تقارير

عدي البيطار.. مسيرة فلسطيني شارك في صياغة دستور دولة الإمارات

عدي البيطار مع الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان
عدي البيطار مع الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان

كان رجلا متواضعا جدا ومن النوع الذي لا يتباهى بعمله رغم أنه حقوقي متمرس جدا، وما زال عمله بعد أكثر من خمسين عاما ينظم معالم الحياة اليومية لكل من يعيش على أرض دولة الإمارات العربية المتحدة.

محام ومستشار قانوني وقاض عمل في عدة مناطق في الوطن العربي. شارك في صياغة دستور دولة الإمارات العربية المتحدة بطلب مشترك من الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان والشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم.

ولد عدي نسيب البيطار في مدينة القدس عام 1924، وكان والده قاضيا. درس عدي في المعهد الفلسطيني للقانون وتخرج منه عام 1942. وفي تلك السنوات وبينما كان البيطار في المقر الإداري البريطاني في فندق الملك داود في القدس قامت عصابة أراغون الصهيونية الإرهابية بتفجير عبوة ناسفة ضخمة في قبو الفندق.


                                                                   عدي البيطار

نجا البيطار من الانفجار ولكن عندما عاد إلى الفندق لإنقاذ المصابين انهار جزء كبير من المبنى، فدفن بين الأنقاض وتم انتشاله من بين الأنقاض مصابا بإصابات بليغة وكسور.

وبعد أن أصبحت القدس القديمة والضفة الغربية تحت الحكم الأردني، بعد انتهاء أحداث حرب عام 1948، اكتسب البيطار شهرة مهنية واسعة عين على أثرها في منصب مدعي حتى عام 1965 حيث انتقل إلى السودان كقاضي ولاية لمدة ثلاث سنوات، قبل أن يعود إلى القدس لممارسة المحاماة.

وفي عام 1964 التقى بالراحل الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم حاكم دبي الذي كان يبحث عن مستشار قانوني لحكومة دبي يمكنه تطوير قوانين تساعد في تطوير الإمارة إلى اقتصاد حديث وإنشاء نظام قانوني مدني ومحاكم.

على ضوء هذا اللقاء انتقل البيطار إلى دبي، وشرع في وضع قوانين تحكم الحياة في الإمارة، من النظام المصرفي إلى مطار دبي الدولي، وميناء راشد، وإنشاء منطقة جبل علي الحرة، وحتى المرسوم الذي حول القيادة إلى الجانب الأيمن من الطريق.

وفي عام 1965 عين البيطار أمينا عاما ومستشارا قانونيا لمجلس "الإمارات المتصالحة"، مما أتاح له الفرصة ليلتقي بحكام الإمارات، وخاصة الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان. ومع الإعلان عن قيام دولة الإمارات العربية المتحدة ظهرت الحاجة لوضع دستور للبلاد، وكان البيطار هو الشخصية التي وقع عليها الاختيار باتفاق الجميع.

انتهت الوثيقة المؤلفة من 152 مادة في الوقت المناسب ليوم 2 كانون الأول/ ديسمبر عام 1971، وهو يوم إعلان قيام دولة الإمارات العربية المتحدة.


الشيوخ راشد بن سعيد آل مكتوم ومكتوم بن راشد آل مكتوم ومحمد بن راشد آل مكتوم مع المستشار القانوني عدي البيطار عام 1968 في ديوان الحاكم بدبي

ولم يكتب للبيطار أن يمارس عمله كمستشار أول لكل من مجلس الوزراء الإماراتي، ورئيس الوزراء في ذلك الوقت الشيخ مكتوم بن راشد آل مكتوم. فقد أصيب ابنه الأصغر عيسى بسرطان الدم، وأثناء زيارة البيطار إلى لندن تم تشخيص إصابته هو الآخر بسرطان الكبد، وبدأ بتلقي العلاج في المستشفى الأمريكي في بيروت ودبي. وما لبث أن توفي ابنه عيسى عن عشر سنوات في عام 1973 بينما كان والده إلى جانبه. وقد أثرت وفاته على والده الذي تدهورت حالته الصحية فتوفي في آذار/ مارس من العام نفسه، ودفن إلى جانب ابنه.

بقيت زوجته وأولاده في الإمارات، وأصبحوا مواطنين في الدولة التي ساعد على إنشائها، ومن أبنائه نسيب الذي توفي عام 2011 وكان وثائقيا وشخصية بارزة في تلفزيون دبي، وعمر الذي ترقى إلى رتبة لواء في القوات المسلحة الإماراتية، ثم شغل منصب نائب رئيس جامعة السوربون في أبوظبي، ثم سفيرا للإمارات في الصين، ونائبا لرئيس أكاديمية الإمارات الدبلوماسية.

رحل عدي البيطار بعد نحو عامين على تأسيس الإمارات ولا تزال الكلمات التي صاغها "المساواة، والعدالة الاجتماعية، والسلامة والأمن، وتكافؤ الفرص لجميع المواطنين"، دعامات تحكم بين الجميع كما أرادها البيطار في نص الدستور.

المصادر

ـ جايمس لانغتون، محرر سابق في صحيفة "ذا ناشيونال"، "قصة نجاح ومأساة..الرجل الذي كتب دستور الإمارات"، ذا ناشيونال، ترجمة كيوبوست 20/7/2022.
ـ عدي البيطار إنجازاته، شبكة البحوث والتقارير (نيرمي).
ـ عدي البيطار، موقع كشاف، 4/6/2020.
ـ سفير الدولة لدى الصين يقدم أوراق اعتماده سفيرا غير مقيم في منغوليا، وكالة أنباء الإمارات (وام)، 10/6/2011.

التعليقات (0)
الأكثر قراءة اليوم