هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نفذت تركيا عملية جوية هي الأكبر في الشمال السوري ضد منظمة العمال الكردستاني، ضربت فيها لأول مرة أهدافا في منطقتي "عين العرب" و"تل رفعت" الخاضعتين تحت سيطرة وحدات حماية الشعب الكردية.
وتأتي العملية الجوية، بعد أيام من تفجير إسطنبول والذي أودى بحياة ستة أتراك وإصابة العشرات، اتهمت فيه أنقرة حزب الاتحاد الديمقراطي في "عين العرب" شمال شرق سوريا بالوقوف خلفه.
وقال الرئيس التركي إنه في العملية الجوية جرى تدمير 89 هدفا، 44 منها في الشمال السوري، بمشاركة 70 مقاتلة وطائرة ومسيرة.
وقال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، إن قوات بلاده "حيّدت" 184 عنصرا من منظمة العمال الكردستاني منذ انطلاق عملية "المخلب-السيف".
ولأول مرة قصفت المقاتلات التركية أهدافا في "عين العرب" البلدة التي يتمركز فيها الفرع السوري لمنظمة العمال الكردستاني، وأعلن أردوغان أنه جرى تدمير 12 هدفا فيها.
العملية الجوية خلقت فجوات
الخبير العسكري التركي عبد الله أغار، قال إن الجميع ربط العملية بهجوم شارع الاستقلال بتقسيم، ولكن الأمر ليس ذلك فقط، مشيرا إلى أن عملية "وقت الحساب" التي أطلقت عليها وزارة الدفاع التركية "المخلب-السيف"، تأتي ردا على العمليات الدموية لمنظمة العمال الكردستاني.
وتابع بأن "المخلب-السيف" جاءت بعد عملية بدأتها تركيا في منطقة الزاب في شمال العراق منذ نيسان/ أبريل الماضي.
اقرأ أيضا: أردوغان: "المخلب-السيف" لن تقتصر على الغارات الجوية
وحول نتائج العملية، أوضح الخبير العسكري أن العملية الجوية أصابت البنى التحتية لخطوط الاتصال والتواصل لمنظمة العمال الكردستاني، كما أنها دمرت أنفاقا وتحصينات الخنادق بقنابل قوية للغاية، وساهمت "المخلب-السيف" بهز الروح المعنوية للانفصاليين.
وأوضح أن العملية خلقت فجوات بين هياكل منظمة العمال الكردستاني، ومناطق هيمنتها، ولتحقيق نتائج دائمة ومنع إعادة "بناء الإرهاب"، فإنه يجب إبعاد "المنظمة الإرهابية" من المنطقة.
رسائل تركية
الكاتبة التركية هاندا فرات، ذكرت في تقرير على صحيفة "حرييت"، أن تركيا مارست ضبط النفس الطويل، ولكن بعد هجومي مقر الشرطة في مرسين، وشارع الاستقلال في تقسيم فقد "طفح الكيل لديه".
وقالت إن العملية التي بدأت بحملة جوية شاملة في المناطق الشمالية من سوريا والعراق، لن تنتهي حتى الحصول على نتيجة كاملة.
وأضافت فرات، أنه بغض النظر عن الهجمات التي نفذت في تقسيم ومرسين، فقد كانت هناك العديد من الهجمات للمنظمة الكردية المسلحة التي تمكنت الأجهزة الأمنية من منعها.
وتابعت بأن الولايات المتحدة وروسيا اضطرتا لفتح المجال الجوي الخاضع لسيطرتهما أمام المقاتلات التركية التي قصفت أهدافا بالعمق، في رسالة تركية بأنها لن تسمح بـ"دولة منظمة العمال الكردستاني" بجوارها.
أما الرسالة الثانية فكانت في منطقة "عين العرب"، حيث قصفت المقاتلات التركية لأول مرة فيها، ونقلت الكاتبة عن مصادر رفيعة المستوى أنه جرى اختيار تلك المنطقة خصيصا، في رسالة بأن "ما يسمى عاصمة الدولة التي يؤسسونها وضعت تحت السيف (التركي)".
ولفتت الكاتبة إلى أنه لم يكن هناك ردود فعل صاخبة من العواصم الغربية عن العملية الجوية الشاملة والتي نفذت بعد هجوم تقسيم الإرهابي، وهذا الوضع خيب آمال قيادة المنظمة الكردية المسلحة.
وذكرت أن قوات الأمن التركية منعت العديد من الهجمات داخل تركيا، في الوقت الذي أصدرت فيه المنظمة تعليمات لأعضائها باتخاذ إجراءات في تركيا وإحداث ضجة، لكنها بعد عدم قدرتها على العثور على أشخاص من داخل كوادرها، فإنها طورت طريقة جديدة بحسب مصادر أمنية.
اقرأ أيضا: هل أعطت دمشق الضوء الأخضر لتركيا بعملية "مخلب السيف"؟
وأوضحت أن المنظمة الكردية المسلحة طورت أساليب عمل جديدة، حيث إنها تستهدف الأفراد الذين لا يخضعون لتدريب أيديولوجي، وليسوا أعضاء فاعلين داخل المنظمة وليسوا من أصل كردي بتدريب خاص.
وأشارت إلى أن المنظمة تختار الأشخاص الذين ليست لديهم سجلات أمنية، وتعطيهم مبالغ كبيرة من المال، أو تقوم بتهديدهم بعائلاتهم، وهذه الطريقة استخدمت مع الأيزيديين في سنجار شمال العراق.
وأوضحت أن منطقة "عين العرب" هي الوحيدة الواقعة تحت سيطرة حزب الاتحاد الديمقراطي بين الجناحين الشرقي والغربي لنهر الفرات، وبين مناطق عملية "درع الفرات" التركية.
وتابعت بأنه لهذا السبب ولغرض منع "التسلل" فسوف تستمر العمليات الجوية، كما أنها ستواصل تركيا الرد على الهجمات بقذائف المدفعية بذات الطريقة دون توقف.
وكما قال أردوغان، فإن الاستعدادات جارية لعملية برية، وستقوم تركيا بتوسيع الجيوب في المناطق التي فيها فجوات على طول الحدود، كما أنه اتخذ إجراء بعمل عملية مسح شامل بشأن الأشخاص الذين قد تستخدمهم المنظمة في هجمات محتملة، كما تذكر الكاتبة التركية.
صراع غير مباشر بين تركيا والولايات المتحدة
الكاتب التركي سيدات إرغين، في تقرير على "حرييت" ذكر أنه بالنظر إلى أن "قسد" هي الحليف الأكثر قيمة للولايات المتحدة في سوريا، وهي تتلقى دعما اقتصاديا وعسكريا منها، فإن من الممكن اعتبار أن الصراع الميداني الدائر هو صراع غير مباشر بين تركيا والولايات المتحدة.
ولفت إلى أن الرئيس التركي أعطى تعليمات بشأن العملية فور عودته من إندونيسيا، وقبل نزوله من الطائرة في إسطنبول اجتمع بوزير الدفاع خلوصي أكار واثنين من المسؤولين العسكريين.
وأضاف أن توقيت الهجوم الجوي جاء بعد لقائه الرئيس الأمريكي جو بايدن على هامش قمة العشرين.
وأشار إلى أن المقاتلات التركية ضربت بشكل مباشر مواقع لم تستهدفها سابقا، ومنها "عين العرب". وخلال عملية "نبع السلام" عام 2019 منعت الولايات المتحدة تركيا من استهداف تلك المنطقة.
وأكد أن استهداف تركيا لمراكز وحدات حماية الشعب الكردية في "عين العرب" و"المالكية" هذه المرة رفعت عتبة التوتر تجاه الولايات المتحدة.
واللافت أن منطقة "تل رفعت" غربي نهر الفرات استهدفت لأول مرة من المقاتلات التركية، وتخضع تلك المنطقة لسيطرة روسيا وإيران.
والملاحظ أنه على الرغم من أنه يبدو أن العملية تحمل رسالة إلى الولايات المتحدة، فإن جزء كبيرا من الأهداف تقع في منطقة تخضع لسيطرة روسيا التي لم تلتزم بتعهداتها في اتفاق سوتشي في 22 تشرين الأول/ أكتوبر 2019.