التقى، قبل
أيام، وفد عسكري سعودي بقيادات الجيش الوطني في محافظة شبوة، شرق البلاد، بعد
أشهر من إقصائهم بالقوة من قبل التشكيلات الانفصالية الموالية لدولة
الإمارات، التي
وفرت لهم الغطاء الجوي والدعم الناري المدفعي على المعسكرات الحكومية التي كانوا يتمركزون
فيها في مدينة عتق، عاصمة المحافظة.
"قيادات
قوات الجيش"
الوفد
السعودي، وفقا لمصادر مطلعة، التقى قائد اللواء 21 ميكا العميد جحدل حنش، وقائد اللواء
الثاني مشاة جبلي العميد مهدي القميشي، وقائد شرطة الدوريات وأمن الطرق العقيد عبد اللطيف ظيفير، وقائد اللواء الأول حماية
منشئات نفطية العقيد ناصر العولقي، وقائد قوات الأمن الخاصة العقيد مهيم البوبكري،
وقائد كتيبة المهام الخاصة العقيد أبو سعيد الحامد، في تحرك سعودي جاء في ذروة التصعيد
الذي يقوم به المجلس
الانتقالي الجنوبي المدعوم من أبوظبي ضد سلطات مجلس القيادة الرئاسي،
في العاصمة المؤقتة للبلاد، عدن، جنوبا.
"مطالب
قدمت للوفد"
وذكر
مصدر مطلع لـ "عربي21" فضل عدم ذكر اسمه، أن القيادات العسكرية الحكومية
التي انسحبت من ميدان المعركة في شهر أغسطس/ آب 2022، نحو مديريتي جردان وعرماء الصحراويتين،
شرق محافظة شبوة، طرحت عددا من المطالب أمام الوفد السعودي لتلبيتها، دون أن يقدم أي
تفاصيل حول تلك المطالب.
وقبل
ذلك، عاد محافظ محافظة أرخبيل سقطرى السابق، رمزي محروس، إلى عاصمة الأرخبيل بعد 3
سنوات من مغادرتها عقب الانقلاب الذي نفذته المليشيات الانفصالية بدعم من حكومة أبوظبي
في حزيران/ يونيو 2020.
"إضعاف
الانتقالي"
وفي
هذا السياق، قال مصدر محلي مطلع إن عودة "محروس" إلى سقطرى ربما تأتي ضمن
الأوراق التي تجريها
السعودية وتعمل على ترتيبها في الجنوب.
وأضاف
المصدر لـ"عربي21"، طلب عدم ذكر اسمه، أن هذه الخطوة من قبل الرياض تأتي
في سياق ما وصف بـ" مسلسل إضعاف هيمنة المجلس الانتقالي، ومن ورائه الكفيل الخارجي
(الممول ويقصد بها الإمارات)، في ظل التراشق الإعلامي الكبير بين هذا المكون والسعودية،
والذي دفع الأخيرة لإعادة القيادات الوطنية التي كانت على النقيض مع الإماراتيين".
ومنذ
حزيران/ يونيو 2020، يسيطر المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً على سقطرى، بعد
مواجهات واقتتال مع القوات الحكومية، وسط اتهامات لأبوظبي بالسيطرة على الجنوب؛ بهدف
التحكم بثرواته وجزره وبسط نفوذها على موانئه الحيوية.
وأشار
المصدر إلى أن محافظ سقطرى السابق وغيره من القيادات التي تم إبعادها منذ سنوات، تمتلك
حاضنة شعبية كبيرة مؤيدة لمشروع الدولة
اليمنية والحفاظ على سيادتها.
وقال:
"وهو ما عبر عنه الشارع السقطري العريض في أثناء توافد المئات أمام منزل محروس في
الساعات الأولى من وصوله إلى مدينة حديبو، عاصمة الأرخبيل، إضافة إلى تقاطر الآلاف
ممّن تكن للرجل الحب والاحترام وتبادله الوفاء، بعدما اكتوت بنار همجية الانتقالي وإدارته الكارثية للمحافظة، بقيادة رأفت الثقلي، الذي فشل في إدارة المحافظة في شتى المجالات المختلفة، وجعلها مسرحا للعبث لكل من هب
ودب"، وفق تعبيره.
اظهار أخبار متعلقة
وسقطرى
عبارة عن أرخبيل من 6 جزر على المحيط الهندي، وكانت حتى نهاية 2013 تتبع حضرموت (شرقا)،
قبل أن يصدر الرئيس اليمني، عبد ربه هادي، قرارا بتحويل الجزر إلى محافظة "أرخبيل
سقطرى".
وكان
رمزي محروس، الرجل الذي ناهض سنوات الهيمنة الإماراتية على سقطرى، قبل أن يجبر على
مغادرتها بعد الانقلاب عليها، قد وصل في وقت سابق من شباط/ فبراير الفائت، حيث حظي
باستقبال المئات من سكان الجزيرة.
"للتهيئة
والضغط"
من جهته،
يرى الباحث اليمني عادل دشيلة أن السعودية بكل تأكيد تريد ترتيب الأوراق في المناطق
الواقعة تحت سيطرة المجلس الرئاسي والمجلس الانتقالي الجنوبي، وذلك للتهيئة لعقد أي
اتفاق سياسي بين المجلس الرئاسي وجماعة الحوثي.
وقال
في حديث لـ"عربي21" إنه خلال فترة الحرب، فقد ظهرت الإمارات كقوة إقليمية
صاعدة في المنطقة، خصوصا بعد أن استولت على مناطق استراتيجية في جنوب وشرق البلاد، ومنها
مدخل باب البحر الأحمر في منطقة باب المندب في جزيرة ميون الاستراتيجية.
وتابع
بأن هناك تنافسا سياسيا واقتصاديا، والسعودية تريد أن يكون لها الحضور القوي في اليمن
بحكم العوامل الجغرافية والحدود المشتركة بين البلدين.
وحسب
الباحث السياسي اليمني، فإن المملكة تتصرف وفقا لمصالحها وأمنها القومي بداخل اليمن،
فهي تسعى لأن تكون على مسافة واحدة من جميع الأطراف بما يحقق لها مصالحها.
وحول
التحركات التي تشهدها المحافظات الجنوبية والشرقية، أكد الباحث دشيلة أن هذه الخطوات
لا يمكن فهمها تصعيدا ضد المجلس الانتقالي ودولة الإمارات، ولكن بالإمكان فهمها في
إطار المساعي السعودية في الانسحاب من المشهد اليمني في حال الاتفاق السياسي بين المجلس
الرئاسي والحوثيين.
و أضاف
أن ما يجري حاليا، هو أن الرياض تعمل على إعادة ترتيب الأوراق والصفوف داخل المناطق
المحررة.
لكنه يبدو أنه لن يتحقق مهما حاولت السعودية، وفقا
للمتحدث ذاته، الذي أرجع ذلك لصعوبات عدة منها: "تمسك الانتقالي بخيار الانفصال،
وعدم دمج الفصائل التابعة له في إطار مؤسستي الدفاع والأمن".
وأشار
إلى أنه في ظل رفض الانتقالي القبول بهذه الخطوات، فالمملكة عارضت اقتحامه لوادي حضرموت،
وصعدت من الموقف واللهجة الإعلامية -ولو بشكل جزئي- كوسيلة ضغط حتى يرجع لطاولة الحوار
والتفاوض لتنفيذ التسوية بينه والمجلس الرئاسي.
"سيناريوهات"
وخلص
الباحث السياسي دشيلة إلى عدة سيناريوهات بشأن الموقف السعودي من المجلس الانتقالي،
حيث يكمن الأول في أنه في حال استمرت الإمارات في دعم الانتقالي من خلال التمدد عسكريا
في المناطق التي تعتبرها المملكة مسألة أمن قومي بالنسبة لها، فإن الرياض لا تستبعد
أن تفجر الصراع بينه وبين القوى الموالية لها.
وأردف
قائلا: وفي هذه الحالة من سيدفع الثمن هو المواطن اليمني.
أما
السيناريو الآخر، فيلفت دشيلة إلى أن الضغط على المجلس الانتقالي، سينجح وسيجنح للتهدئة، وبالتالي تشكيل الوفد التفاوضي بين المجلس الرئاسي وجماعة الحوثي برعاية سعودية وشراكة
عمانية وإقليمية في حال تم الوصول إلى تفاهمات مبدئية مع الحوثيين.
لكنه
استبعد حدوث هذا السيناريو في الوقت الراهن، نظرا لتعنت الحوثي.
وأوضح
أن السيناريو الثالث يمكن تلخيصه في أن بقاء الوضع الحالي في حالة اللاسلم واللاحرب،
وهو متوقع في ظل التعقيدات في شمال وجنوب البلاد.
اظهار أخبار متعلقة
ويهدف
المجلس الانتقالي الجنوبي لانفصال جنوب اليمن عن شماله، والرجوع إلى ما قبل إعادة تحقيق
الوحدة اليمنية بين الشمال والجنوب عام 1990، بدعم من حكومة أبوظبي، بعدما مكنته من
السيطرة على محافظات جنوبية، هي عدن وشبوة وسقطرى ومعظم أبين.
وعلى
الرغم من صعود المجلس الانتقالي الذي تشكل في العام 2017، وتصدره للمشهد جنوب اليمن،
إلا أن هذا الأمر، وفق مراقبين، أماط اللثام عن الانقسامات التي تعتري القوى الجنوبية،
كون هذا المجلس لم يكن محل إجماع كامل بين جميع الجنوبيين، ولا يوافق الكثير من الفرقاء
السياسيين هناك على أجندته.
وأواخر
كانون الثاني/ يناير الماضي، أصدر رشاد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي، قرارا
بإنشاء وحدات عسكرية جديدة باسم "درع الوطن"، وهي قوات تشرف عليها السعودية
تدريبا وتسليحا، في واحدة من تجليات التصدع المتزايد مع الإمارات، وفق مراقبين.
وسبق
أن انتشرت وحدات من هذه القوات المشكلة حديثا، في قاعدة العند العسكرية في محافظة لحج
(50 كلم شمالي العاصمة المؤقتة عدن) في كانون الأول/ ديسمبر من العام الماضي.