حول العالم

الكشف عن المواد المستخدمة لتحنيط المومياوات المصرية.. بينها "مستوردة"

الدراسة كشفت أن بعض المواد المستخدمة في التحنيط جرى جلبها من أماكن بعيدة في آسيا وأفريقيا- جيتي
الدراسة كشفت أن بعض المواد المستخدمة في التحنيط جرى جلبها من أماكن بعيدة في آسيا وأفريقيا- جيتي
كشف دراسة جديدة عن طبيعة المواد الكيميائية التي استخدمها قدماء المصريين لتحنيط جثث المومياوات، وذلك في أعقاب فك شيفرة كتابات وجدت على أواني فخارية كانت تستخدم في عمليات التحنيط.

وأكدت الدراسة التي نشرتها دورية "نيتشر" أن الأواني التي عُثر عليها في ورشة تحنيط عمرها 2500 عام كشفت عن المستخلصات النباتية والحيوانية المستخدمة في تحضير المومياوات المصرية القديمة، بما في ذلك المكونات التي نشأت على بعد مئات وحتى آلاف الكيلومترات.

Image1_220234828489589090.jpg

وحدد التحليل الكيميائي لمحتويات الأواني خلائط معقدة من الراتنجات النباتية ومواد أخرى، بعضها من نباتات تنمو في أماكن بعيدة مثل جنوب شرق آسيا، وذلك في أعقاب اكتشاف ورشة تحنيط تحت الأرض عام 2016 في سقارة، وهي مقبرة مصرية قديمة مستخدمة منذ الـ2900 قبل الميلاد أو قبل ذلك.

وداخل ورشة عمل سقارة، التي يعود تاريخها إلى 664- 525 قبل الميلاد، اكتشف علماء الآثار عشرات الأواني الخزفية المستخدمة في عملية التحنيط، وكثير منها مُلصق بالمكونات التي تحتوي عليها واستخداماتها. 

اظهار أخبار متعلقة


ولتحديد محتويات الأوعية المكتشفة، قام فريق مصري ألماني بتحليل المخاليط باستخدام تقنية تسمى كروماتوغرافيا الغاز - قياس الطيف الكتلي في مختبر المركز القومي للبحوث في الجيزة، مصر.

وأظهر هذا أن الأواني تحتوي على مواد كانت مرتبطة سابقًا بالتحنيط، بما في ذلك مقتطفات من شجيرات العرعر وأشجار السرو والأرز التي تنمو في منطقة شرق البحر المتوسط، وعثر الفريق أيضًا على القار من البحر الميت، جنبًا إلى جنب مع الدهون الحيوانية وشمع العسل الذي من المحتمل أن يكون من أصل محلي.

Image1_2202348331214863326.jpg
لكن الباحثين حددوا أيضًا عنصرين مدهشين: أحدهما راتينج يسمى إليمي، والذي يأتي من أشجار كاناريوم التي تنمو في الغابات المطيرة في آسيا وأفريقيا. والآخر يسمى دمار ويأتي من أشجار الشوريا الموجودة في الغابات الاستوائية في جنوب الهند وسريلانكا وجنوب شرق آسيا.

ويقول كارل هيرون، عالم الآثار في المتحف البريطاني في لندن: "كانت مصر فقيرة الموارد من حيث العديد من المواد الراتنجية، لذلك فقد تم شراء أو تداول الكثير من الأراضي البعيدة".

المكونات المستوردة

وربطت شبكات التجارة القديمة الهند وجنوب شرق آسيا بمنطقة البحر الأبيض المتوسط. ولكن ليس من الواضح ما إذا كان المحنطون المصريون قد بحثوا عن هذه المكونات المحددة أم صادفوها من خلال التجربة والخطأ.

ويقول المؤلفون إن المحنطين المصريين القدماء كان لديهم فهم متطور لخصائص المواد الخام، وقد احتوت الأواني على مخاليط معقدة من المكونات التي تم تسخينها أو تقطيرها بعناية في بعض الحالات، والعديد من الراتنجات لها خصائص مضادة للميكروبات أو خصائص تعزز الحفظ.

اظهار أخبار متعلقة


ويقول المؤلف المشارك في الدراسة ماكسيم راغوت، عالم آثار الجزيئات الحيوية بجامعة توبنغن في ألمانيا: "كانت معرفتهم بهذه المواد مذهلة".

وتشير الدراسات الكيميائية للمومياوات إلى أن وصفات التحنيط أصبحت أكثر تعقيدًا بمرور الوقت، كما يشير راغوت. لكن أحد الأسئلة المفتوحة هو كيف طور المصريون القدماء إجراءات ووصفات تحنيط محددة، ولماذا اختاروا مكونات معينة على أخرى، كما قال المؤلف المشارك في الدراسة محمود بهجت، عالم الكيمياء الحيوية في المركز القومي للبحوث في مصر، في مؤتمر صحفي: "نحن بحاجة إلى أن نكون أذكياء مثلهم لاكتشاف النوايا".

التعليقات (0)