أثارت تصريحات رئيس الوزراء
العراقي، محمد شياع
السوداني بخصوص تأييده بقاء القوات الأجنبية إلى أجل غير مسمى في العراق، جملة من التساؤلات، ولاسيما أنه ينتمي إلى قوى الإطار التنسيقي حليف إيران، الذي يطالب في كل مناسبة بإجلاء هذه القوات.
ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" في مقابلة نشرتها، الاثنين، أن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني دافع عن وجود قوات أمريكية في بلاده، ولم يحدد جدولا زمنيا لانسحابها، مؤكدا أهميتها في مكافحة تنظيم الدولة.
وقال السوداني؛ إن الحاجة للقوات الأجنبية لا تزال قائمة وأن القضاء على تنظيم الدولة يحتاج إلى المزيد من الوقت، في إشارة إلى فرق
القوات الأمريكية وقوات حلف شمال الأطلسي التي تدرب وتساعد الوحدات العراقية في مكافحة التنظيم، لكنها تظل بمنأى عن القتال الفعلي إلى حد كبير.
"براغماتية ضاغطة"
وتعليقا على ذلك، قال المحلل السياسي العراقي، الدكتور عقيل عباس لـ"عربي21"؛ إن "معظم قوى الإطار التنسيقي مع تصريحات السوداني المتعلقة بتأييده بقاء قوات أجنبية في العراق، وأن هذا ليس مرتبطا في تفكير قوى الإطار، وإنما ببراغماتية ضاغطة عليهم".
ورأى عباس أن "الإطار التنسيقي يشعر أنه لا يستطيع فتح جبهة مع الولايات المتحدة في العراق؛ لأنه يحتاج أمريكا لأسباب كثيرة من أجل تثبيت الحكومة واستمرارها واحتمالات نجاحها، على الأقل هذا في تفكيرهم".
وتابع: "لكن هذا لا يعني أن تفكيرهم الإيديولوجي قد تغيّر، وهنا أقصد تحديدا الفصائل المسلحة في الإطار التنسيقي التي تنتمي إلى محور المقاومة، فهذا موقف تكتيكي براغماتي، وليس موقفا استراتيجيا يعني تغيرا في التفكير والاستراتيجية".
ولفت عباس إلى أن "الإطار التنسيقي يحتاج هدنة مع الولايات المتحدة في العراق، وأعتقد أن إيران إلى حد كبير مع مثل هذه الهدنة، لذلك فإن ما يقوله السوداني هو تعبير عن قبول معظم قوى الإطار التنسيقي بخصوص استمرار وجود القوات الأمريكية في العراق".
والثلاثاء، التقى السوداني مع بريت ماكغورك، ممثل الرئيس الأمريكي جو بايدن، في بغداد، وقال بيان عراقي؛ إن الطرفين اتفقا على "تعزيز العلاقات"، وأن واشنطن أكدت دعمها للحكومة العراقية الحالية.
إظهار أخبار متعلقة
"مناورة إطارية"
من جهته، رأى الباحث في الشأن السياسي العراقي، هشام الأعظمي، أن "السوداني ملزم بالقبول ببقاء قوات أجنبية في العراق؛ لأن الموضوع يتعلق باتفاقية وقعها رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي مع دخول تنظيم الدولة للبلد عام 2014، وسارت عليها جميع الحكومات من بعده".
وأوضح الأعظمي في حديث لـ"عربي21"، أن "الخطاب الانتخابي والسياسي لقوى الإطار التنسيقي شيء والواقع حاليا شيء آخر، لذلك الإطار التنسيقي عندما يتحدث عن إخراج القوات الأمريكية من العراق يعلم يقينا أنه لا يستطيع ذلك، والشعب يعرف هذا أيضا".
ولفت الباحث إلى أن "الولايات المتحدة لا تزال فاعلة في الملف العراقي وبشكل كبير، خلافا لما يعتقد البعض من تفرد الإيرانيين بذلك، وأن الإطار التنسيقي يعرف أن أي شخصية يرشحها لشغل رئاسة الحكومة لن تمر إلا بموافقة أمريكية، لذلك دفعت بالسوداني ولم تأت بشخصية أخرى".
وأعرب الأعظمي عن اعتقاده بأن "تصريحات السوداني قد تكون لها علاقة بزيارته المرتقبة إلى الولايات المتحدة خلال الأيام المقبلة، التي تحدثت عنها بعض وسائل الإعلام المحلية، لكنها لم تؤكد بشكل رسمي، سواء من العراق أو الجانب الأمريكي".
ورأى الباحث أن "قوى الإطار التنسيقي تجيد المناورة مع الولايات المتحدة، فقبل تشكيل الحكومة كانت الصواريخ تستهدف المنطقة الخضراء وتحديدا سفارة واشنطن، وكذلك المصالح الأمريكية في إقليم كردستان، لكن بعد توليهم السلطة لم نعد نسمع مثل هذه الهجمات".
وجاءت تصريحات السوداني بخصوص بقاء القوات الأجنبية بعد أيام قليلة من مطالبة الإطار التنسيقي، وتحديدا تحالف "الفتح" بزعامة هادي العامري، الذي دعا في ذكرى تأسيس الجيش العراقي في 6 كانون ثاني/ يناير الجاري، إلى إخراج القوات الأمريكية من العراق.
وقال هادي العامري، زعيم تحالف "الفتح"، في بيان له؛ إن "النصر يعكس أهلية قواتنا وجهوزيتها للقيام بواجباتها لحفظ الأمن والاستقرار، دون الحاجة لوجود قوات قتالية أجنبية على أرض العراق".
وشدد العامري خلال بيانه في ذكرى تأسيس الجيش العراقي على أن "الواقع أثبت انتفاء الحاجة لتلك القوات"، مطالبا بـ"خروج القوات القتالية الأجنبية كافة فورا، وتحقيق السيادة الوطنية الكاملة".
وفي 5 كانون الثاني/يناير 2020 صوَت البرلمان العراقي على قرار نيابي من 5 إجراءات، يلزم الحكومة بإلغاء طلب المساعدة من التحالف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة، الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية، بحسب ما أوردته وكالة الأنباء العراقية.
يأتي قرار البرلمان العراقي بعد يومين من اغتيال القوات الأمريكية قائد فيلق القدس الإيراني قاسم
سليماني، ونائب رئيس الحشد الشعبي في العراق أبو مهدي المهندس، بغارة جوية قرب مطار بغداد الدولي.
وقبل ذلك، طلب رئيس الحكومة العراقية آنذاك عادل عبدالمهدي من البرلمان اتخاذ قرار بشأن وجود القوات الأمريكية بالبلاد، مُعتبرا أنها قامت بـ"تجاوزات مُتكررة" عبر "قرارات انفرادية تجريمية"، حسب تعبيره.
وفي معرض تعليقه على قتل قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني في غارة جوية أمريكية، قال عبدالمهدي؛ إن "الطائرات المسيرة الأمريكية والمروحيات تجوب سماء بغداد دون إذن رسمي".