تجددت، الاثنين، الاشتباكات بين
الجيش السوداني وقوات
الدعم السريع في مناطق مختلفة من العاصمة الخرطوم، رغم تواصل الهدنة الإنسانية بعد تمديدها اعتباراً من ليلة الأحد/ الاثنين لمدة 72 ساعة، فيما وصف البيت الأبيض الوضع الميداني بـ"المتقلب".
ودوت أصوات المدافع في المناطق الجنوبية من الخرطوم، فيما شهدت مناطق شمال مدينة بحري (شمال شرق العاصمة) "اشتباكات عنيفة".
وحلقت الطائرات الحربية بشكل كثيف في مناطق شرق النيل، فيما سُمعت أصوات مضادات الطيران. واستهدفت الطائرات العسكرية تجمعا للدعم السريع، في مقر هيئة الإذاعة والتلفزيون المحلية، بمدينة أم درمان غربي الخرطوم، ومستشفى شرق النيل شرق العاصمة.
وجاء ذلك بعد ساعات من إعلان الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، موافقتهما على تمديد وقف لإطلاق النار كان من المقرر أن ينتهي منتصف ليل الأحد-الاثنين (22:00 ليل الأحد ت. غ.).
لكن الهدنة الأخيرة بقيت هشّة كسابقاتها من محاولات التهدئة التي تمّ التوافق عليها منذ اندلاع النزاع بين الحليفين السابقين في 15 نيسان/ أبريل الماضي، والذي أغرق السودان في فوضى حصدت مئات القتلى ودفعت عشرات الآلاف للمغادرة أو النزوح.
اظهار أخبار متعلقة
"وضع متقلب"
وفي سياق متصل، وصف البيت الأبيض الأوضاع الميدانية في السودان بأنها "متقلبة"، وقال إنها "لا تسمح بتنفيذ عمليات إجلاء جديدة".
جاء ذلك في إفادة صحفية لمتحدث مجلس الأمن القومي الأمريكي جون كيربي، الذي قال إن "ألف أمريكي غادروا السودان منذ بداية الصراع، لكن تقلّب الوضع على الأرض لا يسمح بعمليات إجلاء جديدة".
وتطال الاشتباكات 12 من الولايات الـ18 في السودان الذي يبلغ عدد سكانه 45 مليون نسمة.
في المقابل، شدد المسؤول في البيت الأبيض على أن واشنطن ستواصل تسهيل مغادرة المواطنين الأمريكيين للسودان برا وجوا، مؤكدا أن بلاده "تتشارك مع حلفائها المعلومات الاستخباراتية حول الصراع في السودان".
اظهار أخبار متعلقة
"مأساة إنسانية"
وأدت الاشتباكات الدامية التي دخلت أسبوعها الثالث إلى نزوح عشرات الآلاف من السودانيين إلى دول مجاورة مثل مصر وتشاد وجمهورية إفريقيا الوسطى.
وحذّر المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين الاثنين من أن "أكثر من 800 ألف شخص" قد يفرّون من السودان.
وكتب فيليبو غراندي في تغريدة على "تويتر": "نأمل ألا يحدث ذلك، ولكن إن لم يتوقف العنف، فسنرى المزيد من الناس يُجبرون على الفرار من السودان بحثاً عن الأمان".
وبالفعل، أدت المعارك إلى نزوح داخلي وخارجي. فبحسب تقديرات الأمم المتحدة، انتقل 75 ألف شخص إلى مناطق أخرى في السودان، وعبر 20 ألفا على الأقل نحو تشاد وستة آلاف نحو جمهورية أفريقيا الوسطى وغيرهم إلى إثيوبيا وجنوب السودان.
ودقّت الأمم المتحدة جرس الإنذار من تحوّل الوضع إلى مأساة إنسانية، حيث قال المتحدث باسم الأمين العام للمنظمة الأممية ستيفان دوجاريك إن "الأحداث في السودان تحصل بنطاق وسرعة غير مسبوقين"، مبدياً "قلقه الكبير".
وأضاف أن الأمين العام أنطونيو غوتيريش قرر أن يرسل "فوراً إلى المنطقة" رئيس الوكالة الإنسانية للمنظمة الأممية مارتن غريفيث "في ضوء التدهور السريع للأزمة الإنسانية في السودان".
وأكد غريفيث أنه في طريقه إلى المنطقة "لدراسة كيف يمكننا أن نقدّم مساعدة فورية"، معتبراً أنّ "الوضع الإنساني يقترب من نقطة اللاعودة" في بلد كان يعدّ من الأكثر فقرا في العالم حتى قبل تفجر النزاع الأخير.
وحذّر من أن النهب الذي تعرضت له مكاتب المنظمات الإنسانية ومستودعاتها "استنزف غالبية مخزوناتنا".
وأسفرت المعارك عن سقوط ما لا يقل عن 528 قتيلًا و4599 جريحا، وفق أرقام أعلنتها وزارة الصحة السودانية السبت، في حصيلة يرجح أن تكون أعلى.
ومع دخول النزاع أسبوعه الثالث، فقد تمكّنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر الأحد من إيصال أول شحنة مساعدات إنسانية عن طريق الجو، وذلك الى مدينة بورتسودان الواقعة على مسافة 850 كلم الى الشرق من الخرطوم.
وأوضحت اللجنة أن الشحنة "ضمت معدات جراحية لدعم مستشفيات السودان ومتطوعي جمعية الهلال الأحمر السوداني الذين يقدمون الرعاية الطبية للجرحى الذين أصيبوا خلال القتال"، إلا أنها لن تكفي سوى لمعالجة "1500 جريح".
اظهار أخبار متعلقة
"انهيار الرعاية الصحية"
إلى ذلك، نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا للصحفية لينسي شوتل قالت فيه إنه مع دخول معركة السيطرة على السودان أسبوعها الثالث، فإن انهيار خدمات الرعاية الصحية بسرعة في العاصمة الخرطوم، هي النتيجة القاتمة للقتال الوحشي الذي أثار مخاوف من أن الصراع قد يتحول إلى أزمة إنسانية أوسع.
وفي السياق، قالت منظمة الصحة العالمية إن المستشفيات تعرضت للقصف وأغلق ثلثاها في الخرطوم، فيما قال مسؤولون إن أكثر من عشرة من العاملين في مجال الرعاية الصحية قتلوا.
علاوة على ذلك، فإن قوات الدعم السريع احتلت المختبر الوطني، كما يقول المسؤولون. ونقلت الصحيفة عن الدكتور عطية، الذي تحدث، مثل آخرين، عبر الهاتف من الخرطوم، قوله إن عينات من أمراض مثل الملاريا والسل يمكن أن تصبح سلاحا في الأيدي الخطأ، مضيفا أن "الجثث لم يتم جمعها في المشارح وأخرى ملقاة في الشوارع وهو ما يشكل مصدر قلق آخر".
وفرّ مئات الأطباء، وهناك شائعات عن قيام مقاتلين من قوات الدعم السريع باختطاف مسعفين وإجبارهم تحت تهديد السلاح على معالجة رفاقهم الجرحى، فيما قال الدكتور عطية إنه بينما لم يتم تأكيد عمليات الاختطاف، فإن العشرات من أعضاء نقابة أطباء السودان في عداد المفقودين.
وقال باتريك يوسف، المدير الإقليمي للصليب الأحمر لأفريقيا، في بيان: "العاملون في مجال الرعاية الصحية في السودان يفعلون المستحيل، وهم يعتنون بالجرحى بدون ماء وكهرباء وإمدادات طبية أساسية".