وجهّت منظمة "هيومن رايتس ووتش" انتقادات لاذعة حول الوضع
الحقوقي في
الجزائر، واستعرضت مختلف المضايقات التي تعرض لها النشطاء خلال السنة
الماضية.
وذكرت المنظمة في تقريرها السنوي بخصوص الجزائر، أنه رغم هدوء
الاحتجاجات المناهضة للحكومة، واصلت السلطات قمع المعارضة من خلال القيود على حرية
التعبير، وتكوين الجمعيات، والتجمع، والتنقل.
واعتبرت أن نشطاء، ومدافعين عن حقوق الإنسان، وصحفيين، ومحامين
تعرضوا للملاحقة القضائية بسبب نشاطهم السلمي وآرائهم، أو على خلفية مهنهم، وأشارت
إلى أنه حتى تشرين الأول / أكتوبر الماضي، كان حوالي 250 شخصًا محتجزين في السجون
لمشاركتهم في الاحتجاجات السلمية أو النشاط السلمي أو التعبير السلمي، وكان ثلثهم
رهن الحبس الاحتياطي، وفقا لمنظمات حقوقية وطنية.
وأبرزت المنظمة أن السلطات استخدمت بشكل متزايد التهم المتعلقة
بالإرهاب، إثر توسيع تعريف الجريمة في حزيران / يونيو 2021 بعد أن كان أصلًا
فضفاضًا للغاية، لملاحقة الحقوقيين، والنشطاء، وغيرهم من المنتقدين، كما اتخذت
إجراءات قانونية لحل منظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية المعارضة أو تقييد
أنشطتها بأشكال أخرى.
وتحدث
التقرير أن السلطات أغلقت في أيلول / سبتمبر الماضي المقر
الرئيسي لـ"جمعية صحة سيدي الهواري"، وهي مجموعة تركّز على حفظ التراث
الثقافي والتاريخي لمدينة وهران. وكان والي ولاية وهران قد رفع دعوى ضدّ الجمعية
في أيار / مايو الماضي، زاعما أنها تلقت "تمويلات دولية دون موافقة مسبقة من
السلطات المختصة". وفي 19 كانون الأول/ديسمبر، أصدرت المحكمة الإدارية في
وهران حكمًا لصالح الجمعية وعارضت حلّها.
ولفتت المنظمة إلى أنه في 13 تشرين الأول / أكتوبر الماضي، حلّت محكمة
في الجزائر العاصمة الجمعية المدنية البارزة "تجمع ـ عمل ـ شبيبة" (راج)
بعد شكوى من وزارة الداخلية بشأن تعارض أنشطتها مع أهداف القانون رقم 06 ـ 12
المتعلق بالجمعيات، ومع قانونها الداخلي. في نيسان / أبريل الماضي، استأنف نشطاء
راج القرار أمام أعلى محكمة إدارية في العاصمة. دعمت راج الحراك علنا، ومنذئذ
حاكمت السلطات 13 من أعضائها، وسجنت عشرة على الأقل.
كما ذكر التقرير أنه في نيسان / أبريل 2021، أغلقت السلطات جمعية
أخرى معروفة بدعمها للحراك، هي "إس أو إس باب الواد"، بعد 21 عاما من
النشاط، وسجنت رئيسها ناصر مغنين بسبب نشاطه.
واعتبر التقرير أن "قانون الأسرة" الجزائري يشتمل على أحكام
تمييزية ضدّ النساء ويقيّد حقوقهن، حيث يسمح القانون للرجل بالطلاق من جانب واحد
دون تفسير، لكنه يُلزم المرأة بتقديم طلب إلى المحاكم لطلب الطلاق لأسباب محددة.
ونقلت مبادرة "لا لقتل النساء ـ الجزائر"، أنّ 34 امرأة
وفتاة قُتلن حتى تشرين الأول / أكتوبر الماضي على يد أزواجهن، أو أزواجهن
السابقين، أو جيرانهن، أو أشقائهن، أو آبائهن، أو أبنائهن، أو أقارب آخرين.
يذكر أن الحراك الشعبي انطلق يوم 22 شباط (فبراير) من عام 2019،
وأجبر الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، على الاستقالة في 2 أبريل/ نيسان 2019.
لكن عندما عارض الحراك لاحقا في ذلك العام خططا لإجراء انتخابات
رئاسية قبل تنفيذ الإصلاحات، بدأت السلطات اعتقال القادة المفترضين للحركة غير
الرسمية.
ووفق تقرير سابق لـ "هيومن رايتس ووتش"، فقد اشتد القمع بعد انتخاب عبد المجيد تبون رئيسا في كانون الأول (ديسمبر)
2019، رغم توقف المسيرات في آذار (مارس) 2020 بسبب تفشي فيروس "كورونا".
وفي فبراير/شباط 2021، استؤنفت الاحتجاجات، لكنها فقدت زخمها بعد
ثلاثة أشهر بسبب القمع وضمور الحركة.