خفضت وكالة
التصنيف الائتماني "
موديز" تقييم ودائع أكبر خمسة
بنوك محلية درجة واحدة هي "البنك الأهلي
المصري"، "بنك مصر"، "البنك التجاري"، "بنك القاهرة" و"بنك الإسكندرية"، ما يعكس قدرتها على سداد التزاماتها نحو الودائع بالعملة المحلية والأجنبية، وذلك بعد يومين فقط من خفض تصنيف مصر الائتماني إلى درجة متدنية.
وهبط تصنيف البنوك الأربعة إلى "B3" بدلا من "B2"، وهبط تقييم "بنك الإسكندرية" إلى "B2" بدلا من "B1"، كما يعكس التقييم الائتماني الخسائر المالية المتوقَعة من التعثر في سداد الالتزامات المتعلقة بالودائع طويلة الأجل، وقدرتها على تجنب التعثر في الوفاء بأحد التزاماتها.
يعكس تخفيض "
موديز" تقييمها طويل الأجل لخمسة بنوك مصرية الارتباط القوي بين ميزانية البنوك وضعف الجدارة الائتمانية السيادية التي هبطت إلى "B3" بدلاً من "B2" – في ضوء حيازتها كمية كبيرة من أوراق الدين الحكومية.
إذ تستثمر تلك البنوك في أدوات الدين الحكومية بشكل كبير نظرا لحجم العجز الضخم في موازنة الحكومة كل عام، وتتراوح نسبة الاستثمار في أدوات الدين المحلي من إجمالي أصول تلك البنوك بين 25 بالمئة و43 بالمئة، وعادة ما يرتبط التقييم الائتماني لها بتقييم الجدارة الائتمانية للحكومة، وفقا لموديز.
ذكرت وكالة "موديز" أن تضافر ضغوط السيولة بالعملات الأجنبية، ومعدلات الفائدة المرتفعة، والتضخم سوف يضعف ثقة المستهلك، ويضر بقدرة المقترضين على السداد ويزيد تكاليف التمويل للبنوك، بدورها، تضغط هذه العوامل على أرباح البنوك، وجودة الأصول ومقاييس سيولة العملات الأجنبية وتشكل تحديا لأدائها المالي المرن حتى الآن.
مضاعفات الأزمة الاقتصادية مستمرة
فاق التضخم في مصر التوقعات وقفز لأعلى مستوى منذ أكثر من 5 سنوات، إذ أعلن البنك المركزي ارتفاع المعدل السنوي للتضخم الأساسي إلى 31.2 بالمئة في كانون الثاني/ يناير الماضي مقابل 24.2 بالمئة في كانون الأول/ ديسمبر السابق له.
وأعلنت وكالة موديز، الثلاثاء، للمرة الأولى منذ 2013، تخفيض تصنيف مصر السيادي درجة واحدة بالعملتين الأجنبية والمحلية إلى "B3" بدلاً من "B2"، وهي درجة منخفضة للغاية على سلم التصنيف الائتماني للدول، وعدلت النظرة المستقبلية إلى "مستقرة" بدلا من "سلبية".
في آيار/ مايو الماضي، حذرت "موديز" من إطلاق خفض جديد عندما قامت بتغيير نظرتها المستقبلية للتصنيف الائتماني لمصر من مستقرة إلى سلبية مع إبقائها للتصنيف الائتماني عند "B 2"؛ بسبب تزايد مخاطر الاتجاه الهبوطي لقدرة الدولة السيادية على امتصاص الصدمات الخارجية في ضوء التقلص الكبير في احتياطي النقد الأجنبي لتلبية مدفوعات خدمة الدين الخارجي المقبلة.
تداعيات خفض موديز لتقييم البنوك
حول دلالة خفض التصنيف الجديد وتداعياته، قال الخبير الاقتصادي، إبراهيم نوار، إن "تخفيض التصنيف الائتماني السيادي والتجاري يعني بالنسبة للحكومة والبنوك تخفيض فرص الحصول على الائتمان، وارتفاع تكلفته، وانخفاض تدفق الاستثمار الأجنبي".
وتوقع في حديثه لـ"
عربي21" "أن ينعكس ذلك بشدة على سوق الأوراق المالية الحكومية في الأسبوع القادم بارتفاع أسعار الفائدة على أذون الخزانة والسندات، كذلك فإن البنوك أصبحت تواجه هي أيضا مخاطر انخفاض السيولة".
وبشأن تأثير ذلك على ودائع العملاء بالعملات الأجنبية، أوضح نوار: "بالنسبة لودائع العملاء أظنها داخل حدود آمنة في الوقت الحاضر، لكن يتعين على البنوك تخفيض انكشافها على سوق الديون الحكومية. وهذه معضلة كبيرة لأن البنوك تستخدم حوالي 50% من السيولة القابلة للإقراض في سوق الأوراق المالية الحكومية مقابل ما يتراوح بين 20% - 25% في إقراض القطاع الخاص".
انكشاف البنوك المحلية على الديون الحكومية
يعد انخفاض صافي الأصول الأجنبية لدى البنوك المحلية مؤشرا واضحا على تدهور وضع الأصول الذي تحول إلى سالب 494.3 مليار جنيه (نحو 16.3 مليار دولار).
كان صافي الأصول الأجنبية قد بلغ 248 مليار جنيه (8.22 مليارات دولار) في أيلول/سبتمبر 2021 قبل أن يبدأ في التحول إلى سالب بشكل تدريجي إلى مستوى قياسي.
صافي الأصول الأجنبية هو أصول النظام المصرفي المستحقة على غير المقيمين مخصومًا منها الالتزامات (أي حجم ما تملكه تلك البنوك من أصول بالعملة الأجنبية)، ويشمل ذلك الأصول الأجنبية التي يحتفظ بها البنك المركزي المصري.
عندما تصبح قيمة الأصول الأجنبية بالسالب في النظام المصرفي يعني أن التزامات البنوك بالنقد الأجنبي تفوق ما تملكه لسداد تلك الالتزامات، وهذا يمثل ضغطا على العملة المحلية؛ لأنه يخلق طلبا متزايدا على العملة الأجنبية للوفاء بالتزاماتها.
ارتفاع خطر الأمان على الودائع
رأى المحلل الاقتصادي، محمد السيد، أن التصنيف الائتماني الذي صدر عن موديز بتخفيض المستوى الائتماني لمصر B3 لم يأت من فراغ وكان متوقعا؛ فديون مصر الخارجية تفاقمت، والفجوة التمويلية زادت إلى مستوى كبير، وفي قلب هذه الأزمة البنوك المصرية أيضا التي بسياسات البنك المركزي المصري باتت تعاني من نقص شديد في السيولة".
وأكد، لـ"
عربي21"، أن "التأثير السلبي طال البنوك المصرية؛ لأنها تشتري بكثافة السندات التي يصدرها البنك المركزي لتمويل عجز الموازنة "الدين الحكومي" وتتراوح قيمتها ما بين 25% إلى 45% من حجم الأصول، وهذا بالطبع ينعكس على الوضع المالي للبنوك بالسلب".
اظهار أخبار متعلقة
وأضاف السيد: "البنك المركزي رفع الأسعار لمستويات مرتفعة لجذب المزيد من الأموال الساخنة وبالتالي زاد عبء الاقتراض وأصبحت التكلفة مرتفعة لذلك يُخشى من عجز المقترض عن الوفاء بالدين بالإضافة إلى ذلك فإنه يؤدي إلى زيادة التضخم الذي فاق التوقعات ويظهر هذا جليا في كافة السلع والخدمات التي تضاعفت أسعارها".
وحذر المحلل الاقتصادي من مغبة "انكشاف البنوك بقوة على أدوات الدين الحكومية حيث تعد ودائع المواطنين بالعملة الأجنبية والمحلية هي المصدر الرئيس لتلك البنوك لإقراض الحكومة، واستمرار تراجع الأصول بالسالب يهدد بتعثرها بشكل يضر بالأرباح والسيولة معا، وحتى لا يوجد خطر حقيقي على الودائع لكنه ليس بعيدا في حال حدوث أزمة مفاجئة غير متوقعة".