"يوم العار في
مصر".. هكذا عنونت
الاندبندنت البريطانية للمجزرة التي جرت في ميدان
رابعة العدوية وقالت في صدر صفحتها الأولى "مقتل العشرات وإصابة المئات مع
إعلان الحكومة الحرب على الإسلاميين".
ربما كان هذا العنوان هو الأقرب لوصف ما جرى، فلم يكن الأمر فضا لاعتصام
سلمي بقدر ما هو إعلان حرب على الإسلاميين بشكل عام والإخوان المسلمين بشكل خاص،
ولو كان الأمر مجرد فض لاعتصام سلمي فهنالك عشرات الوسائل التي تؤدي لهذا الغرض،
ولكن سيتبين لنا لاحقا ومن تصريحات الجنرال السيسي أن المجزرة كانت مقصودة حتى لا
يتجرأ أحد على حكم الجنرالات، وحتى لا يفكر الشعب في القيام لا بمظاهرات ولا ثورات
ولا انتفاضات وإلا فالقتل هو شعار المرحلة.
وفي بداية عام 2014 نشرت مجلة فورين أفيرز (Foreign Affairs) الأمريكية
مقالا بعنوان "
عار مصر"، تناولت فيه ما تعرضت له المرأة المصرية من عنف
واعتداء ورصدت اعتقال العديد من النساء في تشرين الثاني/ نوفمبر 2013، أي نفس
العام الذي وقعت فيه
مجزرة رابعة. وهنا لا بد من الإشارة إلى تقرير منظمة مراقبة
حقوق الإنسان المعروفة باسم هيومن رايتس ووتش، الذي نُشر بعد جهد بحثي وتوثيقي استمر
قرابة عام كامل وعنونت له بـ"
حسب الخطة"، أي أن كل ما جرى لم يكن مجرد صدفة أو حدثا عابرا وإنما هو حسب خطة
الجنرال ومعاونيه وداعميه في الداخل والخارج.
الخطة لم تكن أبدا فض رابعة وصرف الناس إلى بيوتهم آمنين كما زعم النظام، بل كانت تحويل ما جرى إلى درس وعبرة بغض النظر عن الفضيحة التي لحقت بالنظام وبصورة مصر، فمصر لا تهم الجنرال في شيء لا من قريب ولا من بعيد، والموضوع كله مرتبط بمدى سيطرته على الوضع في مصر حتى لا تتحول ثورة الشعب المصري إلى مرض معد ينتشر في ربوع العالم العربي
الخطة لم تكن أبدا فض رابعة وصرف الناس إلى بيوتهم آمنين كما زعم النظام،
بل كانت تحويل ما جرى إلى درس وعبرة بغض النظر عن الفضيحة التي لحقت بالنظام
وبصورة مصر، فمصر لا تهم الجنرال في شيء لا من قريب ولا من بعيد، والموضوع كله مرتبط
بمدى سيطرته على الوضع في مصر حتى لا تتحول ثورة الشعب المصري إلى مرض معد ينتشر
في ربوع العالم العربي.
وهنا اقتبس جزء من تقرير نشرته صحيفة "
العربي الجديد" حول تفاصيل
ما جرى من استعدادات هائلة من جانب الجيش والشرطة للقيام بهذه المجزرة: "وتشير
المصادر إلى أن المنشاوي جزم بأن الخطة تضمنت تدريب نحو 7 آلاف ضابط
وجندي من العمليات الخاصة، وقوات مكافحة الشغب، والمجموعات القتالية، والشرطة
العسكرية، للمشاركة في العملية، بالإضافة إلى
استخدام مجنزرات وآليات الهيئة
الهندسية للقوات المسلحة لإزالة السواتر التي أقامها المعتصمون لمنع تقدم القوات، وكذلك استخدام طائرات مروحية لدعم القوات على الأرض".
جاء في التقرير المشار إليه: "ويشير تحقيق هيومن رايتس ووتش الذي
استمر لمدة عام كامل في سلوك قوات الأمن عند استجابتها لهذه المظاهرات، إلى قيام
قوات الجيش والشرطة، على نحو عمدي وممنهج، باستخدام
القوة المميتة والمفرطة في عمليات حفظ الأمن، مما أدى إلى مقتل متظاهرين على نطاق لم يسبق له مثيل في مصر.
ويشتمل ما فحصناه من أدلة على تحقيقات في مواقع الأحداث بكل موقع من مواقع
التظاهر، أثناء وقوع الاعتداءات على المتظاهرين أو بعدها مباشرة، وعلى مقابلات مع
أكثر من 200 من الشهود وبينهم متظاهرون وأطباء وعاملون آخرون بالحقل الطبي وصحفيون
ومحامون وسكان لمناطق الأحداث، وعلى مراجعة للأدلة المادية ولساعات من مقاطع
الفيديو وتصريحات مسؤولين عموما. وعلى هذا الأساس تخلص هيومن رايتس ووتش إلى أن
عمليات
القتل لم تشكل انتهاكات جسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان فحسب، بل إنها ترقى
على الأرجح إلى مصاف الجرائم ضد الإنسانية، بالنظر إلى اتساع نطاقها
وطبيعتها الممنهجة، وكذلك إلى الأدلة التي توحي بأن
عمليات القتل كانت جزءاً
من سياسة تقضي بالاعتداء على الأشخاص العزل على أسس سياسية" (انتهى
الاقتباس).
ولأن كل شيء سار "حسب الخطة"، فالحملة السابقة على الفض وهي حملة
"الحض" على القتل التي شرحتها في مقال سابق؛ تضمنت تسويق إراقة الدماء
على أنه رد فعل على الاعتصام الذي زعموا أنه كان مسلحا، ولكن وحسب
بيان وزير
الداخلية (المشرف على المجزرة أمام الرأي العام حتى لا يتم توريط الجيش وإدانته)،
فإن ما وجد من سلاح لا يكفي لحماية مزرعة في الصحراء من قطاع الطرق وليس لمواجهة
جيش عرمرم جاء للقتل وليس مجرد الفض. وهذا هو الجزء الخاص بتسليح رابعة كما جاء في
بيانه غداة يوم المجزرة: "لقد نجحت القوات التي تعاملت مع الموقف بأعلى قدر من
المهنية والاحترافية في فض اعتصام النهضة دون خسائر، وإحكام السيطرة على المنطقة تماماً،
وضبط عدد كبير من مثيري الشغب وحائزي الأسلحة النارية التي بلغت عدد 10 بنادق
آلية، عدد 29 بندقية خرطوش، عدد 9622 طلقة حية، عدد 6 قنابل يدوية، عدد 5 كباس
خرطوش، عدد 55 زجاجة مولوتوف، وكميات من الصداري الواقية والأجهزة اللاسلكية،
وكميات كبيرة من الأسلحة البيضاء وأدوات الشغب". وإن صدقنا أكاذيب وزير
الداخلية فيما قاله، فماذا يفعل المعتصمون ببنادق الخرطوش والأجهزة اللاسلكية؟!!
الحملة السابقة على الفض وهي حملة "الحض" على القتل التي شرحتها في مقال سابق؛ تضمنت تسويق إراقة الدماء على أنه رد فعل على الاعتصام الذي زعموا أنه كان مسلحا، ولكن وحسب بيان وزير الداخلية (المشرف على المجزرة أمام الرأي العام حتى لا يتم توريط الجيش وإدانته)، فإن ما وجد من سلاح لا يكفي لحماية مزرعة في الصحراء من قطاع الطرق وليس لمواجهة جيش عرمرم جاء للقتل وليس مجرد الفض
كما ذكرت، فقد شارك كل أعداء الإسلاميين ومناوئي
الإخوان المسلمين في
التحريض على القتل وسفك الدماء، ولئن اعتذر البعض لاحقا فإن هذا الاعتذار هو في حد
ذاته تأكيد على أن المجزرة
وما سبقها وما تلاها كانت جزءا من خطة أوسع وليست مجرد مجزرة
عابرة أو منعزلة عن سياق الأحداث. ولو عدنا بالذاكرة لما تلا مجزرة الفض من أحداث
فإنها وإن كانت أقل دموية من مجزرة رابعة إلا أنها مقصودة وحسب الخطة أيضا، فقد
أشهرت البنادق في وجه المؤيدين للرئيس والرافضين للانقلاب في الشوارع والميادين، وفي
عواصم المحافظات، وفوق الكباري والجسور، وفي الجامعات وفي المساجد وفي ساحات
الصلاة وفي البيوت، حيث اقتحمت قوات الجيش والشرطة بيوت الآمنين وقامت بتصفيتهم
واعتقلت وأخفت قسريا الألوف من الرجال والنساء، وعقدت
محاكم الزور التي أصدرت أحكاما بالإعدام بالجملة
وأعملت مقصلة الإعدام في رقاب الشباب
والشيوخ بلا محاكمة حقيقية وبدون حضور
للمحامين، وتمت مطاردة المحامين المدافعين عن المعتقلين واعتقالهم هم أيضا
ومحاكمتهم بعد احتجاز دام لسنوات.
قبل أيام من مجزرة رابعة العدوية فوجئت بأحدهم يعترض طريقي وأنا أمشي في
طرقات الاعتصام، استوقفني وقال لي إنه يبحث عني منذ أيام، عرفني الشاب بنفسه وقال
إنه ضابط احتياطي في الجيش المصري وأن لديه ما يريد أن يخبرني به، وبعد أن أبرز لي
كارنيه الجيش في رسالة طمأنة سألني إن كنت أمر على الطريق المؤدية إلى مسجد المشير
طنطاوي الملاصق لاستاد الدفاع الجوي المعروف بـ30 يونيو، فقلت له إن هذا في طريقي
يوميا من البيت إلى الاعتصام، فقال ألم تلاحظ شيئا غريبا؟ فأجبته بالنفي، فقال لي:
أرجو وأنت تمر الليلة ركز وسوف تشاهد مجموعة من الجرافات موجودة هناك وهي كثيرة
وضخمة. فقلت وما المثير في ذلك؟ قال إنها جرافات تشبه جرافات العدو الصهيوني التي
يستخدمها في هدم منازل الفلسطينيين في فلسطين المحتلة. دُهشت من الأمر وقررت
العودة إلى المنزل وتوقفت فعلا عند المكان وشاهدت الجرافات بلونها الأصفر وعددها
المثير للانتباه، وقلت في نفسي كل هذه الجرافات من أجل الفض؟ والحقيقة أنني لم
أتوقع أن تكون لهذا الغرض وقاومت فكرة أن الجيش قد يستخدمها، ولكنه فعل.
ليلة الفض كنت في الميدان ولاحظت أن أعداد المعتصمين قد قلت بصورة ملحوظة،
وسألت من على دراية بالأمر فقال لي إن تعليمات قد صدرت بإخلاء النساء والأطفال
وتخفيف الأعداد حرصا على سلامتهم، في حال حدوث أي عدوان أو محاولة للفض. ولم يكن
وحسب أحد قيادات الميدان يخطر على قلب أحد أن القوة الغاشمة والمميتة سوف تستخدم
في الفض نظرا لأن التوقعات كلها كانت تشير إلى صعوبة الفض سلميا، وبالتالي لم
يتخيل كثيرون أن مجزرة بهذا الحجم سوف تقع، وحتى أثناء عملية الفض فقد أبدى
المعتصمون مقاومة شديدة بما توفر لديهم من حجارة وعصي وتحصينات أعاقت تقدم القوات
المسلحة. وحتى منتصف يوم الفض لم تستطع القوة الغاشمة حسم الأمور، وتصور البعض أن
المحاولة فشلت وأن الجنرالات قد يرعوون ويراجعون أنفسهم، خصوصا وأن مشاهد القتل
تبث على الهواء مباشرة، ولكن وبكل أسف ربما وصلت التعليمات من الخارج أن استمروا
مهما كلفكم الأمر وسنصلح كل شيء بعد ذلك، وهو ما حدث فعليا، فقد تحمل الانقلاب
الأمر، وقامت السعودية بجهود دبلوماسية وضغوط سياسية هائلة من أجل استيعاب النظام
وتمرير المجزرة مهما بلغت كلفتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية على مصر وشعبها.
سألت الرجل: هل تعتقد أن الفض سيكون قريبا؟ قال: بل أعتقد أنه قد يكون غدا.
دهشت من جوابه ولكنه شرح لي أننا يجب أن نتوقع كل شيء من الجنرالات، وقال إننا
نتوقع ذلك ولذلك أخلينا النساء والأطفال، وليس كما يروج المرجفون في الأرض أن
الإخوان استخدموهم دروعا بشرية. والسؤال هنا إذا كانت قيادات الميدان تعلم أو
لديها شعور بقرب الفض فلماذا استمرت في الاعتصام؟ أما كان أولى بهم فض الاعتصام؟
وهذا سؤال ساذج للغاية، ففض الاعتصام يكون في حال ردت السلطة على طلبات المعتصمين
وتم الوصول إلى حل سلمي، ومن الواضح أن الجنرالات وعلى رأسهم السيسي لم يكونوا
راغبين في أي حل سوى إراقة الدماء بما فيها
دماء النساء، وبالتالي لم يكن هناك من سبيل سوى الاستمرار في
الدفاع عن الميدان والمعتصمين أو الموت فوق ترابه دفاعا عن المبدأ.
كانت الإجراءات المتخذة من جانب المعتصمين تكفي لردع أي محاولة للفض السلمي،
فالطرقات ضيقة ودخول المدرعات يمكن إعاقته، والتحصينات الخفيفة يمكنها تعطيل دخول
المدرعات، ولكن الحقيقة أن خطة الجنرالات لم تكن فض الاعتصام بل قتل الجميع ونقل
مشاهد القتل على الهواء، كما جرى في
فض دوار اللؤلؤة في البحرين على يد جحافل
القوات السعودية تحت غطاء قوات درع الخليج في آذار/ مارس 2011.
خطة الجنرالات لم تكن فض الاعتصام بل قتل الجميع ونقل مشاهد القتل على الهواء، كما جرى في فض دوار اللؤلؤة في البحرين على يد جحافل القوات السعودية تحت غطاء قوات درع الخليج في آذار/ مارس 2011
كان يوم المجزرة مروعا ومرعبا ومخيفا وقاسيا على النفس (
شاهد بعض المقاطع من المجزرة)، وكنت أتابع مع غيري ما يجري وأعود بين الحين والحين
للاقتراب من الميدان الذي لم أستطع دخوله منذ تلك اللحظة، وإن حاولت المرور عليه
والاقتراب منه لاحقا ولو من بعيد لأشاهد ما تبقى من مسجد رابعة الذي أحرقوه
بالكامل وتركوه شاهدا على جريمتهم الشنعاء ولكنهم وبسرعة قاموا بترميمه لإخفاء
معالم الجريمة، كما قاموا
بتغيير اسم الميدان إلى ميدان هشام بركات؛ النائب العام الذي اغتالوه
واتهموا بعض الشباب بقتله.
قضيت معظم ليلة المجزرة في الميدان ثم انصرفت إلى البيت وتركت ولداي في الميدان
مع أصحابهما وقد عادا إلى البيت قبيل الفجر، لأفاجأ بابني الأكبر (ح) يتسلل من
البيت ومعه صديقه وجارنا أحمد الزناتي (الذي استشهد يوم الفض وهو على مسافة قدم
واحدة من ابني الذي شاهد استشهاده عليه رحمة الله)، ليخرجا معا في اتجاه الميدان.
وساعتها لم يكن هناك ما يوحي بشيء، بيد أن تسلله أثار الفضول فقمت على إثر سماع
صوت إطلاق النار وخرجت مع زوجتي وابني الأصغر (م) وزوجة الدكتور محمد الزناتي -فك
الله أسره- قائد المركز الطبي الميداني، وهو طبيب غاية في الرقة والأدب والوقار
ولطالما عالج الجرحى والمصابين، ولكن حُكم عليه بعشر سنوات سجن لأنه كان في الميدان.
انطلقنا نحو الميدان، كانت السماء معبأة بالدخان وصوت إطلاق الرصاص نسمع
صداه، ونحن في الطريق وأينما توجهنا تعترضنا لجان من البلطجية والشرطة في الزي
المدني تحذرنا من دخول الميدان. حاولنا الدخول من كافة المنافذ فمُنعنا، ووجدنا
مصفحة على أحد المداخل تحيط بما يبدو أنه جثة؛ تبين لاحقا أنها جثة مصور بريطاني
تم قتله برصاص الشرطة أو الجيش على أبواب الاعتصام. وعلى الفور تواصلت مع القائمين
على الإعلام في الحزب وتم الاتفاق على ضرورة البحث عن مكان آمن لكي يتم التواصل مع
وسائل الإعلام المحلية والعالمية، وقد تمكنت من فعل ذلك مع زملائي وكان صوتنا
الناقل للحقيقة مسموعا عبر قناة الجزيرة والقنوات الأخرى مثل البي بي سي وفرانس 24
وصوت أمريكا وتلفزيون الحرة وغيرها (يمكنكم
مشاهدة إحدى مداخلاتي عبر الجزيرة
يوم المجزرة).
وبينما كان الحزن يخيم على الجميع كانت طبول النظام تقرع وأبواق السلطة
تكذب وتفتري الكذب، وجوقة من الساسة الفرحين بنصر الجنرالات على المعتصمين
المدنيين ظنا منهم أن نهاية الاعتصام تعني بداية تمكينهم من الحياة السياسية،
وللأسف فقد باءوا بفشل على فشل وغضب على غضب، ولا يزالون في حيرة من أمرهم بعد عشر
سنوات من الانقلاب والمجازر التي حدثت في رابعة وما تلاها، مثل مجزرة مسجد الفتح في
ميدان رمسيس والتي عنون لها
موقع رصد الإخباري بـ"مجزرة مسجد الفتح.. ما لا عين رأت من انتهاك الحرمات"، و
مجزرة عربة الترحيلات التي وقعت يوم 18 آب/ غسطس أي بعد الفض بأربعة أيام
وراح ضحيتها 37 نفسا بشرية بريئة من مجموع من كانوا داخلها وهم 45 شخصا (
طالع تقرير شركاء الدم
والمنشور على العربي الجديد).
كانت بعض ردود الفعل العالمية أقوى بكثير من نظيراتها العربية والمحلية، التي
اصطفت مع الجنرال خشية عقابه أو رغبة في ذهبه، ولقد تراوحت ردود الفعل بين التنديد
والقلق الشديد على غرار تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة، وكلها كلمات فارغة لم
ولن تعيد الحقوق إلى أهلها ولن تنتصف للشهداء ولا للجرحى الذين غُدر بهم تحت سمع
العالم وبصره.
صحيح أن محمد البرادعي
أدان المجزرة واستقال من منصبه وفر هاربا خشية بطش الجنرال وفتك
النظام به، ولكنه لا يزال مطالبا بالمزيد ولا ندري
لماذا لا يتقدم بإيضاحات حول ما
جرى وهو شاهد عيان عليها؟ ولماذا لا يتحرك في تقديم شهادته إلى المنظمات
الدولية التي رفضت قبول طلب مؤيدي الرئيس مرسي لرفع دعوى ضد النظام بسبب مجزرة رابعة
وأخواتها؟
ستختلف الأرقام من جهة إلى أخرى، ولكن الرقم القريب من الحقيقة قد جاوز
الألفي شهيد بمن فيهم من دُفنوا ولا يعلمهم إلا الله، ومن أُخفوا والنظام يعلم إن
كانوا على قيد الحياة أم دفنوا في الصحراء، ناهيك عن آلاف الجرحى والمصابين، ولو
قتل واحد فقط أو أصيب شخص فقط فإن لعنة دمه ستصيب من قتلوه أو جرحوه، فما بالك بكل
تلك الدماء المحرمة التي استباحها الجنرال في منامه وجعلها حقيقة في حياته.
منذ تلك اللحظة البشعة والمريرة والعاصفة أدركتُ أن عشرية سوداء قد بدأت؛
شعارها "جئتم بالقتل"، وكما عبرت
صحيفة اليوم السابع فإن مجزرة رابعة لم
تكن سوى بداية تأسيس جمهورية الجنرال الجديدة في مصر "الطريق إلى فض رابعة
كان بداية الجمهورية الجديدة".