مقابلات

مثنى الضاري: الحشد الشعبي لن يخرج من مناطق السنة بالعراق إلا بهذه الطريقة

لم يتحقق شيء من وعود إخراج الحشد الشعبي من مناطق السنة بالعراق بحسب الضاري- عربي21
لم يتحقق شيء من وعود إخراج الحشد الشعبي من مناطق السنة بالعراق بحسب الضاري- عربي21
تعاني مناطق السنة في العراق من مشاكل أمنية يتصدرها تواجد قوات الحشد الشعبي فيها، وسط مطالب مستمرة بمغادرتها كأولوية لوقف الانتهاكات التي تصدر منها، الأمر الذي لم يتم حتى الآن رغم تعهد رئيس الحكومة محمد السوداني بذلك، ليضاف إلى سلسلة وعود مشابهة من الحكومات المتعاقبة التي لم تنجح بتحقيقه.

عن ذلك قال مسؤول القسم السياسي في هيئة علماء المسلمين في العراق، مثنى حارث الضاري، لـ"عربي21"، إن الوعود التي أطلقت بشأن إخراج هذه القوات كثيرة، ولم يتحقق شيء ملموس حتى الآن.

وأضاف أن "الحكومة أمام معادلة قوة المليشيات وضعفها أمامها، وذلك في حال افتراض إرادة الحكومات السابقة واللاحقة إخراج هذه القوات بالفعل".

ومجيبا على سؤال متعلق بمن يعرقل إخراج قوات الحشد الشعبي من مناطق السنة، أوضح أن هذه القوات نفسها وراء ذلك، بالإضافة إلى قوى سياسية لها مصلحة دون أن يسميها، إلى جانب تحقيق ذلك مصالح خارجية من بينها إيران، وفق قوله.

واستعرض الضاري ما تعانيه المناطق السنية من فقد للأمن بسبب الانتهاكات الصارخة المترتبة على استمرار تواجد هذه القوات، واصفا ذلك بأنه يمثل "حالة احتلال يعاني منها الجميع ولا يأمنون على أنفسهم".

وصدر تعهد السوداني في اجتماع مغلق مع تحالف السيادة (سني)، بإخراج المليشيات الشيعية من المناطق السنية التي يوجدون فيها منذ طرد تنظيم الدولة منها، بعد إعلان بغداد هزيمته في 2017.
ولم تذكر الحكومة بشكل رسمي سبب التأخر في تنفيذ وعدها في ما يتعلق بإخراج الحشد الشعبي وفق الجدول الزمني الذي وضعته، لكنها أكدت أن ذلك لن ينجز بشكل نهائي قبل ستة أشهر إلى نحو عام، مع نهاية 2023.

الضاري أشار في معرض حديثه، إلى أن أهالي المناطق السنية، يؤكدون أن الإجراءات العملية لسحب الحشد الشعبي لم تبدأ، رغم مرور أشهر على تعهد الحكومة بإخراجها.

تاليا نص المقابلة كاملة لـ"عربي21" مع الدكتور مثنى الضاري:

وعدت الحكومة بحل مشكلة تواجد قوات الحشد الشعبي في مناطق السنة، ووضعت جدولا زمنيا لذلك، وحتى الآن لم تحدث إجراءات عملية، فما تعليقكم على الموضوع؟

ما أكثر الوعود التي وعد بها العراقيون من الحكومات المتتابعة فيه منذ الاحتلال الأمريكي، وهذا السؤال لا جواب له إلا بسؤال مفاده: يا ترى هل تحقق شيء ملموس مما وعد به الاحتلال والحكومات التي قامت في ظله حتى اللحظة على المستويات الحياتية العامة: سياسيًا وأمنيًا واقتصاديًا واجتماعيًا؟

لم تتخذ الحكومة أي إجراءات عملية للدلالة على ذلك، وكيف يمكن لها أن تُتخذ في ضوء معادلة قوة الميليشيات وضعف الحكومة أمامها، في حال افتراض إرادة الحكومات السابقة واللاحقة ذلك.

نريد أن نعرّف القراء أكثر على معاناة أهالي هذه المناطق في العراق، ما الذي يشكون منه بسبب تواجد قوات الحشد الشعبي، وما هي الانتهاكات التي يعانون منها بسببها؟

لا يمكن وصف ما يجري في هذه المناطق من انتهاكات صارخة في عجالة؛ فهي من الكثرة والتنوع والأذى والتجاوز الخطير على أرواح الناس وممتلكاتهم وتهديد مناطقهم المستمر؛ ما يجعل حال هذه المناطق غير مستقر ودائم التطورات السلبية؛ وبحيث تختفي منها كل عوامل الطمأنينة والحياة الآمنة.

ويكفينا أن نقول: إنها حالة احتلال يعاني منها الجميع ولا يأمنون على أنفسهم. أما مظاهر الأمن الخادعة التي يُروّج لها من قبيل حركة الناس في الشوارع والأسواق؛ فهي ليست معيارًا على استتباب الأوضاع وإنما هي مظاهر حياة لا بد منها، ولكن في ظل شعور قاس من الهيمنة والتسلط والتدخل في خصوصيات الناس وحيواتهم.

هذا في المناطق التي لم يُهجَّر أهلها منها، أما المناطق التي انتزعت من أهلها وتشردوا هنا وهناك؛ فحالها من الشهرة بمكان لا يخفى.

من يعرقل خروج الحشد الشعبي من مناطق السنة في العراق؟ ومن لهم مصلحة في استمرار وجودها؟

هناك جهات عدة تعرقل ذلك، في مقدمتها الحشد نفسه المستفيد من هذه الأوضاع والمنتفع منها على الأصعدة كافة، وتدعمه في ذلك عدد من القوى السياسية ذات المشاريع الخاصة.

ذلك فضلا عن مقتضيات خارجية تصب في مصلحة ما يسمى (الأمن القومي) للجارة الشرقية (إيران).
أما المصلحة من بقاء المليشيات في هذه المناطق، فهي ذات اتجاهين: أحدهما: تحقيق خطوات مهمة في مشروع التغيير الديموغرافي، والآخر: استمرار ظاهرة الفوضى والانهيار الأمني، اللذين تحقق بوساطتهما القوى المتحكمة في العملية السياسية جملة من المكاسب.

بعيدا عن الوعود الرسمية، ما هي الطريقة التي يمكن من خلالها تحقيق إخراج الحشد الشعبي من مناطق السنة؟

لا توجد أي طريقة -في تصوري- لذلك؛ فالحشد لن يخرج إلا بناء على تسوية كبيرة في العراق داخلية وخارجية، وهذا ليس متاحا الآن.

محافظة ديالى على وجه الخصوص شهدت مجزرتين بشريتين خلال الأشهر الثلاثة الماضية، نسبت إلى الحشد الشعبي، فما تعليقكم على ذلك؟

محافظة ديالى بأقضيتها ومدنها متضررة إلى حد كبير من الهيمنة الميليشياوية، وما حدث فيها مؤخرا من جرائم خطيرة؛ ليس جديدا بل هو متكرر بين حين وآخر، ويعود ذلك لعدة أسباب في مقدمتها: الأهمية الاستراتيجية لموقع المحافظة المجاور للحدود الإيرانية، وما يفرضه هذا الموقع من تبعات سياسية وجغرافية وسكانية، ووجود مليشياوي كبير في المحافظة، التي يمكن عدها القاعدة الخلفية لدعم المليشيات التي لها فيها معسكرات كبيرة، وغير ذلك من وسائل الدعم اللوجستي؛ فهي تمثل رأس الجسر الإيراني البري الأبرز في العراق، ولها مكانتها المهمة على خارطة التوسع الإيراني في العراق وجواره العربي.

فضلًا عن الصراع بين أجنحة المليشيات وما يتبعها من عصابات الجريمة المنظمة، التي تتخذ من المحافظة ساحة رحبة لتنفيذ ما تريد بعيدا عن أي رقيب أو حسيب، ودونما خوف من هذا الطرف أو وجل من تلك الجهة.

اظهار أخبار متعلقة


هل تنظيم الدولة يعد حجة لاستمرار وجود الحشد الشعبي في مناطق سنية؟ 

نعم هو حجة للاستمرار في السيطرة على هذه المناطق؛ حيث يُتخذ وجوده في مناطق شرق العراق وغربه مبررا لحالة الانفلات الأمني فيها؛ على خلاف ما يدعى من كونه العامل الوحيد المتسبب بذلك وضرورة التصدي له!

ويرجع هذا (التوظيف) لأسباب عدة، أبرزها محاولة إبقائه لتبرير ما تقوم به هذه المليشيات، وذريعة للدفاع عن حالة الفشل السياسي والخدماتي في غالب محافظات العراق.

هل هناك جهود تبذل تمثل أهالي المناطق السنية للتخلص من تواجد الحشد الشعبي؟ أم إن الناس يئسوا من إمكانية تحقيق ذلك؟

الناس لا حول لها ولا قوة، ولا قدرة على ذلك، وقد جربت هذا مرات عدة، ولكن ماذا يفعل اللسان أمام السلاح الذي لا يراعي في أبناء هذه المناطق أي مبدأ وطني أو عرف عسكري؟

ثم المعول في هكذا أمور ليس على عامة الناس وإنما -على وفق ما هو مفترض- على من يدعي تمثيلهم من سياسيين، ممن كانوا يقولون إن دخولهم العملية السياسية كان لتقليل الضرر أو إزالته عن هذه المناطق؛ وإذا بهم يصبحون أدوات لتحقيق هذا الضرر وحلفاء للمليشيات التي يستقوون بها على بعضهم بعضا، والشواهد على ذلك لا يحصيها العد.

ما هي أبرز المطالب والملفات التي تشغل أهالي المناطق السنية في الوقت الحالي؟
فلنقل ما هي المطالب والملفات التي لا يطالبون بها؟ فالأمر أكبر من أن يكون مجرد مطالب تفصيلية وملفات جزئية، ولعل ما تقدم من توصيف لحال هذه المناطق يغني عن الشرح، فالضرر الكبير واقع، والأذى الذي لا يطاق حاصل، ولا سبيل إلى الخلاص من آثاره إلا بزواله.

بعد ذلك يمكن أن يُنظر في المطالب التي يحتاجها أبناء هذه المناطق مثلهم مثل غيرهم من أبناء المناطق العراقية الأخرى من إصلاحات، وتوفير للخدمات، وتهيئة لضروريات العيش.

في سياق آخر، هل تعتقدون بأن تداعيات الغزو الأمريكي انتهت مع مرور عقدين أم إن البلاد لا تزال تعاني بسببه حتى اليوم؟

ما تقدم من أجوبة يظهر أن الاحتلال مازال قائمًا وبوجهين: أمريكي وإيراني؛ فما بالكم بالتداعيات؟
ما زال العراق يعاني أشد المعاناة من ذلك، فهو يعيش حالة انعدام الدولة، والانهيار المتتالي لمؤسساتها يوما بعد يوم، والخروج المتواصل من كل عوامل الحياة الكريمة، ويفقد من أبنائه، وينزف من ثرواته ومقدراته ما لا يقدر بثمن، بلا أثر ظاهر على المجتمع، ويغادر بين حين وآخر كل المؤشرات والمعايير الدولية المعنية بذلك.

عن دور هيئة علماء المسلمين، ما هي آخر الجهود التي تقومون بها حاليًا، وما هي فعالياتكم الرمضانية؟
جهود الهيئة وأنشطتها الأخيرة يمكن إيجازها في أربعة مسارات متوازية، هي:
الجهد السياسي، وما يتصل به من تأكيد على المواقف المطلوبة تجاه مشروع الاحتلال ومخرجاته من حكومات وقوانين، ويتم ذلك عن طريق: مؤتمرات وندوات وورش، ومؤتمرات صحفية، وبيانات وتصريحات، وتقارير دورية، ولقاءات ومنتديات، فضلاً عن الجانب الحقوقي الذي توثق فيه الهيئة وتكشف عن حجم الانتهاكات التي تطال العراقيين جميعًا ولا سيما ما يتصل بملفات المعتقلين والمغيبين ولها في هذا المجال تقارير دورية تفصيلية، وتقرير سنوي شامل، وتواصل مع الجهات الإقليمية والدولية المعنية بهذا الأمر بهدف إبراز حقيقة ما يجري في العراق بعيون عراقية وطنية.

ثانيا الجهد الإنساني والإغاثي والاجتماعي، الذي هو في الأصل مستمر طوال العام في التعاطي مع مأساة النازحين العراقيين في أنحاء البلاد، والعمل المتواصل في سبيل دعمهم وتوفير بعض احتياجاتهم، وهو الجهد نفسه الذي كثفته الهيئة بعد الزلزال الذي ضرب مناطق جنوب تركيا والشمال السوري المحرر؛ ولا سيما في شهر رمضان المبارك؛ فقد كانت أقسام الهيئة المعنية بهذا الجانب نشطة وفعالة على مستوى تقديم المساعدات بشكل متواصل للعائلات العراقية والسورية وحتى التركية؛ حيث بذلت الهيئة جهدا استثنائيا في توفير الأغطية والغذاء لما يزيد عن ألفي عائلة في عدة مناطق ومخيمات.

اظهار أخبار متعلقة


ثالثا الجهد العلمي والدعوي الذي تعمل الهيئة في إطاره وفق منهج الإصلاح والتغيير في الهيئة، وتتخذ من طرق التوعية والإرشاد المختلفة وسيلة للوصول إلى المستفيدين من برامجها في عموم العراق من أئمة وخطباء المساجد، ومدراء مراكز الإقراء والتحفيظ، ودراسة العلوم الشرعية، عبر منصاتها العلمية المختلفة، ولا سيما في وسائل التواصل الاجتماعي.

ويعكف القسم العلمي في الهيئة على إنجاز واحد من أكبر مشاريعه العلمية المتمثل بالمؤتمر العلمي الخامس المعني بحالة الأوقاف الإسلامية في العراق، من حيث تاريخها وأهميتها ووقعها، والذي من المقرر أن ينعقد في شهر تموز المقبل -إن شاء الله تعالى- بمشاركة نخبة كبيرة من الباحثين والمختصين في مجالات مختلفة من العراق وعدد من البلدان العربية والإسلامية.

وأخيرا الجهد الثقافي، من خلال مراكز الدراسات التابعة للهيئة، ومجلة حضارة البحثية التي صدر عددها الجديد قبل مدة قصيرة، والإصدارات المتتابعة لمؤسسة البصائر للدراسات والنشر في المجالات الثقافية والمعرفية المختلفة.
التعليقات (2)
فارس القبيلة
الأربعاء، 12-04-2023 05:21 م
أبناء المتعة ليس لهم الا الحذاء و التفل على وجوههم. هذا هو فقط ما يحركهم.
احمد
الأربعاء، 12-04-2023 10:00 ص
مشكله السنه انهم دائما يثقون بكذب و وعود الشيعه .. لن ينسحب الحشد مهما وعدوا لسبب بسيط وهو ان الحشد تشكل حتى يبقى في مناطق السنه فان انسحب تنتفي الحاجه له .. هناك باب لم يطرقه السنه وهو محاكم جرائم الحرب و حقوق الانسان حيث يمكن ان تقوم هيئه علماء المسلمين بتوكيل مكتب محاماه يرفع قضايا ضد كل قيادات الشيعه بهذه الورقه ستصبح تلك القيادات محصورين بين ايران و سوريا و العراق و ستجمد كل حساباتهم الخارجيه .. بل هناك الكثير من الشيعه مزدوجي الجنسيه و يمكن ملاحقتهم من بلد الجنسيه الثانيه مثل بريطانيا و السويد والنرويج .. الخ