صحافة دولية

MEE: أزمة المناخ ومقاومة ديكتاتورية السيسي أمران مترابطان

خلال سنوات حكم السيسي الثماني وصلت الانبعاثات إلى أوجها وتم إنشاء أكبر محطة توليد طاقة في أفريقيا وقودها الفحم- جيتي
خلال سنوات حكم السيسي الثماني وصلت الانبعاثات إلى أوجها وتم إنشاء أكبر محطة توليد طاقة في أفريقيا وقودها الفحم- جيتي

في الوقت الذي يحاول فيه النظام المصري استغلال انعقاد قمة المناخ "كوب27"، يؤكد تقرير للكاتبة كاثرين هيرست في موقع "ميدل إيست آي" البريطاني أن الحكومة المصرية تبذل كل ما في وسعها للتحكم بالحدث سعياً منها لتبييض سجلها البشع في مجال حقوق الإنسان وتنصيب نفسها "صوتاً يتحدث باسم جنوب المعمورة".

ويضيف التقرير أن مصر سوف تفرش البساط الأحمر للترحيب بالمنظمات الدولية غير الحكومية، بينما يحال بين النشطاء المصريين وبين المشاركة في الحدث، بعد أن تعرضوا للتهميش ومصادرة أموالهم، أو انتهى بهم المطاف وراء القضبان داخل السجون. ولهذا فإن المنظمات غير الحكومية الدولية التي ستشارك في القمة ستكون ضالعة في ممارسة هذا الخداع.

وتستعرض الكاتبة أمثلة صارخة على تجاهل نظام السيسي لحماية البيئة.

وفي ما يلي الترجمة الكاملة للتقرير:

في كانون الثاني/ يناير 2011، غص ميدان التحرير بالثوار الذين طالبوا باستقالة حسني مبارك، الرئيس المصري آنذاك. بحر متلاطم الأمواج من الشباب، سلاحهم الرايات والهتافات، حول الدوار الملوث إلى موقع للديمقراطية الراديكالية.

في حديث مع موقع "ميدل إيست آي"، قالت الناشطة الحقوقية في المهجر سمر الحسيني: "كان هناك حلم جارف وتطلعات لما يمكن أن يتم إنجازه. كانت لحظة تم فيها وضع جميع القضايا على الأجندة. كانت هناك نقاشات حول أزمة المناخ، وكان هناك حيز يتسع لكل شيء... وكانت هناك نافذة لعمل شيء إزاء ذلك."

إلا أن تلك النافذة أوصدت تماماً في ظل النظام السلطوي للرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي استولى على السلطة في انقلاب عام 2013 وأصبح رئيساً للبلاد في عام 2014. ومع صعوده، سقط التفاعل الرسمي مع أزمة المناخ. وفي نقلة ذات دلالة رمزية، ما أن زج بالثوار من ميدان التحرير في السجون حتى عاد الدوار إلى سابق عهده من اختناقات مرورية وأجواء ملوثة بفعل الانبعاثات الغازية.

خلال سنوات حكم السيسي الثماني، وصلت الانبعاثات إلى أوجها، وتم إنشاء أكبر محطة توليد طاقة في أفريقيا وقودها الفحم، ونجم عن إطلاق العنان لعمليات التطوير اقتلاع الأشجار من الشوارع والطرقات.

في كتابه الذي يحمل عنوان "كيف تفجر خطاً للأنابيب"، يسلط المؤلف أندرياس مالم الضوء على مدى خطورة الوضع البيئي في مصر حالياً.

كتب أندرياس مالم يقول: "الوضع شديد الخطورة فمستوى البحر الذي يخترق الدلتا في ارتفاع مستمر، وحرارة الصيف المتزايدة لم تعد تحتمل في القاهرة، ومن المتوقع أن يتقلص محصول الحبوب في صعيد مصر بدرجة تفوق معظم السلات الغذائية... ورغم كل ذلك فلا حياة لمن تنادي بشأن مسألة المناخ."

نضالات ضد الحكم الفردي المستبد

يهدف كتابه إلى استثارة الحركة البيئية وتحفيزها على تصعيد أساليبها من خلال اللجوء إلى التخريب كأداة، رافضاً فكرة "السلمية الاستراتيجية". ويضرب أمثلة على مثل تلك الأساليب من حملة الحرق التي شنتها المطالبات بحق المرأة في الاقتراع، إلى الجناح المتطرف في حركة الحقوق المدنية في الولايات المتحدة، إلى تخريب محطات توليد الطاقة من قبل معارضي نظام الفصل العنصري (الأبارتيد) في جنوب أفريقيا.

كما يستشهد بالنضال ضد الحكم الفردي السلطوي في الشرق الأوسط، مقارناً ما شهدته انتفاضات الربيع العربي من تعبئة بالمطالب المتعلقة بأزمة المناخ، والدكتاتوريات التي سعت تلك الحركات الاحتجاجية إلى الإطاحة بها بانعدام القابلية للتغيير من قبل الاقتصاد القائم على الوقود الأحفوري.

يقول مالم إنه تم تبييض الإطاحة بالرئيس مبارك في مصر من خلال العودة إلى تاريخ الحراك السلمي، ولكن ملايين المصريين "لم يصلوا إلى ميدان التحرير وهم يحملون الورود ليوزعوها على رجال الشرطة." بل هوجمت مراكز الشرطة وتم تدمير ما يقرب من أربعة آلاف عربة. وهذا "فتح أبواب النيل على مصاريعها" وحفز الناس على الانضمام إلى الحراك المعتمل داخل ميدان التحرير.

طوال عام 2011، تعرض خط الأنابيب الذي ينقل الغاز من مصر إلى إسرائيل مرات عديدة للهجوم، مما أفضى إلى إلغاء صفقة الغاز المبرمة بين الطرفين. ولكن بينما يعترف مالم بالتاريخ الطويل الذي شهد تخريب خطوط الأنابيب كوسيلة للمقاومة ضد الاحتلال وضد الأنظمة الاستبدادية في الشرق الأوسط، إلا أنه يتساءل لماذا لم يتم استهداف خطوط الأنابيب هذه، والتي تضر بالمناخ، "باعتبارها قوى تدميرية بحد ذاتها".

ويلاحظ مالم أنه بالنسبة لمنطقة "تنتشر فيها طولاً وعرضاً مرافق الوقود الأحفوري"، وهي المنطقة التي تعتبر عرضة، وبشكل غير متكافئ، للتغير المناخي، لا توجد أمثلة تاريخية تستحق الذكر على الفعل المناخي في الشرق الأوسط.

ولا أدل على ذلك من الوضع في مصر نفسها. فبالرغم من جملة من المشاكل البيئية التي تعاني منها، تجد النشطاء يأخذون بالحسبان مخاطر التعرض للاعتقال، أو لما هو أسوأ من ذلك، قبل أن ينبسوا ببنت شفة.

تقول سمر الحسيني إنها في عام 2017 سُمح لها بمغادرة البلد لمتابعة دراستها العليا والحصول على شهادة الماجستير، ولكنها لم تعد منذ ذلك الوقت. كثيرون غيرها لم يحالفهم الحظ مثلها، حيث يقدر عدد السجناء السياسيين الذين يقبعون خلف القضبان في سجون مصر بما يقرب من ستين ألفاً، وحيث يتم سن قوانين ساحقة ماحقة تحظر الاحتجاجات وتحظر حرية التعبير معتبرة ذلك بمثابة نشر ما يسمى "الأخبار الكاذبة". وفي نفس الوقت تتعرض المنظمات غير الحكومية لتجميد ممتلكاتها. أما التعاون مع المجموعات الدولية فيمكن أن يعرض المرء إلى تكبد أحكام طويلة بالسجن.

ممارسة أعمال الخداع

بهذه الخلفية سوف يكون انعقاد قمة المناخ "كوب27" الأسبوع القادم في شرم الشيخ بمثابة ممارسة لأعمال الخداع، إذ تبذل الحكومة المصرية كل ما في وسعها للتحكم بالحدث سعياً منها لتبييض سجلها البشع في مجال حقوق الإنسان وتنصيب نفسها "صوتاً يتحدث باسم جنوب المعمورة."

سوف تفرش مصر البساط الأحمر للترحيب بالمنظمات الدولية غير الحكومية، بينما يحال بين النشطاء المصريين وبين المشاركة في الحدث، بعد أن تعرضوا للتهميش ومصادرة أموالهم، أو انتهى بهم المطاف وراء القضبان داخل السجون. ولهذا فإن المنظمات غير الحكومية الدولية التي ستشارك في القمة ستكون ضالعة في ممارسة هذا الخداع.

ولهذا السبب فقد أصدر المنتدى المصري لحقوق الإنسان، والذي تعمل فيه سمر الحسيني مسؤولة عن الاتصالات، عريضة يلتمس من خلالها من السلطات المصرية معالجة أزمة حقوق الإنسان في البلاد قبل انعقاد قمة المناخ. وجاء في العريضة: "نود التأكيد على أن العمل المناخي الفعال غير ممكن بدون فتح المجال المدني. تجازف مصر، باعتبارها المضيف لقمة المناخ "كوب27"، بإفشال هذا المؤتمر إذا لم تبادر على وجه السرعة برفع القيود التعسفية المفروضة على المجتمع المدني."

لئن كان البعض في المجتمع الدولي عاجزاً عن رؤية العلاقة بين أزمة المناخ وما يمارس في مصر من قمع وقهر منتظم للمجتمع المدني، فإن هذا لا يعني أن الصلة بين الأمرين غير واضحة، كما تقول سمر الحسيني، التي تضيف: "لن يكون بإمكانك التأثير بشكل واسع على أي شيء ما لم تمنح الناس مجالاً للتعبير عما لديهم من أفكار."

في كتابه الذي صدر بعنوان "لم تتكبدوا الهزيمة بعد"، يذكر الناشط المصري علاء عبد الفتاح، الذي يقبع في السجن منذ ما يقرب من عقد من الزمن حتى الآن، كيف تم التعاون على كتابة ميثاق الحرية بمساعدة ما يقرب من خمسين ألفاً من المتطوعين الذين جمعوا الأفكار من الناس في مختلف أرجاء جنوب أفريقيا حول الكيفية التي يرغبون في رؤية بلادهم تدار من خلالها. لقد شكلت إجاباتهم المنوعة ما غدا من بعد الدستور الجديد للبلاد.

ما كان يسعى لتحقيقه الشباب المصريون في ميدان التحرير هو ذلك النوع من السياسة التي يشارك في صنعها عموم الناس، وهو ما تم انتهاجه فيما بعد عند صياغة الدستور الجديد.

كتب علاء عبد الفتاح متسائلاً: "ما الذي سيحصل فيما لو شارك عشرات الآلاف من الناس في تحقيق ذلك الحلم؟ لربما عثرنا على أولويات تم تجاهلها من قبل." وأضاف: "لربما لو استمعنا إلى الصيادين على ضفاف بحيراتنا وسمعنا شكاواهم حول ما يلحق بقطاع صيد السمك من دمار على يد المؤسسات متعددة الجنسيات، لاكتشفنا كم هي ملحة هذه القضية، ولاكتشفنا مدى ارتباطها بالعدالة الاجتماعية ومدى حاجتها إلى الحماية الدستورية."

"لا تتوقفوا عن القتال"

عبر كل ما كتباه، يناشد مالم وعبد الفتاح النشطاء بمقاومة اليأس والإحباط. إلا أن الغموض يكتنف عنوان كتاب علاء عبد الفتاح، فهو يجمع بين الإحساس بالهزيمة والحافز على الأمل، ومع ذلك كتب يقول: "كل ما هو مطلوب منا هو ألا نتوقف عن القتال في سبيل ما هو حق."

وحيث يتبنى مالم رؤية ضيقة للمقاومة المناخية في جنوب المعمورة، فإن العديد من الأمثلة على اللجوء إلى التخريب وسيلة للمقاومة في الشرق الأوسط لا يتحقق فيها ما وضعه من مواصفات، وذلك لأن المحفزات على اللجوء إلى هذه الوسيلة خالية من الالتزام بوضع حد لرأسمالية الوقود الأحفوري.

إلا أن هذه النظرة لا تعترف بالديْن الموجود في ذمة الحركات في شمال المعمورة لثوار ميدان التحرير الذين يقبعون الآن في السجون.

وكانت المحللة ناعومي كلاين قد أشارت إلى ذلك في مقال لها نشره موقع "ذي إنترسيبت" حين كتبت تقول: "بإمكانكم رسم خط يقترب من الاستقامة إلى حد كبير من ميدان التحرير إلى حركة احتلال وول ستريت، إلى حملة الانتخابات الرئاسية للمرشح بيرني ساندرز في عام 2016، إلى انتخاب ألكسندريا أوكازيو كورتيز لعضوية الكونغرس وتصدرها لحركة الصفقة الجديدة الخضراء." هناك حركات أخرى استمدت الإلهام من شباب ميدان التحرير وذلك بالضبط لأن احتلالهم للميدان كانت غايته التأكيد على قيمة الحياة.

بينما يقترب موعد انعقاد قمة المناخ "كوب27"، يبدو أن النافذة من أجل التغيير، والتي أغلقت بإحكام بعد انتفاضة مصر عام 2011، قد انفتح صدع في موقعها، وخرج منه ضياء يوضح الصلة الوثيقة بين من يقبعون وراء القضبان وأزمة المناخ، ويجدر بالمجتمع الدولي أن يأخذ ذلك الارتباط بالاعتبار.

 

التعليقات (1)
1111
الخميس، 03-11-2022 09:06 ص
هو يعني لما أقول الخلل فين أو أتكلم عن الواقع بصراحة يبقى مليش حق يعني ملهاش حل يا أطبيل أو أتسجين ما لكم كيف تحكمون أشغل التلفاز أشوف البلد سويسرة أخرج للشارع أراها بنت عم الصومال المسؤلية ليس تبني لنفسك و شلة لي معك قصراً و تشتري طيارة المسألة أكبر من كذا بكثير هو تطوير البلد من الأسواء إلى الأفضل يعني نريد الكافأت و ليس الولاأت ما الفائدة التي أحصل عليها عندما يسجن الصحافة و الأبرياء صورة البلد تصبح زي الزفت الحقيقة واضحة و الباطل كمان حتى لو لبست نظارات .