صحافة إسرائيلية

جهود إسرائيلية للالتفاف على الفيتو الأمريكي بشأن التقارب مع الصين

تسعى أمريكا إلى ضمان أن دولة الاحتلال لن تضع يدها مع منافستها الصينية- جيتي
تسعى أمريكا إلى ضمان أن دولة الاحتلال لن تضع يدها مع منافستها الصينية- جيتي
يوما بعد يوم تتأكد دولة الاحتلال أنها تقف عند مفترق طرق في الصراع بين الولايات المتحدة والصين، ما قد يفرض عليها أن تقرر ما إذا كانت ستتبع نهجًا استباقيًا أو سلبيًا من أجل حماية مصالحها، لاسيما أن التوتر السياسي الداخلي الذي تشهده يخلق أيضًا نقاط احتكاك مع الإدارة الأمريكية، ما يحوّل الضوء قليلاً عن الضغط الأمريكي عليها لاتخاذ موقف أكثر حسماً تجاه الصين.

في الوقت ذاته، فإن القناعة الإسرائيلية السائدة أن التنافس الاستراتيجي مع الصين على رأس أولويات الإدارة في واشنطن، وهذه الحقيقة لن تختفي، ما يجعل دولة الاحتلال تقف الآن عند مفترق طرق، لاسيما أننا بعد مرور ثلاث سنوات على إطلاق إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب الطلقة الأولى في التنافس مع الصين، وحينه بدأت الولايات المتحدة بالضغط على حلفائها، ومنهم إسرائيل، لتهدئة العلاقات مع بكين، ولتقليص مشاركة الصين في مشاريعها المختلفة، ومع ذلك فإن التكنولوجيا الإسرائيلية المتقدمة تجد طريقها لأيدي الصينيين.

ديل ألوف رئيس شعبة الأبحاث بمعهد "سيغنال" لإدارة العلاقات الإسرائيلية الصينية، أكد لصحيفة "ميكور ريشون"، أنه "في أكتوبر 2022 ألقت إدارة الرئيس جو بايدن قنبلة خاصة بها بإعلان المكتب الأمريكي للصناعة والأمن عن قيود جديدة على الصادرات إلى الصين من أشباه الموصلات المتطورة ومعدات تصنيع الرقائق، وهي تمثل 16٪ من الصادرات الإسرائيلية عالية التقنية، ما يجعل دولة الاحتلال تجد نفسها الآن في قلب العاصفة، لأن جزءًا منها يتأثر بالقيود الأمريكية".

وأضاف في مقال ترجمته "عربي21" أن "العلاقات التكنولوجية الإسرائيلية الصينية لا تتوقف عند هذا الحد، فمنذ عام 2002 قامت الشركات الصينية بخمسمائة صفقة استثمار مسجلة في دولة الاحتلال، 97٪ منها في قطاع التكنولوجيا، وتزيد كلفة هذه الاستثمارات عن تسعة مليارات دولار، ومن ذلك إنشاء الشركات متعددة الجنسيات مثل هاواوي وغيرها من مرافق البحث والتطوير من خلال شراء الشركات الإسرائيلية التي توظف عشرات الخبراء في مجالات الاتصالات والذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية وعلوم البيانات".

وأشار إلى أن "الاهتمام الإسرائيلي بمخاوف الأمريكيين من تنامي العلاقات مع الصين قائم، وفي يناير 2022 وافق الاحتلال على إخطار واشنطن بأي صفقة كبيرة مع الصين، وفي يوليو أطلق الرئيس بايدن ورئيس الوزراء لابيد الحوار التكنولوجي الاستراتيجي بينهما، وبينما لم تذكر الصين في الحوار الجديد، فقد ضاعفت الحكومة من تشديد الرقابة على الاستثمارات الأجنبية في إسرائيل، ومنها الصينية، وتم اتخاذ قرار بتخفيض مستوى التدخل الصيني لتهدئة مخاوف الولايات المتحدة، حيث يستمر الضغط على تل أبيب بلا هوادة".

وأشار إلى أنه "في سبتمبر 2022 ضغط البيت الأبيض على إسرائيل لقطع علاقات البحث العلمي مع الصين، بهدف التقليل وخفض التعاون بين مؤسسات البحث الإسرائيلية والصينية، مع أن الرئيس السابق للموساد يوسي كوهين يعتبر أحد المنتقدين الذين أعربوا عن شكوكهم بشأن نهج واشنطن الصارم على نحو متزايد، ففي محاضرة ألقاها في يونيو 2021 أعلن أن "الصين ليست ضدنا، وليست عدونا".

ونقل عن "ناعوم غروبر كبير الاقتصاديين بصندوق النقد الدولي، ورئيس الأبحاث السابق بالمجلس الاقتصادي الوطني في إسرائيل، أن مخاوف الولايات المتحدة مشروعة، لكن "الصين ليست عدوا لإسرائيل"، وبالتالي فإن الطلبات الأمريكية للحدّ من التدخل الصيني في المجال المدني الإسرائيلي تجاوزت الحدود، وأن المؤسسة الإسرائيلية يجب ألا تمتثل لها، مع العلم أن الشركات الصينية ستحجم عن مناقصاتها الحكومية في إسرائيل، خوفًا من ألا تضمن جهة خفية أن هذه المناقصات لن تحرج إسرائيل أمام الولايات المتحدة".

فيما أشار "إيلان ماور رئيس الغرفة التجارية الإسرائيلية الصينية إلى أنني لا أتفق مع التعريف الأمريكي للتقنيات الاستراتيجية، لأن أمريكا بررت حملتها ضد التكنولوجيا الصينية في إسرائيل على أساس الأمن القومي، فيما قال نائب رئيس تحرير "آسيا تايمز" ديفيد غولدمان إن "إسرائيل لا تستطيع تحمل التضحية بميزاتها التكنولوجية لتتوافق مع سياسة أمريكية مثيرة للجدل لا تزال قيد المناقشة".

اظهار أخبار متعلقة


الاستنتاج الإسرائيلي أن المشاريع الصينية في دولة الاحتلال ستكلف مالا أكثر، وتستغرق وقتًا أطول لإكمالها، مع توقع تضاعف عدد سكانها خلال الثلاثين عامًا القادمة، وحينها تتطلب مائتي مليار دولار لتلبية احتياجات البنية التحتية، وفي ما يتعلق بالتعاون التكنولوجي، أشار بعض الإسرائيليين إلى عدم وضوح الجانب الأمريكي في ما يتعلق بالضبط بأنواع الابتكارات المحظورة.

في الوقت ذاته، فإن المسؤولين الأمريكيين أبلغوا نظراءهم الإسرائيليين بأنهم لا يتوقعون أن تنفصل إسرائيل عن الصين، لأن الولايات المتحدة تريد أن تضمن أن دولة الاحتلال لن تضع يدها مع منافستها الصينية، ما يعني أنها تواجه الآن قرارات صعبة في كيفية الالتفاف على الفيتو الأمريكي على هذا التقارب الصيني الإسرائيلي.
التعليقات (0)