يتفق المراقبون على أن دور
المجلس الرئاسي الذي أعيد تشكيله عقب
اتفاق تونس-جنيف محدود جدا في ظل الصلاحيات التنفيذية الواسعة للحكومة، لهذا كان
المجلس الرئاسي على هامش الأحداث وكانت حكومة الوحدة الوطنية هي من يملأ الفراغ
ويدير الدولة ومؤساستها ويتحرك بمهام كثيرة حتى التي تقع ضمن صلاحيات المجلس
الرئاسي وهي القوى العسكرية، كونه القائد الأعلى للقوات المسلحة، واقتصر الدور
الحيوي للرئاسي على ملف المصالحة الوطنية.
التغير في أوزان الفعل نسبيا وقع بعد سحب الثقة من حكومة الوحدة
الوطنية من قبل مجلس النواب والدخول في نفق التأزيم من جديد، فقد وجد الرئاسي
مساحة يتحرك فيها، ويبدو أن أطراف دولية أسهمت في تنشيط الرئاسي، فدخل على خط
الأزمة وتقدم بمبادرة لحلها.
المبادرة التي دعا من خلالها الرئاسي مجلس النواب والمجلس الأعلى
للدولة للاجتماع والاتفاق على تسوية خلافاتهما لقيت صدودا منهما، ويرجع ذلك إلى
رفضهما أن يكون الرئاسي طرفا في التسوية وهو غير معني بها حسب الاتفاق السياسي
الذي حدد الأجسام المعنية بالعملية السياسية، وهما مجلس النواب والأعلى للدولة.
غير أن رفض تدخل الرئاسي في العملية السياسية لا يعني عدم قبوله
كوسيط، ذلك أن الجبهة الشرقية تتعامل مع المجلس الرئاسي وتعترف بسلطته ولا تعترف
بسلطة حكومة الوحدة الوطنية، وهذا التمييز المتناقض، يمنح جبهة طبرق ـ الرجمة فسحة
في التعاطي مع السلطة التنفيذية في المنطقة الغربية.
المجلس الرئاسي، ممثلا في رئيسه محمد المنفي، يبدو أنه يتماهى مع الأفكار الدولية فيما يتعلق بمنحه دورا في الترتيب للانتخابات وإنجاز متطلبات إجرائها من قاعدة دستورية وقوانين انتخابية، وقد ظهر ذلك جليا في تصريحات المنفي قبل وبعد إصدار التعديل الدستوري الثالث عشر.
الوزن المضاعف للمجلس الرئاسي تحقق بعد اتجاه البعثة الأممية، ومن
خلفها الأطراف الغربية، إلى إمكانية أن يكون الرئاسي رافعة لتمرير أي مبادرات
بعيدة عن مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، فقد تضمن أحد البدائل المقترحة في
الوثيقة المسربة التي ناقشتها أطراف دولية مؤخرا إصدار مرسوم من قبل المجلس
الرئاسي لتمرير القاعدة الدستورية والقوانين الانتخابية.
المجلس الرئاسي، ممثلا في رئيسه محمد المنفي، يبدو أنه يتماهى مع
الأفكار الدولية فيما يتعلق بمنحه دورا في الترتيب للانتخابات وإنجاز متطلبات إجرائها
من قاعدة دستورية وقوانين انتخابية، وقد ظهر ذلك جليا في تصريحات المنفي قبل وبعد
إصدار التعديل الدستوري الثالث عشر.
فقد رحب المنفي بالجهود الدولية في هذا الصدد، وتقييده دعم تلك
الجهود بأن تكون شرعنة أي مخرجات تتعلق بالانتخابات أو الحكومة عبر أدوات ليبية،
لا يعني أنه يصر على دور مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة في المسار السياسي،
وإنما من المحتمل أن يكون القصد إسناد هذه المهام أو بعضها للمجلس الرئاسي، ونقلت
مصادر مطلعة ومقربة من المنفي أن المرسوم الرئاسي المشار إليه جاهز، وأن المجلس
الرئاسي مستعد للتعاطي مع أي مقاربة دولية بالخصوص.
تصريحات المنفي الأخيرة بعد لقائه مع المبعوث الأمريكي الخاص، رتشارد
نورلاند، من أن المجلس الرئاسي جهة محايدة تسعى للوصول إلى الانتخابات في ظل توافق
وطني، يكشف عن النية في أن يلعب الرئاسي دورا حيويا في العملية السياسية، والإشارة
إلى الحياد ربما للتأكيد على ميزة يتمتع بها الرئاسي تؤهله لعب دور ريادي في إنهاء
الأزمة، بمعنى أنه جسم مقبول في الغرب والشرق والجنوب، ولم يتورط في الصراع
الراهن، وفي حال أسند إليه مهام أساسية لتحقيق التوافق فهو غير مصطف ويمكن أن يلقى
تدخله قبولا واسعا.
تصريح باتيلي في المؤتمر الصحفي الأخير في العاصمة طرابلس والذي جاء
بعد تصريحات نورلاند والذي تضمن ثناء على جهود الرئاسي وتأكيده على مواصلة العمل
معه ربما يعني احتمال أن يكون الرئاسي بالفعل ضمن بدائل سد الفراغ في العملية
السياسية، وقد يتعزز هذا المذهب في حال قرر باتيلي المضي في خطته بعيدا عن
المجلسين، وهو السيناريو الذي سيتأكد إذا أخفق النواب والأعلى للدولة في التوافق
على قوانين الانتخابات.