أكد كاتب
إسرائيلي، أن تقدم عملية
التطبيع "الناضج" بين
السعودية التي تسعى لثورة تغيير داخلي وبين
الاحتلال مرتبط بالموقف الأمريكي من المملكة التي يقودها ولي العهد
محمد بن سلمان.
وأوضح جاكي خوجي في
مقاله بصحيفة "معاريف" العبرية، أن "ما يزعج السعودية التي تتجه نحو انفتاحية كبيرة وجدية، وتحقيق رؤيا 2030؛ وهي الخطة الكبرى التي وضعها ولي العهد (37 عاما) للسير بالمملكة إلى الأمام، هي أوضاع الحرب والنزاعات".
السعودية الجديدة
وقدر أنه "في حال لم يقع خلل في الطريق؛ مثل هجوم إسرائيلي في إيران يبعث حربا إقليمية، أو تفشي وباء، فإن السعودية ستقلب جلدتها، اقتصاديا وثقافيا وبيروقراطيا ودستوريا، وابن سلمان الذي ارتبط اسمه بالغرب كأزعر منفلت العقال، فإنه يبدو في هذا المشروع كصاحب تطلع زعامي من النوع الذي يصمم التاريخ".
ونوه الكاتب إلى أن السعودية تسعى إلى "نزع ماضيها، وترغب في أن يحتل موقعا رائدا في "العالم المتنور"، موضحا أن الخطة السعودية تتطلع إلى "جرف مئة مليون سائح في السنة إلى المملكة، التي تبني مطارات وتقيم الفنادق وشبكة القطارات من الصفر وتؤسس شركتي طيران على الأقل، وتقيم مدينة المستقبل الجديدة "نيوم"، إضافة إلى تطوير مناطق أثرية وبناء أطول برج في العالم بطول كليومترين".
اظهار أخبار متعلقة
وأشار إلى أن هذا "الرهان العظيم" من قبل ابن سلمان يستدعي "التركيز على الهدف وإزالة الضجيج"، ملمحا إلى أنه مما يزعج ابن سلمان الذي في طريق تحقيق "السعودية الجديدة"، هو "النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي المستمر منذ عقود، وعليه فإنه في السنوات القريبة القادمة، ستجتاز الرياض "الروبيكون" في أعقاب شقيقاتها (الإمارات والبحرين) وتحسن علاقاتها مع إسرائيل".
وذكر أن "السعودية لن تحصل منا على أكثر مما تحصل عليه اليوم؛ منظومات السلاح المتطورة، والتفاهمات في الموضوع الإيراني والأعمال التجارية مع السوق المدنية.. وكل هذه موجودة منذ الآن، لعلهم يضغطون علينا قليلا في مواضيع المسجد الأقصى والمناطق، لأجل مصالحة الشارع العربي، كي لا يشعروا بأنهم تنازلوا لليهود بلا مقابل".
ونبه إلى أن "الرياض إلى أن تحسن بشكل رسمي علاقاتها مع إسرائيل، فإنها تقلص المسافات بالتدريج، فذات مرة اتصلوا برجال استخبارات إسرائيليين، وبعد ذلك بدأوا يتاجرون مع شركات إسرائيلية من تحت الطاولة، ومؤخرا اتخذوا خطوة إضافية؛ فتحوا المملكة لزيارات سياح إسرائيليين على أن يأتوا بجواز سفر غير إسرائيلي، وفي الوسط أطلقوا الضوء الأخضر للبحرين والإمارات لإخراج علاقاتها مع تل أبيب إلى النور (إعلان التطبيع بعد توقيع اتفاقيات إبراهيم)"، منوها إلى أن "هناك حاجة لسبب ثقيل الوزن كي يتراجع هذا الميل إلى الوراء".
عقول إسرائيلية
ولفت خوجي وهو معلق في الشؤون العربية في الصحيفة، إلى أن "الخطوة الحاسمة، النهائية، يؤخرونها حاليا أساسا بسبب الأمريكيين؛ فبين الرياض وواشنطن تسود ضغينة، والسعودية تطالب بإعلان من الكونغرس عنها كشريك استراتيجي للولايات المتحدة، مثل رفيقاتها في "الناتو"، وعندها تتمكن من أن تشتري منها السلاح الأفضل في العالم، علما بأن بنية السعودية تأسيس برنامج نووي لأغراض سلمية، وفي هذا أيضا تحتاج لمباركة واشنطن في المؤسسات الدولية واكتساب المعرفة، وواشنطن تتحفظ حاليا، خوفا من اختباء السعودية القديمة تحت هذه العباءة".
اظهار أخبار متعلقة
وتابع: "هذان العائقان، في حالة إزالتهما، فإن هذا كفيل بتحسن علاقات الرياض مع الأمريكيين، وبالتالي تحسين علاقاتها مع إسرائيل، وفي اليوم الذي يسجل فيه اختراق بين الرياض وتل أبيب، لا يوجد شيء يمنعهم من تجنيد عقول من إسرائيل للمشروع العظيم مثلما جندوا حتى الآن خبراء من كل العالم، وفي هذه الأثناء لا يضيعون الوقت، ولي العهد جمع آلاف الشباب وبعث بهم ليتعلموا الفندقة والسياحة في أفضل المدارس في العالم، وعند عودتهم سينخرطون في الأقسام المختلفة للرؤيا الوطنية".
وبين الكاتب، أن "أحد الحواجز في الحوار البارد بين القصر الملكي والبيت الأبيض، هو العلاقات العكرة بين الرئيس الأمريكي جو بايدن وابن سلمان، كلاهما ينفران الواحد من الآخر، وولي العهد يرغب جدا في قرب الأمريكيين ويعمل على كسب قلبهم، بالطبع بطريقته، ففي يوم الجمعة استضاف في الرياض رئيس الصين، شي جينبينغ، في قمة مبهرة ومغطاة إعلاميا، وهذا حصل بعد نصف سنة من قمة مشابهة عقدها من أجل بايدن، والقمم التي يعقدها ابن سلمان؛مؤثرة تجاه الخارج على مستوى القوى العظمى".
محللون في أرجاء العالم رأوا القمة العربية-الصينية كـ"وسيلة ضغط على بايدن، وهكذا فهم فوتوا النقطة مرة أخرى، فأكثر من أنه يعتزم تهديد واشنطن بالتقارب مع بكين، فإن ابن سلمان يريد علاقات منسجمة مع الكل؛ لأن التوتر والأعداء والأجواء المتطرفة، هي مزايا ضارة، إلا إذا وقعت في ساحات الآخرين".
وأفاد بأن حرب روسيا مع أوكرانيا جلبت الحظ للسعودية، التي رفعت سعر برميل النفط، بهدف جني الأرباح، لأن "السعودية الجديدة، بحاجة إلى أكوام الدولارات، فبناء المدن السياحية يحتاج إلى ستة تريليونات دولار"، منوها إلى وجود "الكثير من الإسرائيليين في السعودية".
وختم خوجي حديثه بقوله: "محمد بن سلمان يبني سعودية جديدة، ويقود ثورة ستغير المنطقة وتدخله إلى كتب التاريخ، أما إسرائيل، فمن ناحيته السلام (التطبيع) نضج منذ الآن وهو لا ينتظر إلا الأمريكيين".