مدونات

رمضان الشيخ خضر عدنان!

وليد الهودلي
إضراب خضر عدنان منذ 45 يوما- تويتر
إضراب خضر عدنان منذ 45 يوما- تويتر
عندما هلّ علينا شهر رمضان المبارك، كان للشيخ خضر عدنان 45 يوما في معركة متواصلة، لم يستخدم فيها سوى أمعائه الخاوية، وإرادته الحرّة النابعة من إيمانه العميق بالحق ومصداقيّة قضيّته. وكانت بدايته معنا نحن معشر الصائمين بعد 45 يوما من الإمساك عن الطعام ليلا ونهارا، لم تستقبل معدته فطورا ولا سحورا، لم يكن هناك قطايف ولا حلويّات ولا أيّة لقمة بين الوجبات، سار ليله ونهاره دون وقود، تصافح الساعة من الوقت الساعة التي سبقتها بشقّ الأنفس وكأنها دهر من الزمن، كلّ ما في بقايا جسمه النحيل، يطرق جدران خزّان لا يسمع هذه الطرقات سوى زوجته وأطفاله ونفر قليل من الناس.

وكان لبقية الناس قصّتهم مع رمضان، يفكّرون في سرعة انقضاء رمضان الخير، حيث الطقس المعتدل وقِصر النهار وطول الليل مع كثرة الملذّات من الطعام والشراب. ويصبّر الوعّاظ في المساجد الناس ويسوّقون لهم قصص الصبر ومجاهدة النفس على المصاعب والشدائد ورسالة رمضان العظيمة في نفوسهم، فالصبر الجميل هو عنوان هذا الشهر الفضيل بما يعود من فوائد وأجر وحسنات، وهنا تقابلت الصورتان:

فإذا جاز لنا أن نصف صبرنا بأنه الصبر الجميل في رمضان، فكيف نرى جمال صبرك خضر عدنان، وأنت في يومك الخامس والستين من الإضراب بإمساك متواصل دون سحور أو إفطار؟!

وإذا بلغت مجاهدة نفوسنا مبلغا جيّدا بفضل رمضان، فكيف نرى جهادك وقد قطعت كلّ هذه الصحاري القاحلة من الأيام الطوال؟

وإذا كانت معادلة القرآن حاضرة في نفوسنا في شهر القرآن، فكيف بها وماذا فعلت وكيف أنتجت في نفسك العظيمة؟ كيف تحرّك قول الله تعالى في قلبك: "ذلك بأنّ الله مولى الذين آمنوا وأنّ الكافرين لا مولى لهم"؟ هل رأيت فعل الله في نفسك وكيف تكون ولاية المولى لأحبابه من عباده، وأنت تخوض غمار المعركة وحدك ولا نصير ولا وكيل ولا حفيظ ولا لطيف ولا وليّ لك إلا ربّك؟ أخبرنا سيّدى عن أحوال قلبك، أخبرنا عن برد اليقين، أنت إلى الله أقرب منّا جميعا، أقرب لأنك في ساحة المواجهة في الخندق الأقرب إلى ألدّ أعداء الله.

ونحن على موائد الإفطار، أخبرنا سيّدي ما يجول في خاطرك، ماذا تقول لنفسك وماذا يقول لك قلبك الجميل، هل تطلّ بعينيك الجميلتين إلى موائدنا التي تعجّ بما لذّ وطاب؟ ماذا تشتهي وكيف تنظر إلينا ونحن نتلذّذ دون أن تفعل صرخات أمعائك فعلها في مشاعرنا النائمة؟

نصلّي التراويح جماعة وأنت بمصلّاك وحدك، نعاني من الشبع ونرجو الإمام ألّا يطيل الصلاة، بينما أنت لا تقوى على الصلاة من ألم الجوع وقهره لقوّة الجسد، نرجو رحمة الله وبركاته على ما أنعم علينا، وأنت ترجو أن يزيدك الله صبرا ويقينا وأن تقترب من النصر وانتصار الإرادة.

عيدنا يوم يقرّر رمضان الرحيل بعد انقضاء أيامه المعدودات، عيدك سيّدي يوم تشرق شمس حريّتك، يوم تعلن الانتصار على السجّان، يوم تظفر بكسر رأس الغطرسة، يوم كسر إرادة المحتلّ المتوحّش الفاشي، يومئذ تفرح أمعاؤك وتتهلّل أسارير زوجتك وأطفالك، يوم "يتخزبل" المحتلّ وكلّ من تساوق مع أقواله، عندئذ يفرح المؤمنون معك بنصر الله.

نسأل الله أن يكون يوم عيدك قبل عيدنا، وأن يكون ذلك لك نصرا عزيزا فهو معك ولن يتِرَكَ أعمالك، وهو ناصرك في هذه الحرب الضروس بإذن الله.
التعليقات (0)