قال الحقوقي
الإيراني،
رضا خندان، إن "
الاحتجاجات المستمرة في إيران للشهر الرابع على التوالي نسفت
شرعية النظام الإيراني لدى المجتمع الدولي، خاصة بعدما تم التصدي للمحتجين، بقمع
وعنف ووحشية مفرطة".
وشدّد خندان، في
مقابلة خاصة مع "عربي21"، على أن "الحكومة الإيرانية لم يكن لها
الكثير من الشرعية داخل البلاد"، مؤكدا أن "المجتمع الإيراني يرغب بقوة
في إنهاء العادات والتقاليد التي كانت قائمة منذ شباط/ فبراير 1979".
وفي 1 شباط/ فبراير
1979، نجحت الثورة الإيرانية، وعاد آية الله الخميني إلى طهران بعد 15 عاما قضاها
في المنفى بين العراق وفرنسا.
على إثر ذلك، أعلن آية
الله الخميني، ورجال دين، في 11 شباط/ فبراير من العام ذاته، عن تأسيس جمهورية
إيران الإسلامية بعد الإطاحة بالشاه محمد رضا بهلوي الذي كان قد غادر البلاد في 16
كانون الثاني/ يناير جراء احتجاجات كبيرة ضد نظامه استمرت أشهرا.
احتجاجات مختلفة
وأشار خندان إلى أن
"هذه الاحتجاجات الحالية لا يمكن مقارنتها مطلقا بأي من الاحتجاجات التي حدثت
في الماضي؛ فمسرح الاحتجاج هو كل الفئات الفكرية والسياسية والاجتماعية وجميع مدن
البلاد، وهو ما يميزها عن غيرها من الاحتجاجات السابقة".
وتابع: "تتميز
هذه الاحتجاجات بخصائص فريدة وتتعارض بشكل صارخ مع الأمثلة السابقة؛ فعلى الرغم من
أنها بدأت كاحتجاج على مقتل الشابة مهسا أميني وشرطة الأخلاق، إلا أن الهدف
النهائي للمتظاهرين هو تغيير الحكومة والإطاحة بها. إن العبء الثقافي ونطاق هذه
الجولة من الاحتجاجات فريدان في العقود الأخيرة".
ولفت خندان، وهو زوج
المحامية الإيرانية البارزة والناشطة في مجال حقوق الإنسان نسرين ستوده،
والمُعتقلة في السجون الإيرانية، إلى أن "هذه الاحتجاجات ستستمر، ولا سبيل
للعودة، حتى يتم تحقيق أهداف معينة، ولكن قد تكون مصحوبة بتقلبات؛ حيث ستنخفض
وتيرة شدة هذه الاحتجاجات، لكنها ستستمر مرة أخرى في شكل جديد".
اظهار أخبار متعلقة
يُشار إلى أن ستوده
مُحتجزة منذ حزيران/ يونيو 2018، وحُكم عليها بالسجن لمدة 38 عاما على 9 تهم
مجتمعة، بما في ذلك "التشجيع على الفساد والدعارة"، فيما يتعلق بعملها
في الدفاع عن النساء الموقوفات بسبب الاحتجاج السلمي على قوانين الحجاب الإلزامي.
بموجب القانون
الإيراني، سوف تحتاج ستوده إلى أن تقضي 12 عاما في السجن، وهي أطول مدة من بين العقوبات
التي يجب أن تقضيها في السجن.
"انهيار
شعبية النظام الإيراني"
وحول تقديره لحجم
شعبية النظام الإيراني اليوم، رأى خندان أن "الحكومة خسرت كل جمهورها بأدائها
في مختلف المجالات، ولم يبق لها من مؤيدين إلا مَن يستفيد من وجودها ماليا"،
داعيا العالم إلى أن يكون "صوتا" للمواطنين الإيرانيين.
وهاجم طريقة تعامل
السلطات الإيرانية مع الاحتجاجات، قائلا: "كعادتها تتجاهل الحكومة حق
الاحتجاج وتذل المتظاهرين. لقد استمروا في التعامل مع المحتجين بالعنف والوحشية
المفرطة، وذلك لأن الجماعات الأكثر تشدّدا تهيمن على أجواء صنع القرار في
طهران".
واستنكر بشدة عمليات
الإعدام الأخيرة التي نُفذت في إيران بحق متظاهرين، وقال: "كانت عمليات
الإعدام هذه واحدة من أكثر الأعمال الإجرامية التي ارتكبتها الحكومة، وستكون باهظة
الثمن بالنسبة لها، حتى أنهم اتهموا العديد من عملائهم بتنفيذ عمليات الإعدام
تلك".
واستطرد الحقوقي
الإيراني، قائلا: "عمليات الإعدام هذه هي سخرية من القانون ومن إجراءات
المحاكم. لقد كانت الحكومة تنوي خلق حالة من الذعر والهلع، ولكن كما كان متوقعا؛
ولّدت عمليات الإعدام العنف بدلا من الذعر".
ونفذت إيران عمليتي
إعدام خلال احتجاجات عمت أرجاء البلاد، أدانهما المجتمع الدولي وخبراء حقوقيون على
نطاق واسع.
وحكم القضاء الإيراني،
في وقت سابق، بالإعدام على 5 من أصل 16 شخصا يخضعون للمحاكمة على خلفية مقتل عنصر
مرتبط بالحرس الثوري خلال الاحتجاجات على وفاة أميني.
"تضليل
الرأي العام"
واعتبر خندان الحديث
بشأن حل "شرطة الأخلاق" ومراجعة قضية الحجاب في البلاد، "محاولة
لتضليل الرأي العام، على الأقل داخليا، لكن لا أحد يهتم بهذه التصريحات".
وأردف: "المشكلة
في إيران هي قانون فرض الحجاب الإلزامي، الذي لا يزال قائما. بالإضافة إلى ذلك،
خلال هذه الفترة بعد مقتل مهسا أميني، لم تغلق الحكومة شرطة الأخلاق، بل كانت قوة
المحتجين هي التي أغلقتها، لكن مطلب المحتجين الآن ليس إلغاء قانون الحجاب
الإلزامي؛ ولكن تغيير الحكومة، وهي الحكومة التي لم تقم بأي إصلاحات في
تاريخها".
وأثار تصريح المدعي
العام الإيراني، محمد جعفر منتظري، قبل أيام، بشأن تعليق عمل "شرطة
الأخلاق" تكهنات بأن طهران حلّت الجهاز، وسط ترجيحات بأن يتم الحلّ تدريجيا
مع الإبقاء على إلزامية ارتداء الحجاب، وفق مراقبين.
مقتل مهسا أميني
ومنذ 16 أيلول/ سبتمبر
الماضي وحتى الآن، تتواصل الاحتجاجات في أنحاء إيران؛ إثر وفاة الشابة المنحدرة من
أصول كردية مهسا أميني (22 عاما)، بعد 3 أيام على توقيفها لدى "شرطة
الأخلاق" المعنية بمراقبة قواعد لباس النساء، مع اتهامات للشرطة بتعذيبها،
وهو ما تنفيه السلطة.
وأثارت الحادثة غضبا
شعبيا واسعا في الأوساط السياسية والإعلامية في إيران، وسط روايات متضاربة عن
أسباب الوفاة.
وتقول مصادر رسمية إن
مدنيين وقوات أمنية قتلوا في المظاهرات، التي اتسعت رقعتها في العديد من محافظات
البلاد، لكن لم ترد معلومات دقيقة عن عدد القتلى.
وفي 8 كانون الأول/
ديسمبر الجاري، أعلنت منظمة حقوق الإنسان الإيرانية (مركزها النرويج)، في بيان،
مقتل 458 شخصا في المظاهرات التي تشهدها البلاد.
وبحسب الأنباء التي
تناقلتها وسائل الإعلام الإيرانية، قُتل أكثر من 60 عنصرا من رجال الأمن خلال المظاهرات
الغاضبة.
ومؤخرا، زار الرئيس
الإيراني إبراهيم رئيسي، محافظة كردستان، مهد الاحتجاجات التي اجتاحت البلاد.
ودعا رئيسي إلى إحباط
ما أسماها "مخططات الأعداء"، وقال: "خلال أعمال الشغب الأخيرة،
ارتكب الأعداء خطأ في حساباتهم، بظنهم أنّ بإمكانهم زرع الفوضى وانعدام
الأمن".