صحافة دولية

لاكروا: الحرب الإلكترونية تسيطر على خط المواجهة بين روسيا وأوكرانيا

الصحيفة قالت إنه بفضل المعركة الإلكترونية قتل الأوكرانيون عشرات الجنرالات الروس الذين كانوا يستخدمون هواتف محمولة- جيتي
الصحيفة قالت إنه بفضل المعركة الإلكترونية قتل الأوكرانيون عشرات الجنرالات الروس الذين كانوا يستخدمون هواتف محمولة- جيتي
‌نشرت صحيفة "لاكروا" الفرنسية تقريرًا، تحدثت فيه عن الحرب الصامتة والسرية التي تسيطر الآن على الصراع الروسي الأوكراني.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه خلف انفجار القذائف وأصوات الرصاص، تدور معركة سرية وخفية في أوكرانيا، لكنها لا تقل أهمية عن الحرب القائمة، وهي الحرب الإلكترونية؛ حيث تبدو العقول المدبرة لها أشبه بالتقنيين والقراصنة الإلكترونيين أكثر من كونها فرقا قتالية. وإذا كانوا يرتدون زيا عسكريا، فمن المرجح أنهم يتعاملون مع اللغة الترميزية وأجهزة الكمبيوتر أكثر من المدافع الرشاشة، لكن هؤلاء الجنود الذين يعملون في الظل، يتمركزون أيضًا بالقرب من خط الجبهة، على بعد بضعة كيلومترات أو حتى مئات الأمتار من العدو، وهو ما يعتبر تغييرا ملحوظا في طريقة شن الحروب شديدة الكثافة.

اظهار أخبار متعلقة


وأوردت الصحيفة أن مهمتهم تتمثل في الدفاع عن وحدتهم (المكونة من 150 جنديا) بقدر ما تعمل على تنفيذ الأعمال الهجومية، وتكمن وظيفتهم في التشويش على الترددات في منطقة معينة، ورصد الترددات اللاسلكية في المعسكر المقابل، واختراق أنظمة الكمبيوتر، وتحديد مكان المدافع، وحتى تحديد المكان الذي يختبئ فيه العدو.

وأضافت الصحيفة أنه بفضل خفة الحركة في ساحة المعركة الإلكترونية، قتل الأوكرانيون عشرات الجنرالات الروس الذين كانوا يميلون في الأشهر الأولى من الغزو إلى استخدام هواتف محمولة تعمل بخدمات الجيل الرابع.

مراكز قيادة ذات متوسط عمر متوقع منخفض


وتابعت الصحيفة قائلة إنه منذ ذلك الحين، فهم الجيش الغازي الدرس، فلقد تعلمت مراكز القيادة أن تتحرك وتتفرق باستمرار؛ حيث يقومون بتثبيت الخلية التشغيلية في مبنى البلدية، وإيواء المخابرات في المدرسة المجاورة، ويقومون بإخفاء الخدمات اللوجستية في الاستوديو، وتشغيل كابلات ضوئية تربط بين الثلاثة. وحسب ضابط فرنسي: "يكمن الهدف في تقليل البصمة الحرارية التي يمكن اكتشافها بسهولة. كما أن مركز القيادة يصدر موجات لاسلكية، ويمكن رصده بواسطة الهوائيات".

وذكرت الصحيفة أنه يكفي وضع عربة مدرعة صغيرة مليئة بأجهزة الاستشعار بالقرب من خط المواجهة، لتحديد مصدر أي انبعاث إلكتروني مهم وإرسال طائرة دون طيار لتحديد الهدف. إلى جانب ذلك، يجب على جندي المدفعية فقط استعادة إحداثيات نظام تحديد المواقع العالمي (جي بي إس)، ثم يتم إطلاق وابل من القذائف في غضون ثوان قليلة.

ونقلت الصحيفة عن مصدر عسكري فرنسي قوله: "إن مركز القيادة، إذا لم يكن مخفيا بعناية، سيكون له متوسط عمر متوقع فقط لبضع ساعات في ساحة المعركة الأوكرانية".

اظهار أخبار متعلقة


وأشارت الصحيفة إلى أن القتال ضد الطائرات دون طيار هو التحدي الرئيسي الآخر للحرب الإلكترونية، فلقد غزت هذه الآلات المتنقلة والسريعة وغير المكلفة 900 كيلومتر من خط المواجهة في أوكرانيا، لدرجة أنها أصبحت لا غنى عنها، ويُستخدم بعضها لتدمير المدافع أو الدروع أو ضرب بطاريات صواريخ أرض-جو. في المقابل، تراقب المعدات الأخرى تحركات العدو أو توجه قذائف المدفعية بدقة. وذكر الجنرال بيار شيل، رئيس أركان الجيش الفرنسي، خلال اجتماع مع نقابة الصحفيين العسكريبن، أن "الطائرات دون طيار تساهم في زيادة وضوح ساحة المعركة باستخدام الأقمار الصناعية والإنترنت والذكاء الاصطناعي مستقبلا".

مخترقون على الخط الأمامي

وأوضحت الصحيفة أنه لمواجهة الطائرات دون طيار، يستخدم الأوكرانيون والروس مثبطات الترددات اللاسلكية، التي تشبه حقائب اليد، والتي تعطل نظام تحديد المواقع العالمي داخل دائرة نصف قطرها عدة كيلومترات، ما يزيد من صعوبة قيادة المركبات المدرعة، وشل آلات الطيران التي تعمل عن بعد.

ونسبت الصحيفة للباحث جاك واتلينج، من معهد رويال يونايتد سيرفيس، وهو مؤسسة بحثية بريطانية، قوله: "عندما تستخدمه ضد عدو، فإنك تعاقب نفسك، حيث يمنعك من الحفاظ على التشويش الدائم".

وأفادت الصحيفة بأنه في ساحة المعركة الأوكرانية، حتى أولئك الذين لديهم خبرة محدودة في مجال الإعلام، يمكنهم الانخراط في الحرب السيبرانية، والاقتراب من المقاتلين، مجهزين بجهاز التوجيه الخاص بهم وجهاز كمبيوتر محمول، يتتبعون الثغرات الموجودة في أنظمة الواي فاي وأجهزة الكمبيوتر الخاصة بالخصم التي تجهز مواقع القيادة، وكذلك العديد من الدبابات والعربات المدرعة، ناهيك عن الهواتف.

وبهذه الطريقة، سيطر مخترقون أوكرانيون ذوو مهارات خاصة على كاميرات الفيديو في البلدات التي يحتلها العدو، وقدموا لأنفسهم معلومات استخباراتية بتكلفة زهيدة. وتتمثل مهمتهم أيضا في إنشاء دفاعات قوية ضد اختراقات العدو.

وأضافت الصحيفة أن هناك طريقة أخرى، والمتمثلة في البنادق التي ترسل موجات شبيهة بالرصاص على متن طائرة صغيرة لقطع الإرسال بين الطائرة دون طيار والطيار عن بعد.

وفي الختام، قالت الصحيفة إنه في مواجهة انتشار أنظمة التجسس، كان على الروس الذين يعرفون أن هناك من يتجسس عليهم أن يعودوا إلى الأساليب القديمة الجيدة للتمويه اللفظي، وحسبما ذكر مصدر فرنسي، فإنهم مارسوها في الماضي، مشيرًا إلى أنهم "لا يقولون: "سأهاجم" ولكن: "كليمنتين"، على سبيل المثال. هذا النوع من الأنظمة فعال، لكنه ليس بديهيًا، ويعد أمرًا مزعجًا في حالة القتال".
التعليقات (1)
غنيمة حرب
الأربعاء، 22-02-2023 02:53 م
ما يلفت الانتباه فى ذلك التقرير الرائع عن تقنيات الحرب الإلكترونية المستخدمة فى الحرب الجارية بين روسيا و الغرب على الأراضى الأوكرانية هو تلك الجزئية المتعلقة بمكافحة هجمات الطائرات بدون طيار ! فقد أشار التقرير إلى تقنيتين مختلفتين ، الأولى : استخدام مثبطات الترددات اللاسلكية التى تشبه حقائب اليد ، و التى تعطل " نظام تحديد المواقع العالمى " - (GPS) - للطائرات بدون طيار داخل دائرة نصف قطرها عدة كيلومترات ، مما يؤدى إلى شل آلات الطيران التى تعمل عن بعد . الثانية : تثبيت البنادق التى ترسل موجات شبيهة بالرصاص على متن طائرات صغيرة تحلق فى السماء لقطع الإرسال بين الطائرة بدون طيار ، و الطيار الذى يسيّرها عن بعد من غرفة التحكم على الأرض . و بطبيعة الحال فإن دخول الطائرات الهجومية بدون طيار إلى الجبهات المتنوعة للحرب على (الإرهاب) فى العالم الإسلامى منذ صيف عام 2008 م على الأقل ؛ تسبب فى سقوط الآلاف من المسلمين بين شهيد و جريح ، ناهيك عن الأضرار المادية الفادحة الناجمة عن تلك الهجمات ! و منذ عام 2016 م دخلت جماعات المجاهدين فى العراق و سوريا مجال تصنيع الطائرات الهجومية بدون طيار ، و و إنتاجها على نطاق واسع ، و واصلت العمل على تطويرها منذ ذلك الحين ، و نقلها إلى سائر الجبهات لتكون سلاح الجو الواعد لجماعات المجاهدين فى كل مكان ضد أعدائهم ! و بلا شك فإن احتدام الصراع العسكرى بين روسيا و الغرب فى أوكرانيا ، و إمتداده لسنوات طويلة قادمة ، و ما يصاحب ذلك من تدفق متواصل للتقنيات العسكرية المتطورة فى مجال مكافحة هجمات الطائرات بدون طيار على الجبهة الأوكرانية ؛ سيجعل من تلك التقنيات كنزا علميا و عسكريا لكافة جماعات المجاهدين على وجه الأرض ، و سياسهم فى تطوير صناعاتهم العسكرية فى ذلك المجال الحيوى للجهاد ! و الله غالب !