بينما يستطيع العلماء التنبؤ بالطقس
لفترات ممتدة، ولساعات طويلة قادمة، ويمكننا أن نتابع الحالة الجوية على هواتفنا
الذكية ساعة بساعة بتوقعات ذات دقة عالية، لا يزال البشر غير قادرين على التنبؤ
بالزلازل، لماذا؟
تقول
هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية،
إنه لا يمكن أن نتوقع أي
زلزال في المستقبل المنظور، لكن يمكن للعلماء توقع حصول زلزال
كبير، في منطقة معينة، خلال عدد معين من السنوات، وهذا لا يعني معرفة أين ومتى
سيضرب.
ولفتت الهيئة إلى أنه من أجل أن يكون
التنبؤ صحيحا ودقيقا، فيجب أن يحدد ثلاثة عناصر هي الوقت والتاريخ، والموقع،
والمقدار، وهو ما لا يتوفر لأي تنبؤات بخصوص الزلازل حاليا.
اظهار أخبار متعلقة
وأشارت إلى أن كثيرا من التنبؤات تقدم
معلومات وتوقعات عامة، وحدوث شيء منها لا يعني صحة التنبؤ، كأن يتنبأ أحدهم بزلزال
يضرب الساحل الغربي للولايات المتحدة الأمريكية في الأيام المقبلة.
ولفتت الهيئة إلى أن أغلب من يتوقع
الزلازل، لا سيما على مواقع التواصل الاجتماعي، يعتمد على ما يسمى
بـ"السلائف" وهي إما سلسلة من الهزات البسيطة، أو زيادة نسبة غاز
الرادون في المياه الإقليمية للبلاد، بسبب تسربه من الصخور المتصدعة، أو الحركة
غير المعتادة للحيوانات، وكلها لا تكفي ليكون التوقع علميا.
وأشارت إلى أن معظم السلائف المذكورة
سابقا، تحدث في كثير من الأحيان، ولا يتبعها أي زلازل.
ما الفرق بين الإنذار المبكر للزلازل والتنبؤ
بالزلازل؟
الإنذار المبكر هو إشعار وتنبيه يتم
إصداره بعد بدء الزلزال، ويوجه إلى الأشخاص والمنظمات التي يتوقع أن تصل آثار الزلزال
إلى مكان وجودهم لاتخاذ الإجراءات لحماية الأرواح والممتلكات من الهزات المدمرة.
ويستخدم العلماء أيضا مصطلحات أخرى،
مثل "توقع الزلازل" وغالبا ما يتعلق هذا المصطلح بالهزات الارتدادية بعد
وقوع زلزال كبير، وغالبا ما تتبع الهزات الارتدادية نمطا واحدا، لذلك يمكن توقعها بنسبة
1 على 30.
اظهار أخبار متعلقة
ومصطلح آخر هو "احتمال
الزلازل" وهو توقع زلزال بقوة معينة في فترة زمنية معينة، ويعتمد على معدل
الأحداث التاريخية، على افتراض أن المعدلات السنوية ثابتة، وتتراوح الاحتمالات هنا
1 على 300.
هل يمكن للحيوانات توقع الزلازل؟
يعتبر أقدم دليل على السلوك الحيواني غير المعتاد قبل زلزال كبير هو ما جاء
عن اليونان في عام 373 قبل الميلاد، وبحسب المذكور فقد غادرت الجرذان، وحيوانات
ابن عرس، والثعابين، جحورها إلى أماكن بعيدة قبل أيام من الزلزال.
وتكثر القصص عن تصرفات غير عادية للأسماك، والطيور، والزواحف، قبل أيام أو
دقائق من الزلازل، ومع ذلك فإنها بحسب هيئة المسح الجيولوجي أدلة غير موثوقة.
زعمت نظرية شائعة نشرت في صحيفة "سان خوسيه ميركوري" الأمريكية،
أن هنالك علاقة بين الحيوانات الأليفة المفقودة، وتواريخ الزلازل في منطقة خليج
سان فرانسيسكو، لكن تحليلا إحصائيا شاملا للنظرية، نشر في "كاليفورنيا جيولوجي"
عام 1988 فند هذه النظرية.
زلزال الصين 1975
أحد الحوادث التي فتحت النقاش الكبير حول إمكانية تنبؤ الحيوانات بالزلزال،
هو زلزال الصين في شباط/ فبراير من عام 1975 حيث غادرت الثعابين أوكارها رغم درجات
الحرارة الباردة جدا قبل أسابيع، وأقنع ذلك الناس والسلطات آنذاك بمغادرة السكان
للمنطقة، ليضرب بعدها زلزال بقوة 7.3 مدينة هايتشينغ.
وحول السلوك الغريب يقول البعض إنه يسبق بعض الزلازل، نباح الكلاب، وتوقف
الأبقار عن إنتاج الحليب، وقفز الضفادع خارج الماء، وفي عام 2013 صور علماء في
ألمانيا نمل الخشب الأحمر ووجدوا أنه غير روتينه المعتاد قبل أحد الزلازل، حيث بدى
أكثر نشاطا خلال الليل، وأقل نشاطا في النهار!
اظهار أخبار متعلقة
لكن دراسة لجمعية علم الزلازل الأمريكية لعام 2018، أثبتت أن معظم هذه الأمور
كانت تعتمد على قصص، أو ملاحظات فردية، وذلك بعد أن قامت الجمعية بـ180 دراسة حول
الموضوع.
ونقل موقع "
ساينتيفك أمريكان" عن باحثين في معهد "ماكس
بلانك لسلوك الحيوان"، وجامعة كونستانز، وكلاهما في ألمانيا، قولهم إنهم
تمكنوا من رصد نشاط متزايد في مجموعة من حيوانات المزرعة قبل نشاط زلزالي.
وأشار المشاركون في البحث إلى أنهم توصلوا لخطوة مهمة، ونقلت عن المؤلف
المشارك في الدراسة مارتن ويكيلسكي قوله إنه يمكن إجراء عمليات بيولوجية مستمرة
لأنشطة الحيوانات في ظل الإمكانيات التقنية المتوفرة.
واستخدم الباحثون أدوات حساسة للغاية، على مدى أربعة أشهر بين عامي 2016 –
2017 على ستة أبقار، وخمسة أغنام، وكلبين، يعيشون جميعهم في مزرعة بمنطقة معرضة
للزلازل في شمال إيطاليا، حيث حدث خلال مدة الدراسة 18 ألف هزة.
أخذ التحليل الإحصائي في الاعتبار الحركات والتفاعلات اليومية الطبيعية
للحيوانات، ولاحظ زيادة في النشاط بشكل ملحوظ قبل الزلازل التي بلغت قوتها 3.8
درجات فأكثر خلال وجودها داخل الإسطبل، لكن ليس عندما كانت في الخارج.
يقول الباحثون إن حيوانات المزرعة بدت وكأنها تتوقع الهزات قبل ساعة إلى 20
ساعة ويؤكد المؤلفون أن هذه النتيجة تتفق مع فرضية أن الحيوانات تشعر بطريقة ما
بإشارة تنتشر في الخارج.
وفي تفسير الحالة، قالت ورقة بحثية في عام 2010 إنه في الأيام التي تسبق
وقوع الزلزال، تضغط الصفائح التكتونية المتغيرة على الصخور على طول خط الصدع. ويتسبب
هذا في إطلاق الصخور للمعادن التي تطرد الأيونات إلى الهواء، وتشير أخرى نشرت في
2013 إلى أن "الحيوانات تتفاعل بعد ذلك مع هذا الإحساس الجديد".
وأبدت عالمة الجيولوجيا في مؤسسات علم الزلازل الأمريكية، ويندي بوهون، شكوكا
في فكرة تأين الهواء، وفي قضية التصرفات الغريبة للحيوانات، مشيرة إلى أن
الحيوانات يمكنها أن تظهر تصرفات غريبة لأسباب عديدة.
ويعترف ويكيلسكي بأن الدراسة التي قاموا بها لم تستطع التمييز بين جميع
المحفزات المحتملة التي يمكن أن تتفاعل معها الحيوانات، لكنه وفريقه يصرون على
أنها خطوة أولى نحو مزيد من الدراسات المضبوطة في المستقبل.