شككت
مصادر اقتصادية بدقة الوعود الصادرة عن حكومة
النظام السوري حول انتهاء أزمة
المحروقات منتصف شهر كانون الثاني/ يناير 2023، معتبرة أن الهدف من التصريحات هذه
امتصاص غضب وتذمر الشارع الذي يعاني نتيجة فقدان حوامل الطاقة والغلاء، مع استمرار
ارتفاع سعر الدولار مقابل
الليرة السورية.
وكان
وزير التجارة الداخلية في حكومة النظام، عمرو سالم، قد قال إن أزمة المشتقات
النفطية والمحروقات في طريقها إلى الحل الدائم، وإن جميع ما توقف سيعود، مؤكدا أن
"هذه الأزمة لن تتكرر مرة أخرى، وتوجد ناقلات نفط قادمة إلى البلاد ولكن
بحاجة إلى 20- 25 يوما لتصل لأن هناك مسافات طويلة ستقطعها".
ويعتمد
النظام السوري على النفط المستورد من إيران، الذي يصله عبر ناقلات إلى الموانئ،
لكن مؤخرا لم تعد الناقلات الإيرانية تصل بانتظام، ما أدى إلى انقطاع المواصلات
وتقطع أوصال المدن السورية، وفقدان مواد التدفئة في ظل انقطاع تام للتيار
الكهربائي، تسبب في إعلان مستشفيات حكومية عن توقف استقبال الحالات الطبية الباردة.
ومع
اشتداد الأزمة، فإنه لم يبق أمام النظام إلا الوعود، كما يؤكد الخبير الاقتصادي سمير
الطويل لـ"عربي21"، موضحا أن أزمة المحروقات التي تضرب مناطق النظام
ليست جديدة، وإنما هي تشتد مع دخول كل يوم جديد، مع عدم توفر الحلول.
اظهار أخبار متعلقة
وذهب
الطويل إلى اعتبار أن حدوث انفراجة مؤقتة في أزمة المحروقات لا يعني أبدا انتهاء
الأزمة، وفي الغالب ستعود الأزمة مجددا، وبدرجة أكبر، مرجعا ذلك إلى غياب الحل
السياسي في
سوريا، الذي من شأنه رفع العقوبات، وإلى عدم توفر القطع الأجنبي اللازم
لسداد ثمن النفط.
ويقول
الخبير الاقتصادي، إن إيران لم تعد قادرة على تأمين احتياجات النظام السوري من
المحروقات، لأن الفاتورة صارت كبيرة جدا، والنظام غير قادر على الدفع.
وعلى
النسق ذاته، يرى الباحث الاقتصادي أدهم قضيماتي، أن النظام لا يمتلك الحلول
للأزمات الاقتصادية، في ظل تراجع الدعم من إيران المشغولة بمواجهات الاحتجاجات
الداخلية، ومن روسيا التي تعاني في أوكرانيا.
وبذلك،
يعتقد الباحث خلال حديثه لـ"عربي21" أن وعود النظام بدون قيمة، مرجحا أن
تشتد أزمة نقص المحروقات بشكل أكثر بسبب حلول الشتاء، وتراجع كميات النفط التي تصل
مناطق النظام من شرق سوريا الخاضع لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية "قسد"،
جراء التشدد الأمريكي، ومنع تهريب النفط إلى مناطق النظام.
انهيار الليرة
وبالتوازي
مع أزمة نقص المحروقات، تواصل الليرة السورية الخسائر مقابل الدولار الأمريكي،
مسجلة مستويات غير مسبوقة في تاريخ العملة المحلية.
وفي
تعاملات الثلاثاء، تجاوز الدولار الأمريكي حاجز الـ6400 ليرة سورية في أسواق دمشق
وحلب.
يأتي
ذلك، رغم الإجراءات الأمنية المشددة من جانب أجهزة النظام السوري على مكاتب
الصرافة والحوالات المالية، وملاحقة كل من يتعامل بغير الليرة السورية، تحت ذريعة
"الإضرار بالاقتصاد الوطني".
اظهار أخبار متعلقة
ويرى
الباحث الاقتصادي أدهم قضيماتي، أن النظام السوري ومصرف سوريا المركزي فقدا كل
أدوات التأثير المالية، فلم يعد المصرف قادرا على ضخ الدولار في السوق لتحسين سعر الليرة،
لأن خزينته فارغة أو تكاد من العملات الأجنبية.
وتابع
قضيماتي بالإشارة إلى تأثر الليرة السورية على الأزمة الاقتصادية في لبنان، وقال:
"لذلك قد يلجأ النظام السوري إلى طباعة العملة المحلية، وهذا سيؤدي حتما إلى
مزيد من الانهيار في قيمة الليرة السورية، وبالتالي زيادة التضخم".
بدوره،
يؤكد الخبير الاقتصادي سمير الطويل أن الليرة في طريقها إلى تسجيل انهيارات أكبر،
في ظل غياب الصادرات السورية، وتراجع الحوالات المالية الخارجية التي تصل إلى الداخل
من المغتربين واللاجئين.
ويختتم
بقوله: "كل ما يقوم به النظام هو للحد من تدهور الليرة بنسب كبيرة، وهو يعلم
تماما أن الأوراق بين يديه لممارسة هذا الدور معدومة".
وقبل
اندلاع الثورة السورية كان الدولار الأمريكي الواحد يعادل 46 ليرة سورية، أما
اليوم فارتفع إلى أكثر من 6400 ليرة، علما بأن متوسط الأجور يبلغ 150 ألف ليرة
سورية (نحو 25 دولارا).