب توجيهات مجلس الوزراء، بهدف كبح
موجة المقاومة القائمة بحزم، ولكن بطريقة تمنع حدوث انتفاضة عامة في الضفة الغربية،
وقد صدرت تعليمات لقوات الأمن للتصرف في ظل ثلاثة قيود، أولها التقليل قدر الإمكان
من عدد القتلى بين الفلسطينيين الذين لا يشكلون خطراً مباشراً على الجيش، وثانيها السماح
للسلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية بتقوية واستعادة حكمها الذي ضعف بشكل كبير، وثالثها
عدم الدخول في عملية واسعة النطاق في جميع مناطق الضفة الغربية، خاصة عشية الانتخابات".
تفيد تجربة الفلسطينيين في انتفاضتي الحجارة والأقصى عن لجوء
الاحتلال للعديد من أساليب الاغتيال غير المكشوفة بالقصف أو إطلاق النار، ولعل لجوءه
لطريقة العبوة الناسفة سببه عدم وقوع اشتباكات مع المقاومين التي قد تسفر في النهاية
عن ارتقاء أعداد أخرى من الشهداء، والقناعة الإسرائيلية بأن كل شهيد يسقط، سواء كان
مسلحًا أو مدنياً، يخلق أسطورة بطولية، تؤجج شبكات التواصل الاجتماعي، وتصب مزيدا من
الزيت على النار المشتعلة في صدور مئات الآلاف من الشباب الغاضب.
في الوقت ذاته، تعتقد المخابرات الإسرائيلية أن جنازات أعداد
كبيرة من الشهداء تتحول إلى حدث جماهيري يصبح دافعًا قويًا يقود هجمات التقليد والمحاكاة،
صحيح أنه يمكن لجيش الاحتلال، كجزء من عملية كبيرة لمرة واحدة اغتيال مجموعة من بضع
عشرات من المسلحين خلال فترة طويلة من الزمن، أو حتى القضاء عليها، لكن طريقة اغتيال
الكيلاني تكشف أن الاحتلال يفضل أن تفعل السلطة الفلسطينية ذلك بأساليبها التي تجمع
بين الترغيب والترهيب، رغبة في تجنب خسائر في صفوف الاحتلال، وفي الوقت ذاته لإعطاء
السلطة فرصة لاستعادة السيطرة على نابلس.